ابدأ الحديث مع قارئك ببرود! 🌬

الافتتاح البارد Cold open

لؤلؤة في الثامنة من عمرها، لكنها تبدو أكبر سنًا بكثير؛ ربما لأنها هادئة للغاية.
للأمانة، لم ألحظ وجودها في البداية، ربما لالتزامها الصمت طيلة الوقت. لكنني ذُهلت من الطريقة التي تقابل بها نظراتي المباشرة.. ببرود، كأنها تحجّمني. عيونها تنطق:

“أعرف أي نوع من الأشخاص أنت، وليس ثمّة سبب لأثق بك. لذا لن أفعل”

أسنانها فوضوية، ومُصفرّة، بل ومتناثرة في كل اتجاه!
ولا بد أن المرأة الواقفة بجوارها لاحظت تركيزي على فمها. “تحتاج إلى تقويم أسنان؛ فلديها أسنان سيئة، أقصد فصيلة تشيه تزو Shih Tzu

أعتقد أن بياضها ليس لؤلؤيًا!” حاولت ممازحة صاحبة الكلبة، لكنها لم تبتسم حتى، بل وضعت طوق (لؤلؤة) حول عنقها وغادرت الحديقة.

ربما أفتقد حسّ الدعابة!

الافتتاح البارد Cold open أسلوب قصصي يستخدم غالبًا في الأفلام وبرامج كوميديا الموقف على غرار The Office وSaturday Night Live.

ويتلخص في القفز مباشرة إلى الحدث قبل شارة البداية (التتر)، وبدون إعداد أو شرح. حيث يُوضع المشاهد في منتصف الحبكة، ليبدأ في البحث عن إجابات: لحظة! .. ماذا يحدث هنا؟ .. عليّ أن أعرف ..
وذاك ما يجعل الافتتاح البارد شديد التأثير.

ينطبق ذات الشيء على محتواك (نشرتك البريدية / تدويناتك / مدونتك الصوتية)، تحتاج قصصك لافتتاح بارد بدورها.

لماذا الافتتاح البارد مهم؟

لنتأمل قصتي أعلاه:

🧊 افتتاح بارد: “لؤلؤة في الثامنة من عمرها، لكنها تبدو أكبر سنًا بكثير “
🧠 عقل القارئ: “لؤلؤة. اسم غير تقليدي لـ… طفلة؟ لماذا تبدو أكبر سنًا، وذابلة، ووقحة بعض الشيء؟ لا بدّ أن اكتشف

تخيل لو أن بدأت القصة بشكل مختلف.

🌤 افتتاح [دافئ]: “في الأسبوع الماضي ذهبت للتنزه في الحديقة المجاورة لمنزلي. وهناك رأيت كلبة تدعى لؤلؤة. بدت لؤلؤة أكبر من عمرها الفعلي”

🧠 عقل القارئ: “متى سأبدأ بممارسة الرياضة؟ ألم يكن ذلك أحد أهدافي للعام الجديد؟ لماذا أنا كسول لهذا الحدّ؟!
طاااخ! يغلق حاسوبه المحمول بعنف.

لاحظت الفرق؟


إذ ينقل ما يحدث -مكان وزمان الحدث- أحيانًا بقدر كبير من الحرفية، كما في التقارير الصحفية عن تصادم خمس سيارات على الطريق السريع:

  • حدث هذا..
  • ثم جاء فلان..
  • وفجأة، حدث كذا..

للأسف .. فقدت قارئك للتوّ! “قُتل” انتباهه على يدّ قصة غير جذّابة.

يأخذ بناصية القارئ، ويترك فُتات أسئلة في ذهنه. بحيث لا يسعه إلا أن يبتلع الطعم.

يجذب الانفتاح البارد الانتباه ويجبر قرائك على البقاء معك. أنت تدعوه للوقوف بجانبك، وتتظاهر بقدرتك على الرؤية من خلال الضباب، لذا تساعده كلماتك على رؤية ما تراه، واختبار ما تختبره.

بتأسيسه للحظة محددة، لحظة تحمي عقلك من الاندفاع كعاصفة تحيّر ذوي الألباب (أين يجب أن أبدأ القصة؟ من هنا؟ أم من هنا؟). عوض ذلك، تجد نفسك راسخًا في أفضل أجزاء القصة وأكثرها جمالًا.

🍜 دعّم معلوماتك حول البرود وصفة لرسالة بريد إلكتروني بارد Cold E-mail [لا تُقدّم باردة!]

👩🏽‍🍳 تعلّم فن طبخ السرد القصصي على يدّ شيف المحتوى: دليلة رقاي

🕋 مبارك عليكم الشهر 🕋

ابدأ الحديث مع قارئك ببرود! 🌬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

تمرير للأعلى