شغلني خلال الأيام الفائتة سؤال: هل يراني الناس على حقيقتي؟ لا أهتم عادةً بآراء الناس، لكن رأيت بعضهم يعتبرني قدوة، وذاك أمرٌ لا أحبذه مطلقًا!
قلت: لعلّي -إن شاركت لحظات الفشل- أُعيد هؤلاء إلى أرض الواقع. ولسخرية القدر، وجد عشرات المحاولات الفاشلة .. في إثبات الفشل:
- 31 / 7 :: يوم تقليدي [ تقييمي: ⭐⭐]
- لأنني لم أجد من يستمع إليّ ..
- أمس، كدت أفطر!
- دعني أحدثك عن يومي!
- هل يستطيع الدعم النفسي الاجتماعي إنقاذ حياتي؟
- ما الضير لو كنت هامشيًّا؟ – خواطر متورّمة –
- وليس آخرها 🤷🏽♂️ عدد نشرتي البريدية الأخير.
وجدتني فجأة أشكّ في جدوى العملية برمّتها!
ما إن مررت على عدد النشرة الأخيرة، وتذكرت كمّ الساعات الذي أمضيته في كتابته. ثم منشور كورا الذي توهّمت تأثيره الذي قد يعبر الآفاق، وتعليق لينكدإن ذاك الذي افترضت انهيار أي مقاومة -أمامه- لتوظيفي.. حسنًا، بدأ يحتل السأم ما تبقى من تلافيف عقلي!
سيقول قائل:
وردّي ببساطة: لا تنسى عزيزي أنني شخص عدمي، وسبق وحاولت إنهاء حياتي ☠️، وأجلس حاليًا دون عمل؛ لا أظنني أحتاج أسبابًا إضافية لمعاودة المحاولة.
والآن، لا أعلم كيف وصل بنا الحديث إلى هنا! إذ دخلت المدونة بنيّة التحدث بإيجابية، فوجدت نفسي أقول ما قلته. لكن لا بأس، لنُصحح المسار سويّة.
وسط كل الأفكار السوداء سيئة الذكر أعلاه، وأثناء تنقية بريدي الوارد، وقعت على عدد نشرة بريدية شهيرة يحمل قصة مُلهمة.
لطالما تخصصت نشرة Creator Spotlight بتسليط الضوء على قصص النجاحات الباهرة، ثم اختارت -على غير العادة- صاحبة نشرة بريدية مغمورة لتروي قصتها، وتُجري مقابلة معها.
🔦: أطلقتِ نشرتك البريدية منذ ثلاث سنوات، فكتبتِ عددًا شهريًا لتسعة أشهر، ثم توقفت. ما الذي دفعك لإطلاقها، ولمَ توقفتِ؟
👩🏽🦱: أحب الكتابة. ولطالما أحببتها. درست اللغة الإنجليزية في الجامعة؛ وحِرت حيال الوظيفة التي أريدها مستقبلًا. لكنني فكرت: سأدرس -أولًا- المجال الذي أحبه، وسأكتشف الباقي مستقبلًا.
داخلي جزء يرغب دائمًا في مساعدة الآخرين. فتسائلت عن كيف يمكنني مشاركة المعرفة التي اكتسبتها ومساعدة الآخرين. لذا، بدأت نشرتي البريدية.
التزمت بعدد في الشهر؛ التزام لم يكن ثقيلاً للغاية. ولكنه استنفد طاقتي نظرًا لغياب العائد. عندما تلتزم بكتابة محتوى، وبقدر حاجة جمهورك للاستفادة منه، تحتاج -أيضًا- للحصول على شيء منه.
لم أشعر بأنني أقدّم أي شيء مختلف عما كان موجودًا. ولم أجد سببًا يدفع شخصًا ما لقراءة نشرتي عوض نشرة (أو مدونة) شخص آخر.
يمكنك ملاحظة حجم التشابه بين قصتينا. ولهذا -ربما- وددت مشاركتها معك.
قررت وضع الفكرة جانبًا عوض التخلّص منها، وواسيت نفسي: “عندما تتوصلين إلى فكرة جيدة كفاية، عودي إليها وابدأي من جديد”. وهكذا، لن أُضطر إلى البدء من الصفر، بل سأجد بعض المشتركين المهتمين بسماع أخباري.
🔦: لماذا عدت إلى نشرتك البريدية وأطلقت عليها اسم 240 يومًا؟ وكيف علمتِ أن الوقت مناسب لعودتك؟
👩🏽🦱: عندما أطلقت النشرة، كنت قد أمضيت عامين تقريبًا في رحلتي كمؤسسة لشركة Mane Hook-Up. وكنت -حينها- أمتلك نسخة أولى متواضعة من المنتج، وتعلمت بضعة أشياء حول تأسيس شركة. فظننت حيازتي المعرفة الكافية لمشاركتها مع أشخاص آخرين مهتمين بهذا المسار.
🔴 توضيح
Mane Hook-Up: منصة تقنية تساعد النساء ذوات الشعر الأفريقي "Afro" والمجعد في العثور على مصففي الشعر، وتساعد هؤلاء المصففين في التسويق لصالوناتهم.
بالتفكّر في الماضي، أعلم أنني ربما تعلمت بعض الأشياء، ولكن ليس بما يكفي للكتابة عنها باستمرار؛ كانت محاولة استحضار أفكار للكتابة تجربة مرهقة.
الآن، أجد -مع نهاية كل أسبوع- مائة شيء أستطيع أن أكتبه عنه؛ تكمن الصعوبة في تلخيصها ضمن 7-8 نقاط تكون، من وجهة نظري، ذات مغزى لقرائي. والفارق بين الماضي والحاضر أنني أصبحت أكثر دراية وخبرة.
أختبر مسارًا يمر به كثيرون ولا يتحدث عنه أحد علانية. وكلما كنت أكثر شفافية، تعلّم الناس المزيد.
🔦: لديك حوالي 120 مشتركًا. كيف حصلت عليهم، ومن هم؟
👩🏽🦱: حين أوقفت نشرتي أول مرة، كنت قد حصلت -بالفعل- على حوالي 40 مشتركًا. ومع عودتها بهوية جديدة، حصلت على البقية .. عبر التجربة والخطأ.
في البداية، شاركت أعدادها مع الأصدقاء والعائلة، مع سؤالهم “هل أثار العدد اهتمامك؟ هل تودّ الاشتراك؟ هل ستشاركه مع أي شخص مهتم؟”
عدا ذلك، كنت أشاركها على تويتر.. وهذا كل شيء تقريبًا.
حاولت ألا أشغل نفسي كثيرًا. فمع عملي اليومي، وبناء شركة، وكتابة أعداد النشرة، لم يُتح لي سوى بعض الوقت للتسويق.
ولكن، بحلول الوقت الذي استعددت لبدء 240 يومًا، أعلنت على لينكدإن عن نيّتي ترك الشركة التي عملت بها طيلة عامين؛ والتفرّغ لمشروع Mane Hook-Up، وضمّنت الخبر “وبالمناسبة، أكتب أيضًا نشرة بريدية حيث سأُطلعك -كل أسبوع- عن آخر المستجدّات”
لينكدإن هو موطن جمهوري، سواء المؤسسين أو المستثمرين. وتُعدّ النشرة مصدر معلومات رائع للمؤسسين، وهي مذهلة في بناء علاقات مع المستثمرين؛ إذ يتمكنون من رؤية حقيقة شخصي وخلف الكواليس.
خلال أسبوع من الإعلان، انتقلت من 40 إلى 70 مشتركًا. كانت قفزة نوعية؛ فجأة، أصبح المزيد مهتمين برؤية كيف سأنجح!
ومنذ ذلك الحين، أنشر على صبستاك، وعلى لينكدإن، ويشارك الناس النشرة. أشاركها أيضًا في مجموعات واتسآب وسلاگ Slack المؤسسين، هذه المجتمعات الصغيرة مليئة بمَن يعانون من مشاكل مماثلة لمشكلتي.
لطالما قلت: اطلقوا مجتمعاتٍ مجانية يا قوم! .. لكن لا أحد يستجيب 😭
🔦: أحببت ما ذكرته عن ضرورة كتابة نشرة بريدية لتقديم قيمة لا للجمهور فحسب بل لكِ أيضًا. ما القيمة التي تستمدّينها، على المستوى الشخصي، من كتابة 240 يومًا؟
👩🏽🦱: لم أكن أدرك مدى التطهير الذي قد أشعر به. فعندما تصل إلى نهاية أسبوع طويل، قد تشعر بنفسك تقول: يا إلهي، ماذا أنجزت؟ هل حققت أي شيء؟
ولكن بعدها أجدني استذكر قائمة أشياء أنجزتها، ليدور حديث من نوعٍ آخر:
- حسنًا، هل كان هذا انتصارًا؟ وإن لم يكن، فلماذا؟
- ما الصعوبات التي واجهتها خلال الأسبوع؟ ولماذا كانت مؤلمة؟
- ما الدروس التي تعلمتها؟ كيف ستجعلني مؤسِسة Founder أفضل؟
- كيف ستُساهم كل هذه الأشياء في تشكيل جوهريّ؟
في أحايين كثيرة عندما تبدأ التأسيس، تكون منغمسًا للغاية في الإنجاز بحيث يصعب عليك إيجاد لحظات لتأمل ورؤية ما أنجزته. هذه قاعدة المكاسب التدريجية”Incremental gains”؛ تبدأ من نقطة ثم تعززها.
أحب كيف تمنحني كتابة أعداد النشرة لحظة للتفكير.. تمنحني لحظة للاحتفال. ولحظة للأسى (إذا كان هذا ما أشعر به).
لا أظنني كنت لأخصص لحظة للتفكير في هذه الأمور لولا النشرة. أنا ممتن للغاية لهذه العملية، ولهذا السبب أخصص الوقت بأي طريقة ممكنة للتأكد من أن نشرة 240 يومًا تصدر كل صباح ثلاثاء.
اكتشفت أنني كتبت رسالة امتنان لهذا العالم ذات يوم! 😻
🔦: ما طريقتك في كتابة كل عدد؟
- يستغرقني كتابة كل عدد ما بين أربع إلى خمس ساعات، وأعمل عليه طوال الأسبوع.
- أمتلك قالبًا أنسخه -كل أسبوع- وأنظّم النشرة حول: الانتصارات والخسارات والدروس والحيل والأدوات.
- أصوغها على شكل نقاط.
- أبدأ الكتابة يوم الجمعة .
- خلال عطلة نهاية الأسبوع، أقضي بضع ساعات هنا وهناك في إضافة المزيد حتى أنتهي منها.
- يوم الاثنين هو يوم المراجعة؛ حيث أراجع النص وأكتب المنشور على لينكدإن.
- أُجدول موعد نشر العدد في 9:00 صباحًا من يوم الثلاثاء ومنشور لينكدإن في 11:30 صباحًا.
- وهكذا، أكون جاهزة
العمل كله مقسم على عدة أيام، وهو عمل مرن.
ففي الأسبوع الماضي، على سبيل المثال، كان لدي أسبوع سيء. وبحلول يوم الجمعة، لم أعتقد أن الكتابة -في وقت سيئ كهذا-ستُفيدني. أحتجت لتجديد طاقتي خلال عطلة نهاية الأسبوع؛ لذا جازفت وأجّلت الكتابة حتى يوم الاثنين، ورغم ذلك تمكنت من إنجازها.
والآن، مع أروع جزئية من المقابلة 🤩
🔦: ماذا يعني أن تكوني “قاصّة” ومساهِمة في اقتصاد المبدعين؟
👩🏽🦱: لكل منّا قصة مثيرة ليحكيها. المسألة متوقفة على قدر شجاعتك لسردها. لا أقصد “الشجاعة” من باب نقد الذين يختارون عدم إخبار قصصهم، وإنما عليك التحليّ بالشجاعة لتضع نفسك في هذا الموقف “سرد القصص” وتفهّم احتمالية ألا يُلقي الناس بالًا.
قد لا يحصل عملك على أي مشاهدات أو مشتركين. ربما يتجاهله الجميع.. ورغم ذلك، سأظلّ أكتب؛ لأنني أؤمن بجدوى كتاباتي.
لا تكتسب بعض الأشياء زخمًا لفترة طويلة. أحيانًا، وبعد صقل مهارتك وتعلم حرفتك لستة .. سبعة .. ثمانية أشهر أو حتى عام، تكتب -أخيرًا- ذلك الشيء أو تنتج ذاك الفيديو الذي يلفت الانتباه!
يعني كونك مبدعًا أن تمارس فن الصبر، لأنه إذا لم تكن صبورًا فلن تستمر. وحينها لن تحظى بالنتيجة النهائية التي تبحث عنها، يتوجب عليك الاستمرار في العمل حتى ترى المكاسب التدريجية (التي ذكرناها آنفًا).
تتحسن الأمور قليلاً، ثم أكثر بعض الشيء، ويتحدث أُناسٌ أكثر عن عملك، ويشاركه المزيد من الأشخاص. ثم، ومع تقديمك شيئًا مثيرًا للاهتمام حقًا، يكون لديك جمهور كبير بما يكفي لرؤية التأثير المتتالي.
🔦: أنت رياضية منذ الصغر، هل استفدتِ من الرياضة في عملك كمبدعة ومؤسِسة؟
👩🏽🦱: علمني جدي:
تعلم حرفتك!
ما تفعله أثناء التدريب انعكاس لما ستؤديه في السباق. الأمر مماثل في مسيرة المؤسس؛ ما تفعله -يومًا بعد يوم- انعكاس لطريقة عمل بها شركتك وما إذا كانت ستنجح أم ستفشل. لا تختصر الطريق. فقط تعلم حرفتك.
ثالثًا، لا تخشى الفشل أمام الجمهور.
فلدينا ذاكرة قصيرة المدى للغاية. وسيفكر الناس في أمرٍ آخر خلال يومين. لا نمتلك القدرة على التركيز والانتباه إلى هذا الحد. أنت تعتقد أن الناس يهتمون بك أكثر مما يهتمون به بالفعل.
وطالما أنك قادر على اعتبار لحظات الفشل درسًا، فهي ليست فشلًا حقيقيًا.
🔦: إلى جانب حبك للكتابة، لماذا أنشأت نشرة بريدية عوض مجرد منشورات يومية على لينكدإن وتويتر؟ ما المنفعة الفريدة للنشرة البريدية بالنسبة لك؟
👩🏽🦱: تمنحك النشرات البريدية مستوى من ملكية جمهورك. رأينا ما يحدث عندما يتعطل انستغرام بضع ساعات؛ يعمّ الجنون بين الناس!
إذا تواجد جمهورك على منصة قد تتعطل، حيث تعجز عن الوصول إليهم أو التحدث معهم، فتلك مشكلة! أنت لا تملك هذه المساحة بالفعل. إنها مجرد وسيلة. باستخدام النشرة البريدية، يمكنك تصدير قائمة البريد الإلكتروني الخاصة بك والانتقال إلى أي منصة تريدها، بغض النظر عما يحدث لمنصة النشرة الإخبارية الخاصة بك.
أليس هذا ما طلبته: ألّا تبني على أرضٍ مُستأجَرة 🚧؟
لكنكم تحبّون الأجانب 😥
قد يكون بناء جمهور النشرة أصعب من بناء جمهور شبكات التواصل الاجتماعي، ويعود ذلك لسهولة النقر فوق زر المتابعة مقارنةً بمنح عنوان البريد الإلكتروني. لكن الشبكات الاجتماعية تحمل مخاطر أطول أمدًا. في حين تمنحك القائمة البريدية فوائد طويلة الأجل أكثر من المتابعين على شبكات التواصل الاجتماعي.
🔦: ماذا يعني النجاح بالنسبة لك، سواء بالنسبة للنشرة ككل أو لكل عدد؟
👩🏽🦱: على مستوى العدد، إذا تمكنت من مساعدة شخص، فهذا نجاح. وإذا غادر أحدهم وبحوزته معلومات لم يكن يعرفها أو تجربة جديدة أدركها في رحلته، فهذا يعني أنني أدّيت واجبي.
تواصل معي البعض لإخباري باستفادته من عدد معين كتبته، وهو أمر لطيف للغاية. سيترك آخرون تعليقات على المنشورات، فأعلم أنني قد أثّرت فيهم بشكل صحيح.
على مستوى النشرة، يتعلق الأمر بإنشاء محتوى دائم يمكن للمؤسسين الرجوع إليه مرارًا وتكرارًا أثناء رحلتهم. بمجرد كتابته، يظل موجودًا، ويمكن للأشخاص الرجوع إليه في أي وقت.
تغمرني سعادة غريبة الآن 🏝