3 أيام على اجتياح الأفكار الانتحارية

الأفكار الانتحارية

مع مضي شهر على أولى جلسات العلاج النفسي، بدأت أعاني مشاكل في النوم، ليس الأرق فحسب. ولكن الأفكار الانتحارية

كنت أتخيل نفسي أغرز حقنة هواء في أحد شراييني، فتلك طريقة أقل دموية، وأفترض أنها أقل ألمًا. لم أكن أتمكن من النوم قبل السادسة صباحًا، متمنيًا ألّا استيقظ أبدًا.

في النهار، يبدو كل شيء على ما يُرام.. ظاهريًا على الأقل. إذ توقفت عن البحث عن مشاريع أو عمل.

وجدت البعض يُشارك كتاباتي، منحني ذلك دفقة شعورية إيجابية

انتقدني بعض مَن حولي قائلين، بأنهم مرّوا بذات المشاعر ذات مرة، لكنهم تغلبوا عليها. في التدقيق بسلوكهم، وجدتهم يعمدون لإغراق أنفسهم بالمُلهيات، وخاصةً شبكات التواصل الاجتماعي.

لا أعلم لمَ أكتب هذه التدوينة، ربما محاولة مني لتوثيق مشاعري واللحظات الأخيرة، أو بعبارة أدق: الأيام الأخيرة.

استيقظ كل يوم مع شعور سيئ؛ أنه سيكون يومًا روتينيًا بامتياز. اختبرت عدة أساليب لمقاومة الأفكار الانتحارية، فقرأت عدة كتب على التوازي. شاهدت بضعة أفلام ومسلسلاتي المفضلة، لكنني أعدّ كل ذلك هروبًا فحسب.

لا رغبة ليّ بالحديث مع أحد، ولا حتى عبر الكتابة. يُراسلني البعض مطمئنًا على حالي، فأخبرهم -كاذبًا- أنني بخير.

لست مرتاحًا للعودة إلى الطبيب النفساني، إذ -خلال زيارتي الأولى- وما إن أخبرته أنني أكره نفسي، حتى بادرني بالسؤال: لماذا؟
لم يُفترض به طرح أي سؤال، أقصد أنه طرحه مستنكرًا لا مستفسرًا ليدفعني للحديث.

أعيد التفكير كثيرًا في الماضي، ولا أعلم إن كنت أخبرتكم عن شعوري بتوقف الزمن حين كنت في الثامنة عشرة؛ لم أفهم سبب ذاك الشعور حتى أعدّت تحليله: كنت حينها صاحب غايات سامية في هذه الحياة. اليوم، أحاول دفع نفسي للعيش، أعلم أنه لا يُفترض بيّ التصريح بهذه المعلومات ومحاولة إبقائها رهينة دفتر مذكراتي. إنما فكّرت: سيكون مصيرها الحرق آنذاك. وأنا -لو نجوت- فأريد توثيق رحلة نجاتي، حتى إن صادف أحدهم التدوينة، وكان يعيش ذات التجربة، أن يعرف سبيل النجاة.

حاولت إقناع نفسي أنه ثمّة بعض ممن يهتمون بما أكتبه، هم موجودون بلا ريب، لكن وجودهم لم يعد يحفّزني للاستمرار في الكتابة.

لا أعلم ما أريده! حتى لو ظهر أمامي مصباح علاء الدين السحري، فأجهل ما سأطلبه منه. في الحقيقة، لم تعد التجارب الجديدة تغويني، وأخشى إن كررت زيارة الطبيب النفسي أن يصف ليّ أدوية ذات مفعول أسوء.

أحاول التمسّك بفكرة وجود عائلة لا زالت تحتاجني، لكنه بات حبلًا واهيًا يُعلقني بالحياة. أشعر بالعجز واللاجدوى واللاقيمة لأي مما أفعله.. أو سأفعله.

لم أكن لأدوّن هذه الكلمات لو أن الأفكار الانتحارية مرّت مرور الكرام. إنما تكرارها بهذا الشكل المقيت يقرع جرس إنذار داخلي. ربما أكون وعدت البعض بألّا أُقدم على هذه الخطوة إلا حين يغدو الألم غير محتمل. أشعر أنه كذلك الآن.

أقنعت نفسي ذات يوم أنه لا بأس ببعض الهراء في حياتي، بضعة أيام فارغة لا تضرّ، لكنني فعلًا لا أستطيع الاحتمال.

أودّ التخلي عن كل شيء .. وللأبد. ولم يعد يعنيني إن كانت طريقة غير مشرّفة للانسحاب من الحياة. انتظرت ما فيه الكفاية.

الفكرة الثانية التي خطرت ليّ، حجز غرفة في فندق، في طابق مرتفع، وإلقاء نفسي من الشرفة. خوفي الوحيد ألا تنجح المحاولة.

أفكّر أحيانًا أنني نجوت من الموت أكثر من مرة، وأن في الأمر سرًا؛ كأن تكون رسالتي في الحياة لمّا تنتهي. ومع ذلك، لا يستمر هذا الهاجس طويلًا، وأميل نحو فكرة ألا فائدة فعلًا. أقصد لا يُشترط بكل من يعيش أن تكون لحياته قيمة.

ربما تبدو كإحدى اعترافات آخر الليل، إذ يبدو المرء أكثر حساسية وشاعرية، ومع ذلك.. ليس الأمر كذلك.
ترددت كثيرًا قبل تدوين كل هذه الكلمات، لم أرغب بإضاعة وقت أحد. لكنني لست على ما يُرام حقيقةً. ربما كنت لا أؤمن بالشياطين، إنما أجد من المناسب قول أن شياطيني تتقافز أمامي لتخبرني ألّا أتردد.

أشعر بالوحدة والعجز وقلة الحيلة.

هذا كل شيء لليلة.

3 أيام على اجتياح الأفكار الانتحارية

4 أفكار بشأن “3 أيام على اجتياح الأفكار الانتحارية

  1. أتمنى أن تكون نفسك رحيمة بك، وبناء نفسك وروحك وعلاجهم ليس بالهين، انها رحلة بناء ليست من اول حجر يوضع، كاتبة هذه الكلمات تشاركك نفس الأفكار، ولكن أتمنى أن تجعل فكرة انك الآن المسؤول عن خلق شخص جديد متمثل في ذاتك الجديدة تجعلك تتمسك بهذه الذات وان ترغب في يوم من الايام أن تقابلها.
    هناك قارئ لكلماتك فهي لم يؤذن لها لتوجد إلا ولها قارئها.
    اتمنى لك كل الخير حقًا، وإنك لست بمفردك

    1. قرأت تعليقك ما ينوف العشر مرات! لا أعلم من أين جئتِ بهذه الكلمات السحرية أستاذتي رشا
      باقة 💐 لروحك

  2. لست لوحدك بهذا كله صدقني ..أتفهم صعوبة مقاومة شياطينك حاليًا .. لا بد أن الأمر مقيت ومزعج
    كما ذكرت .. نجوت من الموت عدة مرات .. تمسك ولعلها تفرج يا صديقي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

تمرير للأعلى