كل نصّ تتوسطه (ق) .. عدا نصيّ هذا!

أعجبتني الجملة السابقة (أو بالأحرى الشطر الأول منها) وذلك بعد أن قرأتها في تدوينة صديقي يونس، وأجدها متوافقة مع ما أرمي إليه من خلال كتابة تدوينة اليوم.

كما توقعت، خرجت خاسرًا من مسابقة أُجيب. وفي حين تكفيك نظرة واحدة لتكتشف أن اسمي لم يرد بين أسماء الفائزين

إنما صدّق أو لا تصدق! استغرقني اكتشاف الأمر قراءة السطور السابقة أكثر من 10 مرات.

وفي محاولة يائسة منيّ.. تجرأت فأرسلت الرسالة التالية:

ربما يبدو حديثي عن الأمر سخيفًا، لكنني (استشفيّ) بالكتابة، لذا إن كنت تبحث عن تدوينة مفيدة .. فأستأذنك أن تعود في وقتٍ لاحق.

الحياة تحتاج للأساليب الملتوية

لطالما شغلت مسألة (التمسّك بالمبادئ) تفكيري، حتى أنني ناقشت في مدونتي السابقة “بقعة حياة” سؤالًا فحواه: لماذا نعلّم أطفالنا المُثل العُليا، إن كانت الحياة ستضطرهم للاستغناء عنها؟ على سبيل المثال، لماذا نعلّمهم أن (الصدق منجاة) ونعرّضهم للعقاب في كل مرة يعترفون فيها بذنبهم/خطأهم؟

وبما أنني كنت مراهقًا آنذاك، وكان متابعيّ مدونتي مراهقين أيضًا، فلم نصل جميعًا إلى جوابٍ مُرضٍ، ولم يعد الأمر يشغلني أصلًا (بما أنني لم أكن أبًا لأحد!).

مضت الأيام، فوضعتني أمام ذات السؤال من خلال موقع أُجيب (يا لسخرية القدر!). وهنا تبدأ القصة التي أتيتِ لروايتها:
مع بدء المسابقة، حرصت على قراءة شروطها جيدًا، وكان من ضمن تلك الشروط:
الإجابة على الأسئلة التي تقع ضمن اختصاص المجيب و المذكورة في ملفه الشخصي وبلغة عربية صحيحة ومفهومة.

وبما أنني فهمت الشرط حرفيًا، فقد بحثت عن خانة “الاختصاص” ولم أجدها، وبمراسلة الدعم الفني تبيّن أن المقصود بـ”الاختصاص” هو أي شيء تحت بنود (المسمى الوظيفي، والمهارات، والمهنة الإضافية، والقراءات، والتجارب).
المشكلة فقط أن معظم الاسئلة المُتاحة للإجابة كانت من نوع..

أو ذاك السؤال المهم جدًا!

وقفة: أشعر بالسُخف الآن!

لم أعتقد أن الإجابة على مثل هذه الاسئلة هو ما يضمن الفوز بالمسابقة، خاصةً إن وضعنا في أذهاننا الشرط الثاني لها:

ينبغي العلم بأن الهدف من أي إجابة يتم إضافتها على أي سؤال هو أن تفيد السائل وتجعل محتوى الصفحة أكثر قيمة.

كيف استجبت للشرط الثاني؟

ببساطة، بحثت عن الاسئلة ذات الصلة بمجال عملي وخبرتي – على قلّتها- وأجبت عنها.
كان الوضع أشبه بالامتحان; حيث يتوجب عليّ تقديم أفضل إجابة شاملة، فلا يُضطر السائل للبحث عن إجابة أخرى. هذا يعني البحث ضمن عدّة مصادر، وانتقاء أكثرها موثوقية، ثم صياغة الإجابة بعبارات سهلة وبسيطة.

هل أحدّثكم عن الجهد المبذول في كتابة إجابات كهذه؟ أفضّل أن تقرأوها بأنفسكم!

لن أكابر فأقول أن الأمر لا يتعلق بخروجي خاسرًا، فلم تكن الجائزة (هاتف iPhone 11 Pro) ليّ أصلًا، بل لوالدي الذي لطالما رغب بجهاز كهذا. لم أُخبره بأمر المسابقة (حرصًا على عدم إصابته بخيبة أمل في حال لم أفز)، لكنني شعرت أنني خذلته.. لقاء ماذا؟ لقاء تمسكيّ بمبدأ: تقديم فائدة حقيقية.
ربما أحتاج لشهور حتى أتعافى من هذا الشعور: أن تخذل أحبّ الناس إلى قلبك ليس أمرًا سهلًا يا أصدقائي.
وبما أننا نتحدث عن الخذلان

متلازمة المُحتال.. مرة أخرى

منذ أيام، ركزت جهدي على بناء صفحة هبوط لائقة لمشروعي القادم (والذي تحدثت عنه هنا)، كان الجزء الأكثر إرهاقًا هو إدراج عداد تنازلي للحظة الإطلاق “تخيل!”. استعرضت العديد من المواقع، والتي لم تُتح ليّ خططها المجانية أكثر من عدادات سيئة المظهر!
إنما قبل أن أتحدث عن سبب تراجعي عن الفكرة، ما رأيكم أن أخبركم بسبب إقدامي عليها أصلًا؟

حين اعتبرت نفسي أفضل كاتب في العالم

جميع متابعيّ المدونة (تقريبًا) يعلمون عن العلاقة الطيبة التي تجمعني مع صديقي يونس بن عمارة. ولهذا السبب، لم يكن مستغربًا منيّ أن أخذ رأيه أدناه بعين الاعتبار.

لكن عندما فكرت في الأمر جيدًا، قلت: ومَن أنا حتى أؤلف كتابًا في فنّ صناعة المحتوى؟ وراودني شعور سيء، ربما يصفه البعض بـ متلازمة المُحتال (بالمناسبة، ألهمتني تدوينة الصديق شوقي للتعبير عن نفسي أكثر من خلال هذه التدوينة، فجزاه الله خيرًا).
وازداد الأمر سوءًا حين وجدت إحجامًا ممن زار الصفحة عن التسجيل في القائمة البريدية (هذا يعني أن لا أحد منهم يثق بيّ: لا الآن بتقديم الدعم الذي استجديته “لا أجد أفصح من هذه الكلمة للتعبير عن حقيقة الأمر” ولا مستقبلًا بالتسجيل في القائمة المُخصصة لمن يرغبون بمعرفة موعد صدور الكتاب).
لذا، كان الحلّ الأفضل أن أوقف المشروع بأكمله.

عن دعم صنّاع المحتوى الرقمي

بالحديث عن استجداء الدعم، حرصت منذ أسابيع على نشر منشور لدعم أحد صنّاع المحتوى الرقمي في صفحتي الشخصية، وكان ليّ بذلك غايتان:
الأولى/ المساهمة في دعم المبدع وسام بالفعل، فبالنسبة ليّ: أي شخص يُخلص لما يفعله يستحق الدعم *مبدأ سأعود إليه بعد قليل*
أما الثانية/ فهي غاية شخصية، حيث ظننت أن مبادرتي ستصل إليه، وربما تحدّث عنها في قناته على اليوتيوب. وبالفعل، قضيت أيامًا أنتظر إشارته إلى الصفحة.. لكن دون جدوى.
وبالطبع لا زلت أراه شخصًا رائعًا.

على الجانب الآخر، قرأت بالأمس تدوينة للأخ العزيز محمود، يتحدث فيها عن المشاريع التي دعمها، وضرورة أن ندعم صنّاع المحتوى الذين أدوّا مجهودًا لا بأس به حتى يقدّم لنا بالشكل المطلوب، وإلا فقدناهم. فهل أعتبر نفسي أحدهم؟ هل أرى أنني شخص يُخلص لما يفعله ويستحق الدعم؟
بالطبع لا!
لا أريد أن تفهموا من خلال حديثي أنني أجلد ذاتي، إنما هي فقط طريقتي في مواجهة الإحباط: حيث يُطهرني الحديث عن الأمور المزعجة منه.

من الاقتباسات التي أعجبتني، ما ذكره المدّون العظيم فؤاد الفرحان في إحدى تدويناته الأخيرة:

أحب مواجهة عقلي، أريد مناقشة وتداول تلك الفكرة بيني وبين نفسي عبر مراحل تأمّل ومفاوضات ذاتية، فيها أخذ ورد، تقدّم وتراجع، صراع ذهني يكون نتيجته انتصاري أو هزيمتي. أحياناً أنجح في الوصول لخط النهاية، وكثير من الأحيان أفشل.

وأظنني قد توقفت منذ زمن عن مواجهة عقلي.. بل وقلبي أيضًا.
لا أذكر متى آخر مرة سألت نفسي سؤالًا على شاكلة: هل تكتب لأجل الشهرة، أم لأجل المال، أم لنشر الفائدة بين الناس؟

وما أفزعني حقًا اكتشافي أن (فائدة الناس) باتت هدفًا ثانويًا!

وإلا، لما أحزن لخسارتي في مسابقة أُجيب؟ ولما أتراجع عن فكرة تقديم خبرتي المتواضعة (بالفعل هي كذلك) في صناعة المحتوى.. فقط لأنني لم أجد من “يُهلل” لما ساقوم به؟ ولما أضع “زرّ الدعم” في مكانٍ بارز على القائمة الجانبية للمدونة، وكل تدويناتي الأخيرة مجرد “نواحٍ وشكوى”؟

فكرت كثيرًا قبل نشر هذه التدوينة، شعرت أنني قد أحطّم علامتي التجارية الشخصية Personal Branding بنفسي من خلالها. لكنني أدركت في النهاية أن التطهر لا يتمّ إلا من خلال السير فوق الجمر.

كل نصّ تتوسطه (ق) .. عدا نصيّ هذا!

3 أفكار بشأن “كل نصّ تتوسطه (ق) .. عدا نصيّ هذا!

    1. لا أعرف كيف أردّ على مجاملة لطيفة كهذه!
      فلتعلم فقط أن وجودك يصنع فرقًا في العالم عزيزي فرزت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

تمرير للأعلى