أرجو أن تعذروني لاستخدام عنوان -يبدو مخادعًا- كهذا، فالتدوينة ليست أكثر من فضفضة لشخص بلا أصدقاء حقيقيين. ونبدأ مع مقطع الفيديو الذي شكّل شرارة كتابة هذه التدوينة
يستعرض المبدع (براء عالِم) مسيرة المخرج الشهير فرانسيس فورد كوبولا، صاحب الروائع: العرّاب (1-2-3) والقيامة الآن وغيرها. بالطبع، لم تخلو مسيرته من بعض المعوقات، فأثناء تصوير فيلمه الشهير (القيامة الآن – Apocalypse Now)، اعتذر استوديو الإنتاج عن متابعة تمويل الفيلم، ليُقرر (كوبولا) بيع متعلقاته الشخصية ليستمر في إنتاج الفيلم.
استوقفتني هذه المعلومة لبعض الوقت.
كشخص بدأ في استهلاك مدخراته في سبيل العيش، وأتحدث هنا عن نفسي، تسائلت: هل بمقدوري النهوض من جديد؟ بدت ليّ الإجابة بـ “نعم” كبيرة!
أدركت أنني أنظر للحياة من منظورٍ ضيّق، معتبرًا تغيّر الحال من المحال، ولأزيدكم من البيت شعرًا، فقد اُضطر (كوبولا) لإعلان إفلاسه في أوائل الثمانينات بعد تحقيق فيلمه One from the Heart عوائد هزيلة على شباك التذاكر لم تتجاوز 750,000$ (في حين تجاوزت ميزانية إنتاجه 25,000,000$).
تتبلور مشكلتنا عند التعامل مع سير الناجحين في رؤية الجانب المشرق من حياتهم فحسب. على سبيل المثال، وصلني أمس آخر أعداد النشرة البريدية لأحد المدونين، وكان يسرد فيها نجاحاته ومن بينها: حصوله على دعم للنشرة.
فما كان أول ما فعلته؟ إلغاء اشتراكي بالنشرة! إذ لم أحتمل شعور الغُبن (بأن أقضي معظم يومي في العمل دون مردود يُرضيني، في حين يحصل هو على ما يتمناه في طرفة عين).
كُنت مرهقًا وتفكيري مشوشًا، لكن ما إن استعدت نشاطي -بعد أخذ قيلولة قصيرة- حتى تجلّت الحقيقة أمامي؛ مَن قال أن صديقنا هنا حصل على ما يتمناه (1) وفي طرفة عين (2)؟ أنا من قرر ذلك، صحيح؟ لقد تناسيت أن النتائج التي يحصدها جاءت بعد ساعات سهرٍ طويلة، وأيامٍ لم يهنئ فيها بالنوم. في حين كنت أنا أتهرّب من واجباتي عن طريق لعب Medal of Honor!
الصديق ذاته نصحني -أكثر من مرة- بإطلاق شركتي الصغيرة لتوفير خدمات الترجمة، غير أنني أصرّ على تجاهل نصيحته. إذًا، ما ذنبه إن كان شخصًا ناجحًا؟!
الجانب المشرق؟ إن شخصًا يحصل على تقييم كهذا:
وهو يعاني (ربما!) من متلازمة المحتال، لا زال لديه الكثير ليقدّمه.
وصلتني قبل أيام رسالة على حسابي في كورا، تسألني صاحبته عمّا إن كنت بحاجة لشخص (أفضفض) له. جاء ذلك بعد قراءتها إجابة أذكر فيها نيّتي الانتحار (لا أظنّها قرأت هذه التدوينة بعد!)، فلم أحر جوابًا. ربما لإدراكي بأن حلّ معضلتي الوجودية لا يمكن أن يتأتى ببعض كلماتٍ مكتوبة؛ خاصةً وأنني لا أستطيع نظمها في كلمات مفهومة أصلًا. الأمر معقد بعض الشيء.
بالحديث عن الانتحار (للمرة المليون)، فقد عقدت العزم على استشارة طبيب نفسي عوضًا عن تصديع رؤوسكم بشكواي الطفولية، لكنني جلست على كرسي طبيب الأسنان عوضًا عن كرسي الطبيب النفسي (ما اسمه بالمناسبة؟)، وهكذا أجّلت قراري لأجلٍ غير مسمى.
اقرأ حاليًا كتيب بعنوان التربية الذكية بدون ضرب بدون صراخ، وكنت قد اشتريته قبل نحو 12 عامًا. أتعجب من طموحي آنذاك (إذ لم أكن متزوجًا، فلِما قد أحتاج كتابًا كهذا؟) والذي اضمحل الآن! لا أدرِ ما الذي تغيّر حقًا: هل فترت همّتي للقراءة مثلًا، أم تُراها مسؤوليات الحياة التي انسحقت تحتها؟
في سياقٍ متصل، أعدت مشاهدة حلقتي التجريبية من مطبخ الكتابة، وأفكر في استكمال السلسلة قريبًا [أرجو ألّا يتحول الأمر إلى مشروعٍ مؤجل آخر!?♂️]
طُرفة: اكتشفت أنني لست أول من استخدم تسمية (مطبخ الكتابة)، تبًا! ?
من باب كسر الروتين، انتسبت لدورة تعليم للرسم ودورة في أساسيات كتابة الرواية (كل الشكر للزميلة ولاء على إشارتها للدورة)
نكتفي بهذا القدر، ألقاكم قريبًا
كعادتك يا أستاذ طارق مقالاتك رشيقة تنساب كالريشة في مهب الريح، تجمع ما بين السخرية، والفكاهة، والفائدة بأسلوب سلس وجميل لا يشعر به من يقرأ المقالة إلا حينما تنتهي بغتة.
تقبل تحياتي
وأنت كعادتك يا أ. معتصم، كلامك وتعليقاتك كنسمة تشفي العليل 🥰