كيف يبدو النجاح من وجهة نظر إيرلندية؟ 🇮🇪

كيف يبدو النجاح من وجهة نظر إيرلندية؟ 🇮🇪

إذا كنت تقرأ هذه السطور، فذاك يعني -من وجهة نظري- إيمانك بمشروعي الشخصي. وذاك يعني لي الكثير حقًا 😭
أتفهّم -طبعًا- عدم معرفة الكثيرين بموقع إيرلندا على الخريطة، فضلًا عن اهتمامهم بمفهوم النجاح لدى شعبها.🙄، إنما حقيقةً، وبعدما قرأت عدد نشرة بريدية كتبته لورا كينيدي Laura Kennedy [هل تذكرها؟ 👀]، أدركت تشابه وجهَتي نظرينا في عدة جوانب..

اطلع -بدايةً- على وجهة نظري حول النجاح:

ثم قارنها مع وجهة نظر لورا 🔽

كيف يبدو النجاح من وجهة نظر إيرلندية؟ 🇮🇪

عندما راسلني محرر في صبستاك -مؤخرًا- ليسألني إن كنت سأُسدي نصائح لخريجيّ عام ٢٠٢٥، بصفتي إحدى أفضل “الصبستاكر Substackers”. فعلتُ ما كان ليفعله أي إيرلندي عاقل:

شككت بمدى أهليتي الموضوعية لأُوصف بهذا، أو أنصح الشباب المترنحين والمشوشين في عالم متغير لا يُفهم ولا يُدرك، حيث يبدو اليقين الوحيد هو التشاؤم المُطبق! 

وذاك موقف يعجز الخارجون عن جيلهم، مثلي، عن تفهّمه (اللهم إلا بشكل هامشي أو عَرضي).

فبينما نعيش جميعًا في عصر نعجز خلاله عن الاستقلال قبل عمر الأربعين، يُخبرنا المؤثرون أن الجبن المبشور هو في جوهره أسبستوس Asbestos [مجموعة من الألياف المعدنية التي تنشأ تلقائيا في الطبيعة!]، ويُصرّ عمك على نظرية أن العالم يُدار من قِبل أشخاص سحالي واعِين اخترعوا الفنتانيل Fentanyl لتدمير القيم العائلية المحافظة..

أما محاولة “بدء” حياتك داخل تلك الفوضى.. فتلك قصة مختلفة.

فكرتُ في أفكار قد تفيد خريجيّ عام ٢٠٢٥، فالشيء الوحيد الذي تردد في ذهني هو الوعي الذي أرشدني إلى صبستاك قبل 3 سنوات:

  • ندرة التساؤلات المحسومة في العالم، في ظل وفرة المغرورين والمتشدقين.
  • لا توجد طريقة واضحة أو آمنة للعيش، فكل ما نملكه مجرد خيارات (ذاك بفرض كنّا محظوظين)؛ لذا فالأفضل أن نسعى لما نُقدّره [تذكر أن تقف بنفسك أمام سؤال: هل ستكون صانع محتوى 🔢 أم مُبتكر قيمة 🌀؟].
  • يستحيل علينا النهوض من فراشنا دون هدف أو غاية. فمن المنطقي أن نُعطي إيجاد المعنى الأولوية، مع عملنا بأنها رحلة فردية؛ فلن يُخبرنا أحدٌ أين سنجد المعنى.

قبل ثلاث سنوات، وتحديدًا في مثل هذا الأسبوع، قررتُ نقل كتاباتي من صفحة باتريون البدائية التي كان يُنشر فيها، وأطلقتُ عليها اسمًا كان في جزء منه مزحة وفي آخر استفزازًا. ربما يكون نتاج جرح عميق ما زلتُ أجزّ عليه -بانتظام- كواحدة من عشرات الكُتّاب الإيرلنديين ممن غادروا أوطانهم ليُحبّوه لا ليُهينوه.


في الثقافة الأيرلندية، تُعتبر “التصورات” مفهومًا نستخدمه لمراقبة سلوك الآخرين والإبقاء على الوصاية الاجتماعية الأيرلندية الأولى .. مُنسجمة. وغالبًا ما تُعتبر التساؤلات -في الثقافة الأيرلندية- نوعًا من فنون الأداء “Performance art” لأنها محسومة الإجابات مسبقًا.

“التصورات” خطيئة لفت الانتباه لأي سبب كان (الوقوف في المكان الخطأ أو قول الشيء الخطأ).. أو أن تكون رجلًا يُدعى مايكل، وترتدي زوج جوارب “يُعتبر” مبهرجًا. حينها سيصرخ أحدهم .. قد يكون والدتك أو مديرك في العمل أو أستاذ الفيزياء في الثانوية:

“واو .. ها هو ذا مايكل! شخصية حقيقية من قمة رأسه إلى أخمص قدميه، لا تتردد في التعبير عن نفسك، مايكل!

لكنه في الحقيقة يقصد أن مايكل المسكين مجرد شخص أحمق وصبياني، وتعكس جواربه أزمة منتصف العمر التي يمرّ بها.

امتلاك تصورات “Notions” يعني أن تبدو وكأنك تُضمِر أفكارًا ذات أهمية أو مكانة غير مُبرَّرة، أو تخالف بقولك ما يقوله من حولك، وربما -حتى- ارتدائك شيئًا مختلفًا عمّا يرتديه من حولك. هو أن تُعبِّر عن استحقاقك -عَرضيًا كان أو مقصودًا- في عدم الامتثال بالقول أو الفعل، مهما كانت تلك الكلمات أو الأفعال مبتذلة. هو تهديدك الوضع الراهن بفعل أي شيء يُشكِّك فيه. أي شيء يُذكِّر الآخرين بوجوده، ويدعوهم لتمحيصه.


صاغ المؤرخ الأيرلندي ليام كينيدي اختصار “MOPE” (Most Oppressed People Ever – أكثر الشعوب اضطهادًا على الإطلاق) لوصف النموذج الذي يطبقه الشعب الإيرلندي على نشأته؛ إذ يرى الشعب الإيرلندي نفسه قد عانى من قسوة شديدة!

يجد الشعب الإيرلندي الفكاهة في كل شيء، فكلما كان الشيء أكثر قتامة أو حزنًا أو كآبة، سَهُل التعامل معه، بشرط أن تستطيع الضحك عليه. ومع ذلك، تحت تلك الفكاهة ثمّة تحذير بأن ما تفعله مرئي وملاحظ. يتم وزنك وقياسك.

ومع ذلك، من الصعب والمحرج أن يُرى المرء وهو يحاول؛ لا يرتاح العالم إلا لنهاية القصة:: الجزء الذي يُكلّل فيه السعي بالنجاح، حيث يمكنك نشر صورة على مواقع التواصل الاجتماعي تبدو فيها وكأن الجهد لم يُرهقك، وسريرك بالتأكيد ليس، ولن يكون أبدًا، مرتبة على الأرض.

لا يمكننا النظر إليها مباشرةً دون أن نرى أنفسنا (التي نشمئز منها غالبًا)! مشاهدة الناس يحاولون تُذكرنا بفشلنا، أو بتقصيرنا في بذل الجهد. إنه يثير اهتمامنا نوعًا ما، ويُشعرنا بالغثيان. في الواقع، يُولّد مشاعر مُعقدة.

بعد ثلاث سنوات من “ذروة التصورات Peak Notions”، تملّكتني –والحديث هنا لا زال لـ (لورا)– مشاعر معقدة. لا يمكنني أن أقدم لك قصة نجاح نظيفة تجعلك تشعر بالسوء قليلاً تجاه نفسك. ومع ذلك، فأنا فخور للغاية بما حققته هنا بدعم القراء. أشعر بأنني محظوظ للغاية ولكنني لا أشعر بإحساس مباشر بالنجاح (=ليس من النوع الذي يمكن تصويره على انستغرام).

ربما نمت نشرتي (ذروة التصورات). ولكن على المستوى الشخصي والمالي، كان هذا عامًا مليئًا بالتحديات. أعمل في صناعة يساوي فيها الناس بين المال والمكانة والنجاح. لقد جئت إلى هنا إلى صبستاك لأنني أربط النجاح بالاستقلالية. بالاستقلال الفكري. بالحرية في التفكير والقول والكتابة عما أختار. لدي هذا الاستقلال. هذا إنجاز كبير – إنه ليس إنجازًا يأتي مع قدر كبير من المكانة أو الثروة.

تصل النشرة إلى 14.000 صندوق بريد أسبوعيًا. يدفع مئات الأشخاص لقراءتها والاستماع إليها. هذا أمرٌ مُعجزٌ حقًا. بصفتك قارئًا لـ “ذروة التصورات”، تُكافئني بوقتك واهتمامك على السمات ذاتها التي أوقعتني في مشاكل خلال طفولتي ومراهقتي الأيرلنديتين. أنت تقدّر بحثي عن مصدر الإجابة المحسومة، والشكّ في مدى تأكدنا الحقيقي منها. وترى في الوقوف في المكان الخطأ في الوقت الخطأ وارتداء الجوارب الخطأ.. موقفًا يستحق الإشادة!

على مدار العام الماضي، مكنني قرّاء نشرتي البريدية من الكتابة عن:

  • الحقيقة الشريرة وراء سبب انتشار النصائح في معظم المحتوى الذي نستهلكه عبر الإنترنت.
  • حيثيات مقاومة ضغط الشابكة الشائع لإسقاط قيم الآخرين عليهم؛ وحماية أنفسنا من النقد.
  • سبب انحدار شعبية الأمومة في نظر عشرات النساء بعين ناقدة -ودون صراخ أو بكاء أو حتى.. تقيؤ!
  • مَن يُستبعد من محادثتنا العامة حول التوحد ومعنى ذلك (رغم إدراكي أن بحث المسألة سيزعج بعض المصابين بالتوحد).
  • التسليّ بفكرة أو سؤال دون إثباتها، وكيف يجدر بنا تطوير هذا الجانب من أجل مصلحتنا الشخصية.

اشترى لي القراء هنا -وخاصة المدفوعين- الوقت والمساحة لكتابة كتاب بناءً على ما كنت أفعله على صبستاك.

ما كنت لأنشر أيًا من هذه المقالات في وسائل الإعلام التقليدية بالطريقة التي كتبتها بها هنا. بدأتُ “ذروة التصورات Peak Notions” بفضل إيماني الراسخ بوجود جمهور لهذا النوع من الكتابة، وقد ثبتت صحة ذلك. لا يحتاج الناس إلى من يُقلل منهم أو يُلقّنهم أبسط نسخة من فكرة أو قصة وأكثرها تلاعبًا عاطفيًا بأسرع وقت ممكن، كما لو كانوا قطة مُقيّدة تُجبر على ابتلاع قرص. هذا يجعلنا أكثر غباءً وغضبًا وأقل تعاطفًا وأسوأ في التفكير. يمتلك الناس القدرة على التمييز الدقيق. في عصرنا، أنا مقتنعة أنهم يتضورون جوعًا لنقصها!


أقصد تلك الروايات أحادية السبب والطفولية عن كيفية عمل العالم:

  • انتُخب ترامب لأن الجميع عنصريون في سرّهم!
  • كانت خسارة كامالا هاريس الانتخابات خطأ جو بايدن!
  • شحم البقر واقٍ شمسي فعال!
  • تتمثل الشمولية حيث يبدو الناس مختلفين عني لكنهم يؤكدون جميع آرائي السياسية!
  • الحصص الجنسانية أوضح وأبسط طريق للمساواة!
  • التوحد ناتج عن اللقاحات!
  • يغدو كل بابا “Pope” الأفضل لحظة موته!
  • وبالتأكيد، لا تداخل بين القصص التي نعتقد أنها مهمة والتي قيل لنا -مرارًا وتكرارًا- أنها الأهمّ!!!

الظهور بمظهر الواثق على الإنترنت -حتى في غياب المعرفة- مجزٍ دائمًا؛ فالمعلومات إما غير موجودة أو محل نزاع، أو لأن البحث عنها مُتعب، أو لأننا نكتفي بقراءة “ما يبدو صحيحًا”: لماذا أتعب نفسي بقراءة شيء أعرف عدم اتفاقي معه أصلًا؟! وهل سأجد فيه أي قيمة؟

أعلم مدى صعوبة الوصول إلى المكانة الذي أتشرف بشغلها هنا، فقد قضيتُ العقد الماضي وأكثر في هذا العمل. لا أستخف به أو أتجاهله لمجرد أن نشرتي البريدية صغيرة نسبيًا. في ثقافتي والمجتمع الذي أتيتُ منه، لم يكن أحدٌ يُنصت. كان الكلامُ يعني امتلاكَ (تصوّر)، أما الكتابة، فكانت فعلًا شبه إجرامي!

شاهدتُ “صبستاك” ينتقل من تجاهلٍ إعلامي وثقافي مرورًا بالاستهزاء، وصولًا لكونها منصة مثيرة للاهتمام وجريئة. مكانٌ يتمنى أن يكون فيه من يشعرون بقيمةٍ كافيةٍ لتُقرأ أعمالهم وتُستمع إليهم.

بالطبع، من الأفضل أن نشعر بالتقدير بدلًا من أن نُحتقر. ومن الجيد، دائمًا، أن نشعر بأننا مرئيون. للكتابة قيمتها الخاصة، لكن معناها يتشكل بالتعاون بين الكاتب والقارئ. إنها تواصل. أكتب لنفسي، لأعرف ما أفكر به، ولأُدرك واقعًا يبدو بلا معنى، لكنني أكتب لكم أيضًا. يشرفني وجودكم، على الجانب الآخر من هذا، مما يمنحني سببًا للاستمرار.

بعد عامٍ عصيبٍ من جوانبٍ عديدة، أشعرُ بحظٍّ عظيمٍ لوجودي هنا، وما زلتُ أفعل ما كنتُ أفعله دائمًا. أعلمُ أنه كان وقتًا عصيبًا على الكثيرين. أُدركُ قيمةَ وقتكم واهتمامكم عندما يتنافسُ الجميعُ عليه، وهناكَ الكثيرُ مما يدعو للقلق.

أُدركُ تضحياتِ من يختارونَ دعم المحتوى الذي أقدّمه هنا. بدعمِكم، من المُرجَّح أنكم تُضحّون بشيء تحبونه. ربما الشامبو اللطيف ذو الرائحة العطرة. أو فنجان قهوة ومعجنات تستمتعون بها مع صديق على طاولة مقهى دافئة. لا أعلم .. ربما عنى ذلك ركوب الحافلة عوض سيارة أوبر في أمسية باردة. أقدّر ذلك حقًا

أنا ممتنةٌ جدًا. لقد غيّر دعمكم حياتي، وساعدني على إيجاد استقلاليتي. آمل أن تساعدكم نشرتي البريدية على إيجاد استقلاليتكم في عالمٍ لا يوجد فيه شيءٌ بسيط، أو أحادي السبب، أو واضحٌ في الواقع.

كيف يبدو النجاح من وجهة نظر إيرلندية؟ 🇮🇪

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

تمرير للأعلى