هل وصل سوق المهن إلى حدّ الاكتفاء؟

حدّ الاكتفاء

حين تراودنا الأحلام، حين نشعر بالشغف والرغبة بتعلّم شيء ما، حين نفكر بتغيير هذا العالم. تظهر أمامنا معضلة: هناك الكثير من “كل شيء” في هذا العالم: الكثير من الكُتّاب … المبرمجين … الموسيقيين … المصممين … إلخ…

لذا، لما علينا تعلّم مهارة جديدة، إن كان السوق قد وصل حدّ الاكتفاء؟ وحتى إن تخرّجنا من جامعة معينة أو أتقنّا مهارة معينة، فلن نجد شركة تقبل توظيفنا!

 

مخاوف منطقية وكلام جميل، لكنه -لحُسن الحظّ- ليس صحيحًا!
واسمح ليّ -عزيزي القارئ- بأن أخبرك بالسبب:

سآخذ من سوق المبرمجين مثالًا، واجابتي مستقاة من موقع quora

البرمجة قديمة قدِم جهاز الكمبيوتر بحدّ ذاته. وكانت البداية مع BCPL (لغة البرمجة الأساسية المختلطة) والتي صممها عالم الكمبيوتر ( مارتن ريتشاردز – Martin Richards) عام 1966.

ومع ذلك، فما زالت الشركات تطلب مبرمجين، وسوق الطلب -حاليًا- تمدد 10 أضعاف على الأقل، وهذا يعود لعدّة أسباب:

1- المهام أكبر بكثير الآن:

بدأت شركة ماكنتوش بفريق عمل  لا يتعدى الـ 20 موظفًا، بمن فيهم: مطورو الأجهزة نفسهم. الآن الرقم تجاوز ذلك بكثير!

وفي أيام (8 بت) بداية السبعينات. كان من الطبيعي أن تكون هناك لعبة مشهورة قام ببرمجتها شخص أو اثنين، الآن؟ لا يقّل فريق البرمجة والتصميم ﻷي لعبة عن عشرات الأشخاص (إن لم نقل المئات!).

وهلّم جرًا.
إذًا، لقد توسع سوق البرمجة وأصبح الطلب عليهم كبيرًا.

2- المهام أكثر بكثير:

قبل عدة عقود فقط، كان التصوير الفوتوغرافي “صناعة مستقلة تعتمد على مادة كيميائية: مواد التحميض وغيرها”، الآن يمكن ﻷصغر طفل في العالم أن يلتقط صورة ويعدّلها باستخدام برمجيات كـبرنامج الـPS مثلًا.

وكان التحدث مع الأشخاص في الجزء الآخر من الكرة الأرضية يحتاج للكثير من المعدات والمال، … بينما يمكنك الآن الاتصال مع قريبك في أي مكان بالعالم عن طريق جوالك وباستخدام تطبيق بسيط.

وحتى في مجال المحاسبة، هل تذكرون “دفتر الأستاذ” … “دفتر اليومية” وغيرهما؟
كنت تحتاج إلى محاسب مُجاز ليتعامل مع كل تلك “الأوراق”، بينما الآن هناك العشرات من تطبيقات وبرامج المُحاسبة والتي احتفظت بتلك الأسماء، إنما تمّت أتمتتها.

3- لم يعد هناك “مبرمجون” بل …

سابقًا، كان المبرمج يقوم بكل شيء وحده، على سبيل المثال:

أحد أشهر برامج المحاسبة السوريّة – والذي تمّ إطلاقه عام 1995- كان من برمجة أحد أصدقاء والدي، وهو محاسب ومبرمج في آنٍ معًا،  والذي أخبرني بأنه كان يقضي 16 ساعة يوميًا وراء مكتبه في سبيل أن يخرج البرنامج بتلك الدقّة.

أم الآن، فنحن نسمع عن الـ ‘front-end’ – ‘back-end’ – ‘DevOps’. أي أصبح لكل برنامج -عدّة مبرمجين -باختصاصات متعددة.

4- البرمجة تزداد صعوبةً:

وهذا ما يبرر حقيقة أن من بين 100 شخص يبدأ بتعلم البرمجة، يستسلم 30 شخصًا منهم، وحتى الـ 70% المتبقين ليسوا على تلك الدرجة العالية من الاحترافية.
وهذا ما يترك هوة شاسعة ما بين “العرض“المتناقص  و “الطلب” المتزايد.

5- وبالحديث عن الطلب:

فهو يزداد كمًا ونوعًا، وتزداد صعوبة إيجاد المبرمج المحترف. لذا فالأبواب مشرّعة على مصراعيها أمام كل من يريد إتقان البرمجة والعمل بها.

وعلينا ألّا ننسى الحقيقة المعروفة للجميع: كلما زاد العرض، كلّما قلّ الطلب وأصبحت أجور العاملين أقلّ. لكن ما يحدث هو أن المبرمجين -كانوا وما زالوا- الأكثر أجرًا قياسًا مع باقي التخصصات التقنية.

لم نصل بعد إلى حدّ الاكتفاء ، فهل وصلت الفكرة؟

هل وصل سوق المهن إلى حدّ الاكتفاء؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

تمرير للأعلى