ركزّ معي رجاءً..

عُمر الورقة التي ترونها أعلاه 12 عامًا! وهي واحدة من المقتنيات القليلة التي حملتها معي من أرض الوطن، وسأُلصقها كما هي (دون تكبير) على جدار غرفة مكتبي.

لماذا أخبركم بذلك؟ ولماذا أتحدث عن مجرد ورقة مكتوبٌ عليها كلمة بسيطة (Focus – ركزّ)؟ مَن كَتبها، ولماذا؟ هذا ما سنعرفه من خلال السطور التالية.

ركزّ

قبل نحو 12 عامًا، قررت الانتساب إلى معهد شهير لتعليم اللغة الإنجليزية. كان مبناه يحتل ناصية أحد الشوارع الكبيرة في العاصمة دمشق، ويتألف من 3 طوابق مع كثيرٍ من المكاتب. وبعد دفعي لرسوم (اختبار تحديد المستوى)، طُلب منيّ الانتظار لمدة نصف ساعة. قضيتها في تأمل “ديكور” المكان.

ثم حان دوري، وبعد إجراء اختبار كتابي سريع، أرشدني الموظف إلى مكتبٍ آخر (مكتب مفتوح على شاكلة المكاتب الأمريكية)، جلست أمام الشخص المسؤول عن الامتحان الشفوي، الذي بدأ بالاسئلة التعريفية التقليدية:

?How old are you

?What’s your Name

كانت إجاباتي سريعة.. أو بالأحرى متسرعة.. أردت أن أُثبت له أنني مختلف عن أي طالب آخر قابله.
فما كان منه سوى أن كتب تلك الكلمة على قطعة ورق، ثم منحنيّ إياها.

شعرت بخيبة أملٍ كبيرة، وقررت ألّا انتسب إلى مكانٍ لا يؤمن بُقدراتي، وقد كان.

هل كل الطُرق تؤدي إلى روما فعلًا؟

إن كنت أحد المهووسين بكتاباتي، فأظنك ستُصاب بالصداع حين تقرأ العبارة التالية: أنا أدّون منذ 2008.
لم تُصب بالصداع؟ جيد..

لكن السؤال هنا: عمّا كنت أدّون آنذاك؟
الإجابة: عن #التريند، وأقصد هنا: شركات الربح من الضغطات إضافة لمواضيع تهيئة المواقع لمحركات البحث (SEO). ربما ستُصاب بالغثيان، لكنني كنت مراهقًا في الـ 18 من عمره، فماذا تتوقع منه؟!
سميّت مدونتي (استفد من موقعك) واخترت لها اسم نطاقٍ غريبًا: lhe4arab.info، وإن كنت تتسائل عن معنى اسم النطاق، فدعني أخبرك أنه ترجمة سيئة لعبارة Learn How 2 Earn 4(for) arab (أذكر ذلك كما لو حدث بالأمس).
وبالمناسبة، إن كنت تتسائل عن أسلوب كتابتي آنذاك، فلا زال العم غوغل يحتفظ بروابط لبعض تدويناتي: (1) (2) (3).

المهم، انتقلت منها إلى مدونة أخرى اسميتها (المحتوى الأفضل لأصحاب المواقع)، ثم (بقعة حياة) وهي أطول مدوناتي عمرًا. والتي تشكلّت هويتي كمدّون.

كل هذا نعرفه، فما الجديد؟

رغم استغرابي أن يهتمّ أحدهم بمسيرتي الكتابية إلى هذا الحد، لكن ذلك يُسعدني بالتأكيد!
لننتقل إذًا للجديد،

يمكنك اعتباري شخصًا مهووسًا بالعُمر، فأنا غالبًا ما أبحث عن أعمار الممثلين على الشاشة الكبيرة أو الصغيرة، وأول سؤال يتبادر إلى ذهني عند مقابلة شخصٍ جديد هو: كم عُمره؟، دون أن ننسى صورتي عن نفسي: مراهق في جسد رجل! (والتي كانت العكس قبل نحو 10 سنوات).

لذلك، حين يتعلق بالمدونات، فأنا أقف متسائلًا: ماذا لو استمرّت مدونة (استفد من موقعك) أو حتى (بقعة حياة)؟ ماذا لو دأبت على الاهتمام بالمواضيع التي كانت تعنيني آنذاك؟
ألن يكون ذلك أفضل من محاولتي الانخراط في كل مجال أصادفه: فتارةً (تصميم المواقع الإلكترونية) وأخرى (صناعة الأفلام) وثالثة في مجال لا يمتّ للسابقيَن بصلة!؟
أين سأكون الآن لو التزمت نصيحة ذاك الموظف، لو ركزّت في مجالٍ واحد، فصنعت علامتي التجارية الشخصية فيه؟

ما دفعني لكتابة هذه الرسالة -إن صحت التسمية- هو تلقيّ عشرات الاسئلة عن المجالات الأكثر ربحية على الانترنيت (هل هو: الفوركس، تصميم الجرافيك، غوغل أدسنس، كتابة المحتوى السياحي؟).
فتحتّم عليّ كمدّون أن أروِ هذه القصة، لأؤكد بأنني نادم على لحظات التيه التي عِشتها بإرادتي. لا أُنكر أنها منحتني خبرات حياتيّة رائعة، فمكّنتني من أن أصل لما وصلت إليه.
لكن أعتقد أنني لو (ركزّت.. لنِلت).

لم يُفترض بهذه الرسالة أن تكون قصيرة إلى هذا الحدّ. لكن معظم الأفكار التي راودتني أمس.. تبخرت!

أتمنى لكم يومًا سعيدًا.. وبالمناسبة، كيفك؟

ركزّ معي رجاءً..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

تمرير للأعلى