ينصّ المبدأ الأنثروبي (الإنساني) على أن تفسيراتنا للحياة والأرض والكون محكومة بحقيقة أن البشر موجودون فقط لطرح الأسئلة بفضل الكون الذي لدينا. لقد استغرق الأمر سلسلة طويلة من الأحداث المحددة جدًا وغير المتوقعة في بعض الأحيان حتى يظهر البشر بعد مليارات السنين، والآن، في محاولتنا لفهم وجودنا، لا يسعنا سوى تحليل ما نراه. ولا يمكننا العمل إلا مع الأسس التي لدينا.
المبدأ الأنثروبي غنيٌ عن البيان (إلى حد ما): فلا بدّ من وجود كون يضم نجمًا يُدعى “الشمس”، ويحتوي -أيضًا- كوكبًا ممتلئ بالكربون والأكسجين حتى يتشكل الحمض النووي، ويبدأ التطور، وتظهر المخلوقات المتطورة.
ومن ناحية أخرى، إذا نسينا هذه الحقيقة الواضحة، ستنحدر أسئلتنا حول الكون للسير ضمن طريق ضيق؛ طريق قد يُعمي عقولنا، ويصل بنا نحو التضليل، أو بعبارة أخى: نحو طريق مسدود يُدعى (تحيّز البقاء Survivorship bias).
حياتنا الشخصية تقلّ تعقيدًا عن أصل الكون
ولكنها ليست بالبساطة التي تجعلنا نعتبر معظم التطورات أمرًا مسلمًا به. فسؤال على غرار “ما الفوضى التي سيطلب مني مديري التعامل معها اليوم؟” سؤال أنثروبي. يفترض أن مرداء العمل الفوضويون هم الرؤساء الوحيدون. وأؤكد لك أنهم ليسوا كذلك.
كان من المحتمل أن يتساءل أحد المسوقين “الأنثروبيين” المكلفين بتخصيص ميزانية التسويق لشركة تسلا:
“هل ننفقها على الإعلانات الطرقية، أو تسويق الغوريلا، أو الراديو، أو البث الصوتي، أو التسويق بالمحتوى، أو إعلانات شبكات التواصل الاجتماعي؟”
لكن، ولدهشة الجميع، لا تملك تسلا مدير تسويق ولا ميزانية تسويقية أصلًا!
لذا، تسائل أحدهم داخلها عن شيء مختلف: “ما التسويق؟” ثم أجاب من الصفر: “حسنًا، التسويق هو طريقة تعرّف الناس على منتجاتنا. لماذا لا يمكنهم جميعًا معرفة ذلك من شخص آخر؛ توصية شخصية؟ يبدو أنهم يستطيعون ذلك.
لذا، إذا أنفقنا كل أموالنا على تصميم أفضل سيارة يمكننا صنعها، فلا بدّ أن يخبر عدد كافٍ من الأشخاص الآخرين أنهم اشتروا سيارتنا. لذا، لا نحتاج لميزانية تسويقية، وإنما نحن بحاجة إلى مالٍ كافٍ لتطوير سياراتنا!”
لقد رفضت تسلا طرح أسئلة أنثروبية.
إن عكس السؤال الأنثروبي هو سؤال خيالي، واقعًا مُفترض.. لم يُدرك بعد، ومستقبلًا غير موجود ولكن يمكن وجوده.
تجنّب المبدأ الأنثروبي
لا تحصر خياراتك على العالم الذي تعرفه بالفعل. عندما ترى مفترق طرق يمينًا أو يسارًا في الطريق، تخيل طريقًا يستمر في السير بشكل مستقيم. لا تسأل عما يمكن أن يحدث في الحياة التي تعيشها، بل اسأل عما يمكن أن يحدث في الحياة التي تريدها.
إن كوننا له تاريخ واحد فقط، لكن قراراتنا تبدو واضحة فقط عندما ننسى ما كان يمكن أن يكون.