يوم من حياة مدّون مستقل (بحسب توقيت كوكب الزهرة*)

بعد أن قضيت قرابة الـ 6 سنوات متنقلًا بين الشركات المختلفة (وكانت الانطلاقة من شركة والدي حفظه الله) دون أي تطور يُذكر، أيقنت أنني أمضي في الطريق الخطأ! – م.طارق الموصللي

الساعة (1) ظهرًا

أنهيت ما لديّ من مهام منذ ساعة تقريبًا، وتبقت قرابة الثلاث ساعات على نهاية الدوام، ولا يقطع صمت المكان سوى بعض المكالمات الهاتفية التي أتلقاها بين الفينة والأخرى، لأجهّز على إثرها فواتير البيع خلال دقائق، ثم أرسلها إلى المخزن ليبدأ عُماله تجهيز البضائع المطلوبة، وأخيرًا أعود إلى مكتبي ذي الإضاءة الخافتة.
هل سأقضي حياتي بهذا الشكل؟

الساعة (5) عصرًا

توضم شاشة هاتفي الذكي إيذانًا بوصول رسالة إلى بريدي الإلكتروني.
رائع! تعليق جديد على إحدى تدويناتي. أوه! نسيت أن أخبركم أنني أدّون بين الفينة والأخرى.

أحب مجال التسويق ضمن باقة من مجالات عدّة: تهيئة المواقع لمحركات البحث (seo)، عالم الووردبريس الساحر، غوغل أدسنس .. وغيرها الكثير..

في الحقيقة، أعتقد أن الويب العربي يفتقد لتدوينات مفيدة في هذه المجالات، لذا ما المانع من نقل تلك المعارف عبر الترجمة؟
لغتي الإنجليزية لا تُسعفني، لكن برنامج الوافي الذهبي سيُذلل هذه العقبة، أليس كذلك؟

لحظة! هل تخدعني عيناي؟ أم أن صاحب التعليق -الذي يشكرني على جهدي في المدونة- هو ذاته محرر قسم مواقع الويب في مجلة المعلوماتية؟

أظن أنني بحاجة لاستراحة .. ألملم فيها دهشتي!

الساعة (6) مساءًا:

خمسات“؟! ما هذا الموقع بحق الله؟

لا أظن أنه سينجح، من تُراه سيثق بشخص لا يعرفه، بل ويبعد عنه مئات الكيلومترات؟
ثم لنفترض أنني أنهيت العمل الموكل إليّ، وحوّل صاحبه قيمة الخدمة، فالموقع يشترط امتلاك حساب PayPal (المحجوب في بلادي).

حظًا أوفر “خمسات“!

الساعة (7) مساءًا

تروقني هذه البلاد، وأكثر ما يُعجبني فيها: سرعة الانترنيت الجيدة، وكثرة مقدّمي الخدمات التقنية.
يمكنني الآن حجز استضافة واسم نطاق بمبلغ معقول، أما أروع ما في الأمر فهو تمكني من فتح حساب PayPal دون القلق من إغلاقه لاستخدامي “بروكسي”.

الساعة 7:30 مساءًا

خمسات مرة أخرى؟! لا بأس، أنا جاهز هذه المرة، وأعرف من أين تؤكل الكتف.
تصفحت الموقع، وركزت على خدمات التدوين وخدمات الترجمة، يبدو الأمر سهلًا!

الساعة (8) مساءًا

كيف حصلت على عميلي الأول؟

لطالما استهوتني فكرة تأليف كتاب وبيعه إلكترونيًا، لكن كانت مسألة تسويقه تقف عقبة في طريقي، إلى أن وجدت أن البعض يُحقق مبيعات جيدة لكتبه الإلكترونية عبر خمسات.
المشكلة أنهم أقدم منيّ في الموقع، ولبعضهم اسمه العريق، لذا أنا بحاجة لفكرة تسويقية مميزة.

وهكذا، قررت عرض وضع إعلانات لأصحاب الخدمات ضمن كتابي، لقاء طلبهم المسبق له. وبالطبع تلقيت طلبات الرفض الواحد تلك الآخر، إلا أنّ أسلوبي في صياغة العرض جذب انتباه أحدهم، فدعاني لكتابة 5 قصص نجاح (من 300-500 كلمة لكلٍ منها) لقاء .. خدمة .. أي 5$ فقط!
ومن هنا كانت البداية.

أخذت إجازة من عملي التقليدي (نعم، كنت لا أزال خلف ذات المكتب)، وقضيته في كتابة هذه المقالات حتى أنهيت 3 منها في يومٍ واحد (علمًا بأن موعد التسليم 5 أيام بعد طلب الخدمة)

ما هي أدواتي السحرية؟

كنت أعمل على جهاز Asus a42f، وأعتمد برنامج Microsoft Word الشهير لكتابة النصوص:

حيث أقرأ النص المطلوبة ترجمته 3 مرات، يلي ذلك سرد للترجمة الأولية المتضمنة للأفكار والجُمل التي أعرف معانيها بالفعل، وهنا تتبقى بضعة مصطلحات/تعابير جديدة، أعتمد في ترجمتها على تطبيق Reverso Context (وهو تطبيق للترجمة بحسب السياق، يعتمد فكرة إظهار المعنى في جمل مختلفة، وضمن سياقات متعددة، ليترك مهمة اختيار المناسب منها للمستخدم)

وبذا تنتهي المرحلة الثانية، لتتبقى المرحلة الثالثة وهي مراجعة -وتحرير- النص المُترجم بأكمله.

الساعة (9) مساءًا:

تُشير بعض الدراسات إلى أن الطاقة الإبداعية للإنسان تبلغ ذروتها ابتداءًا من الساعة الـ 9 مساءًا، وأعتقد أن هذا صحيح! فأنا أشعر أنني أفيض بالطاقة حقًا، ولا بدّ من استغلال ذلك.

استراحة: لست الشخص الكفؤ لهذا العمل!

إذًا، وعوضًا عن الاكتفاء بـ “خمسات” و”مستقل”، لما لا أوسّع نطاق بحثي عن الفرص؟

لم يستغرق الأمر الكثير من الوقت قبل أن أجد عدة منصات للعمل المستقل : استكتبمورد كفيلأي خدمةأُريد، وبما أن التسجيل فيها مجاني، فقد أعددت حسابًا في كلٍ منها!
وبالفعل، تلقيت عرضًا من “استكتب” بعد ساعتين فقط -بحسب توقيت كوكب الأرض- من إعداداي للحساب .. كان ذلك رائعًا!

الساعة (10) مساءًا

حسنًا! هذا مثير للاهتمام..

صاحب المشروع يبحث عن مدّون (هذا أنا!) والأولوية لمن يمتلك خبرة بسيطة في برامج التصميم (كان عليّ الاستمرار في دورة CorelDRAW!)

لا بأس، الأمر يستحق المحاولة.
قدمت عرضي على المشروع، وسألت صاحبه عن مهام التصميم المطلوبة، فكان الردّ باختصار:

أمور بسيطة: توحيد مقاسات الصور دون التاثير على جودتها، والأهم من ذلك: وضع علامة مائية WaterMark لشعار الموقع على كل صورة، فهل أنت قادر على فعل ذلك؟

لا أظن أن وضع علامة مائية يحتاج إلى مصمم، لا بدّ من وجود حل أبسط.

بحثت بمساعدة صديقي Google عن مواقع تقدم هذه الخدمة عبر الشبكة (أون لاين)

لكن معظم المواقع التي صادفتها اشترطت الاشتراك ضمن عضوية مدفوعة، أو أن أقبل بعضوية مجانية بميزات قليلة.
وهكذا، تابعت البحث حتى عثرت على موضوع يشرح فيه كاتبه -جزاه الله الجنة- طريقة بسيطة لوضع العلامة المائية باستخدام برنامج GIMP.
وبذا أصبحت جاهزًا للمشروع.

الساعة (11) مساءًا

انخفض عدد مشاريع الكتابة والترجمة، وترافق ذلك مع ارتفاع في (العرض) متمثلًا في دخول المزيد من أصدقائي المدونين والمُترجمين إلى السوق، كيف أواجه هذا التحدي؟

قضيت بضعة دقائق في التفكير، وخلصت إلى أهمية “العلامة التجارية الشخصية”، وكانت الخطوة الأولى، امتلاك اسم مميز، ولهذا قصة لطيفة:

اعتدت قبل نحو 15 عامًا -كنت آنذاك في المرحلة الإعدادية- شراء مجلات تقنية، وكان أشهرها PC Magazine (الطبعة العربية).
لكن المشكلة أن مصروفي لم يكن حينها يكفي لشراء النسخ الجديدة، لذا اتفقت مع صاحب المكتبة على شراء النسخ القديمة فحسب، وحين أقول قديمة فأنا أقصد نُسخ عام 1995!
المهم، لفت نظري في تلك الفترة اسم كاتب (اشتهر فيما بعد) وهو: حسن م. يوسف والذي يُقال أنه اختصر اسم (محمد) بـ (م.) متأثرًا بطريقة اختصار الأسماء في الإنجليزية.

راقتني الفكرة، واحتفظت بها إلى يومنا هذا، لتُصبح طريقة كتابة اسمي (م.طارق الموصللي)

بعد اعتماد “اسمي الجديد”، قررت الانطلاق نحو الخطوة التالية: نشر هذا الاسم من خلال تقديم المحتوى في منصات النشر الجماعي.

كانت البداية مع موقع زِد، ثم منشر، اكتب، هواء، وغيرها الكثير. لم أدع موقعًا لنشر المحتوى إلا وانشأت حسابًا فيه!
وحصدت بعض النتائج، كان أبرزها: تعاقدي مع موقع زِد في كتابة بعض المقالات، وتعرّفي إلى عميل رائع من موريتانيا.

الساعة (12) – منتصف الليل

(.. وَإِنَّ لنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقّاً..) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلّم
عليّ أن أخلد للنوم الآن

الساعة (5) فجرًا

يومٌ جديد ورائع!
لديّ بضعة أفكار مُنعشة لأكتب عنها، وبما أن أوراق ملاحظاتي مُعرضة للخطر على يدّ أطفالي، كان الحل هو استخدام تطبيق SimpleNote الرائع.
ما يُميز هذا التطبيق: بساطته (بالطبع)، إضافة لإمكانية مزامنة الملاحظات، وأخيرًا وسم الملاحظات لتنظيمها.

الساعة (6) فجرًا أو بعبارة أخرى: نهاية اليوم!

كيف أدعو نفسي بالمدّون، وأنا لا أمتلك مدونة؟!
ربما كان إنشاء مدونتي هذه هو أفضل قرار في حياتي فعلًا، فلطالما أرّقتني فكرة (ضياع ما كتبته) بضغطة زرّ من صاحب الموقع، لذا لم انشئ في حياتي مدونة مجانية “إلا على سبيل التجربة”.

خياراتي الشخصية في المدونة:

#1 الاستضافة (متضمنة اسم دومين مجانًا): Hostinger

#2 سكريبت التدوين: ووردبريس الرائع دومًا

#3 القالب المُستخدم: كاسكاد من تطوير شركة The Alpine Press

على الهامش:

  • * يدور كوكب الزُهرة حول محوره ببطء شديد، ويبلغ طول اليوم عليه 243 يومًا أرضيًا، وبما أن حُلم الانتقال من العمل التقليدي إلى العمل المستقل الرائع لن يحدث بين ليلةٍ وضحاها، قررت السفر إلى كوكب الزهرة لأحقق حُلمي هناك!
  • لم أكن لأكتب هذه التدوينة، لولا الروح التحفيزية التي نشرتها تدوينة المذهل دومًا عبد الله المهيري
يوم من حياة مدّون مستقل (بحسب توقيت كوكب الزهرة*)

2 فكرتين بشأن “يوم من حياة مدّون مستقل (بحسب توقيت كوكب الزهرة*)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

تمرير للأعلى