طُرح عليّ السؤال أعلاه، ولألا أبدو كاتبًا متهورًا، أجبت السائل: بقدر حاجة الموضوع. كانت إجابة عائمة -بدليل أن صاحب السؤال اكتفى بكلمة:شكرًا- ما دفعني للتفكير في إجابة أكثر تماسكًا.
بصفتي كاتب محتوى ومستشار ومدرّب في رديف، أتجنب وضع حدود دنيا أو عليا لعدد الكلمات، لذا تجدني أنشر تدويناتٍ قصيرة (أقل من 300 كلمة) وأخرى طويلة (أكثر من 4000 كلمة). حيث أعتبر قطعة المحتوى كاملة طالما حققت هدفها وجذبت القارئ المُحتمل.
وإذا شئنا تركيز حديثنا حول التسويق بالمحتوى، فيُفترض بك جعل (عميلك المحتمل) لا يغادر صفحة هبوط المنتج قبل أن يشعر بامتلاكه معلومات كافية لاتخاذ الخطوة التالية، وبذا يستطيع اتخاذ قرار مستنير بشأن ما تعلمه للتو.
بعبارة آخرى، “يطول” محتواك بما يتطابق مع ما كان يبحث عنه القارئ عندما وصل إلى موقعك، ليجيب على السؤال المطروح بدقة وكمال. يمكنك -في بعض الأحيان- تحقيق ذلك بسرعة؛ لكن ليس دائمًا. أدرك أن الأمر محبط، لذلك أنا هنا لتقديم الإرشادات.
في عالم رقمي فائق السرعة؛ حيث يحتاج الناس فحسب إلى نداء “أليكسا!” ليجدوا الإجابات للعديد من أسئلتهم، غالبًا ما يجد منشئو المحتوى أنفسهم يناقشون المحتوى الطويل مقابل القصير. أيهما أكثر فعالية؟ ما الذي يجب أن يصنعوه؟ ولماذا؟
اليوم، يتخذ المحتوى أشكالًا عديدة، ولكن لجميع المقاصد والأغراض من هذا النقاش المطول، سنركز في تدوينة اليوم على (التدوينات والمقالات) فحسب.
سنتعمّق في:
? تعريف كلٍ من المحتوى الطويل والقصير
⚖️ فوائد كل منهما
? كيف تقرر طول محتواك
تعريف المحتوى الطويل
بينما يمكننا، اعتبار هذه مسألة رأي شخصي، فعادةً ما تُعتبر التدوينات التي يبلغ عدد كلماتها 1200 كلمة على الأقل محتوى “طويل”. ذاك بالمناسبة متوسط عدد كلمات تدويناتي هنا.
ومع ذلك، فإن الأرقام تتزايد باطراد، حيث أجبر المحتوى المحوري Pillar content [الذي يغطي موضوعًا شاملًا في صفحة أو اثنتين] وتشبّع المحتوى Content saturation [؛يحدث تشبّع المحتوى عندما يغرق صنّاع المحتوى موضوعًا معينًا -بشكل مفرط- بقطع المحتوى لدرجة اختفاء حتى أكثر المقالات أو الرسوم البيانية حداثة استثنائية أسفل نتائج البحث!] العلامات التجارية على “الاستفاضة” للبقاء في المنافسة والحصول على ترتيب أفضل في محركات البحث.
لذا، واعتمادًا على الموضوع أو ترتيب المحتوى الحالي، قد تُعتبر تدوينة من 1200 كلمة قصيرة حاليًا.
تعريف المحتوى القصير
على الجانب الآخر، لا خلاف على كون أي شيء أقل من 1000 كلمة محتوى قصير. بل قد يكتفي بعض كتّاب المحتوى بنشر تدوينة من حوالي 200 كلمة فقط! (ولكن عادةً ما يكون ذلك للأخبار العاجلة؛ حيث لا تزال التفاصيل قيد التطوير).
مزايا المحتوى القصير
في عام 2019، وجدت شركة Buzzsumo أن ما يقرب 75% من العلامات التجارية الموجّهة لخدمة الشركات “B2B” لا تزال تنتج محتوى قصير، ويعود ذلك لسببين على الأرجح:
? يلائم المحتوى القصير فترات الانتباه القصيرة Short attention span. فمع ثورة الاستهلاك السريع وتعدد المهام، أعتبر المسوقون المحتوى القصير أفضل طريقة لتوفير المعلومات للجمهور مع الحفاظ على انتباهه. وقد كرّست شبكات التواصل الاجتماعي الشهيرة ذاك المبدأ؛ حجم التغريدة لا يتجاوز 280 حرفًا، والقصص على الانستغرام لا تتجاوز مدتها 15 ثانية، بالإضافة إلى انتهاء صلاحيتها بعد 24 ساعة).
? يسهل إنتاج المحتوى القصير. لنكن واقعيين. من الطبيعي أن تكون المقالات القصيرة أسرع في نشرها، وإذا كنت تستعين بمستقلين (وهو ما لا أنصحك بفعله!?سأخبرك لِما خلال لحظات)، فستبدو أيضًا ميسورة التكلفة. من منطلق الإنتاجية (..المزيفة؟)، يحقق المحتوى القصير أهدافك أفضل من المحتوى الطويل. كما أنه أقل استهلاكًا للموارد.
ولكن ماذا عن العائد؟?
رغم ارتفاع الطلب على التدوينات ومقاطع الفيديو القصيرة، سواء من الجمهور أو من أصحاب المشاريع، لكن أؤكد لك: العائد الفعلي القابل للقياس للمقالات الطويلة أعلى من ذلك بكثير. نعم، يتطلب المحتوى الطويل مزيدًا من الالتزام والعمل من جانبك، ولكنه يعود عليك بأضعافهما.
مزايا المحتوى الطويل
أداء أفضل في محركات البحث
مع اعتبار صناعة المحتوى معيارًا في معظم استراتيجيات التسويق اليوم، زاد كل من تشبع المحتوى والمنافسة في البحث العضوي بشكل كبير. فمذّ بدأت موجة التدوين الاحترافي (أوائل عام 2010)، أصبحت محركات البحث مُتخمة بالتدوينات التي تحاول “الإمساك” بكل كلمة مفتاحية عرفها الإنسان. وبصراحة، معظمها سيئ!
ولمّا كانت مزارع المحتوى قادرة على التلاعب بالنظام عبر حشو صفحاتها بالكلمات المفتاحية أو لكونها -ببساطة- السبّاقة، عمّت الفوضى وقلّت المعلومات المتعمقة. كان لا بدّ لغوغل أن تغيّر قواعد اللعبة.
بالمناسبة، اللعنة على السيو SEO ?!
إذًا، من خلال عودتها للتركيز على المستخدم، أجرت غوغل العديد من التغييرات في الخوارزمية لجلب محتوى عالي الجودة (محتوى يُلبيّ اهتمامات الباحثين المشتركة) إلى أعلى نتائج البحث.
اليوم، لم تعد (غوغل) تنظر فقط لعدد المرات التي تظهر فيها كلمة رئيسية على الصفحة، ولكن هناك عوامل مثل سلطة موقع الويب Site’s overall authority، وسرعته، وأدائه على الهاتف المحمول، والكلمات المفتاحية ذات الصلة، وسلوكيات الزائر مثل الوقت المستغرق في الصفحة، و.. أحسنت.. طول المحتوى?.
عندما تضع سؤالًا في مربع البحث، فستُظهر لك الخوارزمية ما تعتقد أنه المحتوى الأعلى جودة بناءً على العوامل السابقة.
بالنسبة للعديد من الأسئلة، قد تظهر الإجابة في مقتطف مميز Featured snippet، وغالبًا ما يكون على رأسها: محتوى طويل يتجاوز 2000 كلمة .
في الواقع، قبل بضع سنوات، أجرى SerpIQ دراسة وجدت أن هذا ينطبق على المحتوى في النتائج العشرة الأولى بشكل عام:
إذا أردت التفوق على منافسيك، لا بدّ أن يكون محتواك على أعلى مستويات الجودة. وأن تقدم قيمة تفوق أي موقع يحاول احتلال المركز #1 لنفس الكلمة المفتاحية؛ ذاك يعني غالبًا أن يكون أطول. غالبًا ما تفترض “غوغل” مع المحتوى الأطول أن القطعة تجيب على استفسار المستخدم بشكل أكثر شمولًا، وبالتالي تضعها في ترتيبن أفضل.
سبب آخر قد يؤدي إلى أداء المحتوى الطويل الجيد على “غوغل”: أنه يدفع الزائر لقضاء وقت أطول على موقعك الإلكتروني؛ تتّبع محركات البحث المدة التي يقضيها الشخص على الموقع بعد النقر على رابطه من نتيجة البحث. وكلما طالت مدة بقائه، زادت قيمة افتراضات محرك البحث لصفحتك.
المزيد من الزيارات، والمشاركات، والروابط الخلفية
بالطريقة التي أرى بها الأمور (وهي متوافقة مع نظرة جوجل بالمناسبة)، لا ينبغي أن تكون التدوينة طويلة لذاتها. وإنما أن تكون طويلة إذا/عندما تنصف الموضوع وتوفر إجابة كاملة للقارئ.
وتظهر الدراسات أن هذا يحظى بتقدير، حتى خارج محركات البحث وعيني الناقدة للغاية؛ وفقًا لتقرير Semrush عن حالة المحتوى لعام 2020، تحصل التدوينات الطويلة (+3000 كلمة) على زيارات أكثر بنسبة 21%، و 24% مشاركات أكثر، و 75% روابط خلفية Backlinks أكثر مقارنةً بذات الطول المتوسط (901-1200 كلمة).
يسمح لك المحتوى الطويل بنقل القرّاء من مجرد الإطلاع إلى الفهم شبه الكامل لموضوع ما في تدوينة واحدة. يمكّنك من إجابة جميع أسئلتهم في مكان واحد؛ لا حاجة للنقر على رابط موقع أو مصدر آخر. وتقديم هذا النوع من القيمة يسعد المستخدمين ويلهمهم لمشاركتها مع الآخرين على شبكات التواصل الاجتماعي.
ذاك يرفع أيضًا احتمالية ربطهم تدويناتهم بتدوينتك. وبالطبع، فإن تعني المزيد من المشاركات على شبكات التواصل الاجتماعي والروابط الخلفية المزيد من الزيارات المحتملة.
يزيد معدلات التحويل
بمقدور المحتوى الطويل أيضًا تحسين معدلات التحويل.
شهدت أداة تحسين مواقع الويب Crazy Egg زيادة في معدل التحويل بنسبة تزيد عن 30% عندما زادت طول صفحة الهبوط 20 ضعفًا. ووفقًا لمدونتها:
الآن، سيختلف الطول المناسب من جمهور لآخر، بالطبع، لكن البيانات تظهر أنه بالتأكيد شيء يستحق الاختبار.
يساعد على بناء الثقة
يعمل صنّاع المحتوى في في مجال مبني على الثقة؛ جوهر كل علاقة وكل عملية شراء تتمّ. لذا، فكر في مَن تثق به في مجال عملك؟ من الذي تلجأ إليه عندما تحتاج إلى رؤية موثوقة؟
في عالم التسويق الداخلي Inbound marketing، تعتبر مدونة مستقل الأشهر عربيًا، أما غربيًا، فنجد Neil Patel و Moz و CXL و MarketingProfs. بما تشترك كل هذه المواقع؟ أنها تنشر تدوينات طويلة.
(هذا لا يعني أنهم لا ينشرون تدوينات قصيرة، لكننا نعرفهم -ونعرّفهم- على أنهم مصادر شاملة)
عندما تقدّم تغطية كاملة لموضوع ما، فذاك يساهم في ترسيخك كخبير واسع المعرفة؛ مصدر موثوق في كل شيء يتعلق بمجال عملك. عندما يمكنك التحدث بأطوال محتوى كبيرة وبتفصيل كبير حول موضوع ما، فمن المرجح أن يثق الناس بخبرتك، وبالتالي، بأمور أخرى كمنتجاتك أو خدماتك مثلًا.
إذًا.. متى يجب استخدام أطوال المحتوى المختلفة؟
بصراحة، يتوقف ذلك على الموضوع ونية واحتياجات الشخص الذي يقرأه. ولنتذكر أن كل استراتيجية تسويق محتوى ناجحة تحتوي على مزيج من الوسائط والأطوال؛ بالنسبة لبعض الموضوعات، يكون مبدأ (ما قلّ ودلّ) أكثر قيمة من تدوينة طويلة، بينما يحتاج بعضها الآخر لأن يكون طويلاً لتغطية كل شيء.
لمساعدتك في تحديد ما هو مناسب للمقالة المطروحة، ضع في الحسبان 3 أشياء:
? غاية المستخدم
? المنافسين
? ?♂️ تفضيلات الجمهور
غاية المستخدم
ما هدف المشتري عندما بحث عن عبارة أو كلمة مفتاحية معينة؟ ما الذي كان يسعى لتحقيقه عند نقره على رابط تدوينتك؟ ما الجواب الذي يبحث عنه؟
سيساعدك فهم هدف بحث/سؤال الزائر في تحديد الطول المثالي لمحتواك.
كما ذكرت قبل قليل، لا تحتاج كل الموضوعات إلى ذاك القدر من التفاصيل. بعض “الأخبار” الرائجة التي نراها الآن -كأخبار المشاهير والرياضة- بالكاد تتطلب صورة وقليلًا من القيل والقال لمنح الناس ما يحتاجون إليه ثم جعلهم يبحثون عن الخبر التالي مباشرةً. ليس هناك وقت أو مساحة لإجراء تحليلات متعمّقة!
ربما ينطبق ذلك على مواضيع مجالك. على سبيل المثال، إذا بحث شخص ما عن “قائمة بمتطلبات حفل الزفاف”، فذاك بالضبط ما يبحث عنه: قائمة؛ أي يجب أن يجد قائمة قصيرة وموجزة بما يريده.. وليس رواية! (أو على الأقل اعرض القائمة أولًا، قبل الخوض في التفاصيل)
بالمقابل، إذا بحث عن “ما تكلفة التعاقد مع شركة استشارية؟”، فهو يحتاج شرحًا مفصلًا. في هذه الحالة، عليك -بالفعل- التعمق في الأمر إذا كنت ستساعد شخصًا ما على فهم جميع العوامل التي تدخل في هذه التكلفة.
فكر في الهدف من العبارات المفتاحية التي تركز عليها، وتأكد من أن المحتوى الذي تنشئه يقدم القيمة والإجابات المتوقعة.
المنافسين
لا شكّ أنك لست الوحيد الذي يحاول عرض منتجه/خدمته أو رفع مستوى الوعي بهما. لذا، عليك التأكد من أن استراتيجيتك للمحتوى متفوقة عمّا سواها. وهذا يتطلب دراستك منافسيك عند إنشاء محتوى بهدف الاستحواذ على كلمة مفتاحية معينة.
بينما بمقدور أدوات مثل Semrush و Surfer SEO منحك حجم البحث وإحصائيات المنافسة والمنافسين، فالأفضل الانتقال مباشرة إلى “غوغل” ومعرفة ما سيحدث عند البحث عن كلمتك المفتاحية المطلوبة؛ ألق نظرة عمّا هو موجود في أهم نتائج البحث، ثم حدد الموضع الذي بمقدورك تحسينه.
واحدة من أسهل الطرق هي: الاستفاضة. غالبًا ما يُرى (طول المحتوى) كعامل جودة، لذلك إذا كانت أفضل نتيجة بحث حاليًا عبارة عن تحفة فنية عالية الجودة من 3000 كلمة، فمن المحتمل أنك لن تتفوق عليها بقطعة مكونة من 500 كلمة (حتى لو استخدمت أفضل ممارسات تحسين نتائج محركات البحث).
تفضيلات الجمهور
اختبر أطوالًا مختلفة واعرف أيها يحقق أفضل النتائج. في النهاية، عودة الزائر هي كل ما يهم. قد لا يروق المحتوى الطويل للبعض، خاصةً إن كانوا معتادين على منشورات الفيسبوك. فإذا كانت مقالتك الطويلة تحتل المرتبة الأولى، لكن البيانات تُظهر أن الأشخاص لا يقرؤونها أو يتفاعلون معها، فربما لا يكون نموذج التدوينة الطويلة مناسبًا لهم.
الكمّ؟ غير مهم!
سيكون الأعلى جودة، دائمًا وأبدًا، أفضل أداءً مع جمهورك المستهدف وفي محركات البحث، بغض النظر عن طوله.
الهدف من التسويق بالمحتوى هو -ببساطة- إيفاء الموضوع حقّه وعدم ترك أي أسئلة دون إجابة للزوار أو العملاء المحتملين الجدد من خلال مطابقة نواياهم. قد يتم ذلك في 600 كلمة، أو قد يكون 6000، لذلك لا تنشغل في عدد الكلمات بقدر انشغالك بالقيمة التي تقدمها تدويناتك.
المصدر: Long Form vs. Short Form Content: Which Is Better For Your Business
مقال رائع احسنت النشر.
شخصيًا دائمًا انصح اصدقائي ممن في بداية مشوار التدوين الشخصي، واغلبهم يبدأ على مدونة مجانية على وردبريس، بالتدوين في حدود ٣٠٠ كلمة على ان يكون بشكل مستمر على الاقل مرة اسبوعيًا بحيث يتعود على فكرة كتابة ونشر الافكار للعامة. خصوصًا وان الكثير منهم قد لا يمتلك بعد مهارة الكتابة عن الافكار بشكل سلس فتكون حتى الـ ٣٠٠ كلمة بالنسبة له هي تحدي، وباعتبار اننا نعيش مع جائحة من الكسل والتسويف خاصة مع كبر حجم او صعوبة الوظيفة او المهمة المطلوب تنفيذها فدائمًا ما اتجنب توجيههم نحو الكتابة المطولة.
أعجبني إقتراحك للغاية أ. مصطفى “التدوين في حدود ٣٠٠ كلمة على ان يكون بشكل مستمر على الاقل مرة اسبوعيًا”
مُدهش بحق 😗 وهذا ليس مستغربًا منك