مرّ 17 عامًا منذ فتحت حسابًا في بنك إلكتروني يُدعى E-Gold. وكنت استقبل عليه دفعات (0.01$) من مواقع الدفع مقابل النقر PPC. وخوفًا على فقدان "ثروتي"، دأبت على تغيير كلمة سرّ حسابي هناك كل شهر!
|
فترة مراهقة طريفة بكل تقلباتها. لم يبقى منها سوى حسابي في Golden Farm [بالضبط. حتى E-Gold اختفى من الوجود!]
|
|
|
|
لكنني اليوم، لست أتحدث عن ذاك الذهب المزيف، بل عن حالة خطيرة تصيب مئات الآلاف من الكتاب حول العالم؛ متلازمة الأشياء البرّاقة (STS).
|
|
وربما أكبر مثال على ذلك، تجاوز مسودّاتي الـ 45 حتى وقت كتابة العدد (15/1).
|
|
|
البدايات الجديدة أفضل جزء من الكتابة، أليس كذلك؟ ينبوع متدفع من الاحتمالات، وحرية إبداع ينتشر عبيرها في الأرجاء! لماذا لا تكون الكتابة دائمًا هكذا؟
|
إنما، لا أخفيك سرًّا: إن استمر الأمر على هذا النحو، فقد أموت دون أن أكتب شيئًا .. عدا -ربما- اثني عشر ألف مقدمة قطعة محتوى!
|
هل أنت مستعد لسماع قصتي؟
لقد وضعت فكرة هذا العدد على رأس قائمة الأفكار المقترحة لأعداد النشرة.. الماضية! ولأُسكت ناقدي الداخلي، أقنعته أنني "غزير الإنتاج للغاية، ومفعم بالأفكار، وإبداعي لا يعرف حدودًا!"، في حين أنني لست أكثر من شخص مماطل لا يصل أبدًا إلى نهاية أي شيء.
فلمّا استمر بإزعاجي، نشرت تدوينة مُشتت بين مشاريعك الكثيرة وأفكارك اللامعة؟ أنا كذلك 😅. لكن اللعين لم يصمت!
|
وبحثت عن طريقة لتسويق منصة Sendowl عوض تلقي الرسالة التالية أسبوعيًا
|
|
|
ودائمًا ما يبدأ الأمر على النحو التالي:
|
وسط انغماسي في مشروع ما، تقدح شرارة فكرة، تتوسلني لتكتبها. انها لامعة جدًا. وطازجة كالثلج البكر. تجذبني بعيدًا عن مشروعي الحالي وتُغريني برائحة النجاح الساحق. تحدثني نفسي: لن يتسبب تعليق ما أعمل عليه -لبعض الوقت- أي ضرر، فما المانع من استكشاف هذه الفكرة الجديدة المثيرة؟ بإمكاني العودة إلى مشروعي القديم في أي وقت أريده.
|
|
|
ربما سمعتني أتحدث كثيرًا عن الاستمرارية؛ مع ذلك لا أستمرّ في أي شيء، ولو أردت التملّص لقلت: افعل ما أقول، لا ما أفعل!
|
لكن عليّ أخذ المسألة على منحى شخصي هذه المرة
لقد خططت لهذا العدد حوالي عشرين مرة بالفعل، وبطريقة غريبة، شعرت أن الفعل الجسدي المتمثل في كتابتها بمثابة خطوة للوراء. إن كتابتها ستجعلها ملموسة. وسيكون من الألطف دائمًا، والأكثر إيجازًا، والأكثر أمانًا أن أتركها تغلي في عقلي حيث لا يمكن لأحد أن يراها.
|
لأنه.. ماذا لو نشرتها وكانت النتيجة مُخزية؟ ماذا لو لم تكن جيدة كما تخيلتها؟
|
هكذا تخدعك متلازمة الأشياء البرّاقة لتضع الأمور جانبًا. تبدو الفكرة الجديدة أكثر جاذبية لأنها غير موجودة بعد، وبالتالي لا يمكن انتقادها. إنها لم تخضع بعد للناقد الداخلي القاسي الذي يتربص في رؤوسنا، في انتظار الحكم والإدانة.
|
لذا، ورغم أنك ترى نفسك منتِجًا من خلال التركيز على ذات الشيء للأبد، إلا أنك لا تزال عاجزًا عن الوصول إلى أي مكان.
|
أسوء ما في الأمر، أنها تبتزّك عاطفيًا:
|
"إذا بدأت مشروعًا جديدًا، فستتحمس مرة أخرى. إذا ركزت على البداية فستشتت انتباهك عن المهمة الضخمة التي تنتظرك؛ إنهاء عدد النشرة اللعين!
|
|
|
|
حسنًا، شخّصنا المرض بما فيه الكفاية، فماذا عن العلاج؟
|
لا أعلم إن كان هناك علاج فعلًا. لكنني أكافح قدر استطاعتي:
|
عندما تظهر فكرة جديدة لامعة، أمنحها بعض الاهتمام؛ فقط بما يكفي لتدوين بعض الملاحظات والخطوط العريضة (لذا يمتلئ درج مكتبي بالمسودات)، يمنحني ذاك شعور بالاطمئنان أن الفكرة لن تعود لترفرف في رأسي، محاولةً تشتيت انتباهي. وبعدها أحاول من جديد مع مشروعي الحالي. حين أفقد حماستي بالمشروع الحالي. أحاول تذكّر سبب بدايتي، وكيف شعرت عندما كان المشروع هو (الشيء اللامع الجديد). وغالبًا ما أُعيد قراءة ما كتبته مرارًا وتكرارًا؛ بحثًا عن ثغرة أسدّها، وأجعل منها منفذًا لمزيدٍ من الأفكار.
|
غالبًا ما أتجنب الأسلوب الخطي في الكتابة، حتى ضمن إجابات كورا؛ أكتب الأفكار الرئيسية على شكل قائمة، وشيئًا فشيئًا، أحاول بناء نصوصٍ حول تلك الأفكار (بما يُناسب مزاجي). ولذا، ابتسم كلما أثنى أحدهم على "تسلسل" أفكاري وانسيابيتها؛ لا يعلم أن ذاك التسلسل مبني على كومة عشوائية!
|
|
|
لم يُجانب كلام أ. محمود الصحة؛ أنا فعلًا أحاول التسويق لنفسي ولمدونتي. وما بدا انتقادًا، لم يكن كذلك! عزيزي القارئ/الكاتب، لا أنا ولا أنت شخصيات عامة، فلن يستهدفنا أحد بغرض تشويه سُمعتنا. اتفقنا؟
|
|
|
استغلال المتلازمة لصالحك
حين أطلقت النشرة، انتويت جعلها بسيطة كسابقتها. ولكن ترافق رسم صورة لأقسامها في ذهني مع رغبة بإحياء قناتي على اليوتيوب.
|
قد تسيطر فكرة معينة على ذهنك، وكلما تهرّبت منها، زادت التصاقًا. هنا، ربما عليك التفكير في دمجها ضمن مشروعك بشكلٍ أو بآخر. تطبيقًا لمبدأ "إطعام الوحش بهدف الحد من ثورته".
|
|
|
قد تنقذك المتلازمة أحيانًا!
ذكرت مؤخرًا نيتي -في فترة ما- تعلّم محرك الألعاب مفتوح المصدر Godot، وكيف حجزت استضافة واسم نطاق لسرد رحلة تعلّمي. إنما لم أخبرك بتتمة القصة:
|
أمضيت شهرًا أحاول تعلم الأساسيات، ونشرت -بالفعل- تدوينة من 2000 كلمة. لكن بعدها، بات المشروع حملًا زائدًا عليّ؛ لم أعرف ذلك مباشرةً، لكنني اكتشفت الأمر حين بدأت بتجنّب كل ما يتعلق بـ Godot [وكَم كان "يوتيوب" ماهرًا في تذكيري به!]، والانشغال بأي شيء آخر.
|
أحيانًا، تشعر أن مشروعًا معينًا قد وصل إلى نهايته. أو ربما فقدت الاهتمام للتو. إذا كان هذا هو الحال بالفعل، فلا بأس أن تنجذب إلى شيء برّاق آخر (طالما أنك تلتزم به).
|
|
|
حلٌ أخير؟
أحد الدوافع النفسية -المرعبة إلى حد ما- خلف متلازمة الأشياء البرّاقة أننا جميعًا غارقون في الشك الذاتي ولا نعرف حقًا ما نودّ الكتابة عنه، ولذا نتنقل من مشروع إلى آخر. فكل مسودة من المسودات -المذكورة بداية العدد- تحمل داخلها بذرة فكرة، تخليّت عنها حين شعرت أنها "ليست جيدة كفاية" لحُسن الحظ، تغلبت على هذه المعضلة عبر [إكمال الدائرة]؛ استكمال القصص المبتورة على غرار السعادة على طريقة فيليب بريكمان و 7 دروس حياتية من شخص لا يمكنه تحريك أكثر من عينيه وشفتيه! وحاليًا أعمل على استكمال البقية. لذا، ربما يتعين عليك -فحسب- الإيمان بمشروعك الحالي. صدّقني: مشروعك واعد، ولهذا السبب اخترته في المقام الأول.
|
سمعت البعض ينصح باستخدم المواعيد النهائية (مواعيد التسليم) باعتبارها "ترياقًا"؛ يمنحك سببًا قويًا لإنهاء مشروعك الحالي.
|
لكن، شخصيًا، لا تُجدي المواعيد النهائية نفعًا. تخيّل أنني نشرت فيديو، يوثّق كتابة قصة لصالح مسابقة، وقد مضى عليه 3 سنوات ونصف السنة تقريبًا!
|
وبهذا نكون قد انتهينا (أخيرًا) عزيزي القارئ
لم يكن ذلك سهلًا، وقد استغرقت منيّ كتابة الفقرة ساعات طوال، لكنني أنهيتها. ويمكنك أن تفعل مثلي. يمكننا التغلب على ذاك الوحش. فقط.. توقف عن العبث، وابدأ الكتابة.
|
|
|
انعكاس 📼
|
في سابقة تاريخية، استطعت مشاهدة فِلم كامل بجلسة واحدة! ولحسن الحظ أن كان تحفة سينمائية حملت عنوان "المربّع The Square"
|
|
|
سأحتذي خُطى مخرج العمل (روبن أوستلوند)، وأتبّع الأسلوب غير الخطي في سرد المراجعة:
|
في مشهد العلاقة الجنسية بين بطل الفِلم والصحفية، استغرق البطل زمنًا في وضع الواقي الذكري (كما لو كان يضعه فعلًا)، وهنا وصلني شعور بميوعة العلاقة أصلًا. وأتحدث بالمجمل؛ هل ترى النشوة التي يدّعيها ممثلو الأفلام الإباحية؟ ليست حقيقية عزيزي. الحقيقي هو ما تراه في فِلم المربع. مجرد محاولة لتفريغ شهوة .. لا أكثر ولا أقل.
|
حاول المخرج نقل رؤى كُتب عالم الاجتماع البولندي "زيجمونت باومان" -وتحديدًا الحياة السائلة- إلى الشاشة، وأعتقد أنه نجح في مسعاه. يتحدث الفِلم عن مدير أحد المتحف من الطبقة المخملية، يبتكر عدة معارض فنية "حديثة". بالضبط! مثل المعرض الذي عُرضت فيه [لوحة "الموزة المعلقة"]
|
|
|
ولتدشين (أو تشييد) أول عمل فني، يُزال تمثال عريق لأحد المحاربين من أمام باب المتحف، وبحركة مُستهترة.. يُقطع رأس التمثال!
|
لحظة! ربما أخطأت في تحديد هوية بطل الفِلم. عذرًا. إذ أليس من المفترض أن ينال البطل النصيب الأكبر من الاهتمام؟ جيد.. (المشردون) هم أبطال الفِلم الحقيقي؛ صوّر الفِلم العشرات منهم، مفترشو الأرصفة منهم والماروّن.
|
بالمناسبة، ما هويّة ذاك العمل الفني؟
آه صحيح. نسيت إخبارك: أول عمل فنيّ هو عبارة عن بضعة أحجار مُحددة بإطار، مثبّت على أحد جوانبه عبارة:
|
|
|
“المربع هو ملاذ آمن حيث تسود الثقة والمسئولية، وداخل حدوده نتقاسم جميعًا حقوقًا وواجبات متساوية”
|
|
|
محاولة "سامية" للفت أنظار العالم إلى قضية المهمّشين، إنما كيف سوّق لها المتحف؟ عبر فيديو لطفلة مسكينة تقف داخله لثوانٍ قبل أن تنسفها 💣
|
|
|
هل رأيت عبثية أكبر من ذلك؟
|
تُسرق محفظة مدير المتحف وهاتفه المحمول وأزرار قميصه (التي تعود أصلًا لجدّه)، وبعد محاولة عبثية مُسيئة، يستعيد ما سُرق منه غير منقوص. فيُقرر التكرّم على إحدى المتسوّلات ببعض المال. لتكون تلك (صدقته) الوحيدة!
|
|
|
~نقش~
|
|
|
|