كيف نتحدث عن التسويق (دون استخدام المصطلح)؟ 🗾

كيف نتحدث عن التسويق (دون استخدام المصطلح)؟ 🗾

يحمّل مصطلح التسويق معاني كثيرة، وربما افتراضات سيئة -أو ضبابية في أحسن الأحوال- حول “الإعلان عن علامتك التجارية” و”الترويج”. علمًا بأن المسألة أبسط من ذلك بكثير؛ هدف العلامات التجارية الأبرز إيصال منتجها إلى العملاء.

لذا، سنستخدم “حل التوزيع Solve for distribution” عوض التسويق؛ من الكَيّس استخدام كلمات جديدة من وقت لآخر لنفض غبار الألفة، حتى نتمكن من التفكير بوضوح.

(من المثير للاهتمام تتبّع تاريخ كوكاكولا - عندما بدأت، كانت منتجًا يتم تقديمه في نوافير الصودا "Soda fountain". ثم جاء آسا كاندلر "Asa Candler" ووزّع قسائم مجانية، كما قدم براميل مجانية -أيضًا- من المشروب الغازي للمتاجر؛ التي لم تكن لتخزن المشروب لولا ذلك. وبهذا، تغلّب على الانطلاقة الصعبة، بعبارة أخرى: كان ذاك حلّ التوزيع الذي اعتمدته كوكاكولا في نشأتها!)

يُقيّد كُثر إمكاناتهم في الكسب لأنهم يتجنبون “تلويث أياديهم” بشقّ التوزيع من عملهم؛ والاكتفاء بأداء [مهامهم] على أكمل وجه والانتهاء من العمل! ولا أبتغي إرغام أي شخص على الاهتمام بالتوزيع، ولكن -على الجانب الآخر- أريد التأكد من معرفة الناس الخيارات المتاحة لهم.

لفشل العلامات التجارية سببان رئيسيان: فشل المنتج أو فشل التوزيع (وبمصطلحات [الأب الروحي للإدارة] بيتر دراكر  Peter Drucker: فشل الابتكار أو فشل التسويق).

فقد تتحجج (فَشلت لأن اقتصاديات الوحدة “Unit economics” التي استخدمتها لم تنفع). بالنسبة لي، اقتصاديات الوحدة مفهوم على مستوى أعلى يتعلق بتكاليف كل من المنتج والتوزيع. إنما في حالتك: كلفك توزيع منتجك الكثير، ونفدت مواردك. انتهت اللعبة!

أما فشل المنتج، فعائد لتمسّك صناع المحتوى بالأشياء التي يصنعونها، ما يحول دون رؤيتهم ما يريده السوق منهم.

لا أقول أن “تمنح السوق ما يريده”؛ وإلا انتهى الأمر إلى سباق نحو القاع للحصول على أدنى قاسم مشترك. إنما، يستحق الأمر بذل الجهد لفهم السوق في مجال عملك، فتتمكن من التفاوض معه للحصول على ما تريده منه.


بالعودة للسؤال أعلاه “كيف تتغلّب المنتجات المقبولة -مُتقنة التوزيع- على المنتجات المتميزة سيئة التوزيع؟“. نرى أصحاب “المنتج المتفوق” 🙍🏽‍♂️ يُصدمون -مرارًا وتكرارًا- لتفوّق أصحاب “التوزيع المتميز”:

🙍🏽‍♂️ “ولكن يجدر بالمنتج الأفضل أن ينتصر!”

🧑🏽‍💻 لماذا؟

🙍🏽‍♂️ “لأنه الأفضل!”

🧑🏽‍💻 الأفضل بالنسبة لمَن؟

🙍🏽‍♂️ “لي وللعملاء العشرة الذين عرضته عليهم!”

🧑🏽‍💻 حسنًا، لكن منافسك تحدث إلى 10.000 شخص وأعجبهم منتجه بدرجة كافية. ومن ضمنهم (المسوّق في شركتك)! حظًا أوفر في المرة القادمة.

أتفهّم أمنية أن تكون المنتجات العظيمة ويكون الفنانين والمبدعين العظماء موضع تقدير.
لكن -للأسف- لا يعيش “الجمهور” أو “السوق” في أثير أفلاطوني مثالي. بل هم بشر، والبشر مشغولون ومتعبون ويفضلون أن تأتيهم حيث يتواجدون.

إذا لم تخرج للناس، ففرص حصولك على التقدير ضئيلة للغاية. فذاك معناه أنك تعتمد في الأساس على الصدفة، وعلى نزوة أن يلاحظك المقدّرون الجادون. ومن الخطورة بمكان أن تترك هذا الأمر للصدفة.

يُشكّل رفض الناس الاعتراف بهذا وفهمه وتقديره جزءًا كبيرًا من سبب فشل معظم الشركات، وفشل معظم العملاء، وعدم وجود جمهور لمعظم منشئي المحتوى.

لا أريد التعميم، لكن أغلبية صنّاع المحتوى يفترضون “إذا أردت الأمر بشدة وأديّت واجبي، فسأكافأ عليه”، وهو نموذج خيالي للواقع. ويجدر أن تأتي النماذج الخيالية مع ملصقات تحذيرية ⚠️؛ لأنها تسيء تمثيل كيفية عمل الواقع.

كيف نتحدث عن التسويق (دون استخدام المصطلح)؟ 🗾

لن تنجح مفردك!

تخيّل قضاء سنوات في كتابة رواية رائعة ولكن لا أحد يعرفك أو مهتم بما لديك لتقوله. كم سيكون ذلك محبِطًا! إذًا، لا مناص من أن تكون في المقاهي تتحدث إلى مؤلفين آخرين. بل وسأذهب إلى أبعد من ذلك: من الصعب جدًا إنتاج أي نوع من الأعمال الرائعة دون التعاون والتنسيق مع مبدعين آخرين. “العبقري المنعزل تمامًا؟” ربما يكون ذلك ممكنًا في مجالات مثل الرياضيات، أو ربما الموسيقى… ولكن حتى أينشتاين كان يتسكع مع مهووسين آخرين!

بالمناسبة، أينشتاين نفسه شخصية مثيرة للاهتمام، والأرجح أنه كان بارعًا للغاية في لعب لعبة الجمهور/الإعلام، ولهذا نتحدث عنه كثيرًا. وإلا.. لماذا لا نتحدث كثيرًا عن فاراداي أو ماكسويل؟ لأن أينشتاين كان أفضل في العلاقات العامة.. ببساطة

ما أحاول قوله: هذه الأشياء يمكن دراستها وفهمها والتأثير عليها. ومع ذلك، لا أضمن النجاح لأي شخص، ولكن يمكنك حقًا تحسين فرصك بشكل كبير.

إذا نشرت 100.000 تغريدة في عُزلة، ففي الغالب لن يهتم أحد على الإطلاق. ولكن إذا تفاعلت مع غيرك، فتلك أولى خطوات التشبيك، ومن ثم يمكنك بناء شبكة أصدقاء، ومن بعدها جمهور، ثم تغيير وجه الصناعة.

لا يلزمك بالضرورة أن تكون الأذكى، أو الأكفأ، أو الأمهر. كل ما تحتاجه أن “جيدًا” بدرجة كافية، وتوزّع عملك قدر الإمكان.

تأمل حال الرياضيون وعارضات الأزياء وغيرهم؛ وستجدهم يكسبون أموالاً أكثر. لماذا؟ بسبب قدرتهم على توزيع أعمالهم على جمهور/سوق أكبر بكثير.

وصلت الفكرة؟ 😌

كيف نتحدث عن التسويق (دون استخدام المصطلح)؟ 🗾

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

تمرير للأعلى