شكرًا لكل مَن راسلني بعد التدوينة الماضية، تعمدت إغلاق التعليقات لأختبر فكرة. وقد نجح الاختبار.
والآن، بما أن ووردبريس سعيد باستمراريتي في التدوين، وبما أنني يائس من أي محاولة تغيير، ومع إحساسي باقترابي من الموت خلال الأيام الماضية.
قررت التعبير عن أفكاري بحريّة مُطلقة.

إنما سأخوض في نقطة واحدة: موقفي من الله.
ونعم، أقول (الله) لأنني أؤمن بوجوده، بدليل أنني وصفت نفسي باللاديني لا الملحد. أنا فقط أراه غير مكترث لهذا العالم.
حين يرى الملحدون مآسي العالم، نراهم يقولون: الله إمّا شرير أو عاجز. حسنًا، قناعتي التي تريحني، والتي تسمو بالله عن إساءة كهذه هي: وما وزن العالم والبشر أمام الكون؟ لا شيء. صحيح؟
وبما أننا “لا شيء” في هذا العالم، فبديهيًا: لن يهتم الله بشأننا. بل نحن مَن عظّمنا أنفسنا بعدما أُصبنا بـلعنة الوعي البشري.
دعني اسألك عزيزي: لماذا لا نتحدث عن حقّ ملايين الكائنات الحيّة -عدا البشر- في الحياة؟
- ألا يُسحق ملايين النمل تحت أقدامنا؟
- ألا يفترس الأسد أمًّا حاملًا، فليتهمها هي وجنينيها؟
- ألا تموت مليارات النباتات كل عام بسبب الاحتباس الحراري؟
وهذه بضعة أمثلة لتوحّش قانون الطبيعة. الإجابة: لأننا كائنات أنانية، نهتم بأبناء جلدتنا فقط!
في حين، من وجهة نظري، لا فرق بيني وبين قطة في الشارع. كلينا كائنات حيّة، وكلينا نتعرض للأذى بشكلٍ أو بآخر.
فأقول: خلق الله العالم، وسنّ فيه قوانينه، ثم تركه يمضي كيفما شاء: لا حساب، ولا ثواب ولا عقاب.
هل يُدعى ذلك عبثًا؟ لا أعلم.. نحن مَن نُسقط المفاهيم على الإله أصلًا (وربما على كل شيء حتى!). لأقرّب لك الصورة: هل مَن العبث أن يبني الطفل قلعة رملية أمام الشاطئ؟ سنقول: لا، بل يلعب.
هل أقول أن الله يلعب؟ ليس تمامًا. لكنه خلق الخلق لغاية ما، فهمنا قاصر عنها. ولأنه قاصر والإنسان يكره الجهل، حاولنا تفسير الغاية بالحكمة، فنشأت الأديان.
قلت أن الفكرة نشات قبل 7 أعوام، وربما كان الأصح قول: اشتدّ أثرها، فالفكرة داخلي منذ بدأت الثورة السورية (ونعلم جميعًا ما حصل خلالها -وعلى مدار 14 عام- من موبقات).
لكن اللحظة الفارقة عندي، حين أُصبت بالسرطان [ألم أُخبرك أننا كائنات أنانية؟!]، حينها كنت أمام خيارين:
1)) إما التساؤل عن الحكمة. ومحاولة البحث عنها، ومحاولة إسكات صوت عقلي بالعَوض (الذي لا أعرف إن كان حقيقيًا؛ فلم يَعد أحد من الموت ليُخبرنا عن “العوض”).
2)) أو الإيمان بأن معاناتي كانت بلا معنى، ولا أحد يهتم بها حتى الإله، وبهذا أتجلّد (تخيل!).
وقد اخترت الخيار الثاني.
الصبر والاستكانة بانتظار (حساب الآخرة) لم يعد يناسبني.. لم يعد يُسكت صوت الألم.. وبصراحة، لم يعد يعنيني. هي كما يُقال: [إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ]. فلنقضي هذه الحياة -المفروضة علينا- بمحاولة لترك أثر طيّب في قلوب الناس.
لماذا -يا طارق- والحياة عبثية؟
لأننا لا نملك خيارًا آخر! هل تجرؤ على إنهاء حياتك؟ بل حتى لو تجرأت وقررت –مثلما فَعلت– فهل ستنجح؟
لكن يمكنك ترك أثر طيب وأنت متدين، صحيح؟
حسنًا، هذا صحيح نظريًا، ولكن لنناقش هذا في التدوينة القادمة (بفرض خاب ظنّي ولم أَمت اليوم، ونادرًا ما يخيب ظنّي بالمناسبة!)