هل تأخر نجاحك؟ هنيئًا لك إذًا! 🧛

إذا كنت قد تجاوزت الثلاثين (أو الأربعين أو حتى الخمسين)، ولمَا تقطف ثمار نجاحك، فالأرجح أنك قضيتَ سنواتٍ تستمع لصوت داخل عقلك يشكو -ككتاب صوتي حزين- عن إمكانات لم تُستغل بعد.

يحصر العالم النجاح اليوم بمرحلة الشباب. ويسود اعتقاد: إذا لم تُنشئ خوارزمية تُغيّر العالم قبل تخرّجك من الجامعة، فلماذا تُحاول أصلًا؟

لا تُسئ فهمي، يحب العالم قصص الناجحين المتأخرين. إنما فقط بأثر رجعي.

إذا كنت قد تجاوزت الثلاثين (أو الأربعين أو حتى الخمسين)، ولمَا تقطف ثمار نجاحك، فالأرجح أنك قضيتَ سنواتٍ تستمع لصوت داخل عقلك يشكو –ككتاب صوتي حزين– عن إمكانات غير مُستغلة.

أعلم! طريق مَن تأخر نجاحهم ليس مُمتعًا. لا أحد يستمتع بإمضاء الأمسيات الاجتماعية وهو يُفسّر لماذا لا يعتبر مشروعه مُجرّد طريقة مُنمّقة لقول “أنا عاطل عن العمل“. ولن يرغب أحد برؤية خيبة والديه تدريجيًا، ولم تعد مقولة (أن تصل متأخرًا خيرٌ من عدم وصولك) مُقنِعة!

لكن، وعلى الطرف الآخر، العالم منشغل -حدّ الثمالة- بالاحتفاء بمارك زوكربيرج لدرجة نسيانه فيرا وانغ Vera Wang (لم تدخل مجال الموضة حتى بلغت الأربعين)، وديفيد سيداريس David Sedaris الذي نشر كتابه الأول في الثامنة والثلاثين. وقطعًا لا يعرف لورا إنجالز وايلدر التي لم تبدأ تأليف “بيت صغير في البراري” حتى الخامسة والستين.

لذا، إذا شعرت أنك كبسولة زمنية بشرية مدفونة تحت الأرض، بينما يرقص الآخرون فوقك، فتفائل؛ إذ لا يزال نجاحك ممكنًا. وربما أن تأتي متأخرًا خيرٌ من ألا تأتي أبدًا، أليس كذلك؟ لنبدأ…

تفائل؛ إذ لا يزال نجاحك ممكنًا

نعم، يبدو ذاك بديهيًا، لكن لحظة! يفتقد الكثيرون منّا أهدافًا محددة، رغم شعورنا بوجود رسالة علينا تأديتها، أو غاية خُلقنا من أجلها. تؤكد الأبحاث على تحسين (امتلاك الرسالة) من جودة الحياة بشكل ملحوظ، ولكنها أيضًا -وأقصد غايتنا في الحياة- مرهقة للغاية.

يستنزفنا شعور أننا ملزمون بتحقيق “النبوءة”. رسالة الحياة مُتطلبة، ولا تكتفي بالجلوس في صمت. لا، إنها كطفلٍ مشاغب، يُهدد بتدمير المنزل إن لم تُعره كامل انتباهك!
هل سمعتَ يومًا حديث أحدهم عن مشروع حياته؟ صحيحٌ أنك ستجده “سعيدًا” وقد تعتبره “طموحًا”، لكنه يبدو -أيضًا- كمن جافاه النوم منذ عام ٢٠٠٣.

تظهر الأبحاث أن رسائل حيوات “المتأخرين” تعبر عن نفسها بثلاث طرق:

  • المنبثقة.
  • المؤجلة.
  • المتكيفة.

يقضي أحدنا سنواتٍ متخبطًا في حقل ألغام خيارات الحياة “المقبولة” ⬅️ التخرج من الجامعة ⬅️ الحصول على وظيفة ⬅️ إقناع أنفسنا بالرضا التام عن منحنا الشركة لقبًا تافهًا مثل “منسق التنسيقات” فقط لئلّا نلاحظ تبخر أرواحنا.

ثم في يومٍ ما. نجد شغفنا في الحياة، فنركض نحوه بكل قوتنا صارخين: “ها هو ذا! أنا أعيش حلمي!” والجميع من حولنا يتسائلون: “أي حلم؟ وهل هناك أحلام نتحقق؟ ولماذا كل هذا الصراخ؟

نجد البعض وقد حدد ما يريده، وإذ بالحياة تتدخل:

“مهلاً، أرى أنك تمتلك حلمًا، لكنك -أيضًا- تريد طعامًا تأكله ومنزلًا يؤويك، فما رأيك لو تصبح مدير مشروع عوض السعي خلف سراب حلمك؟”

وحينها، يُلقون (حُلمهم) في صندوق عميق داخل عقلهم، ويقفلونه “مؤقتًا”؛ آملين أنه يومًا ما ستتسنى لهم فرصة استخراجه وعيشه (وذاك بفرض لم يقعوا فريسة المُلهيات والمُشتتات والاستياء).

“الرسائل المتكيفة” طبعًا، ويعني إبقائها هواية إلى جانب عملك. وما يجعلها استراتيجية جيدة أنها تُبقي الحلم حيًا (حتى لو كان على جهاز التنفس الصناعي)!

التوقف التام أكبر عائق أمام النجاح. يرمي معظم الناس أحلامهم يمنة ويسرة، ويُسمون ذلك “موازنة أولويات” أو “تحولّ في التركيز”، لكنهم -في الحقيقة- يأسوا.

ذاك بالضبط ما يرفع فرص نجاح “المُتكيفين Accommodators”. ليست موهبتهم العالية أو ذكائهم الحاد، قدر رفضهم مغادرة الحفل.

إذًا، ما سرّ نجاح (المتأخرين)؟

في الحفاظ على أحلامهم متأججة، وتحويلها إلى [خلية نائمة جاهزة في انتظار التنشيط]. أشخاص لا يزالون يصقلون مهاراتهم ويتحينون الفرص، في حين يتخلّى أقرانهم عن أهدافهم.. أو حتى يتهرّبون منها!

حسنًا، فهمنا المسار الذي ينجح عادةً. لنتحدث الآن عن نقطة “ممجوجة”. لماذا؟ لأن لا جديد تحت الشمس، صحيح؟ 😌

هل تعلم أن سبب الفارق الأكبر بين إنتاجية أبناء الثلاثينيات (إضافةً للأجيال الأكبر) والشباب الأصغر ليس في انحسار قدرات المذكورين أولًا، بل لأنخفاض رغبتهم؟ مع الوقت، يتسلل الإحباط إلينا، ونشعر باليأس من بذل الجهد.

لكن خرافة النجاح المفاجئ “اسمٌ على مسمى“: خرافة!
قلة يُتقنون أي شيء منذ اللحظة الأولى، ربما باستثناء كوننا مراهقين لا نُطاق منذ لحظة البلوغ! 😛

إذا تملكك قلق من تأخر نجاحك، أو شعرت بضياع فرصتك، فدعني أذكّرك: لست علبة حليب! 🥛أقصد ليس ثمّة تاريخ انتهاء صلاحية لإفساد شيء ما ثم تحسينه؛ فما دمت تتنفس و”شبه متماسك”، بمقدورك التحسّن بأي شيء. (ربما باستثناء رقص البريك دانس Breakdancing 🕺🏽. من فضلك لا تبدأ في الأربعينيات من عمرك. لا داعي لأن يراك أحد مرميًا على الأرض!)

توقف عن هوسك بمتى بدأت، وضعّ تركيزك بما تفعله الآن؛ كلما زاد الوقت الذي تقضيه على مشروع حياتك، زادت احتمالية تقديم عمل عظيم.

تعرّف على “قاعدة تساوي الاحتمالات Equal-odds rule”

تُستخدم قاعدة تساوي الاحتمالات عندما لا تتوفر لدينا أي معلومات حول احتمالات حدوث نتائج مختلفة. في هذه الحالة، نفترض أن كل نتيجة ممكنة لها نفس الفرصة في الحدوث. بعبارة أخرى: لكل ما تبتكره فرصة متساوية تمامًا لأن يكون رائعًا أو عديم القيمة.

هذا يعني أنه لا يمكنك الجلوس مكتوفي الأيدي منتظرًا الإلهام (كما لو كنت عامل توصيل ينتظر الطلبات). بل يجدر بك أن تُنتج عملًا كما لو كنت تدير ورشة عمل في عقلك. كل تلك المحاولات الفاشلة، والمسودات الرديئة، والجهود الريادية المُحرجة، ليست إخفاقات، بل خطوات ضرورية للنجاح.

جوهر قصة نجاحك -أو أي قصة نجاح متأخرة- متمثّل في تفصيلة رتيبة حدّ الموت: الجلوس وإنجاز العمل. ربما تعتبره شيئًا بديهيًا، لكن هل تعلم أن أداء العمل هو الشيء الوحيد الذي لا يفعله معظم الناس؟

لا شيء مبهر في الاجتهاد المتواصل؛ وربما لا يكون ممتعًا مثل مونتاج فيلم “روكي Rocky”، بل تراه أشبه بسيزيف. لكن كانت [المثابرة] إحدى السمات الثابتة التي وجدها هنري أوليفر Henry Oliver، مؤلف كتاب Second Act، عند تدقيقه الأبحاث حول الناجحين المتأخرين.

يتمتع [متأخرو النجاح] بقدرة سحرية على الاستمرار لفترة أطول بعدما يستسلم العالم. لا لامتلاكهم طموحًا عظيمًا فحسب، وإنما قوةً وحماسًا كبيرين، كمسوّق هاتفي علم للتو أنك الوحيد على وجه الأرض الذي لا يملك تأمينًا على سيارته!

هل تعلم ماذا يحدث عندما تُصرّ على ضرب رأسك بالحائط نفسه؟ أحيانًا يستسلم الجدار. كأن الكون ينظر نحوك قائلًا:

“حسنًا، لقد فزت. سأمنحك هذه الفرصة فحسب، علّك تتوقف عن إزعاجي”.

ومجددًا، يجتهد الكثيرون ويفشلون؛ فالسعي لا يعني حتمية الوصول. إذًا، بما يتميز الناجحون في نهاية المطاف؟

الرغبة في التغيير

إن شئت تحسين حياتك، فيجدر بك تغيير أوضاعك. لا أقصد ترك وظيفتك وبيع جميع ممتلكاتك، بل يعني (تغيير الظروف) إدراك أن الأشخاص والأماكن المحيطة بك تُشكّل مستقبلك، شئت أم أبيت.

إذا كنت تقضي جُل وقتك مع أشخاص تقتصر أهداف حيواتهم على إيجاد الوسائد المثالية، فلا تستغرب إن كان أكبر إنجاز لك هذا العام هو شراء صبار مزخرف! قد تكون دائرتك الاجتماعية أشبه بالتدخين السلبي، ولكن لروحك. تظن أنك مُحصّن، لكنك تستيقظ يومًا ما لتدرك أنك كنت تتنفس حياةً عاديةً لفترة طويلة، لدرجة أنك تكاد تؤمن “أعتقد أن هذا جيد كفاية”.

عليك أن تُحدث التغيير بنفسك. فتُخرج نفسك، مُقاومًا، من حلقة “يوم غراوندهوغ“. لا تتوقع أن يظهر التغيير كغريب وسيم في فيلم كوميدي رومانسي يُعلّمك كيف تُحب من جديد.

عمومًا، وبمجرد أن تجاوزك خيبة الأمل، ستدرك: إنه في الواقع أمر جيد. هذا يعني أن قصة حياتك ملكك لتكتبها، صفحةً صفحة، بدءًا من الآن.

لن يأتي أحد لإنقاذك. أنت أكثر قدرة على إنقاذ نفسك مما تظن.

حافظ على هذا الحلم يتقد. اجتهد. كن مستعدًا للتغيير. وإذا كنت ترغب في ضمان نجاحك، فعليك إيجاد طريقة لجذب الانتباه إلى عملك الجاد…

سمعتَ عن “درجات التباعد الست Six degrees of separation”، أليس كذلك؟ إليكَ المفاجأة:

اكتشفَ عالما الاجتماع نيكولاس كريستاكيس Nicholas Christakis وجيمس هـ. فاولر James H. Fowler أنه مع تمتّع الشبكات بست درجات من التباعد، إلا أنها…3 درجات من التأثير. والتأثير هو الجزء المهم.

لا يكفي أن تكون على تواصل، بل عليك أن تكون قريبًا بما يكفي لتؤثر على من تحتاج مساعدتهم. وذاك يعني بناء المزيد من العلاقات.

المرشدين ومجموعات الأقران رائعة، لكن عليك توسيع دائرة “الروابط الضعيفة”. قد يبدو اسم فرقة مستقلة مملة، لكن هؤلاء هم المعارف، تلك الروابط الضعيفة التي تساعدك على سد الفجوة مع مجموعات الأقران الأخرى التي تقدم معلومات وفرصًا جديدة. قد تكون الروابط الضعيفة بمثابة عونٍ في حياة من يتأخر نجاحهم.

قال غوته: “اخبرني مع من تقضي وقتك، أقل لك من أنت”. ابحث عن أولئك الذين يُقدّرون ما تفعله، ولا يحاولون -باستمرار- إقناعك بأن أحلامك الكبيرة مجرد هراء غير عملي. تخلّص من عقلية المدينة الصغيرة، حتى لو كنت في مدينة كبيرة. توقف عن اللعب بأمان، وتوقّف عن إحاطة نفسك بأشخاص تقبّلوا أن {الحياة عبارة عن تنازلات كبرى}.


إلى كل من يحتمل أن يتأخر نجاحه..
سواءً كنت في الثلاثين أو الثمانين..

هيا، كونوا طموحين. ابدأوا ذلك المشروع الذي يعتقد الجميع أنكم كبار في السن أو قليلو الخبرة فيه. حرّكوا الأجواء. ادفعوا الناس لقول: “لم أكن أعلم أن ذلك ممكن”. لأن هؤلاء هم من يُغيّرون الأمور بالفعل، بغض النظر عما تقوله شهادات ميلادهم.

اجعل بقيتنا يشعرون وكأننا وصلنا إلى القمة مبكرًا جدًا.

هل تأخر نجاحك؟ هنيئًا لك إذًا! 🧛

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

تمرير للأعلى