مَن يستثمر في صنّاع المحتوى؟ ج. الجميع!

قبل نحو عام، وبينما كان جاك رينز يتصفح تويتر (X) قبل ساعات قليلة من حفل زفاف، وصلته رسالة مستثمر أراد مناقشته حول بعض أفكار تغريداته. وعقب بضعة رسائل، قدّم له اقتراحًا مثيرًا للاهتمام:

“إن كانت نشرتك البريدية تندرج تحت اسم شركة؛ فأنا مستعد للاستثمار فيها دعمًا لك.”

تحوّلت تلك الرسالة إلى مكالمة هاتفية أعرب فيها عن اهتمامه بالاستثمار في “شركة جاك راينز”.
يبدو هذا أشبه بكتابة شيك لشراء حصة في شركة قابضة ستندرج تحتها النشرة البريدية وأي مشاريع مستقبلية.

في ذلك الوقت، شعر صديقنا بالرضا، ولكنه واجه تحديين:

  1. لم يكن في حاجة حقًا إلى أي رأس مال خارجي.
  2. لم يكن متأكدًا مما سيفعله بالمال. [أظنني غفلت عن هذه الجزئية في حديثي عن النشرات البريدية المدفوعة 😅]

ومع ذلك، كانت -بالنسبة له- تجربة فكرية مثيرة للاهتمام. ليُدرك اليوم أنها أكثر من مجرد تجربة، كانت بمثابة استشراف للمستقبل. وهذا ما سيحدثنا عنه جاك اليوم.

مستثمر يعطي المال لأحد صنّاع المحتوى

هل تعلم أهمّ اكتشاف مهني في حياتي؟ أن بوسعي -مع بعض التسويق- تحقيق ثروة عبر صناعة المحتوى.

عندما كنت طالبًا جامعيًا، كانت فكرتي عن المهنة “الناجحة” تقليدية للغاية:

  • تُنهي دراستك وتذهب للعمل في شركة.
  • تبذل قصارى جهدك في العمل حتى تترقى، فتضمن زيادة في الراتب.
  • وإذا لم تُفلح في اعتلاء السلم الوظيفي، فإنك تتقدم لوظائف جديدة تقدم رواتب أعلى.
  • وهكذا دواليك.

وظننت أن أكثر سُبل “تحقيق المعيشة الكريمة” فعالية هي ضمان أعلى حزمة تعويضات يمكنك تحقيقها في إحدى الشركات الكبرى، أثناء صعودك في التسلسل الهرمي للشركة.

لا أقول أنه نموذج غير فعّال. على العكس، أجده نموذجًا ناجعًا -بشكل لا يُصدق- لتحقيق مكاسب محسوبة المخاطر.

المشكلة في الشركات الكبرى؛ فهي مملة!

تتكون وظائف عدة، وخاصة بالنسبة للمهنيين في بداية حياتهم المهنية أو منتصفها، من مهام نمطية تتطلب استبدال وقتك بالمال، عامًا بعد عام، وبعد عامٍ ونصف من عملي في شركة أمريكية، وجدت أن هذا الاتفاق -برمته- مخيب للآمال بعض الشيء.
لم ترق لي فكرة أن الشيء الذي يستغرق نصف (إن لم يكن أكثر!) ساعات يقظتك يجب أن يكون رتيبًا للغاية.

أظهر لي لقاء عابر -أثناء هذه الفترة- كيف يمكن للانتشار الرقمي توفير بديل أكثر إثارة للاهتمام من الشركات الكبرى، إن طبّقته على النحو الصحيح.


في آب (أغسطس) 2021، راسلت صاحب صفحة Litquidity المتخصصة في “ميمات meme” التمويل؛ لأرى ما إن كان يحتاج مساعدتي في النشرة البريدية؛ كنت قد بدأت لتويّ مشوار التدوين، ورغبت بوظيفة بدوام جزئي قبل الالتحاق بالكلية.

تبيّن أنني أتيت في الوقت المناسب! لذا توليت مهام التحرير وبعض مهام التشغيل (مثل التواصل مع المعلنين، ومشاريع الرعاية المنفردة.. إلخ).

شكّلت فترة عملي في Litquidity معسكرًا تدريبيًا “تنويريًا” حول اقتصاديات الانتشار الرقمي.
إذ استطاع هانك ميدينا Hank Medina، صاحب الصفحة، تحويل جزء من متابعيه على تويتر وإنستغرام -والبالغ عددهم آنذاك 700.000 متابع- لمشتركين في نشرته البريدية، لتغدو بفضل الإعلانات اليومية مطبعة أموال 💸.

وكان ذلك أكثر من كافٍ لصاحبها لترك وظيفته المصرفية ذات الأجر المرتفع دون تردد وإنشاء شركة إعلامية. وما بدأ كعمل “بدائي” إلى حد ما (نشرة بريدية مجانية تحقق الدخل عبر الإعلانات) نما إلى مصادر دخل أخرى وفرص استثمار!


نتجت جميع الفرص المذكورة عن صناعة المحتوى:

  • ساهم المحتوى الجيد والمرح على شبكات التواصل الاجتماعي في زيادة عدد المتابعين، مما رفع عدد المشتركين في النشرة البريدية، وذاك ما زاد عائدات الإعلانات.
  • أدى إنشاء النشرة البريدية وانتشارها إلى جذب المستثمرين المعتمدين إلى نظام “Litquidity”، لينجم عنه: ظهور فرص استثمارية مختلفة.

بمجرد أن فهمت قواعد لعبة النشرة البريدية. أوليت اهتمامي لكتابة وترويج نشرتي البريدية، علاوة عن زيادة نشاطي على تويتر ولينكدإن؛ آملًا آنذاك (عندما كانت أسعار الإعلانات جنونية) تحقيق 250.000$ أو أكثر من عائدات الإعلانات سنويًا (بمجرد وصولي لـ 50.000 ~ 100.000 مشترك)

على مدار السنوات الثلاث والنصف الماضية، زادت “شهرتي” وأقصد إجمالي المتابعين/المشتركين عبر المنصات، من (0) إلى حوالي 70.000 متابع على تويتر /X/، و 67.000 مشترك في النشرة البريدية، وقرابة الـ 40.000 متابع على لينكد إن.

🕯 بالمناسبة، شبكات التواصل الاجتماعي لا غنى عنها، ولكن..

وبينما لم تصحّ توقعاتي لإيرادات الإعلانات (إذ اتضح أن لسوق الإعلان، كأي سوق أخرى، فقاعة. وكان عام 2021 فقاعة الإعلانات)، كان حدسي عن قيمة الانتشار في محله. 💯

إذ حصلت -بفضل شهرتي- على صفقة كتاب، وآخر وظيفتين لي، وعدد لا يحصى من الصداقات والصِلات الرقمية.
لذا، نعم، التسويق ذو قيمة. إنما تمتد لأبعد من مجرد تحقيق الدخل من المحتوى نفسه.


ماذا أقصد بالضبط؟

بما أن (الشهرة الرقمية) تعني تمثيّل “صنّاع المحتوى” نقطة ثقة مركزية للجمهور. إذًا، قد تتعاظم أفقيًا (إجمالي عدد المتابعين) وعموديًا (الثقة بين أي متابع والمبدع) بمرور الوقت. ولهذه “الثقة” قيمة فريدة إذا كنت صاحب عقلية ريادية، ولديك شيء تبيعه.

تخيّل مدوِنة سفر ” Travel vlogger” أمضت سنوات في استكشاف العالم، وتقييم المطاعم، والنوم في النُزل البسيطة والفنادق الفخمة على حد سواء، وركوب الأمواج والتزلج والمشي لمسافات طويلة في طريقها حول القارات السبع.
قد تجمع -خلال ذلك الوقت- مليون متابع عبر يوتيوب و انستغرام .

الآن، تخيل إطلاقها وكالة سفر قائمة على السفر “Experiential” تنظّم إجازات فاخرة وتفاعلية لعدة أسابيع في جميع أنحاء العالم.

بمجرد أن تعلن عن مشروعها الجديد، ستتلقى صديقتنا ملايين الدولارات من العملاء المحتملين.

إذًا، (الثقة × الشهرة) هي صيغة فعّالة لاكتساب العملاء.

والآن، إذا طبقنا ذات نمط التفكير على أي “صانع محتوى” نجح في بناء جمهور كبير ومخلِص حول فئة معينة، سنجد أن “صنّاع المحتوى” في الحقيقة ليسوا أكثر من رواد أعمال قلبوا هرم “الأعمال” التقليدي رأسًا على عقب.

وأشدّ صنّاع المحتوى موهبة هم فنانون يتمتعون بمهارات بيعية لا تشوبها شائبة!

والآن، رغم القيمة الجوهرية لوجود جمهور كبير، لطالما أُسيئ فهم صنّاع المحتوى في عالم الأعمال.

يلقى وصف “صنّاع المحتوى” انتقادات سيئة، لأنه يستحضر صور “المؤثرين” على تيك توك وهم يؤدون رقصات بأزياء تجعل الملابس الداخلية تبدو محافظة وتجذب ملايين المشاهدات.

لذا أول ما يتبادر إلى أذهاننا، عندما نفكر في تحقيق الربح من صناعة المحتوى، سيكون الصفقات التجارية الفردية 🤳 حيث يروج المؤثرون لسلع استهلاكية عشوائية مع وضع وسم “#إعلان” في صندوق الوصف.

ربما يكون ذاك أحد أشكال تحقيق الدخل من صناعة المحتوى، لكن ليس الوحيد، وبالتأكيد ليس الأشد تأثيرًا. يضع صنّاع المحتوى الناجحين ذوي الطموحات الريادية الحقيقية لعبة الشركات على (النمط السهل 🕹 Easy mode)؛ حيث حلّوا مشكلة “أين سنجد عملائنا؟” قبل حتى بناء المنتج!

ولأن معظم صنّاع المحتوى (مستقلون)، يحققون تدفقات نقدية منذ اليوم الأول. لذا نحن أمام مجتمع كامل من رواد الأعمال المربحين ذوي الجمهور الضخم (= العملاء). ومع ذلك، بسبب مشكلة البراند الشخصي (غالبًا ما يحمل مسمى “صانع المحتوى” دلالة سلبية)، لم يفكر سوى قلّة في سؤال “هل يمكنني الاستثمار فيهم؟


في Slow Ventures، نعتقد أن الإجابة على هذا السؤال هي "نعم" .. وبقوة.

لقد بدأت العمل مع Slow Ventures الشهر الماضي، وفي الأسبوع الماضي أعلنا عن صندوق صنّاع المحتوى الذي تبلغ قيمته 63 مليون دولار.


خلاصة القول

نحن نعتقد أن صنّاع المحتوى، وخاصة الذين أثبتوا أنفسهم كخبراء في مجالاتهم، هم -في الواقع- رواد أعمال لديهم جمهور، ومن بين هؤلاء الرواد، ستكون هناك بعض فرص الاستثمار الجذابة. لذا فإننا نضع أموالنا حيث نتكلم، حرفيًا.

مَن يستثمر في صنّاع المحتوى؟ ج. الجميع!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

تمرير للأعلى