كيف تبني روتين كتابة عندما لا يتسنى لك الكتابة كل يوم؟

كيف تبني روتين كتابة

يقولون “اكتب كل يوم”. لكن من “هم” بحق الله على أي حال؟!
لا يُشترط أن يعلم هؤلاء دائمًا ما يتحدثون عنه، لأنهم لا يعرفونك. لذا، عوض الاستماع إليهم، لماذا لا تبني روتين كتابة يناسب جدولك الزمني وحياتك؟

ذاك ما أمضيت عام 2019 أفعله بالضبط. لم يكن الأمر سهلًا، خاصة في البداية. لكن بحلول نهاية العام، كنت قد نشرت روايتي (التي قضت 6 سنوات رهينة الأدراج، يعلوها الغبار) وبدأت مسودة الثانية، بالإضافة إلى (27) تدوينة ضمن مدونتي و (50) أخرى في زِد.

وإضافةً للعمل على مشاريع عملائي ومشاريع شخصية [غير مكتملة].

واليوم، أنشر تدوينة لأشاركك ما فعلته وكيف يمكنك بناء روتين كتابة مثمر

تعلمت بنائه عبر سلسلة طويلة من التجربة والخطأ. حيث اختبر الأمر لأرى كيف يعمل ثم أعمد للتقييم والتعديل والمحاولة مرة أخرى. من خلال هذه العملية، تعلمت ثلاثة أشياء مهمة جدًا:

  1. اختيار أيام وأوقات الكتابة بما يتناسب مع جدولي الزمني.
  2. ضرورة بناء نظام لمساءلة الذات.
  3. كان الصبر أفضل أصدقائي.

? اختر الأوقات وفقًا لما يناسبك!

في كانون الثاني (يناير) 2019، خصصت يومي الخميس والسبت للرواية. بحيث أُنجز باقي مشاريعي في أيام الأسبوع الثلاثة الأخرى (الجمعة للعائلة?‍?‍?‍?). شككت بالأمر؛ هل يُعقل أن أُنهي جميع مهامي في ثلاثة أيام فقط؟ وماذا عن تحدي الجلوس والتفرّغ للكتابة طيلة يومين كاملين؟

في البداية، لم أحقق أيًا من الهدفين؛ وتّرني الشهر الأول. إذ تراكمت عليّ المشاريع -رغم سحق نفسي بالعمل- طيلة الأيام الثلاث، وسرعان ما وجدت نفسي أعمل يومي الخميس والسبت، متجاوزًا وقت الكتابة.

كنت أحدث نفسي “فقط سأنهي قطعة المحتوى البسيطة هذه، ثم سأكتب فصلًا من الرواية” لكن قطعة المحتوى “البسيطة” تلك تلتهم ساعات من وقتي، وبحلول المساء، أكون مشتتًا بحيث أعجز عن الجلوس أمام صفحات الرواية.

أحيانًا، كنت أغلق حاسوبي، وأعِد نفسي بإعادة المحاولة لاحقًا. وأحيانًا، كنت أجاهد التسويف، وأفتح مستند المسودة، لأدوّن بضعة عبارات هنا وهناك [〰️معلومة مهمة: لا تسير كتابة الروايات بشكل خطيّ].

هل كتبت؟ نعم، لكن ليس كثيرًا.

كانت المسودة فوضوية ونصف متقنة. ويستحيل إنهاء رواية بهذه الطريقة. كنت بحاجة لفعل شيء ما. ولكن ماذا تُراه يكون؟ راجعت عاداتي لتحديد ما يعيقني وإيجاد سُبل تجعله مفيدًا.

اضبط جدولك في الكتابة ليناسب احتياجاتك

أولاً، فكرت في الاستغناء عن (أيام للكتابة). ماذا سيحدث لو كتبت من الصباح وحتى الظهيرة، حيث أُنجز بقية أعمالي؟ لم يُجدي الأمر نفعًا؛ فنصف يوم لا يكفي لإنهاء فصل متماسك من الرواية أو الاستغراق كفايةً في مشاريعي الأخرى.

تبين أن لمعضلة الخميس/السبت حل أبسط بكثير: في الواقع، أثناء وقت الكتابة.. لم أكن أكتب. الأمر بتلك البساطة! من المدهش كم يسهل أن تخدع نفسك. أنا فعلت هذا. ورأيت الكثيرين يفعلونه.

إذا كنت ترغب في استغلال وقتك حقًا، فلا بدّ لك من:

  • رسم حدود واضحة.
  • تطوير عادات عمل أفضل.

? رسم الحدود. التزمت بالكتابة -وبالكتابة فقط- خلال الأيام التي خصصتها. لا مشتتات?. لا استثناءات?. عززت هذه العادة بإغلاق كل الملفات على حاسوبي -وألسنة التبويب في المتصفح– قبل إغلاقه في الليلة السابقة، وفي الصباح، أفتح فحسب المستندات والأدوات التي أحتاجها للكتابة.

ماذا حدث حين جلست لأكتب مسودتي الأولى المزعجة؟

سارت العملية ببطء. واجهت الانسداد الإبداعي والتردد أمام لوحة المفاتيح.. ? مرة. في أول يوم لم أكتب لثماني ساعات. ولا حتى (لنصفهم!). ولا في الثاني.
لكن بحلول الأسبوع التالي، وجدتني وقد طورت إيقاعًا Rhythm. كنت أكتب لفترات أطول وأخذ استراحاتٍ أقل. لم يكن ذاك مريحًا تمامًا، لكن زادت إنتاجيتي.

بحلول شهر آذار (مارس)، لمست تغيّرين مهمين في طريقة عملي؛ لقد طورت آلية كتابة مجدية.

يوم الخميس، أكتب فصولًا سيئة، مستندًا للكتابة الحرّة “Free writing” في سبيل رؤية الكلمات على الصفحة. ثم أعود -يوم السبت- لصَقل تلك الصفحات؛ أُضيف التفاصيل وأتخلص من الأخطاء على مستوى الجملة.

ساعدني منح نفسي يومين -بين الكتابة والصقل- على رؤية كتاباتي بنظرة أوضح. وبدت الصفحات التي كرهتها في البداية مستساغة أكثر.

ومع ذلك، لم أجلس يومًا للتعديل. عوض ذلك، اخترت الاستمرار لأتمكن من إنهاء المسودة.

بدأت أستمتع بوقتي في الكتابة بل وأتوقعه.

تخيل! في الواقع شعرت بالحماس للكتابة! ليس كل (يوم كتابة)، لكن تحول التوتر -الذي كان يجتاحني عادة أثناء انتظاري يوم الكتابة- إلى تفاؤل. بتّ أشعر وكأنني حصلت على يومي إجازة إضافيين!

أشياء يجب مراعاتها عند وضع جدول مهامك

اختر الأيام والأوقات التي تتناسب معه. لا يتوجب عليك الكتابة كل يوم، ولا حتى طيلة يوم كامل. إذا كنت تحظى بنصف يوم خلال عطلة نهاية الأسبوع أو حتى (ساعة) مرتين أسبوعيًا قبل أن تستيقظ عائلتك، فذاك كافٍ. لا تستهنٍ بأي قدر من الكتابة. حتى لو 10 دقائق فقط، فاستغلها.

? كن لطيف مع نفسك.الكتابة تبدأ بالتسامح“، هكذا قال دانيال خوسيه أولدير “Daniel Jose Older” في إحدى تدويناتي المفضلة التي تناقش لما لست مضطرًا للكتابة كل يوم.

? التزم بروتين الكتابة لثلاثة أشهر على الأقل. قد تجد نفسك تمضي بسلاسة في جدول الكتابة الجديد. إذا كان الأمر كذلك، فهنيئًا لك! إنما رغم ذلك، على الأرجح، ستواجه بعض المعوقات. وهي مزعجة بلا شكّ، لكنها لا تعني بالضرورة أن الوقت غير مناسب للكتابة. اختبر روتين الكتابة لثلاثة أشهر، وبعدها، إن ظلّ الوضع سيئًا، فجرّب اختيار أوقات أخرى.

? استمرّ. لا تسير عملية الكتابة بسلاسة. ستحظى بأوقات انسيابية، لكنك ستشعر بالضياع مرات عديدة. الاستمرارية هي سرّ بناء روتين الكتابة الناجح. استمر في الكتابة، حتى خلال الأيام التي تشعر فيها بالتوتر أو اللاجدوى.

?‍? ابنِ (منطقة عمل)، ذاك سيزيد تركيزك ويقلل تشتتك. هل مكتبك مريح؟ هل يدعم كرسيك جسمك كما ينبغي؟ هل مساحة عملك مريحة وهادئة؟ قد تحتاج إلى الذهاب إلى مقهى أو استئجار مساحة عمل. بل ربما تطلب الأمر تثبيت قفل على بابك!

? لا تدع أي شيء يقاطع وقت الكتابة. ذاك الجزء الصعب بصفتك مبدعًا. إذا كنت كمعظم المبدعين، فستجد أسبابًا لا تعد ولا تحصى للتهرّب وفعل شيء آخر. ستشعر بضغط ملاحقة مشاريعك الكثيرة الأخرى. قد تشعر أن كتابتك “تَرف?” ولا بدّ من فعل شيء آخر أولاً.

لكن تذكر: هذا وقت الكتابة، لذا.. لا أعذار. اكتب فحسب!

اطلب ممن حولك أن يتركوك بمفردك أثناء عملك. غنيٌ عن القول: القول أسهل من الفعل. عائلاتنا، حتى عندما يحبوننا، ربما لا يُدركون قدسية وقت الكتابة. سيطالبونك بإجابة “سؤال واحد فقط” أو أي شيء آخر. بمجرد توفير مساحة لكتابتك، احمِها كأي شيء آخر⚔️، وامنح نفسك فرصة -على الأقل- من خلال منح نفسك وقتًا ومكانًا للكتابة.

?? اجعل المساءلة جزءًا من عملية الكتابة

بعد 3 أشهر من برنامجي للكتابة الجديد، خرجت ببعض الصفحات، لكنني لم أحقق أقصى استفادة من وقتي:

? كنت أتفقد بريدي الإلكتروني وتويتر كلما تورطت مع نهاية مسدودة.

☕️ شربت عشرة آلاف كوب شاي

? نظرت من النافذة

? داعبت قطتي حتى ملّت مني.

باختصار، ضعت مع مختلف المُشتتات التي كسرت تدفق الكتابة.

تخيل كم كنت لأُنجز دون التشتت المستمر ذاك؟

وجدت دراسة من الجمعية الأمريكية للتدريب والتطوير “ASTD” أن فرص تحقيق أهدافك تزيد بنسبة 95% عندما تُضفي المساءلة إلى عملك.

لا يمكنني تجاهل إحصائية مذهلة كهذه.

كيف جعلت نفسي مسؤولاً عن ممارستي الكتابة

طلبت من أحد أصدقائي تشكيل مجموعة مساءلة معي. كان يتوقعّ منيّ عدد صفحات معين يوم الأحد من كل أسبوع. بحلول يوم الخميس، ستتجمع لديّ ملاحظات على صفحاتي، وهكذا ابدأ التعديل صباح السبت بناءً على تلك الملاحظات. شكّل موعد التسليم الأسبوعي “ضغط لطيفًا” أحتجته للتركيز وتجنّب المُشتتات.

في البداية، كنت أحظى ببضع صفحات، لكن كلما كتبت أكثر، أصبح الأمر أسهل. تمرّ الأيام حتى أيار (مايو)، حيث وتيرة كتابة المريحة.

حتى عندما حُوصرت وبدت الكتابة غير مجدية، ساعدتني (المواعيد المنتظمة) على التحلي بالصبر؛ كنت التزم بجدول الكتابة، وأحاول خيارًا تلو الآخر حتى أجد حلًا وأتغلب على قفلة الكاتب.

بحلول تموز (يوليو)، كنت قد أنهيت 85% من مشروعي عبر مسودة ثالثة قوية للرواية وبحلول آب (أغسطس)، كنت أكتب بمعدل 20 صفحة في الأسبوع لأُسلّم الرواية كاملة بحلول نهاية الشهر.

اختبار روتين الكتابة على رواية ثانية

مع بدء شهر تشرين الثاني (نوفمبر)، قررت خوض تحديّ شهر الكتابة المعروف “NaNoWriMo“.

كنت أفكر في رواية بعنوان (ج.ن.س)، الذي كان على قائمة مشاريعي المؤجلة لسنوات. تستكشف الرواية علاقات الاستغلال الجنسي مقابل الغذاء أثناء الحروب؛ إحدى أكثر المسائل التي تشغلني.

بدأت يوم 8 من شهر تشرين الثاني (نوفمبر)، بدأت مسودتي الأولى. وحينها تعلمت أن المواظبة على الجلوس للكتابة بانتظام -رغم المقاومة الداخلية والإحباط وقفلة الكاتب- هي ما سيعينني على إخراج الرواية للنور. وهكذا، كتبت في ذات أيام الكتابة ملتزمًا ذات الروتين.

وبالفعل، أتممت التحدي في شهر!

لم أكن لأتمكن مطلقًا من إتمام المسودة الكاملة خلال شهر لو لم أمضي الأشهر العشرة في الممارسة. تمكنت من الكتابة “رغم أنف” الانزعاج من عدم معرفة ما أقول، وتجاهلت شعور “ألا يرغب أحد في قراءة روايتي” المزعج. واصلت الكتابة حتى أكملت مسودة أولى سيئة، وكان لدي وقت كافٍ لبدء تحرير الفصول القليلة الأولى من الكتاب [توقفت الكتابة نتيجة الاصطدام بعوائق.. لا يمكنني الحديث عنها!].

??? اتخذ الصبر صديقًا صدوقًا

تذكر أن تصبر على نفسك أثناء تطوير روتينك للكتابة. إذ أضمن لك أن تصادف قفلة الكاتب عاجلًا أو آجلًا. وستصاب بالإحباط في بعض الأحيان. ولا شكّ من رغبة في الاستسلام تراودك، وأخيرًا: ستستهزئ بكتابتك قبل الآخرين.

عوض ترك تلك الأفكار لتسيطر عليك، تحلى بالصبر وتَرَأَّفَ بحالك. عدّل جدولك في الكتابة والمساءلة ليناسب احتياجاتك، ولكن قبل كل شيء، امضِ قدمًا. لا تفكّر في إحداث تغيير هائل. يكفيك أن تدفع نفسك خطوة بسيطة كل مرة.

يصف جيمس كلير منافع الخطوات البسيطة للوصول إلى أهداف كبيرة في كتابه (العادات الذرية).

كثيرًا ما نقنع أنفسنا بأن النجاح الهائل يتطلب أفعالًا ضخمة.
سواء كنا نتحدث عن فقدان الوزن، أو تأسيس شركة، أو تأليف كتاب، أو الفوز ببطولة، أو تحقيق أي هدف آخر، فنحن نضغط على أنفسنا لإجراء بعض التحسينات الخارقة التي يتحدث عنها الجميع!

في حين أن التحسن بنسبة 1% لا يكون ملحوظًا في أغلب الأحيان، لكنه قد يكون أكثر فائدة، خاصة على المدى الطويل.

الفارق الذي يمكن أن يحدثه التحسين الضئيل مذهل. دعنا نحسبها سويّة: إذا حرصت على التحسن بنسبة 1% كل يوم لمدة عام، فسينتهي العام وأنت أفضل بسبعة وثلاثين ضعف. ما يبدأ كفوز صغير/انتكاسة بسيطة يتراكم إلى شيء أكثر من ذلك بكثير.

مكاسبك اليومية الصغيرة، وتلك التي قد لا تلاحظها حتى أثناء حدوثها، ستتضاعف لتحقق لك مكاسب هائلة بعد تكرارها بانتظام على مدى شهور وسنوات.

الآن حان دورك لبناء روتينك في الكتابة.

ترجمة- مع تجييّر لصالحي- لتدوينة How to build a writing practice when you can’t write every day – Leigh Shulman

كيف تبني روتين كتابة عندما لا يتسنى لك الكتابة كل يوم؟

4 أفكار بشأن “كيف تبني روتين كتابة عندما لا يتسنى لك الكتابة كل يوم؟

  1. كعادتك😏 توقعنا بالفخّ ذاته بترجماتك
    وفي كلّ مرة أعتقد أنك أنت المؤلف، وإذ.. ترجمة رائعة جديدة😌

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

تمرير للأعلى