على مر السنين، حظينا جميعًا بنصيبنا العادل من النجاحات والإخفاقات. ونظرًا لأنني أملك رصيدًا جيدًا من كليهما، بدأت أفكر في أي التجارب كانت حقًا “عظيمة” ولماذا.
والمثير للاهتمام، إدراكي أن (اللحظات الفارقة) لم تكن هي المميزة، وإنما المساعي طويلة الأمد؛ الأحداث المتسلسلة التي بدت ضئيلة في مرحلةً ما، لكنها تضاعفت إلى مكاسب كبيرة. قادني هذا إلى التفكير أكثر فيما تعنيه العظَمة حقًا. وتوصلت لأن الأمر لا يتعلق بالنجاحات بين عشية وضحاها أو ومضات التميز، بل بفترات من العادات المُتكررة.
تذكّر قبل أن تكون شخصًا عظيمًا
قبل أن نخوض في الشرح، أود توضيح أمرين:
- العظمة ليست آنية
- العظمة مُكتسبة
الخطوة الأولى لتكون شخصًا عظيمًا هي إدراك أنك -على الأرجح- لست كذلك بالفعل. ويتأتى ذلك -في الواقع- من إدراكك ألّا وجود لما يُدعى عظيم الساعة (على غرار حديث الساعة!).
فالعظمة الحقيقية تجسيد لجهد ممتدّ، في حين تفسّر (عظَمة الساعة) كـ “ضربة حظ”.
علاوة على ذلك، لا يعني كونك “شخصًا عظيمًا” تفوقك على شخص آخر. بل يتلخص الأمر بأن تكون محلّ ثقة ومنضبطًا، و (الموثوقية والانضباط) أمران يمكن اكتسابهما.
يرغب العديد، نظريًا، بأن يكونوا “عظماء”. تأمل معيّ الآتي:
ومع ذلك، لا يرغب معظمهم في بذل جهد لفترة معينة بغية الوصول فعليًا. أغلبنا يبحث عن “أسرار النجاح” التي لا وجود. هل تعرف ما يجلب النجاح حقًا؟ العمل الجاد.
لذا قبل المضي قدمًا في هذه التدوينة، “أناشد” كل واحد منكم أن يتفكّر في الآتي:
إذا كانت العظمة نتيجة بذل مجهود على المدى الطويل (ودون نتائج تلوح في الأفق أحيانًا)، فهل تُراني مستعد لقضاء أيامي وأسابيعي وشهوري وسنواتي في معركة شاقة مستمرة؟
إذا شعرت أن الإجابة هي: لا ، فلا بأس! فذاك لا ينتقص من قيمتك كإنسان. بل ستكون -على الأقل- قد تحررت من نمط تفكير (أريد تحقيق “كذا” ولكن لا أفهم لِما لا أصل!).
وفي تلك الحالة، يمكنك الاسترخاء دون شعور بالذنب.
أما لو كنت مستعدًا (وهذا ما أعتقده?)، فدعنا نتعمق سويّة فيما يجعل المرء “عظيمًا” حقًا.
المواصلة صعبة بلا شك..
هناك اعتقاد سائد و”زائف” بأن النجاح أو الشهرة تصاحبهما البهرجة. وتعدّ وسائل الإعلام التي تركز على الاستثناءات، أحداثًا كانت أم شخصيات.
لا يشجع ذلك -فحسب- البعض على السعي وراء الشهرة لذاتها (هل تذكرون إليزابيث هولمز؟)، ولكنه يخدع البقية للاعتقاد أن نجاح “هؤلاء” عائد إلى طرقهم “الغريبة”. ولكن إليكم سردًا آخرًا: أكثر الطرائق المضمونة للنجاح “تمرّ” عبر الاستمرارية.
“طالما لم تعمل بجديّة قدوتك في الحياة، لا تفسر نجاحه على أنه ضربة حظ”
جيمس كلير، في كتابه العادات الذرية
لأكون واضحًا، فالاستمرارية ليست بالضرورة “أسهل” طرائق النجاح، ولكنها طريقة يمكن اتباعها بيقينٍ أعلى (مقارنةً بتمنيّ الفوز باليانصيب أو “اكتشافك” على يد شخص ما).
الجهد المتواصل، هو نهج مدروس يؤدي إلى العظمة، بشرط تحقق الآتي:
- ثبات المعطيات بمرور الوقت.
- اتساق الأخيرة “فعلًا” مع النتائج المتوقعة.
الاستمرارية
“لن يُخطئ مَن ينهض قبل الفجر، ثلاثمائة وستين يومًا في السنة، سبيل الثراء”
من كتاب “استثنائيون Outliers – مالكوم غلادويل“
لنابوليان هيل قول مأثور “إذ عجزت عن فعل أمور عظيمة، فأدِ مهامًا صغيرة بطريقة رائعة“. وأودّ -في الحقيقة- تعديل جزء العبارة الأخير ليُصبح “إذ عجزت عن فعل أمور عظيمة، فأدِ مهامًا صغيرة مرارًا وتكرارًا“.
إذا لم تكن لديك الفرصة “لإنجاز أمورٍ عظيمة” ، فركز على تحقيق مكاسب صغيرة باستمرار. ولا حاجة لتكون طريقتك مذهلة، بل يكفي أن تكون “جيدة” كل مرّة. وتذكر: غالبًا ما يكون الكمال ألّد أعداء الناجح.
يحدث “هرج ومرج” حيال التقلّب، ولكن على أرض الواقع، من الصعب جدًا، وذاك ما يجعله مثيرًا للإعجاب، أن تكون جيدًا عن عمد. على سبيل المثال:
سهل | صعب |
الاستيقاظ متى (رغبت) | الالتزام بروتين الاستيقاظ الساعة 6 صباحًا |
التنقّل بين مشروع جانبي وآخر، متأثرًا بما يُدعى متلازمة الأشياء البرّاقة “Shiny object syndrome | الالتزام بمشروع جانبي لسنوات، رغم تأخر مكاسبه |
التخليّ عن الشخص عندما تواجه علاقتكما مشكلة | الإخلاص للشخص/العلاقة لعقود |
عادة ما ننطلق في الحياة بنوايا طيبة. نعتزم الالتزام بروتين صباحي أو الاستمرار في مشروع حتى نجني ثماره (حتى لو تأخرت) أو “حب شخص ما إلى الأبد”. نتخيل أنه طالما بدأنا شيئًا ما، فسنستمر -تلقائيًا- ونمضي في الاتجاه الصحيح.
لكن، ليت الأمور بهذه البساطة!
تميل قلوبنا نحو المسار الموصوف؛ متوقّع النتائج، وخطي، ويُعتبر انعكاسًا مباشرًا للجهود المبذولة.
نادرًا ما يبدو النجاح -في أي شيء- على هذا النحو. الحياة عبارة عن سلسلة عُقد صغيرة يبدو أغلبها عكس ما نرغب. وثمّة أمران جوهريان يستحقان الشرح حول عُقد الحياة الواقعية:
- ستتضاعف الأمور دائمًا؛ وإن كانت الخطوات الأولى هي الأصعب، ولكن لا يمكنك تحديد شكل المضاعفات المحتملة التي تأتي لاحقًا.
- إن وجدت قمة، فحتمًا هناك قاع. يبدو هذا بديهيًا، لكننا غالبًا ما ننساه عندما نمرّ بكبوة. وقد نستسلم عند إحداها (تلك المُشار لها باللون الأحمر أعلاه)، لأننا لا نستطيع رؤية الذروة التالية قاب قوسين أو أدنى.
الفيديو المقصود ?
?
تعتبر تلك (الكبوات) تبعات نفسية ناجمة عمّا يسمى تكيّف اللذّة – Hedonic adaptation. فعندما يحقق الشخص نجاحات جديدة في جوانب مختلفة من حياته، تتغير أولوياته لتتماشى مع مستوى النجاح الجديد، ويُعيد -بالتالي- رسم توقعاته ورغباته أيضًا. يمكن القول، (للسعادة ضريبتها)، والتي تصعّب على الإنسان أن يظل “متزنًا” خلال لحظات الكآبة هذه.
لهذا السبب تحديدًا، يمكن اعتبار (استهداف النجاح) إشكالية! لذا، وعوض البحث عن طرق مختصرة -غير مستدامة- في الحياة، يكون الأنجع (والأصحّ) أن تستهدف العادات المستمرة التي تحقق لك النجاح باعتباره ناتجًا ثانويًا، لا هدفًا نهائيًا.
“طريقتك الوحيدة لتتميز هي أن “تفتتن بجنون” بفعل الشيء نفسه مرارًا وتكرارًا. عليك أن تقع في حب الملل”
كتاب “العادات الذرية“
في رحلتك نحو العظمة، يلزمك أن تُغرم بالعملية التي تتضمن تقلّبات متطرفة ما بين صعودٍ وهبوط. وما يميزك حقًا عمّن هم ببساطة “جيدون” التزامك والمُضي قدمًا خلال تلك التقلّبات، كما ويجعلك واحدًا من “العظماء” القلائل.
المدخلات ⏮ المخرجات
ثاني أهمّ جوانب تحقيق العظمة: التصرف المقصود. لن تعكس أفعالك ونتائجها نواياك دائمًا، ولكن عندما تتجه نحو “العظمة”، لا بدّ أن تمتلك فكرة واضحة عن “المدخلات = التصرفات” التي تحقق بالفعل “المخرجات =النتائج” المرجوة. قد تستمر في ارتكاب الأخطاء -كما يحدث معنا جميعًا- ولكنك ستحظى بفهم أفضل لما يُجدي نفعًا. على سبيل المثال، قد يكون معدل نجاحك (30%)، في حين لن يتعدى (5%) عند شخص يسير على غير هدى .
لنلق نظرة على مثال بسيط:
?? تخيل أن لدى شركة (س) موظفا مبيعات. صادف أن حصل الأول (أ) على صفقة بمليون دولار في أسبوعه الأول. ومع ذلك، يُمضي الأشهر الستة التالية باحثًا عن أي صفقة “مُجزية”.
?? في هذه الأثناء، يتمكن الآخر (ب) من تطوير عملية خلال الشهر الأول، حيث يجلب 100,000$ فحسب لكن مع قدرته على التوسّع ومضاعفة المبلغ شهرًا بعد شهر.
بعد ستة أشهر، سيكون العائد الذي حقق كل طرف على النحو التالي:
الشهر الأول | الشهر الثاني | الشهر الثالث | الشهر الرابع | الشهر الخامس | الشهر السادس | المجموع | |
أ | 1,000,000$ | 5,000$ | 10,000$ | 0$ | 20,000$ | 12,000$ | 1,047,000$ |
ب | 100,000$ | 200,000$ | 400,000$ | 800,000$ | 1,600,000$ | 3,200,000$ | 6,300,000$ |
ربما تقول “ثم ماذا؟ هذا مجرد مثال كلاسيكي للتضاعف?”
بالضبط! هذا تمامًا ما أرمي إليه؛ غالبًا ما لا يأتي أفضل ما في الحياة على شكل (معجزات)، وإنما مقاربات مدروسة ومستدامة. ينطبق ذلك على الأعمال التجارية، والزيجات، وأي شيء (تقريبًا) يتضمن عوامل متكررة. إذا استثمرت الوقت فيما يؤدي إلى النجاح المستمر، فستجني الفوائد لسنوات قادمة. لذا، حتى في أقل المواقف قابلية للقياس، أعد التفكير فيما قد يحوّل خسارة سابقة لفوز مستقبلي.
تذكّر أعظم الشركات على مرّ العصور
لم يظهر أي منها بين عشية وضحاها، ولا يمكننا تحديد “منعطف تاريخي” رسم معالم نجاح أو سمعة هذه الشركات. إن الخط الفاصل بين الشركات “الكبرى” في كل العصور و “غير العظيمة”، هو قدرتها على الصمود أمام اختبار الزمن.
هل تفضل أن تكون:
- (جوسيرو Juicero) التي جمعت 100 مليون دولار وأفلست في غضون عام من السلسلة C من جولات التمويل
أم..
- (زوّم Zoom)، التي تطلّب حصولها على تمويل بقيمة 30 مليون دولار.. 8 سنوات! لكنها الآن واحدة من أكثر الشركات ربحيّة في وادي السيلكون؟
علاوة على الاستمرارية، تولد العظَمة من رحم الأسئلة الصحيحة والتكرار لمعرفة أي الأفعال تقود للنتائج المرجوة، ويأتي “لماذا” في مقدمة تلك الاسئلة.
تأتي “العظمة” من عملية محددة أو خاضعة للبحث والتي تتركك -عند اتباعها- ضمن درجة يقين معينة بالنتيجة.
لا تُعد “التحرك بسرعة وتحطيم الأشياء في طريقك” استراتيجية ناجعة، إلا في حال حدد بوضوح منهجية تعلم تمكّنك من “التحرك بسرعة وتقليل تحطيم ذات الأشياء” مستقبلًا.
اعتياد التطوّر
“الجنون هو تكرار فعل الشيء نفسه، مع توقع نتائج مختلفة.”
البرت اينشتاين
اِعلم أن تحقيق أهدافك في الحياة، يستلزم منك ترسيخ عادة التطوّر.
دعني أوضح لك: يجب أن تتكون هذه العادة مع المدخلات الصحيحة. فاستمرارك مع شيء يقودك في الاتجاه الخاطئ، سيصل بك -بديهيًا- إلى الوجهة الخطأ. لذا، إذا كانت هذه طريقتك التي تتحرك وفقها، فأحرص على تعديل مسارك حتى تحدد المدخلات الصحيحة.
قبل أن تجد المسار الذي تريد بذل جهودك الحثيثة فيه، فإن عادة التطوّر هذه تبدو على هيئة (تكرار). أرى كثر عالقين في هذه المرحلة ويشعرون أنهم يراوحون في أماكنهم. ربما يقضون عامًا في سبيل الحصول على شهادة ثم يجدون أن ذلك لم يكن ما أرادوه فعلًا. أو يعملون لعامين ضمن شركة ليُدركوا -في نهايتهما- أن ذلك لم يُضف إليهم شيئًا أيضًا.
إذا كنت تكافح لتحديد المسار الصحيح، ففعّل المزيد من (نُقط التحسين Nodes of optimization). على سبيل المثال:
إذا كنت تُجري تغييرات كل عام، فذاك يعني أنك تمتلك 80 فرصة لتفعل ذلك على مدار حياتك. بدلاً من ذلك، حاول اختبار أشياء جديدة كل شهر (أو حتى كل أسبوع). جرّب كثيرًا ثم ضاعف جهودك عندما تجد طريقك نحو “المناسب”.
قد تسأل “ما الذي يجعل (المناسب) .. كذلك؟“. باختصار، اسأل نفسك: “إذا كنت سأدوام على (ذاك الشي) يوميًا وحتى العام المقبل، هل سأكون في مكان أفضل؟” إذا كانت الإجابة بالإيجاب، فتلك دلالة على اختيارك المسار المناسب.
بمجرد أن تعثر على مدخلاتك، فيحين الوقت لتحويل تلك المدخلات إلى عادات صحيحة من خلال الممارسة المتعمدة. أي: ستكون في مكان يتيح لك التحول من (جيد) إلى (عظيم).
إن التنقّل بين (التكرار) و(الاستمرارية) جزء من تطوير عادة التطوّر. والتي -بمجرد أن ترسّخها- ستستغني عن فكرة “الفرصة الكبرى” أو شركة الأحلام التي “تمنحك فرصة أخيرًا”.
وأخيرًا، إذا كنت تقرأ هذه النصيحة وفكرت “تبدو النصيحة مألوفة”، فاسأل نفسك ما إذا كنت قد تصرفت حقًا وفقها. متى كانت آخر مرة جربت أشياء جديدة؟ متى كانت آخر مرة وجدت فيها أمرًا جيدًا ثم تمسكت به حقًا لسنوات؟
درجتان.. من مكانك ?
بينما تتجه نحو “العظمة”، تذكّر أنك ستمضي نحوها ببطء وهذا أمر جيد.
عندما أفكر في مسار النمو في حياتي (وحياة كل شخص مقرّب)، كانت التغييرات دائمًا تحدث ببطء. سواء كانت إصابة أحد أفراد العائلة المقربين بمرض عقلي خطير أو بناء أحدهم شركة ناشئة بتقييمات قريبة من (شركات يونيكورن Unicorn Startup)، لم يحدث أي منها بين عشية وضحاها. والأهم، لم يتوقع أحد حصد هذه النتائج قبل سنوات.
بنظرة شمولية، أعتقد أن ذاك عائد لقدرتك على رؤية “درجتين” حيث تقف. ماذا أعني بذلك؟
لنعتبر أن ثمّة 100 مستوى سعادة في الحياة. بالطبع الحياة أكثر تعقيدًا وديناميكية من هذا، لكننا نفترض هنا. لنفترض أنك في “المستوى 57”. قد تتمكن من رؤية المستوين 58 و 59، لكنني أجزم أنه يستحيل عليك -تقريبًا- التعاطف أو حتى استيعاب الواقفين في المستوى 21 والمستوى 89 بالمثل (بالطبع ما لم تكن هناك من قبل).
بل حتى لو كنت، فستعتبرها ذكرى بعيدة يصعب استرجاعها بالكامل. تذكر أن (تكيّف اللذّة) يعمل طوال الوقت.
[? اعذرني للمقاطعة، لكن يهمّني أن تطلع على مراجعتي فيلم المنصة The Platform، لصِلته بحديثنا]
أين تكمن أهمية هذا؟ كل شخص يرغب في الارتقاء بحياته وبالتالي.. مستوى سعادته. ولا يمكن لنا، للوصول إلى هذه المستويات العليا، أن نأمل حدوث معجزة. وإنما لا بدّ من تعريّض أنفسنا لمختلف المدخلات التي قد تؤدي إلى مخرجات أفضل، وأن نتعلّم التعرف على الفعّال منها.
وتلك بالضبط نقطة التحسين المستمر ?
بما أنني أؤمن باستحالة رؤيتنا أكثر من “مستويين/درجتين”، فلا يمكننا اكتشاف هذه المدخلات الجديدة دون تغيير بطيء ولكن متكرر. يجب أن نستكشف (58) ثم (59) وفجأة، ستظهر 61 على أنها “مجموعة الفرص الجديدة” التي لم يسبقّ أن فكرنا فيها!
على سبيل المثال، عندما بدأت العمل التقليدي ضمن مكتب، عجزت عن تصور العمل عن بعد كحال دائم. كنت أعرف بوجود شيء كهذا، لكنني لم أستطع أن أتخيله أسلوب حياة. وحتى بعد أن بدأت العمل عن بُعد، استغرق الأمر سنوات من المواظبة والتركيز على التوسع في نمط الحياة (الذي أطلق عليه الآن نمط حياتي). وبالطبع، هناك العديد من المستويات لاستكشافها والتي لم أتخيلها بعد.
لهذا السبب تحديدًا، احرص على أن تحيط نفسك باستمرار ببيئات وأشخاص جدد، وأن تركز على التراكب البطيء والثابت.
حاول تذكير نفسك أثناء المداومة، بأن هناك مستويات جديدة لا يمكنك تصورها في الوقت الحالي. بغض النظر عن مدى تقدمك، اعلم أن مستويات النجاح الجديدة هذه ستظهر أثناء عملك نحو المستوى أو الاثنين التاليين. وسرعان ما ستكون متقدمًا بـ 10 مستويات عما يمكن أن تتخيله.
توقف عن التكهّن
يذكر جيمس كلير، في كتابه العادات الذريّة، دراسة قُسّم فيها طلاب قسم التصوير الفوتوغرافي ضمن جامعة فلوريدا إلى مجموعتين:
⌛️ كانت المجموعة الأولى: مجموعة “الكمّ”
⏲ أما المجموعة الثانية: مجموعة “النوعية”.
بحيث يُحكم على الأولى بحسب عدد الصور التي قدموها فحسب، بينما يُصنّف أفراد الثانية على أساس جودة صورة محددة.
جاءت نتيجة التجربة مثيرة للاهتمام: أفضل الصور لم تُنتجها المجموعة الثانية (مجموعة النوعية)، وإنما الأولى. لماذا؟ بينما أضاعت (مجموعة النوعية) وقتها بالتكهن حول ماهية المثالية، خطت الأولى خطوات في اختبار ما كان عظيمًا حقًا.
“من السهل أن تتورط في محاولة إيجاد الخطة المثلى للتغيير: أسرع طريقة لفقدان الوزن، أفضل برنامج لبناء العضلات، الفكرة المثالية عن العمل الجانبي. نحن نركز بشدة على اكتشاف أفضل طريقة بحيث لا نهتم أبدًا بإتخاذ خطوة”
جيمس كلير- العادات الذرية
بعبارة أخرى، غالبًا ما يكون “البحث” عن العظمة مضللاً، ربما لأن ما تتخيله لتكون عظيماً.. ليس بهذه العظمة على الإطلاق.
بدلاً من التكهن بما قد يجعلك عظيمًا، انطلق وابدأ بفعل. لا تبحث عن الكمال أو حتى العظمة، وإنما -عوض ذلك- عن دلائل “الجيد بما يكفي” وابدأ في إحراز تقدم ملموس.
كيف تكون شخصًا عظيمًا؟
وبهذا، وإذا كنت لا تزال تطرح سؤال “كيف أصبح عظيمًا في الحياة؟”، فسأطلب منك إعادة صياغة السؤال على أنه “كيف أصبح جيدًا بما يكفي في الحياة” والتركيز على تطوير العادات الجيدة ومداومة تكرارها. حوّلها لتغدو مرجعيتك.
تذكر: لا توجد “لحظة سحرية” تشيّ بأنك غدوت عظيمًا، لذلك إذا كنت تبحث عن طريقك نحو العظمة، فتوقف عن البحث عن ((العظمة)) واعتبر أن المسار الأكثر احتمالية هو التركيز فقط على ما هو (جيد).
وقبل أن أختم، أودّ الإشارة لبضعة تدوينات ستُعجبك::
- ماذا تعرف عن القرارات التي قادت مايكل طومسون نحو الحياة التي يتمناها؟
- بالله عليكم! هل ثمّة حلّ نهائي للملل؟ ?
- هل ستصدّق هراء (الجميع يمكنه أن يُصبح ستيف جوبز)؟ ?
- ماذا تفعل حين تشعر أنك لا تحرز أي تقدم في سعيك نحو هدفك/حلمك؟
- فجوة الذوق The Taste Gap: لهذا لا يبدو عملك بالجودة التي تصورتها!
المصدر: How to Be Great? Just Be Good, Repeatably