التوجّه هو المقصد 🏹 (نحو علاقة صحيّة بأهدافنا)

نعيش في عالم مهووس بالنتائج. في المدرسة، شُجِّعنا للتنافس على المراتب الأولى التي تعكس نتائج اختباراتنا. في الحياة العملية، يعني الأداء الجيد وصولك لأهداف محددة، تُعرف أحيانًا بإستراتيجية الأهداف والنتائج الرئيسية OKRs.

في هذا المجتمع “المعتمد على الأهداف”، يُحدد النجاح عبر تقييم أقراننا إنجازاتنا. ولكن ماذا لو لم تكن متحمسًا لتعريف النجاح هذا؟ ماذا لو كنت تشعر بالضياع وتودّ إيجاد طريقك؛ لا عبر المسار الافتراضي، ولكن متبعًا مسارك الشخصي؟

يقدّم كيودو  Kyūdō، فن الرماية الياباني، فلسفة بديلة حيث التوجّه “Aims” أهمّ من الأهداف “goals”، ويكمن النجاح في العملية نفسها.

الفرق بين التوجّه والأهداف

يميل الناس لاستخدام كلمتي “التوجّه” و “الهدف” كمترادفات، لكن لهاتين الكلمتين تعريفات مختلفة للغاية. الرماية هي الكناية المثالية لفهم الفرق بينهما، ولن نجد طريقة أفضل لتوضيحها من قصة أستاذ ألماني وقع في حب فن القوس.

كنزو آوا "Kenzō Awa"

انتقل (يوجين هيريجل Eugen Herrigel) إلى اليابان في عشرينيات القرن الماضي لتدريس الفلسفة. هناك، قرر اتخاذ التدّرب على كيويدو وسيلةً لفهم أعمق للثقافة اليابانية. ولحسن حظه، تلقى تعليمه على يد رامي السهام الأسطوري كنزو آوا “Kenzō Awa”، الذي عُرف برجل “مئة رمية بمئة ثور/ كناية عن أن رميته لا تخيب!”.

كان التدريب بطيئًا جدًا (بمقاييس هيريجل)، الذي ظل مفتقدًا غايته بعد شهور من التدريب، واشتكى من عدم إحراز أي تقدم. أجابه معلّم الرماية:

“كلما عاندت لتعلّم كيفية إطلاق سهم ثاقب، قلّ نجاحك”

بدلاً من ذلك، شجعه (المعلم) على نسيان الهدف، والتركيز على كيفية التصويب؛ كيف يمسك القوس، ووضعية قدميه، وطريقة تنفّسه أثناء إطلاق السهم.

الحياة كالرماية، الغاية هي الهدف الذي نودّ تحقيقه، بينما يمثّل التوجّه المسار الذي حددناه للوصول إلى ذاك الهدف. توضع (الغاية) على خط النهاية، بينما يأخذ التوجّه المسار بعين الحسبان. عندما نصبّ تركيزنا على [التوجّه]، تتحول العملية لهدف. والأرجح أن نصل إلى هدفنا عندما ندرك تمامًا توجهنا.

هذا هو جوهر أسلوب القوس. كما قال (جيمس كلير James Clear):

“الهدف ليس مهمًا، ولا خط النهاية. بل الطريقة التي نتعامل بها مع الهدف. التوجّه هو المقصد”.

كيف تحدد توجّهك

كتب توماس فولر Thomas Fuller، وهو من أوائل الكتّاب الإنجليز الذين حظوا بعدد رعاةٍ كافٍ للتعيّش من الكتابة:

“يُعرف الرامي الجيد بتصويبه لا بسهامه”.

لا يعني الاستغناء عن النتائج تخليك عن طموحاتك. بالأحرى، التركيز على توجّهك هو “نقلة ذهنية” تتيح لك التخلص من مغالطة الوصول “Arrival fallacy”، وبالتالي: تتمكن من التركيز على نتاجك.

عندما نركز على توجّهنا عوض أهدافنا النهائية، نتعلم كيفية تطويع الحياة اليومية لتكون العملية نفسها مُرضية حدًّا يجعل وصلنا إلى خط النهاية الافتراضي “تفصيلًا جانبيًا”. ويغدو الاستمتاع بالعملية نجاحًا.

ولكن، وبما أننا اعتدنا الهوس بالنتائج، فربما يكون من الصعب تغيير الطريقة التي نوجه بها طاقتنا واهتمامنا. في هذه الحالة، قد يساعدنا إدراك الإدراك (أو “ما وراء المعرفة Metacognition“) على استجلاء هذه الأنماط المتأصلة.

التحرر من نمط (الاعتماد على الأهداف)

(استبانة A.I.M.S للتفكر الذاتي) هي تمرين تفكير بسيط لتحرير حياتك من ((منهجية الاعتماد على الأهداف)) ومساعدتك على التركيز على توجّهك بدلاً من ذلك.

وA.I.M.S اختصار لـ 4 كلمات:

  1. الطموح Aspiration
  2. الإنجاز Implementation
  3. ما وراء المعرفة Metacognition
  4. النجاح Success

ولملئها لا تحتاج لأكثر من قلم وورقة، ومؤقت “كالذي داخل هاتفك”، وأخيرًا: نصف ساعة من وقتك

الطموح (10 دقائق)

لإعادة التركيز على الدافع الذاتي، يشجعك القسم الأول على إعادة التواصل مع أحلامك.

  • ما مهنة المستقبل التي حلمت بها أثناء طفولتك؟
  • ما التجارب التي ملأتك بالدهشة والتساؤل؟
  • ماذا تريد أن تتعلم؟
  • اذكر بعض المشاريع التي استمتعت بالعمل عليها (وتلك التي تخليت عنها).
  • ما أكثر ما يحمّسك بشأن المستقبل؟

الإنجاز (10 دقائق)

يدور الجزء الثاني من الاستبانة حول عملية استهداف طموحاتك؛ حيث تنسى النتيجة وتستمتع بالرحلة.

  • كيف يبدو اليوم المثالي بالنسبة لك؟
  • ما الأشياء -المُجبر عليها حاليًا- والتي تود أن تتخلص منها (لو كان في مُكنتك)؟
  • متى تمتلئ نشاطًا؟
  • من الأشخاص الذين تثق بهم ويمكنك الاعتماد عليهم لدعمك؟
  • ماذا ستفعل لو دُعمتَ دون قيد أو شرط؟

ما وراء المعرفة (5 دقائق)

يركز الجزء الثالث من الاستبانة على كيفية تجنب عيش روتين سلبي (وهل هناك روتين إيجابي؟)، ومراقبة إنجازاتك، ومصدر العون الذي تحتاجه عندما تَعجز.

  • ما طرائق التفكير المفضلة لديك؟
  • ما أدوات التأمل الذاتي التي تفضّلها؟
  • ممن تطلب النصيحة عندما تقلق؟

النجاح (5 دقائق)

يعتمد الجزء الأخير على إجابات الأسئلة الواردة في الأقسام السابقة. بالنظر إلى ما كتبته في كل قسم ذو صلة، أكمل الجمل التالية:

  • في المستقبل، أود [كذا]
  • سأوجه وقتي وطاقي وانتباهي نحو هذه الطموحات من خلال [كذا]
  • سوف أفكر في تقدمي من خلال [كذا]
  • بالنسبة لي، النجاح يعني [كذا]

مَخرج

بهذا، تكون قد أتممت (استبانة A.I.M.S للتفكر الذاتي)، وهي طريقة بسيطة لإعادة التفكير في علاقتك بالطموح من خلال التركيز على المسار بدلاً من خط النهاية. وأتمنى أن تكون -أيضًا- طريقة رائعة لتذكر بعض تجاربك السابقة والإثارة بالمستقبل.

⚠️ المصدر: Everything is aiming: forget the target and focus on your aim

? مضت 4 أعوام على نشري رأيي عن تحقيق الأهداف السنوية، وسيُسعدني جدًا إطلاعك عليه.

التوجّه هو المقصد 🏹 (نحو علاقة صحيّة بأهدافنا)

2 فكرتين بشأن “التوجّه هو المقصد 🏹 (نحو علاقة صحيّة بأهدافنا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

تمرير للأعلى