في البدء، كانت المدونات، التي أعتبرها أصل الشبكات الاجتماعية. بنينا -نحن المدونين- مجتمعًا، وأسكنّاه شعبًا. كتبنا بأنفسنا ولأنفسنا وكنّا رقباء أنفسنا.
كتبنا كثيرًا. وترابطنا ليتمكن المبتدئون من اكتشاف مدونات جديدة وجيدة.
أريد العودة الى هناك.?
بدا مشهد الويب 1.0 مختلفًا كثيرًا عن تجربة الويب 2.0 التي اعتدنا عليها اليوم، ويعود فضل كبير في تطوّر الويب 2.0 للتدوين الشخصي.
في تلك الأيام، كان الأمر بسيطًا حقًا. يمكنك التسجيل والحصول على موقع مجاني على ياهو! جيوسيتيز أو بلوغر أو دايري لاند أو أيٍ من الاستضافات المجانية التي سمحت لك بإعداد مدونتك، والبدء في استخدام محرر WYSIWYG، ونشر أفكارك للعالم.
والبعض كان “مغامرًا”؛ فتراه يحجز اسم دومين واستضافة مدفوعة، وينطلق في مغامرة رائعة.
أيًا كان خيار الشخص، كان الجميع يكتب أفكاره -بتدويناتٍ طويلة وقصيرة- لتطلّع عليها الجماهير (أياً كانت تلك الجماهير). لم تكن شبكات التواصل الاجتماعي موجودةً آنذاك، لذا كانت كل “رسائلنا “خُطبنا” حول مواضيع مختلفة محصورة على مدوناتنا الشخصية، والتي تحتدم النقاشات حولها في قسم التعليقات. كان عصرًا ذهبيًا بحقّ.
كان الناس مترابطين أكثر ? ..
ولم يكن بمقدور أحد إخفاء هويته تمامًا؛ فبمقدور أي شخص وضع رابط المدونة ضمن WHOIS ومعرفة صاحبها. ولكن إن أزعجك أحدهم، فبمقدورك حظره ببساطة، وسيغيب عن ناظريك للأبد.
عندما ظهر تويتر، بدأ كمنصة “تدوين مصغر Microblogging” حيث ينشر الناس نصوصًا قصيرة ومتواترة عوض التدوينات الشخصية “الأطول” التي ننشرها على مدوناتنا. والتي بدورها تطوّرت (ككل شيء في الحياة)، لتصبح الآن الجحيم الذي نكرهه ونعجز عن هجره في آنٍ معًا.
لقد جعلتني رؤية زوال تويتر تحت إدارة إيلون ماسك (أحنّ) إلى أيام التدوين الشخصي. وجعلني انحساره في ظل تآكل وسائل الإعلام القديمة الحالي أفكر في حاجتنا لاستعادة مجد التدوين الشخصي مرة أخرى .. بروحٍ انتقامية!
احكم مملكتك الخاصة.. ?
أعظم سبب يستدعي عودة المدونات الشخصية هو سبب بسيط: يجدر بنا -جميعًا- أن نتحكم في منصاتنا الخاصة.
حتى إن لم يُشعرك #إغلاق_تويتر بالخطر، فبأحسن الأحوال، علاقتنا بمنصات التواصل الاجتماعي (بشكلٍ عام). يمكن للشيء الذي نستخدمه لبناء شعبيتنا اليوم أن يُدمّر ويختفي من الشابكة غدًا، فماذا بعد؟
? ماذا سيحدث للمحتوى -على اختلاف أشكاله- والذي أمضيت سنينًا في نشره؟
? هل سيتواجد أرشيف لكل “الميمات Memes” والنكات المضحكة؟
? ما مصير كل صورك الذاتية (السيلفي) التي بدوت فيها لطيفًا؟
الإجابة: لا نعرف! لأننا لا نتحكم في تويتر (أو فيسبوك أو انستغرام أو سناب شات أو تيكتوك). إذا قررت إحدى هذه الشركات إغلاق خدمتها بشكل دائم، فلن نتمكن من فعل أي شيء.
يعد تملكك محتواك (بالمعنى الحقيقي للكلمة) والتحكم في منصتك ضرورة ملحّة، ويعدّ امتلاك مدونة شخصية أروع طريقة لفعل بذلك. [وربما أفضل قرار تتخذه في حياتك]
السرد الشخصي: فن ضائع نحتاج عودته
منحتنا أفضل المدونات لمحة عن حياة شخص “عرفناه” عبر الشابكة. لقد جعلنا سرد القصص المُتقن، إلى جانب النقاشات الحيوية التي تليه، نداوم على زيارتها يومًا بعد يوم.
لا تفيّ مسارد تويتر بالغرض ?، ولا حتى نيّة (ماسك) رفع عدد محارِف التغريدة لـ4000 (أقسم أنني سأحظر أي شخص يستخدم الأربعة آلاف محرَف تلك!).
لنعد إلى سمة (بناء المجتمع) التي ميّزت الشابكة أصلًا
بنى الناس مجتمعات كاملة حول مدوناتهم المفضلة، وكان ذلك أمرًا حسنًا. حيث يمكنك العثور على أُناسٍ يُشبهونك وبناء قبيلتك ومناقشة ما وجده أفرادها مهمًا.
الآن، نحن في عصر يُظهر فيه الناس على الإنترنت أسوأ ما فيهم، ولا أظن أننا سنختلف حول هذا المشهد القبيح. لذا، ربما حان الوقت لتُهيمن مجددًا من خلال إطلاق المدونات ووضع إدارة التعليقات موضع تنفيذ (يسهل فعل ذلك -نسبيًا- على كلٍ من ووردبريس و بلوغر).
ينجح المتصيدون/المتنمرون/المزعجون .. (سمّهم ما شئت) فقط في بيئة تُتيح لهم العبث دون رادع، وذاك ينطبق على معظم شبكات التواصل الاجتماعي. في حين ستجد عشرات الأدوات التي تتيح لك إبعاد أمثال هؤلاء عن تعليقاتك (مع الاستمرار بالسماح لمن يقدّرون كلماتك وأفكارك ومحتوياتك بالزمالة مع بعضهم البعض في مجتمع من تصميمك).
استعد السيطرة عبر التدوين الشخصي
فهذا ما كانت تعنيه شبكات التواصل الاجتماعي أصلًا، ونحن بحاجة ماسّة للعودة إلى الجوهر.
في نهاية المطاف، لا نعرف ما قد يحدث مع تويتر وغيره. ولا ندري ما التغييرات التي ستجلبها (ويب 3.0) إلى الشابكة. لكن نعلم أننا سنظل جميعًا هاهنا، مصريّن على مشاركة أفكارنا والتحدث عن أي شيء وكل شيء والتواصل مع “أٌناسنا“.. عبر أبسط وأسرع طريقة: التدوين الشخصي!
احجز اسم النطاق الذي ترغب به (ويمكنني مساعدتك). ومساحتك التي تحتاجها. ثم اروِ قصصك، وابنِ مجتمعك، وتحدّث إلى شعبك. لا يُشترط أن تكون مدونتك (احترافية) أو حتى مُبهرجة. ليس عليك إعادة اختراع العجلة. لا حاجة لأن تنافس أحدًا عبرها.. في الواقع.. لا يجدر بك ذلك أصلًا . فذاك إبداعك ويجب أن يعبّر عنك وحدك.
أعيدوا لنا التدوين الشخصي في عام 2023. فسنكون، مجتمعًا وأفرادًا، أفضل بكثير بالنسبة له.
المصدر: تدوينة روابط بعنوان “نافذة من الأمل” وبلوحة مفاتيح المُدهش: عبدالله المهيري
تدوينات داعمة للفكرة:
- لماذا عليك إطلاق مجتمع مجاني كصانع محتوى؟
- رد على تدوينة ابو اياس حول انخفاض الاقبال على المدونات
- لماذا أدوّن – عبد الله المهيري
- لماذا أدوّن – مدونة عزمي
- لماذا أدوّن؟ كاتبي المفضل؟ أفضّل الرواية أم الفيلم؟ – أسماء سعود الفريدي
- لماذا أدوّن – ريم مصطفى
- لماذا الكتابة؟ – مدونة شبايك
- لماذا نكتب؟ – عدنان حاج علي
- أنا أدوِّن … | إحـســان
- عالم التدوين 🙂 – أفنان أباحسين
- دوّن – مدونة أيانق
- تـسـاؤلات.. [ مـدوِّن ] « مدونة عقد الجمان
- التدوين اختيار! – .. ومآرب أخرى
- لماذا لا تدون؟ | دعـونـي أقــــول
- لماذا أكتب؟ | اُكْتُبْ كَيْ لَا تَكونَ وَحِيدًا
[أطلقت الروابط السابقة سيل ذكريات ?]