إذا كنت تفكر في إطلاق مدونة فقط لاستخدام السيو (أو مُحسّنات محركات البحث) في زيادة عدد زيارات موقعك الإلكتروني، فتوقف رجاءً ⛔️.. أنا لا أمزح! هذا بفرض رغبت في التوفير على نفسك الوقت والمال، وحماية علامتك التجارية من وصمة: إدامة حالة المحتوى الكئيبة على الشابكة.
لا شيء يحزنني أكثر من زيارة مدونة شركة ما، فقط لاكتشاف صفحات وصفحات من تدوينات كتبها متخصصو السيو (حتى من ذوي النوايا الحسنة)؛ مُستخدمين كل حيلة سمعوا بها، للفوز بلعبة خوارزمية غوغل!
يمكن أن تزيد تلك التدوينات عدد الزيارات? ..
ولكن تصدّر نتائج البحث لن يفيدك إذا اكتشف العملاء أنك تقدم ذات النمط كأي مزرعة محتوى Content Farms. فحينما “يُدفن” ما يبحثون عنه حقًا أسفل تدوينة؛ مؤلفة من فقراتٍ متتالية تضم “معلومات” غير ذات صلة ??♂️ ? وضعت خصيصًا لدفع الصفحة إلى أعلى نتائج البحث، فسيغادرون دون ملاحظة اسم شركتك أصلًا?.
لتكون مدونتك مصدر قيمة يستحق الزيارة، عليك فهم الأسئلة التي يطرحها عملاؤك والبحث عن وسيلة لتقديم الإجابات الأفيّد. ولا بد من تخلّيك عن محاولة تحقيق مكاسب سريعة –مستخدمًا المدعو السيو– والالتزام بالتركيز -طويل الأمد- على الجودة.
إذا بدا لك ذاك تطرفًا، ففكر في الآتي: ظهر التدوين كأحد أشكال كتابة اليوميات عبر الإنترنت، لا كأداة تسويق. وُجدت أقدم المدونات على مواقع مثل OpenDiary و LiveJournal. ولم تبدأ الشركات في استخدام المدونات للتسويق والتوعية حتى أوائل الألفينات.
منذ ذلك الحين، بدأ كل شيء بالانهيار حتى وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم؛ أقصد ها أنا ذا أكتب تدوينة (!!) لمشاركة سبب إيماني بضرورة مخالفتك الوضع الراهن للتدوين، وتقديم محتوى يُعلي الناس قدره.
مشكلة السيو SEO الحقيقية ? الاستعانة بكتّاب المحتوى المستقلين!
تحسين نتائج محركات البحث ليس سيئًا بطبيعته?. إذا كنت صاحب متجر إلكتروني، فمن الأهمية بمكان وضع اسم شركتك -ومنتجاتك وميزاتها- حيث يراه عميلك المحتمل.
تظهر المشكلة عندما يصبح السيو “القوة المحرّكة” لكل محتوى تنشئه. تسير العملية على النحو التالي:
? لا يظهر موقعك ضمن نتائج البحث الأولى
? فترى الحل في إطلاق مدونة
? ولأنك تفتقر للوقت، ستستعين بخدمات وكالة تسويق إلكتروني؛ التي تعدك -بدورها- بمضاعفة عدد الزيارات التي تحصل عليها (حتى أثناء نومك!)، لكن الوكالة أعلاه تستعين بخدمات كُتّاب المحتوى المستقلين
? بعدها، تنشر التدوينات منتظرًا الارتفاع السحري في الزيارات ?
يعمل هذا أحيانًا: تحصل تدويناتك على مراكز جيدة في نتائج البحث، وتقفز أرقام الزيارات تصاعديًا. أمرٌ مثيرٌ للاهتما.. حتى تدرك عدم تحوّل الزيارات إلى مبيعات. أو تكتشف أن الارتفاع كان مؤقتًا؛ وتُضطر للاستثمار في المزيد من المحتوى “المتوافق مع قواعد السيو” للحفاظ على الزخم!
هذا ليس تشويهًا لسمعة وكالات التسويق الإلكتروني والكتاب المستقلين!
بعضهم يجيد ما يفعله ويفكر في كيفية ملائمة دفق الزيارات لهدفك الأسمى بدلاً من جعله هدفًا أوحد. ولكن هذا لا ينفي وجود مَن يتلقون (دورة في تحسين محركات البحث)، ويكتفون بتقديم “محتوى مُحسّن لمحركات البحث” بذات التنسيق في كل مدونة تصادفهم.
التزام غوغل (الواضح) بجودة المحتوى
ينطلق “بعضهم” من إحدى اسئلة قسم «أسئلة طرحها الآخرون»، قبل الانتقال إلى سلسلة من الفقرات تفصلها عناوين فرعية “كثيفة العبارات المفتاحية“.
نادرًا ما يقدّم محتواهم أي جديد أو مثير للاهتمام؛ ففي أحايين كثيرة، يعيد صياغة تدوينات المنافسين حول ذات الموضوع فحسب! انقر فوق بعض العناوين المتصدرة لكلمة/عبارة مفتاحية، وسترى ما أعنيه؛ بمجرد أن تقرأ تدوينة أو اثنتين، ستكون قد قرأتها كلها.
يأتي ذلك رغم تأكيد (غوغل) على اعتبار جودة المحتوى إحدى أهم عوامل التصنيف.
هنا تخطئ الشركات (هل سأبالغ لو قلت: وجميع كتّاب المحتوى تقريبًا؟)
إذ يركزون على كتابة محتوى “مصمم لاحتلال المراكز الأولى في نتائج البحث” وبذل -كل ما في وسعهم- لتعمل الخوارزمية لصالحهم. لكن لا ينبغي أن يكون الترتيب هدفك، بل أن تسعى جاهدًا لمحتوى ممتاز يخدم عملائك لا غوغل.
تتطلب كتابة محتوى عالي الجودة -بلا شك- جهدًا أكبر من محتوى مدونات “السيو”، وغالبًا ما سيستغرق ظهورها ضمن صفحة نتائج البحث وقتًا أطول. ولكن هذا الجهد يؤتي ثماره على المدى الطويل عندما يدرك عملاؤك أنك تقدّم محتوى مفيدًا بالفعل ولا يهين -بابتذاله- ذكائهم.
? لماذا يُعتبر المحتوى الأصلي أهم ما في الوجود السيبراني؟
كيف تتفوق في لعبة النَفس الطويل مع مدونة شركتك
فكّر معي: أليس من المنطقي اتباع نهج طويل الأمد لاستراتيجية المحتوى، بحيث تغدو محاولة “الانتشار السريع” مجرد مهمة حمقاء؟!
إنشاء محتوى جيد عبارة عن حلقة من البحث والعصف الذهني والاختبار والتحسين، حلقة يجب أن تبذل لها ذات الجهد والتصميم كالمجالات الأخرى من عملك.
البحث??: انغمس في ثقافة جمهورك
خطوتك الأولى فهم جمهور محتواك: عملاؤك. كيف؟ راقبهم حيث يتواجدون ضمن الفضاء السيبراني؛ حيث يتعلمون ويتشاركون ويتناقشون، وستخبرك تفاعلاتهم بما يلي:
? ما يريدون معرفته
? ما الإجابات التي يسعون خلفها دون جدوى
? مصادرهم للإجابات غير الكاملة أو الخاطئة
? ما يعتقدون أنهم يعرفونه ولكنهم -في الواقع- لا يفهمونه حقًا
يمنحك ما سبق أساسًا قويًا لمحتواك، والأهم أنه مبني على أفكار ومعاناة وأسئلة الأشخاص الحقيقيين الذين تحاول الوصول إليهم وخدمتهم، لا بـ”الرائج” على غوغل!
انتبه! تأتي هذه العملية قبل العصف الذهني أو التخطيط للمحتوى.
سيؤدي (عكسك للعملية؛ العصف الذهني قبل البحث) إلى تحيزك تجاه ما تعتقد أن جمهورك (أو غوغل) يريده، ما يعرّضك للتحيّز التأكيدي للمعلومات الداعمة لافتراضاتك!
العصف ? الذهني?: اختر الموضوعات التي تخدم عملائك
يضع البحث الدقيق مئات أفكار المحتوى بين يديك، وليست دائمًا ما قد تتوقعه. ستكتشف الفروق الدقيقة التي لا تكشفها أبحاث السوق التقليدية، مثل سبب تفضيل العملاء علامة تجاريةً دون أخرى أو حذرهم من ادعاءات منتجات معينة.
ستكتشف أيضًا الموضوعات التي يمكن أن تساعد عملائك أو تثقفهم أو ترفه عنهم. لتضييق نطاق ذلك، ارجع لملاحظاتك المأخوذة عن البحث و:
? ضع قائمة بالمواضيع والعبارات والأسئلة المُكررة
? جمّع الموضوعات ذات الصلة معًا في قوائم فرعية
? امنح كل قائمة فرعية عنوانًا يصف فكرتها العامة
والآن، ستركز على تلك القوائم في كل تدويناتك.
? نعم، يصبح الأمر بهذه السهولة بمجرد أن تعرف ما يفكر فيه عملاؤك ?
الاختبار: اكتب كما لو أن لا وجود لمحركات البحث!
وصلنا للجزء الصعب: تحرير نفسك من فكرة أن التدوين يهدف إلى إسعاد غوغل! ? حان الوقت للتغلب على خوفك من أن يقودك عدم اتباع الخوارزمية للفشل?.
لإمتلاك العقلية الصحيحة، اسأل نفسك:
? ماذا لأكتب لو لم يكن للترتيب في نتائج البحث أي قيمة؟
? كيف سأتعامل مع الأسئلة والمخاوف الشائعة بطريقة تميّز علامتي التجارية؟
? ? كيف قد أشارك هذه المعلومات ضمن دردشة مع أحد العملاء؟
تضمن الكتابة وفق هذه العقلية أن يجد عملائك المحتملون محتوى مفيدًا لهم أو يتحدث عن احتياجاتهم أو يتماشى مع أذواقهم. بدلاً من أن تكون صوتًا آخر يصرخ في ضجيج الإنترنت اللامتناهي، سوف يتألق شغفك. سيلاحظ العملاء الفرق ويتحرّقون شوقًا لتدويناتك بدلاً من تمريرهم عبر معظم المحتوى، والاستيلاء على معلومة ومِن ثمّ المضي في طرقهم.
التحسين: تحلى بالصبر واستمر في نشر المحتوى القيّم
لا ينفي اتباع هذا الأسلوب أن غوغل ستلاحظ مدونتك. يستغرق الأمر وقتًا فحسب. وفقًا لـ Authority Hacker ، يبلغ متوسط عمر المحتوى ذا التصنيف الأعلى 3.5 سنوات، ويبقى ملائمًا بتحديث معظمه -بانتظام-.
لا أنكر حقيقة بيانات الأداء الخادعة؛ لا تخبرك إبداءات الإعجاب والمشاهدات ومقاييس “الغرور” الأخرى الكثير عما إذا كان جمهورك يستمتع بمحتواك. ولا نحتاج لإحصائية إن قلنا: حوالي 90٪ من الأشخاص “خاملين” (على الأقل على شبكات التواصل الاجتماعي)، حيث يقرؤون أو يشاهدون المحتوى دون تفاعل.
أعلم أن هذا غير مشجع. ولكن بمرور الوقت، سيبدأ الأشخاص في كهوفهم ليخبروك عن مدى تقديرهم لتدويناتك. سيتذكرونك ويبحثون عنك -بالاسم- عندما يحتاجون منتجك. هذا ما يعنيه حقًا بناء الوعي بالعلامة التجارية Brand Awareness؛ وهو أكثر ربحية بكثير من زيادة معدّل الزيارات القادمة من محركات البحث.
المكان المناسب لتحسين محركات البحث في مدونتك
هل لمُحسّنات محرّكات البحث مكان من كل هذا؟ بالطبع.. في النهاية.
بمجرد كتابة تدوينة، ضع “الموضوع” في أداة السيو واطلع على العبارات المفتاحية ذات الصلة التي تظهر. اختر كلمة أو عبارة ذات صلة وحفنة من الصياغات المختلفة، وادخلها ضمن نصك والعناوين أثناء التعديل. أو، إذا كنت تتعامل مع وكالة تسويق رقمي، فدعها تُجري البحث عن الكلمات الرئيسية نيابة عنك، ثم اختر العبارات المفتاحية والعبارات من تقريرها.
لا تفرط في التفكير في هذا الأمر. أنت تكتب لعملائك وليس لغوغل.
محتوى جيد يعني عملاء سعداء
تذكر: الهدف الأساسي من البحث عن جمهورك قبل إنشاء المحتوى هو كتابة شيء مفيد يستمتعون به.
توقف عن القلق بشأن ما تعتقده غوغل. أنشئ محتوى ستظل فخوراً به بعد عامين أو خمسة أو حتى 10 سنوات، محتوى قد تشاركه مع أصدقائك أو شبكتك حتى لو لم يكن جزءًا من أسلوبك في التسويق.
ربما يعني ذلك أن تكتب تدوينة كل ستة أسابيع. ما المشكلة؟ المهم أنها جيدة ويشعر جمهورك أن وقتهم لم يمضِ سدىً في قراءتها .
جرّب وراقب ماذا يعتقد جمهورك. يمنحك إجراء بحث عن العملاء سيمنحك صورة مفصّلة تساعدك في كتابة نصوصٍ أفضل لبقية موقعك.
في كل الأحوال، ستجني الثمار -أنت وعملائك- بمجرد أن تتوقف عن استخدام مدونتك كآلة لتحسين محركات البحث!
رغم أن فكرة التدوينة تداعب خيالي منذ زمن، لكن عليّ الاعتراف أن ما قرأته لتوّك هو ترجمة لتدوينة Dear brands: Please stop chasing website traffic with SEO blog content
ومن باب الديموقراطية، إليكم وجهة نظر بديلة: كيف تختار مواضيع مدونتك المتخصصة لأشهر مُقبلة دون تعبٍ ولا نصب؟
إذا وصلت لمرحلة أن تكتب لما تُحب، وتكون هناك استمرارية في العطاء، فثق تماماً أن موقعك يتحسن مع مرور الوقت، ومهما كان عدد الزوار قليل ولكن تقديم المفيد هو الذي سيزيد قاعدة قراءك. شعرت انك تكتب بحرقه وحماس يا طارق 😁
شعورك في محلّه أستاذي أحمد😖، لأنني مللت تركيز أصحاب المشاريع الكتابية على الـ SEO وكأنه مصباح علاء الدين السحري 👀
ترجمة عظيمة وموضوع مميز. ويصادف أنني كنت أكتب عن نفس الموضوع في مدوّنتي، وترجمتك ستكون حاضرة لإثراء الموضوع إن شاء الله.
لا شكر يَفيك حقك يا توأمي 😍
أجدت يا صديقي الكبير
ماشاء الله تبارك الله عليك وعلى إبداعك وإثراءك
أكرمك الله في الدنيا والآخرة. 🤩
لا يمكنك تخيّل قدر سعادتي بتعليقك الرائع