تحدثت في التدوينة السابقة عن مفهومي الشجاعة وتحدي الخوف، أما اليوم فسأتحدث عن (الجنون)
#6 احتضان المجنون داخلك
العالم مليء بأشخاص سيقولون لك “تعقّل“. يجب أن تمتلك أهدافًا معقولة، وتوقعات معقولة، وسلوكًا معقولًا.
ولكن انصت إليّ: هل تعتقد أن من المنطق -بالنسبة لي- التخليّ عن جميع المزايا الحكومية والانتقال إلى بلد غير معروف برعايته الطبية الممتازة؟أم أن أعمل أكثر من 40 ساعة في الأسبوع في شركة لا تدفع لي فلساً واحداً؟
هل كان من الحصافة -بالنسبة لي- أن أُطلق مشروعًا تجاريًا في وقتٍ كان فشله يعني الموت جوعًا في شوارع المكسيك؟
على الإطلاق. في الواقع، كان ذاك جنونيًا تمامًا.
ومع ذلك:
إذا كنت في وضع جنوني، فقد يكون المخرج الوحيد -في بعض الأحيان- القيام بخطوة جريئة تبدو مجنونة، لكنها ليست كذلك، فالبديل أسوأ.
على سبيل المثال، سأعترف دونما مواربة أن العمل في شركة بدوام كامل دون طلب فلس واحد في المقابل فكرة غبية في معظم الأوقات. بالمقارنة مع البديل المتمثل في عدم العمل على الإطلاق، فهي في الواقع خطوة ذكية.
المشكلة هي أننا لسنا معتادين على التفكير بهذه الطريقة. لقد اعتدنا على تقييم الخيارات بناءً على مزاياها لدرجة أننا نصاب بالشلل في المواقف التي تكون فيها جميع الخيارات سيئة.
الحل هو تدريب نفسك على الاعتراف على الأقل بالبدائل المجنونة. عندما تتخذ قرارًا ، اسأل نفسك، “ما الخيارات التي لا أفكر فيها لأنها تبدو جنونية جدًا؟” لست مضطرًا لاختيار أحدها، لكن لا يزال يتعين عليك تدريب نفسك على إدراكها، فقد يأتي يوم تحتاجها فيه.
إليك مثالًا عمليًا من حياتي الشخصية
أواجه قدرًا لا بأس به من آلام الظهر. هذا يفاجئ البعض، لأنهم يفترضون أنني لا أستطيع الشعور بأي شيء من رقبتي إلى أسفل، لكن ذلك غير صحيح. يؤثر مرضي فقط على الخلايا العصبية الحركية لا الخلايا الحسيّة، لذلك يمكنني الشعور مثل أي شخص آخر. في معظم الأيام، يمكن السيطرة على ذاك الألم، لكن في بعض الأحيان.. فهو لا يطاق.
خيارات العلاج النموذجية: المخدرات، ومضادات الالتهاب، والعلاجات الطبيعية، والجراحة، والتمارين الرياضية، والتمدد، وتعديلات تقويم العمود الفقري، والوخز بالإبر، ونظام جلوس كرسي متحرك جديد، والكثير من الأشياء المعقولة الأخرى.
لكن ما الخيارات غير المعقولة؟
على سبيل زيادة الجنون، يمكنني:
? شراء سرير بقيمة 5000$ يمنح شعور الطفو على جيب هوائي، واستلقي فيه، ولا أتحرك مرة أخرى أبدًا، وإنما أمارس كل أعمالي من السرير لبقية حياتي.
? تدمير جميع النهايات العصبية في ظهري، مما يجعلها مخدرة تمامًا. صدق أو لا تصدق، هذا إجراء طبي حقيقي. يسمى بَتْرُ العصب Denervation.
? فصل عمودي الفقري، وهنا لن أفقد الإحساس فحسب، بل أيضًا القدرة على التنفس دون استخدام جهاز التنفس الصناعي. خيار معيوب بالطبع، ولست متأكدًا من أنه يمكنني الاستعانة بطبيب للقيام بذلك، ولكنه لا يزال أفضل من الخيار الأخير..
? الانتحار Suicide
هل أفكر جديًّا في أي من هذه الخيارات؟
قطعا لا! الألم ليس سيئًا بما يكفي لاتخاذ مثل هذه الإجراءات الصارمة.
ولكن من المريح أيضًا أن تكون مستعدًا للأسوأ. بغض النظر عن مدى سوء الأمر، فأنا أعلم دائمًا أن لدي خيارات. إذا كنت مضطرًا لاستكشاف هذه الخيارات، فقد استعددت مسبقًا، لذلك لا أحاول معرفة كل شيء في الوقت الحالي.
خلاصة القول
وهذا يقودنا إلى الدرس الأخير الذي سنتناوله في التدوينة القادمة.