في البداية، لا بدّ أن أشكر الصديق راضي النماصي على تدوينته (مكان للكتابة – سيث غودين)، وفيها يُترجم:
ووسط كل المهام التي أعمل عليها (معًا!)، لمستني العبارة السابقة -كماسٍّ كهربائي- لأكتب هذه التدوينة.
أفكر منذ أيام في سبب تشوّش أفكاري، وتبعثر حياتي بهذا الشكل. أرجعت ذلك في التدوينة السابقة إلى عدّة عوامل، إنما بدأت أشكّ أن يكون أحدها هو السبب الحقيقي.
أظنّ أن المشكلة أعمق من ذلك.
في واحدة من جلسات التأمل التي يُتيحها ليّ (الاختناق المروري) في وسائل المواصلات، إذ أعجز عن فعل أي نشاط (كالقراءة/الاستماع إلى البودكاست) وسط كل الصخب الذي تعجّ به الأخيرة. اكتشفت أنني أعاني [مشكلة في التواصل]. بُرهن على اكتشافي حين سألتني (المُحاضِرة) في معهد اللغة:
?Tarek, you’re silent Today, why
جاء سؤالها كضربة خاطفة في موضع قاتل داخلي. فعلًا.. لما أنا صامت؟ لماذا لا أُشارك في الحياة بنفسي، لماذا أجلس خلف شاشة حاسوبي بالساعات؟ حتى أنني لا أُشغّل قائمة موسيقية تُبدد الصمت حولي!
يبعد المعهد عن محطة الحافلات قرابة ثلث ساعة سيرًا على الأقدام. عادةً ما أستغل هذه المسافة بالاستماع إلى إيه. جيه. هوج (كنوع من الانغماس المُسبق في جو اللغة الإنجليزية). غير أنني اليوم اخترت الاستماع إلى برنامج (مش بالشبشب) وتحديدًا حلقة الإنصات نصف التربية.
يُركز البرنامج -بشكلٍ عام- على السلوكيات التربوية. وكما يتضح من عنوان الحلقة، فمقدمّي البرنامج يران أن الانصات إلى أطفالنا يُساهم في تنشئتهم تنشئة سليمة. تضمّن طريقهم لإقرار هذه النظرية حديثًا حول مفهوم الإنصات في حياتنا اليومية (كبالغين)، وكيف أنها مهارة نادرًا ما نُتقنها. وفي حين أن (وسام) شخص يُحب مشاركة تفاصيل مشاكله مع الغرباء، كانت (لونا) على عكسه تمامًا.. مثلي.
أفكر الآن: هل جانبتُ الصواب بكتماني وتكتميّ؟
لطالما أحببت التدوينات الشخصية (مثل: بدون فلتر .. خطوة نحو الصدق ? – بعثرة عن معنى الصداقة بحياتي ? – يوميات: كابوس – تقلبــات)، وغالبًا ما أغرق في تفاصيلها. لكن عندما يحين دوري، أقف كالأبله!
لم أكن كذلك قبل بضع سنين، حيث أمتلكت مدونة شخصية “جدًا” شاركت من خلالها معظم أحداث يومي.. ثم حذفتها.
جاء الحذف على خلفية انتقالي للعمل كمستقل، أغلب الظن أنني أردت المحافظة على صورتي اللامعة في الشابكة. عدا أنني أقسم -بالله ثلاثًا- كون صحتي النفسية اعتلّت منذئذٍ!
ينصحنا أ. المهيري قائلًا: اقطع اتصالك بالإنترنت … إن استطعت. بصراحة، فعُذري الأول: لا أستطيع! الانترنت مصدر رزقي.
غير أنني على وشك تطبيق نصيحته، مستعينًا بمدخراتي (التي تكفيني لشهر تقريبًا). العائق الوحيد: من أين أبدأ رحلة البحث عن ذاتي؟ أمنّ القراءة مثلًا؟ علاقتي بالقراءة سيئة للغاية في الآونة الأخيرة، فلا زلت في الصفحة العاشرة من كتاب (مُت فارغًا- Die Empty) رغم مرور شهر على شرائي له.
بالكتابة؟ هل سأتمكن فعلًا من استدعاء (وحي الكتابة) رغم هجري له لأكثر من شهر؟
مشاهدة الأفلام؟ سيتقلني تأنيب الضمير بلا شك!
أعلم أن حديثي لا يبدو منطقيًا، لكنني أحاول التفكير بصوتٍ عالٍ ليس إلا.
شكرًا لإشارتك الكريمة. دمت بخير وعلى قيد الكتابة!
العفو.. دمت لنا مُبدعًا