يخبرني الناس دائمًا أنني أبدو راضيًا حقًا عن حياتي. كان الأمر سهلاً إلى حد ما (لم أكن مولودًا في بلد في حالة حرب (وإن كان كذلك الآن)، وكان لدى أسرتي ما يكفي من المال لإطعامنا، وصحتي جيدة بفضل الله، ووجدت طريقة لاستغلال شغفي كمصدر للرزق). لا أقول أن حياتي خالية من بعض الصعوبات والخسارات (فهذا أمرٌ لا مفر منه لأي شخص).
يسألني البعض أحيانًا عن توقعاتي حيال عملي أو طرح عمل جديد (مثل روايتي “سياحة إجبارية“).
وجوابي في كل مرة هو أنني أتوقع القليل جدًا من أي شيء أقوم به.
مع كل مسابقة أشارك فيها، أضع احتمالية عدم الفوز 70%، وهذا ليس لأنني متشائم، أو لأنني لا أؤمن بنفسي وبالتأكيد ليس بسبب شعوري بعدم استحقاق الفوز.
توقعاتي منخفضة لأنني أعتبر أن نجاح بسيط هو (صلصة) والصلصة دائمًا لذيذة!
أفكر في النجاح كمقياس بنقطة بداية ونهاية. إذا كان اليسار هو الفشل (كأن أخرج من المنافسة لأي سبب) واليمين هو النجاح الكامل (كأن أفوز بالمرتبة الأولى)، فأنا أقف في مكان ما بين النقطتين بمجرد المشاركة. وهو ما يحقق ليّ الرضا.
السبب في أنني أخفض توقعاتي هو رغبتيّ ألّا أعلّق حياتي، أو سعادتي، أو إحساسي بقيمة حياتي على نتيجة مسابقة أو شيء يتعلق بعملي. خاصة وأن الفوز يخرج عن نطاق سيطرتي، ويعتمد على عوامل خارجية (كعدد المتسابقين وجودة المحتوى الذي يقدمونه مقارنةً بما أقدمه). ولا أظن أننا قادرون على اكتساب قيمتنا مما لا يّد لنا به، أليس كذلك؟
أطلب القليل جدًا مما أقوم به لجعلي سعيدًا. وبتجاوزي لتلك النقطة -والتي غالبًا ما تكون المشاركة في مسابقة أو الانتهاء من كتابة تدوينة- أعتبر ما تبقى أشبه بالصلصة التي أُحبها: يمكنني تناول (الوجبة الرئيسية) دون إضافتها، لكن يبقى لها لذّة خاصة.
بعبارة أخرى، المزيد من النجاح هو مجرد مكافأة.
هذا لا يعني أنني لا أغضب، أو أفقد عقلي في بعض الأحيان (كما حدث حين خسرت مسابقة رقيم الكبرى للرواية). لكن عمومًا، أميل للشعور للرضا أكثر بكثير من تلك المشاعر السيئة.
الرحلة هي الهدف الحقيقي
الاستمتاع الحقيقي يأتي من التركيز على الرحلة. لأنها مليئة بالمفاجآت وتستغرق وقتًا أطول (هل تذكر حديثي عن “لقطات مواقع التواصل الاجتماعي”؟)، وإذا كنت تحب ما تفعله، فستستمتع بغض النظر عن النتائج.
هل تركز على الرحلة أم على الوصول؟
إذا لم تكن متأكدًا، ففكر في حديثك لنفسك. هل تقول:
- ماذا لو فشلت؟
- ماذا لو لم يحقق كتابي الجديد إيرادات عالية؟
- ماذا لو لم تحظى تدوينتي بـ 10000 زيارة؟
أم:
أنا أستمتع حقًا بهذا النوع من العمل.
من الواضح أن هناك فرقًا كبيرًا، أليس كذلك؟
تعتمد طريقة التفكير الأولى على النتائج (ويمكن أن تقودك إلى التخلي عن فكرة البدء!)، في حين تعتمد الثانية على الرحلة (حيث تكون أي نتيجة إيجابية بمثابة نجاح مُستحق).
إن تطوير عقلية تعنى بالقيمة التي تضيفها بجهودك، يدفعك للاستمتاع بكل خطوة وكل إنجاز. عدا ذلك، سيصعب عليك أن تبدأ (ناهيك عن إنهاء وإطلاق) فكرتك.
الأمور لن تسير على ما يرام دائمًا. وهي طريقة لطيفة للقول أنه في بعض الأحيان سوف تدفعك الحياة لتسقط على وجهك. ولكن مع تخفيض سقف توقعاتك بدرجة كافية، ستنتصر على تلك العقبات. وستصبح انتصاراتك، حتى الصغيرة منها، صلصة لذيذة تُضيفها إلى يومك.