🖋️ عرفنا بنفسك! من أنت؟
من أنا؟! يمكنني ببساطة أن أجيب أنا عمار الياسين عمري كذا وأعمال في المجال الفلاني، لكن بربك أليس من الظلم أن أعبر عن كل ليلة نامت فيها عيوني ولم تنم أحلامي وعن كل طريق سلكته حافيا أدوس شوكه وحجارته بقدمين عاريتين وعن كل خمسين خيبة وفشلا واجهته قبل كل نجاح؟!
أليس من الظلم أن أعبر عن ذلك كله بإحدى عشر حرفا لغويا؟! حسنا سأختصر عليك، يا سيدي أنا نفسي لا أعرفني، فأنا في الخامسة عشر من عمري أختلف عني في العشرين وأختلف عني في الثلاثين. أنا عربي ابن أبوين كافحا بكل ما استطاعا لأكون من أنا عليه اليوم. كنت في طفولتي أقرأ الكتب والجرائد بينما كان باقي أطفال الحي يلعبون الكرة.
لكن إذا أردت إجابة كلاسيكية فسوف أخبرك، أسمي عمار الياسين درست هندسة الطاقة ولم أعمل بها. وجدت أن شغفي يأتي في كتابة المحتوى ونشره وفي العمل في إحدى وظائف العصر الناشئة فتعلمت مهارات التسويق الرقمي وبدأ العمل مع جهات كثيرة حتى أصبحت قبل عامين عضوا في البورد الأوروبي للتنمية والعلوم بدعوة كريمة منهم.
دربت الكثير من المبتدئين في مجال التسويق وعملت مع شركات عديدة في بلدان عديدة تعرفت فيها على إخوة وأصدقاء لم يكن لأي صدفة كونية أن تجمعني بهم لولا وجود الانترنت.
🖋️ صِف لنا -باختصار- روتينك اليومي بصفتك كاتب
أنا لا أبدأ يومي بفنجان من القهوة على أنغام فيروز، موهبتي في الكتابة لا ترتبط بمكان أو زمان أو حالة نفسية.
كل ما أكتبه هو نتاج إلهام قد يأتيني في حالة الحزن أو السعادة، قد يأتيني بعد خلاف مع صديقي أو في مقعدي الذي أجلس عليه في المواصلات العامة.
أجلس في بعض الأحيان يومين أو ثلاثة ولا أستطيع كتابة سطر واحد وأجلس أحيانا أخرى تسابق أفكاري يدي اليمنى في الكتابة.
ربما أستطيع توضيح روتيني في الكتابة بحالتي النفسية، فإلهامي يأتي في حالة الانفعال سواء كان إيجابيا أم سلبيا، مفرحا أم حزينا. ببساطة روتيني أن لا روتين لي.
ما لا يعرفه الناس عني هو أني لا أكتب في مجال معين رغم أن عملي الأساسي في التسويق قد يلزمني بالكتابة في هذا المجال فقط لكن من قال أن الإنسان هو عمله فقط؟ ومن قال أن الإنسان يجب أن يكتب في مجال واحد فقط؟ ارجع للتاريخ لترى أن ابن سينا كتب في الطب والفلك والهندسة وغاليليو كتب في الفلك والرياضيات والفلسفة.
حسنا دعنا من ابن سينا ولنركز على ابن زكريا (أنا)، بدايتي في الكتابة كانت من خلال قصائد شعرية أولها عندما غزت نصف دول العالم عراقنا الشقيق، ثم تلاها الكثير من القصائد المنفردة التي لم يجمعها ديوان واحد واندثرت وضاعت. بعض هذه القصائد -أو جلها- كتبتها في فتاة أحببتها في دراستي الثانوية وبعضها الآخر كتبتها بعد مشكلة أو توبيخ من والدي أو فرحا بانتصار فريقي المفضل في إحدى بطولات كرة القدم.
بعد انتهاء المرحلة الجامعية بدأت في الكتابة في الفيزياء وهي موضوع أعشقه، كتبت 12 نصا لحلقات في يوتيوب أعتقد أني لو نشرتها لكنت ظاهرة في مجالي لكني وبسبب هوسي بالكمال لم أصور دقيقة واحدة من هذه الفيديوهات.
إلى جانب كتابتي في الفيزياء كتبت الكثير من المقالات في الفلسفة والسياسة والتسويق والتحليل الرقمي، بعضها نشرته وبعضها ما زال حبيسا في ذاكرة حاسوبي.
مؤخرا في السنوات الخمس الأخيرة بدأت بالتركيز على الكتابة في مجالي فألفت ثلاثة كتب في مجالات التسويق الرقمي والتحليل الرقمي وصناعة المحتوى والعديد من الكتيبات الصغيرة في نفس المجال أيضا.
وهنا قد يخطر في بالك أن تسألني أين هي هذه الكتب والمقالات التي كتبتها والتي قد يفوق عددها ثلاثمائة مقال؟! في حقيقة الأمر لم أكتب مقالا يوما أو قطعة شعرية أو نثرية بهدف نشرها أو ترويجها،
كنت دائما ما ألجأ إلى الكتابة كوسيلة لتحويل مشاعري الكامنة إلى كلمات مكتوبة فأنا كشخص إذا أردت أن أقول لابنتي الصغيرة "أنا أحبك" لا أقولها لها بشكل مباشر فأنا لا أستطيع التعبير بهذه الطريقة، بدلا من ذلك أقول لها "أنتي أميرتي الصغيرة" وهذا هو حالي مع الكتابة.
فرحت يوم خطوبتي فكتبت قصيدة في المرأة التي خطبتها والتي أصبحت لاحقا زوجتي، وغضبت من المنتخب الألماني في كأس العالم فكتب فيه مقالا أدبيا لاذعا، شعرت بالفخر يوما بوجود شاب عربي كأحمد الغندور "الدحيح" يستطيع الحديث عن العلوم بهذه البساطة فكتبت حلقة يوتيوب في أحد المواضيع العلمية مدتها 50 دقيقة عملت عليها أكثر من 6 أشهر.
🖋️ هل تمانع مشاركتنا إنجازك الأعظم؟
بالتأكيد لا أمانع، إنجازي الأعظم هو بناء أسرة تحتضن ثلاثة أطفال. صدقني لو كنت فاتحا للسند والصين معا وسألتني هذا السؤال لأجبت بنفس الإجابة فالمسؤولية التي تلقيها الأسرة على كاهلك لا يمكن لجيش من الغرباء أن يتسببوا بعشرها.
هل تتخيل أن تكون آخر من ينام وأول من يستيقظ؟ هل تتخيل أنك من الممكن أن تمرض لأن عضوا ليس في جسمك أساسا أصابته جرثومة أو فيروسا؟
هذا غيض من فيض من يحدث لك عندما تقوم ببناء أسرة، ومع ذلك فكل هذه الصعوبات والتحديات ليست بلا طائل فأنت ستكسب مقابلا لها طفلا صغيرا يقول لك "بابا" وهو أمر سيمنحك شعورا بالفرح والإطمئنان لا تصفه كلمات اللغة.
🖋️ هل تحدثنا عن مشروع فشلت به؟
في الحقيقة كانت عدد المرات التي فشلت بها أكثر من عدد المرات التي نجحت بها ويمكنني القول بكل ثقة أنا ما صنعني هو فشلي وليس نجاحاتي.
لكن وحتى أعطيك إجابة شافية سأحدثك عن فشلين كان لهما كبير الأثر في حياتي. الفشل الاول كان عندما ودعت أمي في المطار عام 2015، آخر كلامي لها هو وعد بأن ألتقي بها خلال عام واحد على الأكثر لكني فشلت في تحقيق ذلك، مرت حتى الآن 9 أعوام وشاخ وعدي ووهنت أحلامي ولا زلت أنتظر اللقاء بأمي.
الفشل الثاني كان بعدها بسنة واحدة حيث التحقت ببرنامج تدريب في إحدى الشركات الكبيرة، كان عدد الملتحقين بالتدريب حوالي 50 شخصا وكنت أرى بأني الأفضل بينهم ولا أحد منهم يكاد يقترب من مهاراتي أو قدراتي. انتهت فترة التدريب والتي كانت شهرين وقالوا لي : "شكرا لك أنت غير مناسب لنا". صدمتي الكبيرة أني لم أكن أشك للحظة واحدة بأني الأفضل وبأنه سيتم قبولي وحتى عندما تم فصلي لم أفهم السبب فكنت مؤمنا بهذا الاعتقاد، لكن بمرور الأيام بدأت أفهم ما حدث ولماذا حدث، أنا حقا لم أكن الأفضل وما كنت أعتبره ثقة كان في الحقيقة غرور شاب في مقتبل العمر.
لكن ولأن ما يختاره الله دائما ما يكون خيرا لنا كانت هذه التجربة هي السبب في اتجاهي لتعلم مهارات التسويق وتطوير مهارات صناعة المحتوى الكتابي التي أتمتع بها.
🖋️ ما التحديات التي واجهتها خلال مشروعك الأخير؟
سأخبرك بقصة مشروعي الأخير والذي هو في الحقيقة مشروع شخص اسمه كمال تواصل معي في ليلة 26 رمضان عام 2023 بعد صلاة الفجر.
تواصل معي هذا الشخص عبر الماسنجر ولسبب ما يومها كنت أتفقد الماسنجر الخاص بي علما أني أفتحه كل شهر أو شهرين مرة واحدة. قال لي هذا الشخص تعرفت عليك من قناتك على يوتيوب وبحثت عن حسابك على فيس بوك لأني أريد منك أن تقوم بتدريب فريق العمل لدينا في الشركة على إدارة الحملات الإعلانية.
قلت له حسنا دعنا نتواصل بعد العيد ونسيت الموضوع من جهتي فقد كنت شديد الإنشغال ولم أتوقع أساسا أن يعاود التواصل معي.
لكن في أول يوم عمل بعد العيد تواصل معي كمال واتفقنا على بعض التفاصيل الخاصة بالتدريب. بعد انتهاء أول جلسة تدريب قال لي كمال دعني من التدريب أريدك أن تكون مسؤولا عن قسم التسويق لدينا في الشركة فبدأت العمل معهم كعمل جزئي ولم يكن السبب هو الشركة أو العائد المادي فأنت كنت ملتزما مع جهات أخرى وكان مردودي الشهري أكثر بحوالي الثلث مما أحصل عليه في شركة كمال.
لكن ما دفعني للعمل معهم هو هذا الشخص بذاته، فأنا لم ولا أستطيع إخفاء إعجابه بذكائه اللذي قلما سمعت صاحب شركة عربية يتمتع به. لست أبالغ إن قلت أن ذكائه استفزني ودفعني للإيمان بمستقبل يراه هو كبيرا لهذه الشركة وكان الناس لا يرون منه طرفا حتى.
آمنت بالرجل ووثقت به كما وثق بي رغم أن بيني وبينه عدة بلدان وآلاف الكيلو مترات. لم أبخل يوما في تقديم جهد طلب مني أم لم يطلب لإنجاح شركة كمال والتي لم أسمعه يوما يقول عنها شركتي بل كان يقول هذا عملنا كلنا.
معظم العاملين في الشركة كانوا يعملون أونلاين ومتوزعون على 9 بلدان مختلفة. كان هذا تحديا كبيرا، فكيف يمكن لأي عمل أن ينجح وأفراده بهذا التشظي، لكن الآن وبعد مرور سنة ونصف كبرت الشركة لتتحول لحاضنة أعمال تدعم المشاريع الصغيرة في جميع أنحاء الوطن العربي كأول جهة عربية تدعم هذا النوع من الفعاليات واسمها هو "مكنون". ورغم أن "مكنون" فتحت أسواقا في أكثر من 20 بلدا في آسيا وأوروبا وأفريقيا وأمريكا الشمالية ورغم أنها باعت خدماتها لأكثر من 4 آلاف عميل في سنة ونصف فقط إلا أنها ما زالت في بداية الطريق.
قد تبدو لك هذه القصة جميلة لكنها لا تحتوي على الكثير من التحديات لكن تمهل قبل أن تحكم، ماذا لو أخبرتك أن الكثير من الموظفين يعملون حاليا بمقابل بسيط جدا يكاد لا يدفع أجرة المنزل المستأجر حتى، وسبب ذلك ليس أن الشركة لا تدفع لهم بل لأنهم قرروا التضحية بمرتباتهم الحالية لأنهم مؤمنون بنمو هذه الشركة لتصبح من الأعلى قيمة في الوطن العربي أجمع. أستطيع القول وأنا كلي ثقة أن هذا التحدي الذي يواجهه أفراد فريق العمل في مكنون بمن فيهم أنا لم نواجه مثله قبلا وغالبا لن نواجه مثله فيما سيأتي.
🖋️ ماذا تقرأ الآن؟
رغم أنني مولع بالقراءة لكن آخر كتاب قرأته مضى عليه أكثر من ثلاثة أشهر وسبب ذلك هو ضغط العمل الكبير حاليا. كان الكتاب الأخير الذي قرأته هو كتاب "سيكولوجيا الجماهير" وهو كتاب جيد رغم وجود بعض الحشو فيه. |