نميل إلى قياس الأداء من خلال ما يحدث عندما تسير الأمور على ما يرام. ومع ذلك، لا تحمل الطريقة التي يبدو بها الأشخاص والمؤسسات والشركات والقادة وغيرهم في أفضل أيامها دلالات كافية. وللعثور على الحقيقة، نحتاج إلى تأمل ما يحدث في الأيام السيئة.
“يمكن لأي شخص توجيه السفينة عندما يكون البحر هادئًا” — بوبيلوس سيروس
نُشيد ونثني على الرياضيين الذين حققوا سلسلة انتصارات، والشركات الناشئة ذات التقييم المرتفع، وصناديق التحوط التي تحقق عائدات قياسية، وما إلى ذلك. ولكن من السهل أن تبدو شخصًا رائعًا عندما تكون الظروف هادئة ويسير كل شيء وفقًا للخطة. يمكن لأي شخص أن ينجح لفترة من الوقت، حتى لو كان ذلك بدافع الحظ فحسب. لا شيء مُبهر في تقديمك عملًا رائعًا إذا لم تتعرض لتحديات واختبارات. إن مراقبة ما يحدث أثناء الانحدار هو أمر أكثر فائدة بكثير.
تُثبت المنتجات والخدمات جودتها عندما تتعطل، لا عندما يسير كل شيء على ما يُرام. غرّدها إن أحببتهاعندما يتوقف البرنامج عن العمل، هل ترى رسالة خطأ محيرة بدون إرشادات إضافية، أم بتعليمات واضحة حول كيفية الحصول على المساعدة؟ هل خدمة العملاء سريعة وسهلة الوصول إليها في أي وقت أم أنها تُدخلك متاهاتٍ لا نهائية؟
حتى لو كانت لديك نظرة إيجابية لمنتج أو خدمة لسنوات، فإن المشكلة التي تستغرق وقتًا طويلاً لإصلاحها أو الاستجابة المتعالية عندما تطلب المساعدة ستدفعك -بلا شك- للبحث عن خيار آخر.
من وجهة نظر العملاء، تكون الشركة جيدة بحسب تصرفاتها عند تأزم العلاقات العامة.
هل تتنصل وتحاول إلقاء اللوم على طرف آخر أم تتحمل المسؤولية؟ هل تحاول التستر على ما حدث أم تبادر بذكر الحقيقة الكاملة؟ هل تتجاهل أي أضرار أم تتعهد بتعويض جميع المتضررين (بغض النظر عن التكلفة)؟ تتسم السمعة بالهشاشة. ستبقى حادثة واحدة سيئة في أذهان العملاء لفترة طويلة.
من وجهة نظر مالية، تثبت الشركات قيمتها عندما تُظهر كيف تتكيف عندما يتغير شيء أساسي في السوق أو عندما تقع أزمة مالية.
هل تستمر في الإصرار على نموذج العمل القديم متوهمةً أن ما نجح من قبل لا بدّ أن يعمل مرة أخرى أم أنها تُعيد رسم نهجها؟ هل تطرد موظفيها لتحافظ على مكافآت الرؤساء التنفيذيين أم تضع خططًا طويلة الأمد آملةً أن يكون بمقدورها جذب أفضل المواهب في المستقبل؟ هل تنهار عندما يظهر منافس جديد قوي أم ترتقي إلى مستوى التحدي؟
على غرار الشركات، قد يكون المستثمرون قادرين على الأداء الجيد في ظروف مثالية بسبب الحظ. ولكن عندما ينهار السوق وتسود الفوضى في الوول ستريت، لن يعرف سوى قلة قليلة كيفية التأقلم أو الاستعداد. الأذكى فقط هم من يعرفون كيفية النجاة أو حتى الكسب.
تظهر جدارة القادة بحسب الطريقة التي يقودون بها في أوقات عدم اليقين والخوف.
هل يختبئون بعيدًا عن الأنظار أم أنهم يمثلون حضورًا مطمئنًا يلم شتات الجميع؟ هل يفعلون ما يمكن تبريره أم ما هو الأفضل للجميع على المدى الطويل؟ هل يُجبرون على الرد أم يكونون مستعدين له مسبقًا؟ اطلب من أي شخص تسمية أفضل القادة في تاريخ بلدهم، الأرجح ألّا يسموا من كانوا في السلطة خلال أوقات الهدوء والسلام. وإنما سيتذكرون أولئك الذين كانوا على رأس القيادة أثناء الحروب والأزمات الاقتصادية والأوبئة والكوارث الطبيعية وما إلى ذلك (أولئك الذين لم يتخلوا أبدًا عن رؤاهم والذين نشرت مواقفهم المتسقة والمتفهمة شعورًا بالأمل).
كأفراد، نخبر الناس أكثر عن هويتنا عندما تسوء الأمور (وهي ذاتها التي تعرفّنا أكثر على أنفسنا).
قد لا يتذكر أطفالك كيف تعاملت معهم في يوم عطلة مشمس ومريح، حيث كان عملك يسير على ما يرام طوال الأسبوع ولم يكن يشغلك سوى اللعب معهم. إنما تيقنّ أنهم سيتذكرون كيف تصرفت في اليوم الذي فقدت فيه وظيفتك بسبب الركود، ودخلت في جدال مع أمهم، ووصلت فاتورة غير متوقعة في ذلك الصباح، ثم سكب أحدهم الصلصة على الأريكة. هذا هو اليوم الذي يكون فيه سلوكك هو الأفضل لتظهر لهم ما سينتهجونه في المستقبل.
قد لا تتذكر زوجتك كيف تعاملت معها عندما كنت مستلقيًا على الشاطئ في عطلة الصيف، راميًا كل ما يقلقك بعيدًا وممسكًا لكتاب جيد في يدك. لكن من المؤكد أنها ستتذكر كيف تعاملت معها عندما حدث بينكما أسوأ خلاف على الإطلاق، بشأن مشكلة بدت مستعصية على الحل وتتضمن مشاعر معقدة. هذه هي اللحظة التي قد ستتخذ فيها قرارًا بشأن ما إذا كنت ستبقى شريك حياتها للأبد.
قد لا يتذكر رئيسك في العمل ما قمت به في الأسبوع العادي عندما سار كل شيء كما هو مخطط له. لكن من المؤكد أنه سيتذكر الوقت الذي كثّفت فيه جهدك، ووسعت حدود قدراتك، وقدمت ما بدا مستحيلًا في وقت قصير بينما كان كل شيء من حولك ينهار. هذا ما سيتذكره عند تقييم قدراتك الحقيقية.
أنت جيد بقدر تصرفاتك في أسوأ أيامك. ليس لأن ما تفعله في بقية الأيام لا يهم. ولا لأنه يُتوقع منك أن تكون مثاليًا تحت ضغط هائل أو أن تتصرف وفقًا للخطة عندما يسير كل شيء على ما يرام. وإنما لأن ما تفعله في أسوأ يوم لك يستحيل تزييفه. فهو إشارة صادقة. حيث لا يتوفر سوى القليل من الوقت للوقوف أو المماطلة. في أسوأ يوم لك، تُظهر مدى اهتمامك (أو عدمه) بالأشخاص الذين يعتمدون عليك. وتؤكد ما إن كنت مستعدًا لبناء وتقوية الروابط بطرق ستستمر مدى الحياة، أو تخاطر بتدمير العلاقات في لحظات.
أسوأ أيامك هو فرصة لإظهار أفضل صفاتك، وللتميز، ولتتعلم قدرًا هائلاً عن نفسك. قلة قليلة من الناس يخططون أو يستعدون لما سيفعلونه وكيف سيتصرفون خلال تلك الأوقات. لكن من يفعلون ذلك قد ينتهي بهم المطاف إلى تحويل أسوأ أيامهم إلى أفضلها. غرّدها إن أحببتهاوفي ذات السياق، أعجبتني هذه التدوينة: عن مأزق الإيجابية السامة وكيف يمكن “للسلبية” أن تكون سبيلاً إلى صحة نفسية أفضل
وبقلمي: هل القلق سيُفيد؟
تعليق واحد على “كونك شخص رائع يحدده أسوء أيامك!”