من الأمور التي كانت تثير فضولي عن الجيل الذي يسبقني: ما هو مضمون الرسائل التي كانت يتبادلها هواة المراسلة؟ أذكر سفر والدي إلى العراق أواخر عام 2002، وإرساله لنا بطاقات بريدية يُخبرنا فيها عن مذاق الشاي العراقي اللذيذ. ومن الطريف أننا طلبنا منه وصف المذاق.. وجهًا لوجه!
(فالبطاقات البريدية وصلتنا بعد عودته بأسبوع!)
على العموم، كانت تلك تجربة يتيمة في تعاملنا مع الرسائل الورقية التقليدية، لذا فهي لم تُطفئ ظمأ المعرفة داخلي، فجاءت تدوينة زاهر هاشم كواحة ماء وسط الصحراء.
كيف بدأ PSP؟
وفي سياق متصل، يشاركنا المدون عبدالله المهيري ما اسميه (نوستالجيا الأزمات) – حيث تدفعنا مواجهتنا لظرف قاهر إلى اتخاذ موقف دفاعي ضدّ الحاضر، كيف؟ باسترجاع الماضي في أذهاننا.
والآن، بناءً على طلبه [أخبرني عن هواتفك … وأخبرني إن كنت تكره الهواتف مثلي، أريد أن أبدأ نادياً ?] سأروِ حكايتي مع الهواتف المحمولة:
كانت والدي -حفظه الله- مقتنعًا أن الهاتف المحمول للضرورات فحسب، لذا ذهبت كل محاولات استعطافي له شراء هاتف محمول بسيط أدراج الرياح، وعلى عكس كثير من الآباء، كان يسمح لنا “بلمس” هاتفه (نوكيا 3310) وممارسة ألعابه الممتعة!
لم تكن محاولات استعطافي له بالقول فحسب، بل كنت أحتفظ بكل ملصق إعلان لهاتف جديد ضمن صندوق صغير، لأُفرغ محتوياته صبيحة كل يوم على طاولة الطعام (كانت موضوعة قُبالة باب المنزل).
مضى شهر.. شهران.. سنة وأنا لا أكلّ عن المحاولة، إلى أن جاء يوم (كان يوم اثنين لا يُنسى) وطلب منيّ التجهزّ لمرافقته إلى السوق، الغريب أنني كدت قد فقدت الأمل حتى أنني حدثت نفسي: احتمال أنو أبي يشتريلي الموبايل هو واحد بالمليون!
خرجنا من المنزل، وفي طريق العودة.. توقف والدي أمام محل لبيع الهواتف المحمولة.
قلت: لعله سيشتري هاتفًا يُهديه لعمّتي.. أو عميّ.. أو لصديقه، لكن ما حدث كان يفوق أكبر خيالاتي: طارق، نقيّ (اختر) الموبايل اللي بيعجبك.
لحظة! هل الكلام موجّه إليّ؟ .. لا يوجد في عائلتنا من يحمل اسم طارق سوايّ.. إذًا فوالدي يطلب منيّ -أنا- أن اختار هاتفًا!!
تأملت الخيارات المطروحة أمامي، أردت أي هاتف.. المهم أن يحتوي بعض الألعاب (كنت في الصف الثاني الإعدادي “الثامن”)، وهكذا اخترت هاتفًا من ماركة لم تكن مشهورة Alcatel OneTouch 700
ما يميّز هذا الهاتف هو تضمنه (مؤلف نغمات) وهو ما أتاح ليّ اختبار مواهبي الموسيقية على أرض الواقع [أمزح! كانت النغمات التي أؤلفها هي الأسوء على الإطلاق].
بعد شهرين، مللت من هذا الجهاز، خاصةً بعد فشلي الذريع في تأليف نغمة لا تسبب الانهيار العصبي. فما كان منيّ إلا أن انتهزت فرصة انشغال والدتي باستقبال ضيوفها لأطلب منها النزول وبيع هاتفي، وضاعت كلمة (لا) بين الترحيبات.
جُلت شوارع المدينة ومحلاتها بحثًا عمّن يشتري الهاتف، كان والدي قد اشتراه بـ 3500 ل. س (أي ما يُعادل 70$)، وظننت أنني سأبيعه بثمنه ذاته أو أقل بـ 100 ليرة (2$)، لكن الباعة الجشعين لم يعرضوا أكثر من 1000 ليرة (20$)!
يا للهول! قلبي الصغير لا يتحمل خسارة كهذه. وقبل أن يتملكني اليأس، وافق صاحب أحد المحلات على استبدال هاتفي بهاتفٍ آخر: Nokia 8210
وافقت على الفور! وخرجت بهاتفي الجديد كما لو كنت (عليّ بابا) بعد خروجه من المغارة. اتصلت بوالدتي لاختبار الهاتف ووضوح صوته، وجرت الأمور على خير ما يُرام. ثم فجأة -وخلال أقل من أسبوع- تعطل الهاتف!
ما هو التصرف المنطقي لمراهق في هذه الحالة؟ أحسنت.. أن يذهب بالهاتف إلى البائع ويُطالبه بتعويض.
لكن المتجر مغلق، وحين سألت أصحاب المحلات المجاورة قالوا بأن صاحبه (أو المُستأجر بمعنى أدق) قرر تسليمه لأصحابه.
يا للمحتال! أخذ مالي وهرب.
ورغم حُزني على مصابي، لكن كنت قد تعلمت الدرس: لا تشترِ هاتفًا مستعملًا في حياتك.
أعاد عليّ والدي ذات الدرس قبل أن يمنحني مالًا لشراء هاتف جديد، والذي رافقني حتى جئت مصر عام 2013، إنه الهاتف المعجزة Nokia X3
هناك فترة قصيرة لا تتعدى 3 أيام لم أذكرها، اختبرت خلالها هاتف Nokia NGage QD
قصة هذا الهاتف باختصار:
طلبت والدتي من ربّ أسرتنا -حفظهما الله- شراء هاتفٍ لها، لكنها اشترطت عليه ألّا يكون كهاتفه (بل بشاشة ملونة)، فكان أن نصحه أحد أصدقائه بهاتف N-Gage QD. أظنكم تعرفون البقية: على عكس والدتي، أُعجبت بالهاتف جدًا، ورجوت والدي أن نحتفظ به، وبالطبع رفض.. لكن بما أنه أحضره يوم الخميس (والجمعة عُطلة) فقد بقي الهاتف حتى يوم السبت معيّ، حيث جاء صديقه -صاحب متجر الهواتف- مساءًا واستعاد ابني.. أقصد الهاتف!
الآن، أحمل هاتف Motorola Moto G5، وأواجه ذات ما يواجهه صديقنا عامر حريري
… بقي تطبيق الواتس أب .. إضطراري لإستعماله في العمل يجعل الأمر صعباً .. سأجد حلاً ما .. قد يكون الحل هو حذفه وترك الأمور تمضي تلقائياً لحل ما ملائم ..
تمثال الملل
لفتت نظري تدوينة الكاتب حاتم الشهري (الاكتئاب ليس له علاقة بالدين ولا التدين) والتي تطرح وجهة نظر نحتاج إلى تكريسها بشكلٍ كبير
من المؤلم والمحزن أن نربط بين الاكتئاب -وغيره من الاضطرابات- بقلة التدين وكأننا نقول إن الإنسان يمرض بنفسه، وأيضا نضعه في مربع الاتهام، الاتهام بقلة إيمانه وقلة تدينه؛ وقد نشأ هذا الوهم بسبب عدم الوعي الكافي لدى العامة بعلم نفس عموما، وبالصحة النفسية خصوصا؛ ولذلك كان لزاما على المتخصصين أن يخرجوا للنور كي يوضحوا هذه المسألة.
أول ما ورد إلى ذهني -عند قراءتي هذه العبارة- هو سلسلة مغامرات طبيب العصبية في قسم النفسية للطبيب فرزت الشياح، وأتمنى أن يكون لنا في زِد نصيب من تلك القصص.
بالعودة إلى تدوينة الكاتب حاتم الشهري،
قضيت صباح أمس وقتًا عصيبًا، شعرت حينها كما لو أن المارد داخلي يريد التهامي! فمسودات رواياتي الجديدة تغطي أرضية الغرفة، لكنني عاجز عن كتابة حرف واحد، فكرت أكثر من مرة في تمزيقها.
مرّ زمن طويل منذ أحسست بالملل، فدائمًا ما كنت مشغولًا بالعديد من الأشياء، بل وكنت أتضايق إن حاول احدهم مضايقتي (رغم تفاهة/سخافة ما أفعله).
كانت الساعة تشير إلى 7 صباحًا، فلا أنا أشعر بالنعاس، ولا أرغب بفعل شيء، وفجأة.. خطر في بالي أن ألهو بالاسمنت! شعرت أن تمريغ يديّ بلزوجته الباردة قد يريح أعصابي وروحي الثائرة.
وقد كان، حيث قضيت أكثر من ساعة ما بين محاولة لضبط مقادير “الوصفة” المتماسكة، وتشكيل مزهرية.. ولضعف الخليط لم أتمكن من صنع شكل مجوّف.. فغيّرت الخطة وصنعت هذه التحفة ?
أول ما خطر في بالي -بعد إنهاء هذا الشكل الغريب- هو تصويره ووضعه في صفحتي على الانستغرام، ستسألني: لماذا؟ وأنا سأجيبك.
ما بين الكمالية والعبثية
كما نعلم جميعًا، فالنجاح لا يأتي إلا عقب سلسلة من الإخفاقات. لكن ما يحدث، أن وميض أضواء الشهرة يعمي الأبصار عن هذه الحقيقة الواضحة.
لهذا السبب، تتمحور العديد من أفكاري على مشاركة نتاج أعمالي أولًا بأول، فإن استمريّت ثم أخفقت.. فهو شيء متوقع. أما لو نجحت، فستكون سلسلة إخفاقاتي تحت ناظري المتابع.
تحدثت ذات مرة عن فكرة قناة يوتيوب مفادها: التحدث دون إيقاف التسجيل لأي سبب، واخترت اسمًا للبرنامج آنذاك: بدون مونتاج! (اسم تقليدي، صحيح؟)
ومجددًا، كان هدفي أن يرى المتابعين الوجه الآخر/المخفي لما يحدث خلف الشاشات، أن تُجسّد قصة نجاح (بكل ما فيها( أمام ناظري شخصٍ ما، أفضل ألف مرة من ترديد شعارات وأقوال مأثورة عن النجاح.
يحضرني هنا مقال رائع عن 6 أفكار جديدة لقنوات يوتيوب، ورغم كون العنوان فضفاضًا بعض الشيء، لكن المقال حمل بعض الجِدّة بالفعل. على سبيل المثال، يذكر المقال فكرة الخروج من منزلك وتصوير الشارع كما هو:
لكن هل يمكن تطبيق ذات الفكرة ضمن شوارعنا العربية؟
هنا مكمن العبثية!
لا تنسى قراءة الجزء الأول غير ذو الصلة!
لقد حذفت الواتس أب فعلاً ووضعت خيارات قابلة للضبط بالنسبة للعمل .. وأصبح الهاتف رزيناً 🙂
مُبارك يا أستاذنا 🤩
هلّا شاركتنا إياها؟ 🥰
ببساطة قلت لهم أن يتواصلوا معي عن طريق سكايب وأنا أغلقه خارج أوقات العمل عادة وهو غير مريح لمن إعتاد على الواتس أب 🙂 .. وأعطيت عدداً محدوداً جداً خيار التيليغرام .. التيليغرام وضعته من دون تنبيهات ولن يكون مصدر إزعاج أبداً
😍😍
سعيدٌ جدًا بتفاعلك مع سؤالي. وأظنني سأحذو حذوك فيما فعلت.
شكرا جزيلا لك سعادة المهندس على أن ذكرتني
ضمن تدوينتك الرائعة..
ممتن جدا لك وأتمنى لك يوما سعيدا..
سعدت بمرورك كثيرا على تدوينتي
يروقني أن أوضحّ لكل من أصادفه أن م. هي اختصار مُحبب لاسمي “محمد”، وكأن (الهندسة) تهمة أحاول التملّص منها.
صدقني أ. حاتم، أنا من تشرّفت بمرورك اليوم 🌾 💐