شكرًا لأنك دعوتني للإجابة على هذه الاسئلة، وأرجو ألّا يتملكك الندم بعد قراءة إجاباتي.
اذكر تجربتك في عالم التدوين، ما اكتسبته منها ماديا ومعنويا؟
سأفترض أنك أصبحت -بعد قراءة الجزء السابق– على علمٍ ببداياتي في عالم التدوين، لذا فسؤالك يدور حول الفترة التالية.
بعد أن أطلقت مدونة المحتوى الأفضل لأصحاب المواقع وحققت بعض الأرباح، شعرت أنني شخصٌ ماديّ!
ترافق ذلك مع قراءتي لكتاب البوصلة القرآنية للمرة الثالثة، حيث اكتشفت عبره مفهوم (الخلافة على الأرض) بحسب منظور د. أحمد خالد العمري.
أعجبتني فكرة أن الله سبحانه لم يخلقني إلا لإيصال رسالة معينة، بطريقة معينة لا يُتقنها غيري. ولمّا بحثت في ذاتي اكتشفت أن الموهبة التي يمكنني عبرها إيصال رسالتي هي: التدوين.
وهكذا، انطلقت مدونة بقعة حياة.
ولاختيار الاسم قصة قصيرة طريفة، حيث كنت متأثرًا بذكاء كُتّاب السلسلة التلفزيونية الشهيرة بقعة ضوء، تلك الكوميديا السوداء التي تسلّط الضوء على مشاكلنا الاجتماعية، وهو ذاته الهدف الذي وددت تحقيقه من خلال مدونتي، لكن.. ولمّا كان اسم النطاق SpotLight.com محجوزًا.. بحثت عن كلمة قريبة من كلمة (ضوء – Light) في النُطق، فكانت (حياة – Life).
واظبت على التدوين في المدونة حتى منتصف عام 2013، حيث خرجت ذاك العام من بلادي في سياحة إجبارية (بتّم تعرفون القصة)، وعجزت بعدها عن دفع رسوم الاستضافة، فانتثرت المدونة.
بالنسبة للمكاسب المعنوية في تلك الفترة التدوينية، فهي أكثر من أن تُعدّ! إنما يمكنني تلخيصها بالقول:
- اكتسبت صداقاتٍ رائعة مع مدونين مثل طريف مندو وعبدالمهيمن الآغا (قبل أن يصبح مديرًا لحسوب) وسلمى الهلالي وآخرين.
- اكتشفت ذاتي بشكلٍ متعمق، وكسرت حاجز الخجل من التعبير عن أفكاري ومناقشتها على الملأ.
ما أقرب أنواع الكتابة إلى قلبك؟
في الحقيقة، لم أفكر في إجابة هذا السؤال من قبل! فلطالما نظرت إلى (الكتابة) كمفهوم متكامل لا يتجزأ. باختصار، كان القلم رفيقي منذ كتابتي الشِعر والخواطر في مراهقتي، وحتى استمتاعي بفنّ التسويق بالمحتوى في الوقت الراهن.
إنما لو وودت إجابة محددة، فيكفي أن تنظر إلى رف كُتبي لتكتشف أنني أهيم عشقًا بالرواية، فأتتبع لقاءات الروائيين وطقوسهم وأتحرى نصائحهم إلى أبعد حد.
هل أفادك التدوين، وما الذي جعلك تكتشفه؟
لهذا السؤال صلة بسؤالك الأول، ومع ذلك، وقفت أمام تعبير (أفادك) مطولًا وجعلني اتسائل: هل يحقّ ليّ أن اختصر علاقتي بالتدوين بكلمة (فائدة)؟
بالطبع لا! فالتدوين بالنسبة ليّ أسلوب حياة… التدوين عالمٌ يحتضنني بشكلٍ مثالي. تأمل معي مثلًا هذه الصورة:
لاحظ عدد الرسائل التي أرسلتها إلى صنّاع المحتوى المرئي أملًا في الحصول على مراجعة لروايتي، وكم عدد المراجعات التي حصلت عليها؟ صفر!
هذا لم -ولن- يحدث في عالم المدونين: فها هي الزميلة ولاء عبدالرحمن وقد اشترت نسخة من الرواية وقرأتها أكثر من مرة.
وكذلك أسماء التي كانت أول من نشر مراجعة متكاملة عن الرواية.
وها هو الصديق الصدوق يونس بن عمارة يضع إعلانًا للرواية على القائمة الجانبية.
ولن أنسى بالطبع المدون اللطيف جدًا رياض فلحي
الآن، أنت تعرف إجابة الشقّ الثاني من سؤالك.
هل لك تجارب مع عالم الرواية؟
لطالما رغبت بالإجابة على هذا السؤال، ولكن بعد نجاح محاولتي الروائية الأولى.
كنت أستغرق في أحلام اليقظة، فأرى نفسي أروي بداياتي المتواضعة من خلال قصة مؤمن وعائلته (التي كتبتها في مراهقتي)، ثم إعجابي برواية الحالم لسمير القسيمي، ومحاولتي مجاراته في خلق عالمٍ يفقد فيه القارئ خيوط الزمن عبر مشروع الرواية سياحة إجبارية.
تمنيّت -والأماني للكسالى- لو مللت من كثرة الإجابة على سؤال: كيف حققت روايتك الأولى ذاك النجاح الباهر؟
إنما هو تقصيري في تسويقها.. أعترف.
[إن بدت لك بقية الإجابات خرقاء، فهذا بسبب شعوري بالنُعاس أثناء كتابتها، وإصراري الشديد على الاستمرار حتى النهاية أملًا في اللحاق بالقطار]
ما هي المثبطات التي تقف أمامك في كتابة الرواية، وهل تجد حلولا لها؟
سؤال جيد.. بل هو ممتاز!
الإجابة التي لا تحتاج لأدنى تفكير: عدم القدرة على التفرّغ.
هل تذكر حديثي عن برنامج المنح الإنتاجية – المورد الثقافي؟ في الواقع، لم أتمكن من إرسال الاستمارة، فمن ضمن المتطلبات: تحديد تكاليف العمل ووضع جدول زمني لتأليفه.
والآن، إن كنت تبحث عن المعنى الحقيقي لفقدان الإنسان خيوط الزمان والمكان، فستجده حيث أعيش حاليًا: هنا، يتقلب الطقس -ما بين حارٍ وجافٍ وبارد- أكثر من تقلّبات البورصة، وتنقلب الأسعار صعودًا وهبوطًا بين ليلةٍ وضحاها. هنا -في سوريا- يبحث الإنسان عن ثانية ليلتقط أنفاسه.. فلا يجد! وإنما لهاثٌ خلف لقمة العيش كلهاث الكلب الذي ينبح خارجًا الآن.
فكيف -بالله عليك- سأتمكن من تحديد جدول زمني لتأليف الرواية وأنا أقف على شفا حفرةٍ من شوك؟
تكاليف العمل؟ هههه أضحكتني!
ومع ذلك، حاولت..
حاولت عبر وضع حساب خاصٍ لدعم الرواية، وعبر محاولة التشبيك مع أشخاص معنيين بالأدباء الجُدد، وأخيرًا عبر الاشتراك في مسابقة الكتابة الجماعية (كحلٍ أخير).
أودّ هنا أن أشكر عرّاب المدونين عبدالله المهيري لمشاركته تجربته مع المسابقة، لا أعرف من أين يأتي هذا الرجل بكل سحره ذاك؟!
ما هي معوقات العمل الحرّ فى العالم العربي، وأقصد بهذا مجال الفريلانس تحديدا؟
بعد إجابتي المتشائمة أعلاه، أشعر أن لا طاقة بيّ للتفكير في إجابة هذا السؤال.
مممم، لنقل أننا نواجه (كارثة حقيقية) في حلول الدفع وسحب الأرباح، حكى ليّ أحد المدونين أنه يخسر ما يُقارب الـ 40% من أرباحه نتيجة لجوئه للوسطاء الماليين. ولدينا أيضًا مشكلة البايبال التي تبدو عديمة الحلّ (ولا أعلم لما لا زال أصحاب منصات العمل الحرّ العربية يصرّون على اللجوء إليه!).
التحدي الثاني الذي يواجهه العمل الحرّ في عالمنا العربي: سوء خدمة الانترنيت في بلادنا العزيزة.
التحدي الثالث، انخفاض الأجور.. أو “بَخس الجهود” إن أردنا الدقة! هناك فجوة عملاقة بين العرض والطلب في سوق العمل الحرّ، يحاول بعض المستقلين (أو بائعي الخدمات المصغرة) تقليصه عبر خفض أجورهم بشكلٍ مبالغٍ فيه.
على سبيل المثال، لنفترض أنك ترغب في التعاون معيّ على مشروع، وأخبرتك أنني أتقاضى 60$ لقاء الـ 1000 كلمة، فكيف سيكون ردّ فعلك الأول؟ بالطبع ستخبرني أن هناك عشرات كتّاب المحتوى الذين يقبلون بأجورٍ أقل من ذلك بكثير!
[وهكذا أكون قد حوّلت سؤالك إلى شكوى شخصية!]
اذكر اسم روائي معين تتمنى أن تصل لمستواه من حيث الحرفة التمكن؟ واذكر اسم رواية تتمنى أن تصل لقوتها من حيث السرد والحبكة.
ستيفن كينغ بالطبع! فهذا الرجل تمكن من صنع ثروة عبر إتقانه حرفة الكتابة وتقديمه أعمالًا لا تُنسى. إنما يقول المثل:
وَما نَيلُ المَطالِبِ بِالتَمَنّي ….. وَلَكِن تُؤخَذُ الدُنيا غِلابا.
أما بالنسبة للرواية الحُلم، فلا أظنني صادفت رواية بقوة سرد وحبكة الرواية التي أعمل عليها حاليًا، تراني مغرورًا متعجرفًا؟ إذًا.. انتظر ريثما انتهي منها -هذا إن انتهيت فعلًا- واحكم بنفسك، ومن الآن أقول: أنا جاهز لأي انتقاد سيطالني أو يطالها.
من وجهة نظرك؛ ما الذي ينقص المحتوى العربي حتى يبلغ مرحلة الجودة والانتشار؟
لا أعلم لِما أُصرّ على الإجابة على هذه الاسئلة وأنا بهذا المزاج السيء!!
أشكرك لأنك لم تُقارنه -كما يفعل أقرانك- بالمحتوى المكتوب بلغاتٍ أخرى كالإنجليزية.
إذًا، ما الذي ينقصه ليكون على مستوى عالٍ من الجودة؟ دعمه ماديًا. ما الذي سيدفع بصانع المحتوى لبذل جهده ووقته وماله في تقديم قطعة محتوى ممتازة إن كان لا ينال عليها حتى الشُكر؟
على الطرف الآخر، يقدّم القائمون خلف المحتوى الرديء كل الدعم لكتّابهم! هل فكرت يومًا بحقيقة مشاعر من يكتبون فضائح الفنانين؟ أليسوا هم ذاتهم زملائنا في الجامعة والسكن وأصدقائنا المثقفين؟ إذًا ما الذي يدفعهم لكتابة مثل هذه المقالات الرخيصة؟ لأنها غالية! (يقبضون عليها مبلغًا محترمًا).
[يبدو أن وضع التدوينة يزداد سوءًا!]
ماذا عن الانتشار؟
نحتاج لضغط زرّ (المشاركة) أكثر… ببساطة!
إضافةً لدعم المدونين الشخصيين: تذكر الزميلة ولاء هنا أنها كادت تتخلى -أكثر من مرة- عن فكرة التدوين فقط لأنها ترى مدونين آخرين يتشاركون روابط تدويناتهم (الجادة) ويَنسون أهمية التدوين الشخصي وأثره على العالم.
ما هي الصفات التي يجب توافرها فيمن يريد الدخول لعالم التدوين؛ من واقع خبرتك.
الجرأة – تقبّل النقد بصدرٍ رحب – نسيان كلمة (المكسب المادي) لستة أشهر على الأقل.
هل تؤمن بأن البيئة العربية تمثل سوقا بكرا للابتكار فى عالم الفريلانس؟
لم أفهم صيغة السؤال.
هل الأفضل أن يكون للمدون صفحة على الفيسبوك مثلا، أم مدونة منفصلة على الويب؟
كلا الأمر مهم، فصفحة الفيس بوك ستؤمن له الانتشار والوصول إلى جمهور جديد.
ومدون بلا مدونة؟ دونت ميكس!
ما الذي تتمنى تحقيقه في الفترة القادمة؟
إنجاز روايتي الجديدة، لا يهمّني نشرها.. لا يهمني وصولها للقائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية.. أريد فقط إنجازها والتخلّص من أفكارها التي تؤرقني!
وهناك أمنية “طفولية” أرجو أن تتحقق: أن أحظى بهذا الجهاز!
قواعد المشاركة:
- شكر الشخص الذي رشحك، ووضع رابط مدونته كي يتمكن الناس من العثور على صفحته [تمّ]
- اجب على الأسئلة التي طرحت عليك من قبل المدون [تمّ]
- رشح مدونين آخرين واطرح 11 سؤال [هذه المرة، لن أدعو أحدًا!]
- اخبر المدونين الذين قمت بترشيحهم. [حقًا؟]
- اكتب قواعد المسابقة و ضع شعارها في منشورك أو في مدونتك [تم]
جميل جدا يا صديقي.