في مقابلة مع معتقل سابق،سأله المذيع: كيف استطعت تحمّل كمّ التعذيب النفسي والجسدي داخل المعتقل؟ فاستطرد المذكور أولًا في الحديث حتى وصل إلى ما أسماه (نقطة التحوّل). إذ قال:
كان من بين المعتقلين طبيب نفسي دفع بدمي للغليان، وذلك بعد أن قال بأن أفضل جزء في حياتنا داخل المعتقل “التعذيب”!
وفسرّ وجهة نظره -قبل أن ألكمه في وجهه- بأنه لولا التعذيب، لبقينا أيامًا في زنزاناتنا دون حراك، ولتعفّنت أجسادنا من قلة الحركة. غير أن استدعائنا، وبالتالي انتقالنا من الزنزانة إلى غرفة التعذيب، يضمن عودة دوراتنا الدموية للعمل، وهذا ينطبق على الضرب والجلد وغيرهما.
أشعرني الحديث الدائر (بل المقابلة ككل) بالخجل من نفسي، أنا الذي لا يتوقف لساعة عن الشكوى.. متعلقًا بأهداب أملٍ زائف بأن أحدهم سينقذني مما أنا فيه.
وإن كنت قد امتنعت يومًا عن استكمال قراءة كتاب الإنسان يبحث عن معنى، لما ورد فيه من مواقف تعذيب مؤلمة. فقد قررت أن أعود لأقرأ وأشاهد شهادات المساجين السابقين ثانيةً، علّ ذلك يُحيي الأمل في الحياة داخلي.
من المواقف التي أشهد فيها لنفسي بحُسن التصرف، انتسابي لدورة تعليم الرسم. فمع انقطاع الكهرباء معظم اليوم، كان الرسم نشاطًا ممتازًا أقضي فيه وقتي، هنا تجدون الرسومات التي شاركت بها في المعرض.
وحتى مع توافر الكهرباء، حال الألم الذي يسكن كتفي منذ شهر تقريبًا بيني والعمل على الحاسوب، ليأتي الرسم ويشغلني عنه (ريثما يأخذ المسكن مفعوله).
أتذكرون يوم قلت:
وصلتني بعدها بأيام رسالة مذهلة من فريق ثمانية، والذي أعدّه أفضل فريق عمل على وجه الكوكب:
هل سيفاجئك لو قلت أنني كنت أفكر في (ثمانية) تحديدًا عندما كتبت تلك التدوينة؟
إذًا، هاهي الوظيفة الحُلم قد جاءت بنفسها إليّ، فهل سأتمكن من شغلها يا تُرى؟ انتظروني في الحلقة القادمة [يبدو أنني تحمست زيادةً عن اللزوم!?]
جديًا، يشغلني موضوع العمل في الآونة الأخيرة. فبعد رفض طلب تقدمي لأحد مشاريع منصة (تزويد)
سألت نفسي: إلى متى سأبقى مجرّد مستقل ينفذ مشاريع الغير؟
وفي الواقع، لا أملك إجابة شافية حتى الآن! إنما أظن أن الحائل يتمثل في عدم القدرة على الخروج من دائرة الراحة (رغم أنها لا تمت للراحة بصلة!).
وهنا، نكون قد وصلنا إلى نهاية التدوينة.
ألقاكم بخير.