قبل أن أجلس إلى حاسوبي، طرحت على نفسي السؤال إياه: هل أنا سعيد؟
تعلمت أن السعداء لا يطرحون على أنفسهم هذا السؤال أصلًا.. تعلمت أن السعادة رحلة لا محطة نسأل عنها.. ورغم ذلك، لا زلت أطرح السؤال على نفسي.
هل أنا سعيد؟
غالبًا ما تأتي الإجابة على شكل إنكار: أنت لست حزينًا (أو) لا طائل من طرح هذا السؤال، انخرط بعملٍ ما وستنساه بالتأكيد.
المشكلة أنني واجهت “انفجارات مزاجية” بسبب هذا الإنكار. حيث أصحو من نومٍ هانئ بمزاجٍ متعكر غريب، فأشعر برغبتي في العزلة وتجنب الجميع.
تقول هيفا القحطاني في آخر تدويناتها:
لتثير بذلك تساؤلًا لطالما حاولت تجنّبه: هل أحتاج للمساعدة فعلًا؟ ومِن مَن يا تُرى؟
تتحدث هي عن (مُرشدة). يبدو خيارًا منطقيًا، لكنه لا يُقنعني للأسف! أفكر في ماهية عمل المُرشد(ة) – هل سأُضطر أمامهـ(ـا) للإفصاح عن أفكاري السوداوية؟ أم أسرد قصة حياتي حسب ما أتذكرها؟ ماذا لو تطلّب الأمر عدد جلسات أكبر من قدرتي المالية، هل سأتوقف حينها في منتصف الطريق؟
فكرت في كورا، كمساحة للاسئلة والأجوبة، لا بدّ أن أجد الإجابة على تساؤلاتي هناك. لكنني اختبرت الأمر فعلًا، فتبيانت الإجابات ما بين (كلاسكية) و (مثالية) وأخرى (تعاطفية). هذا منطقي تمامًا.. فالإنسان كائن مُعقد، ويستحيل أن تتمكن من اختصاره في بضعة جُمل.
إنما صحيح.. ما هي مشكلتك أصلًا؟
بما أن هذه مساحتي الشخصية، فهذا يجعلها ملائمة تمامًا للإجابة على السؤال أعلاه.
مشكلتي تنقسم إلى عدة محاور:
1)) شكّ قاتل فيما إن كنت مُصابًا بالاكتئاب، ما يعني حاجتي للعلاج، أم لا.
2)) زهد بالحياة تنازعه رغبة في اختبارها كاملةً. لم تعد تعنيني مُتع الحياة الصغيرة، بالأحرى: لم أعد ألهث خلف تحصيلها. هل تذكرون شغفي بنشر روايتي (ج.ن.س)؟ انطفأ!
على صعيدٍ آخر، أتوانى عن تنفيذ قرار الانتحار، لإيماني بأنني عِشت لتويّ، وبأن الحياة -بخياراتها- لا زالت مفتوحة أمامي.
3)) شعور بالدوّنية. اتأمل موقعًا مثل ثمانية، فيدغدغ حُلم العمل معهم خيالي. لكنني أستيقظ على صفعة الواقع: لست مؤهلًا يا طارق!
4)) افتقار للدوبامين. تصطف أمامي جبال الأوراق، هي ليست أبحاثًا، وإنما مسودّات إجاباتٍ نشرتها على كورا.
هذه -على سبيل المثال- إجابة استغرقت كتابتها على الورق قرابة الأسبوع. نشرتها على أمل تلقيّ عرض عمل قويّ في مجال الترجمة/تعليقًا ثريًّا يتضمن مدحًا يُضيء سماء قلبي/تفاعلًا يعجز اللسان عن وصفه. لكن أيًّا من ذلك لم يحدث. حزنت بالتأكيد. إنما ليس هذا المهم، بل: ماذا سأفعل لو حظيت بما أريد؟
وهنا، لديّ أعتراف: ذيّلت الإجابة -في مسودتها- برابط لحسابي على Ko-Fi. ثم مسحته قبل نشرها بثوانٍ لألا يُقال عنيّ جشع دنيء!
5)) عجز كامل أمام كثرة المشاريع، ورغبة شديدة في الانسحاب. تتنازع عقلي العديد من أفكار المشاريع: تسويق بالعمولة للاستضافات – إنهاء الرواية – العمل على قناة اليوتيوب – تعلّم برمجة الألعاب – إتقان الاسبانية – إطلاق دورة في العمل الحرّ.. أو التدوين.. وربما كلاهما – البحث عن فرصة عمل أفضل – البحث عن ذاتي – ترجمة فيديوهات Ted .. إلخ.
فيمضي النهار دون إنجاز شيء. تزداد نقمتي على ذاتي، وأكفر بقوائم الأولويات أكثر!
6)) افتقاد معنى الصداقة. شعرت ببعض الضيق أمس الأول، فقررت الخروج إلى الشارع. إنما شلّني سؤال -أثناء سيري نحو محطة الحافلات- وهو: إلى أين أذهب؟ شعرت كما أنا وحيد في هذا العالم، لدرجة ألّا وجود لشخصٍ أستطيع الشكوى أمامه.
إلى هنا تنتهي التدوينة.
قم بزيارة صديق أو قريب لك وتحدث معه، انحلت المشكلة