أحاول منذ شهور تجنّب الحديث عن مشاكلي السطحية، وازداد إصراري على ذلك بعد إصابتي باللمفوما. لا لأنها (كارثة) بل لأنها أتت بكارثة [ليس هنالك تتمة للجملة. بل ستكون جميع جُمل هذه التدوينة مقتطعة من سياقاتٍ كثيرة]
كان الهدف من التدوينة الماضية، أو الدافع لكتابتها إن صح التعبير، الحديث عن مسلسل Seinfeld الذي تابعته مؤخرًا. أردت الحديث عن روعة الهواتف الأرضية والحياة ببساطة، وربط ذلك مع تدوينات عبدالله المهيري حول الهواتف “غير الذكية” والتي لن يتخيل جيل ألفا أننا كنا نكتفي بها.
يُضحكني المسلسل في كثير من لقطاته، لم يكن الأمر سهلًا في البداية. إذ سيطر عليّ الشعور بالذنب -لترك واجباتي العائلية والمهنية- ثم قلت لنفسي: لا بدّ ليّ من الاستمتاع باللحظة.
بعدها تذكرت أن هناك صورة شعاعية تُدعى خراء سكان أو (بِت سكان لا أعلم)، والمطلوب مني أثناءها أن استرخي لمدة 3 ساعات في غرفة الفحص الباردة (هذا ليس تعبيرًا مجازيًا بالمناسبة). لكن في الواقع، أما عاجز عن الاسترخاء لأكثر من 10 دقائق.
عشرات الأفكار تخطر في بالي، خاصةً تلك المتعلقة بالمشاريع التي لا أتوقع عن التقدم إليها ويا للعجب! لا يتوقف العملاء عن قبولي للقيام بها.
وهناك النشرة البريدية التي سأطلقها قريبًا، كتبت منها سطرين وعجزت عن إكمال الباقي. أريد بناء جمهور لكن لا أعلم لِما؟ فأنا ميّت في النهاية.
وبالحديث عن الموت، لا زالت الفكرة تسيطر عليّ. وأنا متأرجح ما بين إنهاء حياتي بنفسي او انتظار أن تنتهي بضربة حظ (حادث سيارة مثلًا)، أو -وهو الأرجح- أن تقضي عليّ اللمفوما البغيضة بنفسها.
لست على ما يُرام.
هذا ما أعرفه ولم تعد تؤثر بيّ جميع عبارات العزاء -الدينية منها والمنطقية- فقد أدركت /أم كنت مدرًكًا أصلًا؟/ أنني لم أقدّم شيء في حياتي.
أنا شخص بغيض، حتى على السوشال ميديا. كتبت منذ فترة منشورين في إحدى المجموعات، واكتفيت بردود باردة على سيل التعليقات الذي جاءني.
تقول زوجتي أنني ورغم كرهي للناس لكنني لا أظهر هذا الكره. هل سمعت عن ENEMY OF SOCIETY؟ حسنًا أنا ذاك الشخص. إذ أشعر أن الجميع أقلّ مني وأفضل مني في آنٍ معًا.
مُصاب بحساسية بغيضة تافهة ولا يمكنني أخذ مسكن لها، لماذا؟ لأن ذلك سيقضي على مناعة جسدي (الضعيفة أصلًا). مزاجي المتعكر أصلًا.. تعكر اكثر!
لا أعلم ماذا أريد من هذا العالم أصلًا، حسنًا. لأعترف بامرٍ أخفيته لمدة طويلة (بالمناسبة، الهمزات الساقطة سببها الكيبورد التافه الذي أطبع عليه كلماتي). حين نشرت تدوينة أول جرعة كيماوي: حين تغدو الحياة وردية.. أكثر من اللازم! أردت من ورائها أن يدعمني الناس لإنهاء مشروعي الذي لم أبدأه بعد. هنا ?
لكن هل أظن نفسي في فيلم أمريكي؟ حيث يتهاطل الأصدقاء -كالمطر- لسند صديقهم المنكوب.
أو ربما كنت أظن نفسي (أبو فلة) بملايين المتابعين!
حتى هو -جزاه الله خيرًا- لم يتبرع لحملته سوى 31,000 من أصل 20,000,000! أي ما نسبته 0.155%
وأنا عدد متابعيني لا يتجاوز -في جميع حساباتي- 4000 متابع. إذًا..
6 داعمين؟ موجود أكثر:
ربما يجب أن اكون ممتنًا. لكنني في الواقع أشعر ألا أحد يهتم لأمري، لا أقصد طبعا الدعاء والتمنيات بالشفاء التي تلقيتها، …. أقصد أنني لم أبحث عن شيء كهذا. نعم أقدّر ما قاله العشرات، وربما شعرت ببعض الامتنان لوجودهم في حياتي. لكن لم أصل لهدفي، هل تفهم قصدي؟
أكره تنظيم الوقت، وتستفزني تدوينات على غرار:
وقتي وأنا ⏰ | مدونة الشروق – تنظيم إدارة الوقت * | مدونة صالح محمد القرا للعلوم المالية والادارية – الجدول المثالي لتنظيم الوقت
تثير أعصابي وقد تدفعني للجنون أيضًا. ربما يعود ذلك لأنني شخص فوضوي أصلًا ولا أكتر كيف أمضي وقتي. لما لا نتحدث عن ذلك قليلًا؟
عدو تنظيم الوقت
لا أعلم متى بدأ عدائي لتنظيم الوقت، ربما مع دخولي الجامعة ورؤية عشرات الطلاب يدرسون ويقدّمون أفضل ما لديهم في الامتحان. ولا أعلم السبب، لكنني أرجّح أنه والدي الذي صدّع رؤوسنا -نحن أبناءه- بالحديث حول ضرورة تنظيم الوقت في حين كان هو ذاته فوضويًا في طريقة قضاءه وقته.
أشعر أنني في حال سيئة. غاضب ومشمئز وقانط من الحياة. استيقظ كل يوم مع شعور سيء بأنني لا زلت على قيد الحياة، وصرّحت أكثر من مرة، ولعدة أشخاص، عدم رغبتي باستكمال العلاج الكيماوي. إذ ما الفرق الذي ستحدثه حياتي في العالم؟ أتعلم؟ حتى مشروعي الذي تحدثت عنه، كتابة رواية ثانية، لا أريده. لم أعد أرغب بالكتابة أو بإنقاذ أحد.
كل يوم أستيقظ لأنظر إلى النافذة، ثم منها نحو الشارع، اتسائل ما إن كانت السقطة مميتة أم لا بدّ ليّ من إيجاد سبيلٍ آخر. أفكر أحيانًا في عائلتي، ماذا سيحدث لهم من بعدي. وتغلبني انانيتي أحيانا فأقول: وما شأني انا؟
حاولت إنقاذ نفسي..
عبر الأدب، بقراءة رواية فيرونيكا تقرر ان تموت. إذ شعرت بأن ظروفي ربما مشابهة لظروفها. أنهيت رُبعها.. ولا أنكر أنها مثيرة للاهتمام.
عبر الأفلام والمسلسلات، كما ذكرت قبل قليل.
بالكتابة، كما أفعل الآن!
لكن ليس ثمة ما ينقذني، أنا فقط أريد لكل هذا أن ينتهي.
أسررت ليونس ذات يوم أنني أعاني العدمية،ـ فنصحني بخلق معنى شخصي جداً لحياتي. لكن إن كانت حياتي بلا قيمة، فما الفرق؟
نعم انا قلق
قلق من تشوه صورتي في أعين الآخرين، قلق من أن فقد ثقة عملائي إن هم قرأوا الكلام. لكن لديّ مشروع، بل أكثر من مشروع (لكن ذاك مستعجل!) ولم أتمكن من كتابة حرف واحد من المطلوب. كلما فكرت وحاولت اعتصار ذهني بعصف ذهني، تشتت تركيزي إلى مشاكلي. هذا عدا عن عشرات ألسنة التبويب التي تنتظر مني قراءتها. فقلت: لربما إن أخرجت ما يعتمل داخلي من كلمات، صفى ذهني.
ولا أشعر أنني قريب من ذلك حتى!