يسألني قلّة -لن أكذب- عن مشروعي الأدبي القادم، والحقيقة أنني قررت التريّث قبل بدء العمل عليه، على الأقل ريثما أتمكن من أدواتي ككاتب روائي.
ثم حدث عن سيطرت عليّ فكرة رواية، وحين أقول (سيطرت) فأنا أعنيها حرفيًا. لم يتوقف الأمر عند مصادفتي بعض المنشورات المتعلقة بموضوعها. إنما اخترقت لاوعيي حتى أصبحت أراها على شكل .. كوابيس!
كوابيسي منذ أشهر!
كل ليلة، أرى -فيما يراه النائم- فتاة، تختلف ملامحها كل مرة، لكن شيئًا ما يقول أنها الفتاة ذاتها. تدخل هذه الفتاة، بثيابها الممزقة بشكلٍ مريب، غرفة مكتبي (رغم أنني لا أمتلك غرفة مكتب أصلًا!)، وتنظر نحوي بعتبٍ ولوم، ثم تعرّف عن نفسها بكونها إحدى ضحايا الابتزاز الجنسي في مخيمات اللاجئين.
كان تعريفي للابتزاز الجنسي مقاربًا لنظيره العاطفي، أن يستغل الشريك حاجة شريكه للأمان العاطفي، فيُطالبه بما لا يطيقه مستخدمًا التهديد بالحرمان.
لكن بعد قراءة بعض المقالات حول الموضوع، هالتني شناعة الموقف الذي توضع فيه ضحايا الاستغلال الجنسي.
مررت بعدها بمنشور على الفيسبوك يتحدث عن انطلاق برنامج المنح الإنتاجية – دورة 2020. يدعم البرنامج الفنانين والأدباء تحت سن 35 سنة من المنطقة العربية من خلال تقديم منح -تمويل بقيمة تتراوح بين 10 و15 ألف دولار أمريكي- لإنتاج مشاريعهم الإبداعية الأولى.
ورغم معرفتي بأن هناك الآلاف -وربما عشرات الآلاف- ممن قدّموا استماراتهم (مما يقلل فرص فوزي بالمنحة كثيرًا)، إلا أنني شعرت أن باب الفرج قد فُتح على مصراعيه.
رافقني هذا الشعور حتى ضغطت زرّ “تقديم الاستمارة” وبعدها..
أظلم شيء ما في قلبي!
استمرّت تلك الكوابيس، وازدادت تلك الفتاة غضبًا فيها.
شعرت -لوهلة- أنني مثل مَن يغيّر صورة ملفه الشخصي في شبكات التواصل الاجتماعي احتجاجًا على حادثة ما، ليسقط بعدها ضميره في سباتٍ عميق. فكرت: أين الخطأ فيما فعلته؟
وهنا، تحول النوم المعجون بالكوابيس إلى أرقٍ لا ينقطع.. ثم تذكرت:
لقد حددت بدء العمل على الرواية في الشهر السادس من العام القادم، هذا يعني أن أمامي قرابة 8.5 شهر قبل أن أبدأ!
فكم من حالات استغلال ستحدث خلال هذه الفترة؟ كم من ضحية بريئة ستولد؟ وجلّاد قذر سيزداد طغيانًا؟
علاوة على ذلك، ماذا لو لم أحصل على المنحة (وهو الاحتمال الأرجح)؟ هل ستموت الفكرة قبل أن تبدأ؟
هذا ما دفعني لأنشئ حسابًا مستقلًا للمشروع على Ko-Fi، حسابًا يدعم فيه المتبرع القضية لا مسيرتي ككاتب.
هل أمتلك مقومات ومؤهلات تشجع أحدهم ليراهن عليّ؟
لا! وأقولها بالفم الملآن كما يقولون! فأنا أعرف نفسي جيدًا، لا أمتلك مهارة الروائيين ولا صبر الصحفيين ولا تمسّ القضية فردًا من عائلتي فأثأر له!
كل ما في الأمر أنني مهووس، غاضب، ناقم على عالم تحدث فيه مثل هذه الأمور.
وما يثير غضبي أكثر أنني راسلت عدة جهات معنية بالأمر، وأظهروا تجاوبًا إلى حدٍ ما، ثم وقفت عاجزًا!
[كنت على وشك مشاركتكم لقطات شاشة تُظهر تلك المراسلات، لكنني تذكرت -في اللحظة الأخيرة- أن هذا التصرف فيه اختراق للخصوصية]
وقفت عاجزًا أمام ظروف الحياة ومتطلباتها، التي تحول دون التفرغ للبحث والكتابة عن هذه القضية المؤرقة.. الكابوسية.
طلب أخير.. بل هو رجاء
إن كنت لا تستطيع المساهمة ماديًا (أو كنت لا تثق بيّ). فأرجوك، لا زال بإمكانك مشاركة هذه التدوينة مع من تظنه مهتمًا بدعم هكذا مشروع.
ربما يكون ضغط زرّ (المشاركة) هذه المرة مغيرًا لمسار قضية من قضايا العالم الذي نعيش فيه.
أنا أعوّل عليكم كثيرًا يا أصدقائي.