على عكس نبال، أرى أن البدايات -لا النهايات- هي المشوشة. على سبيل المثال، لا أذكر بداية إنهياري هذا، وحتى إن عُدت إلى التدوينة التي أظنها توثيقًا لتلك البداية، فأغلب الظن أن انهياري بدء قبل ذلك بكثير.
سعيد برؤية مدونين جُدد مثل أسماء، وتروقني لحظات اكتشاف الذات الأولى تلك.
تساؤل على الهامش: هل تمتلك منصة بلوغر نظام تنبيهات شبيهًا بووردبريس؟ أقصد هل يعلم مستخدمو BlogSpot أنني أٌشير إلى مدوناتهم؟
لكم وددت لو أخبرتنا صاحبة مدونة وبودكاست رفاق عن شعورها بعد لقاء صديقتها، وما إن كانت استفادت حقًا من ذاك اللقاء.
فكرت أنني فارغة من الداخل، ولقائي بها سيكون عبئاً علينا نحن الإثنين
يبدو ليّ أنني أعاني من ذات الخواء. ويونس يودّ أن نخوض غمار حلقة بودكاست جديدة.
ما يُعجبني في تدوينات طارق ناصر هو تشتتها الظاهري والذي سرعان ما يظهر متماسكًا بمجرد الانتهاء من القراءة الثانية، على سبيل المثال، في تدوينته هل اليوميات مفيدة؟ هل يجب أن نستفيد أصلا؟، يتحدث طارق عن تعصبنا للفائدة فيقول:
نعم الفائدة مهمة، ويجب أن لا نضيع وقتنا كثيرا وكل هذا الهراء، لكن هل هذا مقياس يجب أن نضعه في كل جزء من حياتنا؟
لماذا لا نعتبر المتعة مقياسا مثلًا؟ لماذا يجب أن أستفيد في يومي لكي أعتبره يوما جميلا؟ ألا يكفي أن أستمتع بوقتي فقط وأكون سعيدا ولو مؤقتا وهكذا يعتبر يوما جميلا؟ نفس المبدأ ينطبق على أمور كثيرة، مشاهدتي لفلوق مثلا، أو مقطع تافه، لا يهمني إن استفدت بشكل مباشر، المهم أنني استمتعت.
وبصراحة أحييّه على اكتشافه المُبكر لهذه الفلسفة، نعم.. يمكننا اعتبار المتعة مقياسًا واسأل مجربًا كان يتفاخر بالقراءة في المواصلات (حتى لو لم يكن يعيّ ما يقرأه!)، لكن ذاك موضوعٌ آخر.
ما أرمي إليه هنا هو أن الحياة أبسط من أن نقضيها في (حرق ذواتنا)، بل أن ذاك الأخير منافٍ لما يريده ربنا سبحانه منّا كبشر! لو أراد الله منّا أن نحمل (رسالة واحدة) ونمضي بها في الحياة، لخلقنا نُسخًا متشابهة من حيث الإمكانيات والقدرات والمواهب، لكنه -جلّ وعلا- خلقنا مختلفين.
انزاحت الغُمة التي تسببت بها صاحبة شقتي القديمة، والآن.. أشعر أن للهواء طعمًا مختلفًا (نعم، يمكنني تذوق الهواء!)، وأنا مدينٌ لكم بالشكر الجزيل لما قدّمتموه من تعليقات ودعم نفسي ومادي.
سؤال حلقة اليوم
لماذا صنعت كل هذه الدراما حول الموضوع؟ أودّ التأكيد –مجددًا– على أن هدفي لم يكن استعطاف أحد، وأن المسألة لا تعدو عن كونها توثيقًا. ومع ذلك، لا زال هناك أمرٌ يشغل تفكيري: لماذا اخترت هذه الحادثة بالذات لتوثيقها؟ أليس الأولى أن أوثّق صراعاتي الوجودية على سبيل المثال، أو تفاصيل حياتي في الغربة (بما أنني على وشك العودة إلى حضن الوطن)؟ وجدت الإجابة السهلة أثناء قرائتي مراجعة عبدالاله الجميل لفيلم lady bird حيث يقول:
إنه تحدي أساسي في كل عائلة مع تفاوت الصعوبة، كيف يثبت لهم أنه بأستقلاله، لن يفشل ولن ينحرف، وكل فشل يمر به لن يكون أكثر حزناً عليه من منعهم لهُ من التجربة.
إذًا، فالسبب وراء حُزني العميق -وبالتالي رغبتي في توثيقه- هو حائط الخوف الذي بناه أهليّ حولي تحت مسمى (الحرص)، لقد منع -ذاك الحائط- شمس الخبرة أن تتسلل إلى حياتي. وهكذا، مضيت في طريقي رخوًا أتجنب المواجهات مهما كانت بسيطة.. بسببهم.
تلك الإجابة البسيطة والسهلة، ولكن ماذا عن الحقيقة؟
الحقيقة باختصار: أنا من تجنّبت المواجهات بنفسي، رغم جميع الفرص التي أُتيحت ليّ (والتي أرغمني والدي على الخوض في بعضها)! على سبيل المثال، إلى الآن، لا زلت أشعر بازدياد خفقات قلبي عند التواصل مع الغرباء “هاتفيًا”، وأصرّ دومًا على اختيار الطرق السهلة، إن كان يحقّ ليّ تشخيص حالتي فهي ببساطة: الخوف من الرفض (نشر الأستاذ رؤوف شبايك مؤخرًا قصة مشوقة حيال هذا الموضوع بالذات).
رسائل ورقية في زمن الواتس آب
أظنني بحاجة إلى استراحة، لكن -لسوء الحظ- الارتكان إلى الراحة ليس خيارًا مُتاحًا. لذا، لم يكن غريبًا أن استمتع بمذكرات عبدالله عن يومَيّ عزلته، لكن استوقفني حديثه عن عيش اللحظة، حيث يقول:
كنت سابقاً أشعر بالذنب حين أصور بسناب بعض من ذكرياتي وأحداثي اليومية ،وأشعر كما يقول البعض بأني لا أعيش اللحظة !! لكن وجدت أن هذا خطأ تماماً ؛فنحن اليوم نعيش اللحظة من خلال تصويرها ،من خلال مشاركتها مع متابعينا ال٢٠ الذين لا نعرفهم ،أما الذين يحنون للماضي ولا يواكبون زمانهم ،فسيندمون غداً حينما يقولون لأبنائهم بأنهم كانوا يكتبون رسائلهم في أظرف في زمن الواتس آب ،ويكتبون عن ذكرياتهم في دفاتر بدل تصويرها بسناب والأحتفاظ بها في السحابة.
أجد حديثه صائبًا بنسبة كبيرة، فالانغماس في توثيق اللحظة يُضاعف من تأثيرها داخلنا، وذلك عوضًا عن محاولة “عيشها” الذي كثيرًا ما نفشل فيها وسط كمٍّ من الأفكار السلبية التي تغزو عقولنا.
وحتى حديثه عن الرسائل الورقية كان صائبًا. أعترف أنني أعشق فكرة الاحتفاظ بورقة مكتوبة بخط اليد، حيث استشفّ من خلاله -وأقصد الخط- مشاعر كاتبها، ولكن بعد تجربة الانتقال أدركت ضرورة التحلل والتخفف، وهو ما يذكرني بقاعدة رائعة اختلقها (كولومبوس).
السفر بأحمال خفيفة
لا، لم أقصد كريستوفر كولومبوس الذي يُنسب إليه اكتشاف العالم الجديد، وإنما قصدت الشخصية التي أدّاها الممثل جيسي آيزينبيرغ في فيلم Zombieland: Double Tap.
فواحدة من القواعد التي وضعها للنجاة في أرض الزومبي هي: 7# السفر خفيفًا – Travel Light. وبما أننا نعيش في عالم تمثّل فيه الرأسمالية دور الزومبي، فالقاعدة تبقى فعّالة للنجاة.
أتمنى فعلًا لو أتمكن من تطبيق هذه القاعدة 100%، ما الذي يُنقصني؟ تعلقي بالكُتب. فقد حرصت طيلة فترة غربتي على نقل بضعة كتب مع أي قادم لِمصر، حتى زاد عددها في منزلي المؤقت عن 100 كتاب. والآن، تخيّل الجهد المبذول في نقل هذه الكتب الـ 100 من منزل لآخر، بل تخيّل صعوبة اصطحابها في رحلة إلى مسقط رأسي!
الحل الوحيد أمامي هو بيعها، يبدو حلًا سهلًا لولا شعوري بأنني أفرّط بها، العديد من تلك الكتب يحمل تواقيع مؤلفيها، وبعضها لا زال بحاجة إلى قراءة ثانية وثالثة. علاوة على ذلك، ماذا عن صورة (المثقف) الذي يمتلك مكتبة تغطي جدارًا والتي أحلم بتطبيقها؟
أفكار كثيرة وصراعات مريرة تدور داخل عقلي، ولا زالت الكُتب موزعة بين صناديق أسفل سريري.
أشعر بشوقٍ للكتابة، خاصةً بقد قراءة خواطر بلال عبد الهادي، والذي شاركته من خلالها لحظاتٍ حميمية مع القلم والورقة، آهٍ كم أفتقدهما! وأشعر أن في تمديد آجال المشاركة في جائزة الهالة لأدب اليافعين دعوة من صديقيّ للعودة.
كنت قد بدأت في كتابة رواية لليافعين، لكنني توقفت مع بداية الشهر الكريم، ومع ازدحام يومي بالمهام.. قررت الاستسلام. أما الآن، فأعتقد أن الأمر يستحق المحاولة من جديد.
مصدر الصورة البارزة (أحاول الالتزام بوضع صور مجانية، لألّا أصطدم بحقوق النشر والتوزيع إن قدّر الله وأصبحت مدونًا مشهورًا)
تدوينة ممتعة، اشتقت للقراءة لك يا صديقي.
ممتن لما علقته على التدوينة، حقا أسعدني ذلك.
وأتفق بشكل كبييير جدا مع رأي عبد الهادي وأخيرا وجدت شخصا يشاركني الرأي في موضوع المشاركة والتوثيق.
كن بخيرا دائما صديقي.
كيف يُفترض بيّ أن أردّ على تعليق كهذا؟! 😅
أنت ترفع التحدي كثيرًا يا صديقي 😉
هذا فرصة جيدة لاكمال روايتك .. أرجو أن تتمكن من إنهاءها قبل انتهاء مهلة المسابقة .. أرجو لك التوفيق 🙂
بارك الله فيك لدعواتك الطيبة هذه 😍
آه أخيرًا أجد من يوافقني في أن البدايات هي المشوشة غالبًا ، نبال أربكت رؤيتي و عدتُ للتفكير بالأمر مرَّات عديدة ثم لم يمكنني القول إلا ان البدايات مشوشة جدًا و أيضًا ” ممطوطة ” !
و بالنسبة للحائط الذي حجب شمس الخبرة ، لا أدري لمَ يُصرُّ أولو الأمر على إقامته ، مع كل مساوئه التي تتراكم حتى ترمي بك الظروف قسرًا في أحضان التجارب أعزلًا .
و الكتب الكثيرة تلك أكاد أتمنى أن لا تبعها ، سيأتي الفرصة لنقلها بأي طريقة أو حتى افتتح كشكًا أو منتدى صغيرًا للإستعارة أو أي شيء من هذا القبيل ، أرجو أن تكون هناك فرصة ذهبية لأخها لوطنك أو مخرجًا ما ستجده بقليل من التمسك بها ، كما أن جمال فكرة مكتبة ” المثقف ” حافظ عليها بكل ما أوتيت ، أظنُّ بأنه تمرُّ على المرء أوقاتًا يتمنى فيها لو أنه لم يبع من أغراضه شيئًا ، ما بالك بكتب ؟! كتب ورقية ، و لو كانت نهايتها صناديق قابعة في ركن أو حتى حفرة … اعذر افكاري الغريبة و لكن الكتب دومًا في المقام الأول .
شكرًا لإرفاق مدوَّنتي رغم أنني وصلتُ متأخرة ، و ردًا على سؤالك فإنه لا يصلنا تنبيهًا بذكرنا نحن أصحاب بلوغر ، و الآن أثناء تجوُّلي في مدونتك وجدتُ الإشارة ، العنوانين التي تضعها لتدويناتك أربكتني فهي مشوِّقة أو أن فضولي كافي لفتح أكثر من تدوينة شدَّتني في وقت واحد ، و على فكرة من شأني أن أقول لك _ لأجل ملحوظة حقوق الصورة _ بأني مقتنعة بأنك مدوِّن مشهور
مرَّة أخرى شكرًا لك ، و استأنف روايتك ، نحن بالإنتظار ..🌼
لم أتلقى ردّا استثنائيًا كهذا منذ زمنٍ بعيد💐
أنا أيضًا شعرت بالسعادة لأنني وجدت من يوافقني رأيي هو البدايات، وإن كانت نبال وجدت النهايات مشوشة، فربما يعني ذلك أن كلا رأيينا صحيح، وأن الثابت والواضح الوحيد هنا هو متن قصة حياتنا ذاته.
أما عن الحائط وشمس المعرفة، فتلك قصة أخرى: إصرار أولو الأمر على اختيار مسارات حيوات أبنائهم عائدٌ إلى اعتقاد شائع مغلوط مفاده: الأبناء ممتلكاتٌ شخصية للآباء! وصدقيني، التخليّ عن هذه الفكرة صعبٌ للغاية.
بشرى سارّة: لا زلت احتفظ بالكُتب، ولن أتخلى عنها. وفكرة مكتبة “المثقف” لم تعد فكرة، بل هي حقيقة وواقع، فكثيرًا ما يشعر الإنسان أن المتنبي كان يتنبئ فعلًا حين قال: وَخَيْرُ جَلِيْسٍ في الزَّمانِ كِتابُ.
فقد نفقد الرغبة في فعل كل شيء (حتى ما كنا نستمتع بفعله)، فنلمح كتابًا يُنادينا -أو بالأحرى يُغوينا- لقراءته.
وبالمناسبة، لم اجد أفكارك غريبة أبدًا. فللكتب دومًا المقام الأول فعلًا.
أعجز عن الردّ على باقي حديثك، فهو بحرٌ من اللطف 👏🏻
آخ ، بصراحة هذا يدعو لليأس ، ألا يوجد حل لصرف هذه الفكرة عن أذهانهم !
أعوامًا طويلة و إن كانت معدودة مرَّت بانتظارهم أن يتخلُّوا ، أتظنُّ أنهم لن يفعلوا ؟!
الأمر مهم جدًا و لكنَّه سخيف _تقريبًا دائمًا _ بالنسبة للأولاد …
يسعدني قرارك النهائي بالنسبة لكتبك ، كما قلت تمامًا نفقد الرغبة و بكتاب تعود .
أشكر تفهُّمك لأفكاري ، و لقد ظننت ذلك بسبب كثرة التعليقات المستنكرة لها ؛ على أيَّة حال حاول أن تجعل تواجدي البسيط هذا معمَّمًا في تدويناتك ، أواجه صعوبة كبيرة في الكلام هذه الفترة و شعور الذنب يلاحقني عند قراءتي لتدوينة مذهلة _ و أحيانًا مُلهمة _ بدون أن أضع ردًّا يعترف بفعاليتها .
تحياتي 🌺
من وجهة نظري، صراع الأجيال ذاك باقٍ للأبد، ولا توجد طريقة لصرف الفكرة عن أذهانهم. لذا، الحل الوحيد للتحرر من سطوة الآباء هو: الاستقلال المادي عنهم والانخراط في الحياة الحقيقية مبكرًا، بهذه الطريقة سيشعر آبائنا أنهم كانوا مخطئين.
بالنسبة لأفكارك،
فمن الطبيعي أن أتفهمها كونيّ قارئًا، أما من يستنكرها فهو يلجئ لما يعرفه (هذا ينطبق على فكرتك تلك وغيرها).
هل تقصدين أن أتوقف عن الإشارة إلى تدويناتك؟