على مدار حياتي، عانيت من فترات يغلب عليها انخفاض الطاقة وتشوش الذهن، إضافة للمزاج السيء -وقد تمتد لبضعة أسابيع- دون وجود سبب واضح؛ فلا أعرف تمامًا كيف أتصرف، وأبدأ باستثقال إنجاز مهام عادية وبسيطة (بشكل يصعب تفسيره)!
آمل -من أعماق قلبي- أن تكون بخير. إنما -وبفرض كانت حالتك المزاجية متعكرة اليوم– فاسمح ليّ بمشاركتك شيئًا ساعدني في تجاوز هذه الحالة المتدهورة، علمًا أنني لا زلت أجهل توصيفها حتى الآن!

حياتنا اليومية “هشّة”
إحدى فرضياتي: لا تستقر حياتنا العصرية الفاخرة إلا بوجود “صورة هشّة بشكل مدهش” من الروتين. ما إن يتزعزع، حتى تظهر المشاكل في كل مكان.
قد يُفسد -حتى أبسط تغيير- كل شيء. سأضرب لك مثالًا.
أثناء عودتك للمنزل من العمل، تجاهلت جوعك وقررت شراء بعض حاجيات المنزل. سيُفسد ذلك موعد غدائك، وبالتي سيتأثر نومك سلبًا.
📉
تصحو بمزاجٍ عكر.
📉
تتأثر إنتاجيتك.
📉
تتزعزع ثقتك بنفسك.
وهكذا، تنقلب حياتك -وحالتك المزاجية- رأسًا على عقب، دون أدنى مؤشر على السبب: كل هذا بسبب عدم تأجيل التسوّق لما بعد العشاء.
يصعب حل مشكلة لا نملك تتبّع سببها 💔
وأفضل حل في مثل هذه الحالة: التركيز على مُدخلات أفضل (= 🚰 ضخ المزيد من الخضروات والكتب والتمارين الرياضية إلى النظام + 🕳 تقليل استهلاك السكر وشبكات التواصل الاجتماعي).
وإليك أداة بسيطة استخدمتها ذات يوم لتجاوز فترة صعبة من تعكّر المزاج الذي يصعب تفسيره. قد ترغب في تجربتها إذا كنت تشعر أحيانًا -أو دائمًا- بالإحباط أو الانزعاج، دون معرفة السبب.

قائمة الخزانة
وضعت داخل إحدى خزائن مطبخنا قائمة بالأنشطة التي تُشعرني بتحسّن مضمون:
- كتابة اليوميات.
- التأمل.
- ترتيب أحد الأدراج المُهملة.
- التواصل مع صديق.
- قراءة كتاب ورقي.
- وبضعة نشاطات أخرى.
كل ما نبتغيه، عندما نستاء أو ننزعج، أن نفعل نشاطًا يُشعرنا بتحسن. صحيح؟
إنما هناك نوعان متمايزان لتلك الأنشطة:
🍮 أنشطة تحسّن حالتك المزاجية على الفور، ولكن -غالبًا- على حساب جودة حياتك. وأعلم أنك تفهم مقصدي: تلك الأنشطة التي يسهل البدء بها، على عكس التوقف عنها، ولا تعود بمكافآت طويلة الأجل (تتضمن شاشات، أو تناول السعرات الحرارية، أو كليهما).
أنشطة تعمل على تحسين كلٍ من جودة حياتك وحالتك المزاجية أيضاً، ربما ليس بسرعة الوجبات الخفيفة أو الترفيه، وبالتأكيد تتطلب جهدًا، إنما العبرة في عدم ندمك بعدها؛ إذ ثمّة نوع من الراحة في فعلها، وتلك الأنشطة التي تظهر في القائمة.
كلما شعرتُ بالإحباط، أو غياب الهدف، أو عدم الإنتاجية، أو الضياع، أفتح الخزانة، وأختار أكثر العناصر جاذبية في القائمة، وأنخرط فيه لـ 10- 20 دقيقة:
- أقرأ في الشرفة.
- أرسل بضع رسائل نصية لصديق الطفولة.
- أتريّض لبضعة دقائق في الحي.
وفي كل مرة أشعر بتحسن. ربما لا يعتدل مزاجي 100%، لكنني أشحن طاقتي من جهة، وأُشبع رغبتي في الترفيه أيضًا.
قد تختلف أنشطة (قائمة الخزانة) عن أنشطتي: التدرب على آلة موسيقية، أو قراءة صفحات من كتابك المقدس .. أيًا كان ما تفضله.
عند إعداد قائمتك، فأنت تبحث عن أنشطة تتمتع بالثالوث الذهبي المتمثل في الراحة وبذل الجهد وعدم الندم. اختر ستة إلى اثني عشر عنصرًا في المجموع.

لماذا تحسّن (قائمة الخزانة) حالتك المزاجية دائمًا؟
يعود ذلك لأسبابٍ ثلاث:
- خلوها من التصنّع. لاحظ أننا لم نضع فيها مهامًا واجبة. بل هي قائمة بالأشياء التي يُفترض بها إشعارك بمزيد من الاتزان والصحة والتمكين.
- منطقيتها. فلن تتوقع منها إحداث معجزة. قد تحسّن تلك الأنشطة مزاجك .. وقد لا تفعل، لكنك تعلم أنها ستبعدك عن الركود وإحساس اللاجدوى.
- جاذبيّتها. نظرًا لتعدد خيارات، ستجد دائمًا نشاطًا مثاليًا لهذه اللحظة بالذات.
ربما يكمن سر [قائمة الخزانة] العظيم في عدم تقديمها وصفة سريعة للشعور بالتحسن؛ بعيدًا عن الحلقات المُفرغة “السلبية” للوجبات الخفيفة والشاشات، نحو منطقة ذهنية مختلفة، حيث تسير الحلقات -بالتوازي- نحو المضي قُدمًا.
بغض النظر عن كيفية سير العشرين دقيقة التالية، سينتهي بك الحال في مكان أعلى قليلًا من التلة، مع رؤية أفضل.