في عام 2009، بدأت المصممة جيمي فارون “Jamie Varon” حملة بحث عن عمل تسمى: يتوجب على تويتر توظيفي. لفتت حملتها أنظار وسائل الإعلام الوطنية وجذبت عشرات عروض العمل. بعد قراءة قصة جيمي، أطلقت مدونتي الأولى (100 سبب يدعوك لتوظيفي). محاولًا (استنساخ) طريق النجاح لشخص آخر.. وفشلت في النهاية.
عندما يقرأ الناس الكتب أو يلتحقون بدورات أو مع المدربين، فإنهم يتبّعون خطى شخص آخر نحو النجاح، ويصنعون عملًا مشتقًا مشوهًا (غالبًا ما يموت في مهده)، فيفترضون العيب في النصيحة، لا في تفسيرهم لها.
الجميع ينضح بالهراء بدرجات متفاوتة ? (وأولهم أنا)
عندما أقدّم حصة تدريبية في رديف أو ورشة عمل مستقلّة حول الكتابة، فأول ما أطلبه من المتدربين هو وضع احتمالية في أذهانهم: أن كل ما أخبرهم به.. هراء.
النصيحة التوجيهية هي إطار Framework لا صيغة Formula، وبالتالي، مَن يودّ تطبيق النصيحة حقًا، فعليه تجاهل الصيغة/الوصفة/التركيبة (وجميع تلك الكلمات الرنّانة!).
لا يهم إذا كان الشخص مؤثرًا أو قائد فكري أو خبيرًا. الجميع (أحمق) بدرجات متفاوتة. والنصيحة التي يُسديها قد تكون كلامًا فارغًا. فالعبقري في سياق هو أحمق في آخر.
غالبية النصائح المُلزِمة بلا معنى
تبدو بعضها جيدة في كتب تطوير الذات، وخطب التخرج، والمحاضرات التحفيزية. ولكن -في كثير من الأحيان- نجدها تعتمد على العلوم الزائفة “Pseudoscience” والحكايات بدلاً من الأدلة الحقيقية.
عندما تتعامل مع مبادئ مثل الوصفات الطبية ولا تشكك في مصدر المعلومات، فهذا يشبه أخذ “الفياجرا” لتخفيف الصداع وتتساءل عن سبب .. (فهمت مقصدي?).
لماذا نستنسخ طرق نجاح الآخرين؟ ?
فخ التقليد الأعمى
يقع الناس في فخ التقليد الأعمى عندما يتجاهلون الفرق بين السببية والارتباط. ثمّة دائمًا متغيرات مخفية في السببية، وهي ما يجعّل النصيحة التوجيهية (المُلزمة) فعّالة..
- غيّرت كتابة 1000 كلمة يوميًا حياتي ووقعّت -بفضلها- عقد ترجمة كتاب لقاء مبلغ جيد (صحيحٌ أنني اعتذرت عن استكماله، إنما هذا ليس موضوعنا!). لكنني كنت أيضًا من أوائل الكُتّاب في (زِد) واستفدت من دعم أ. عبدالمحسن العنيق المباشر. هذه المتغيرات لا يستطيع مؤلف طموح آخر تكرارها.
- عندما أطلق ديريك هالبرن “Derek Halpern” دجاجته التي باضت ذهبًا Social Triggers، قلّد مدون آخر تصميم موقعه على الويب. لكن الأخير لم يضعّ في اعتباره حقيقة امتلاك (ديريك) سنوات من الخبرة وأنشأ سابقًا موقع ويب (يزوره الملايين) قبل إطلاق Social Triggers.
- يقول أحد المشاهير -لن أذكر اسمه- أن على الجميع إطلاق مدونتهم الصوتية (بودكاست)، لكنه لا يذكر أن نجاح “بودكاسته” تحقق بفضل اشتراك 100,000 شخص في قائمته البريدية قبل نشر الحلقة الأولى حتى!
كيف تتجنب فخ التقليد الأعمى
لتجنبه، عليك ربط ما تتعلمه بما تعرفه. هذه هي الطريقة التي تتطور بها المعلومات إلى المعرفة والحكمة.
لنفترض أنك اشتركت في دورة على الإنترنت حول كيف تُطلق مدونة صوتية حوارية “بودكاست”. تتضمن بعض المبادئ التي أثبتت جدواها: اختيار الضيوف المثيرين للاهتمام، وطرح أسئلة جيدة، ورواية قصة رائعة.
إذا استنسخت مسار المدرب إلى النجاح -بالحرف- واستضفت الضيوف الذين ذكرهم كمثال، فستقع في فخ التقليد الأعمى! لهذا يشعر العديد من مستمعي البودكاست أنهم يسمعون نفس الضيوف يقولون ذات الشيء كل مرة.
لكن لنفترض أنك طبّقت (مبادئ مثبتة) بـ (مضمون أصلي)؛ فسردت “القصة المؤثرة” عبر مقابلة ثلاثة أشخاص مختلفين عن حياتهم وتسجيل ردودهم. في هذه الحالة، من المرجح أن تنشئ بودكاست حواري يبرز وسط البقية.
متغيرًات لأخذها بالحسبان
يجب عليك دائمًا الانتباه للمتغيرات التي تحدد فعالية النصيحة التوجيهية. التوقيت، والجينات، والمهارة وظروف الحياة كلها تلعب دورًا.
- التوقيت: للتكتيكات عمر افتراضي. ما يصلح لشخص اليوم لن يصلح لآخر غدًا. ما يجعل جميع المعرفة الراسخة بالية في نهاية المطاف.
- نقاط القوة والضعف: عندما تقرّ بقيود الاستفادة من نقاط القوة، تزداد احتمالات نجاحك.
- ظروف الحياة: نفس النصيحة التي تحقق نتائج رائعة لرجل عازب يمكن أن ينتج عنها نتائج كارثية لأم مع ثلاثة أطفال.
انطلق من نقاط قوتك الطبيعية، وعدّل النصيحة التي تتلقاها وفقًا لذلك، الأهم: لا تتبع نصيحة أي شخص بحذافيرها.
فخ الاستثنائيون
تمتلئ القصص عن الاستنثائيين بضلال النجاة (Survivorship bias). يشوه (توافر الأدلة) على إدراكنا لصحة النصائح التوجيهية؛ تدور قصص الاستثنائيون التي بين أيدينا حول مَن نجحوا. أما الذين ماتوا مفلسين ومُعدمين، فأولئك لا يقفون على مسرح تيد/TEDtalks ولا يكتبون كتب تطوير الذات أو يظهرون على أغلفة المجلات. ذاك ما يجعل (الاستنثائيين) قدوات رديئة بالنسبة لبقيتنا.
كيف تتجنب فخ الاستنثائيين
لا يمكنك إتباع طريق شخص آخر للنجاح عندما تطبق عباراتٍ مبتذلة -بلا معنى- تُسيء لاستراتيجيات العمل الحقيقية:
- يمكنك أن تصبح ستيف جوبز أو أوبرا أو بيونسيه التاليين.
- العمل 120 ساعة أسبوعيًا لن يجعلك ناجحًا مثل (إيلون ماسك).
إذا لم تكن على دراية بكيفية تشويه التحيزات المعرفية لإدراكك للنصائح التوجيهية، فمن المرجح أن تُصدم بكارثة.
المتغيرات التي يجب الانتباه لها هي ذاتها في تجنب فخ التقليد الأعمى.
(الوحيد) أفضل من (الأفضل)
محاولة أن تصبح (الأفضل) هي لعبة خاسرة ومسعى عقيم. في أحسن الأحوال، ستصبح تقليدًا شاحبًا لأسلافك. عندما تركز على أفضل ما لديك بدلاً من الأفضل نسبيًا، ستكتشف ما يجعلك مميزًا.
بالحديث عن (ستيف جوبز) لو كان ما زال حيًا: هل كنت لتوظفه؟
التدوينة ترجمة لصديقتها You Can’t Copy and Paste Someone Else’s Path to Success، لكن لنُبقي الأمر سرًا ?