حين قرأت تدوينة هيَا ”عن تجربة الهروب من حظيرة“، شعرت كما لو كنت اقرأ فصلًا من كتاب ينتمي لأدب السجون! نعم، أحيانًا تكون بيئة العمل بهذا السوء. ولا زلت -وسأبقى- أعتبر انتقالي للعمل الحرّ أفضل قرار في حياتي.
دائمًا ما نحتاج للإنصات الطويل لأنفسنا “لتلك القابعة في داخلي ويشوش وجودها الناس والآراء والأصوات” على حدّ وصف ياسمين.
وربما لا أُدرك الصِلة، لكن وجدت تدوينة ياسمين تتكامل مع نظيرتها التي خطّتها أ. بثينة اليوسف تحت عنوان: سنة كاملة بدون وسائل تواصل اجتماعي، ما الذي تغير في حياتي؟؛ فلا شيء يماثل أن يكسب المرء نفسه. إنما لديّ رجاء..
فقدت سهولة مشاركة التدوينات، كان تويتر سابقاً هو الموقع الذي يصلني منه اغلب زوار المدونة. الآن فقدت الكثير من القراء لانه لا يوجد لدي منفذ للإعلان عن التدوينات الجديدة سوي نشرتي الإلكترونية. لكن اطمح الى ان يكون الوصول للمدونة اكثر عن طريق البحث في قوقل او عن طريق مشاركة التدوينات بين القراء.
من التدوينة المذكورة
علاقة قدوة مع الكتب
نوال القصير مدوِنة عتيدة وعنيدة، ولطالما نظرت لها باعتبارها قدوة (خاصةً وأنها تدّون منذ 2006، أي قبلي بعامٍ أو اثنين)، استوقفني مؤخرًا حديثها حول الكُتب، وعلاقتها “الحميمة” معها. وبما أنها قررت “إضافة تجارب القراء مع كتبهم والحصول منهم على جولة سريعة داخل كتبهم.“، أحببت أن أدلو بدلوي أنا أيضًا.
تغيّرت -أو بالأحرى توطدت- علاقتي مع الكتب خلال سنيّ حياتي. وأول كتابٍ تُسعفني ذاكرتي لاسترجاعه هو “24 ساعة مع الرسول” الذي استعرته من مكتبة عمتيّ -رحمها الله- قبل نحو 25 عامًا، ولم أُعِده حتى الآن (لأنها رحلت!).
نأتي بعد ذلك مع الكتب المدرسية للصفوف العُليا، إذ اعتدت استعارة كتب (القراءة) المقررة ضمن مناهج من يكبرونني سنًا الدراسية، وإنهاء قصصها خلال فترة قصيرة. وهكذا
ولكتاب (حتى الملائكة تسأل – جيفري لانغ) المذكور في التدوينة ذكريات لا تُمحى. يلفت العنوان أي أحد، فما بالك بمراهق في الثامن عشرة من عمره؟ ورغم أنني استصعبت بعض مفرداته، لكنني لم أدعه من يديّ، وأظنه أول كتاب في حياتي اقرأه كاملًا.
وفي حين كنت معتادًا على شراء النُسخ الأصلية قبل سفري إلى مصر، لكن ارتفاع أسعارها هناك دفعني -مُرغمًا- لإقتناء الـ.. مزورّة!
سافرت كُتبي بين البلدين كثيرًا، وكان لقائي مع أحدها كما لو كنت ألتقي مسافرًا طال غيابه.
أعترف أنني لم أقرأها كُلها، والبعض بالكاد تصفحت فهرسه، لكنني أعزيّ نفسي أنها باقية. وإن فقدت اهتمامي بمواضيع بعضها، فربما تجذب أحد أبنائي في المستقبل (والذي أرجو أن يكون “القريب”).
الشيء بالشيء يُذكر، لاحظت غيابًا -شبه تام- لمنصات/دور نشر عربية توفّر خيار التسويق بالعمولة. حتى جملون (قبل إغلاقه) كان يعسّر عملية فتح حساب مسوّق بالعمولة! ومع ذلك، لم أفقد الأمل، خاصةً مع ظهور منصة كتاب رقمي.
ولا زلنا مع مدونة نوال القصير، وتدوينة “السفر البطيء -٣- أنشطة ممكنة للسفر البطيء” تحديدًا.
اقرأها وأخبرني بما تشعر. سيقول أحدهم: اِشتهيت السفر ولا أقدر عليه. وأقول له:
لا تثريب عليك، فكلنا نشتهي خوض التجارب وزيارة الأماكن الجديدة، إنما دعني اسألك: هل سافرت إلى بلدك/مدينتك؟ هل نظرت إليها بعينيّ سائح تُبهره التفاصيل الصغيرة؟ تلك ليست اسئلة، وإنما دعوة.
هل ستصدقني لو أخبرتك أنني قضيت 7 سنواتٍ في مصر، ولم أزر الأهرامات؟ ربما لأنني كنت مشغولًا بمصارعة شياطيني الداخلية طيلة الوقت، وشعورًا عارمًا بالغربة وعدم الاستقرار. عجزت عن أن أتمهل حتى غادرت البلاد، ولست نادمًا.
فبفضل تجربة السفر المريرة، عُدت بعيون جديدة لبلدي. عينٌ ترى الجمال وسط الخراب، حتى داخل النفوس التي تُتهم بالتوحشّ (في حين أنها مذعورة فحسب!). أقف في طوابير طويلة، وعوض المسارعة لفتح كتاب إلكتروني على هاتفي، بنيّة أن يرى الناس لأي حدٍ أنا مثقّف وعاشق للكتب! أجدني اتأمل الناس وألتقط قصصًا عظيمة من أحاديثهم وشكواهم، ربما لن تشكّل تلك القصص “موادًا” لمشاريع كتابية قادمة، لكنني -باسترجاعها بينة فينة وأخرى- أتصبّر على قسوة الحياة.
وبالحديث عن قسوة الحياة..
هل تُراها قاسية فعلًا؟
لأُجيب، عليّ نفيّ تهمة (الهشاشة النفسية) التي توصم بها الأجيال الحالية، وأعتقد أن [معاذ العميرين] أجدر منيّ بهذه المهمة.
أما أنا فسأكتفي بالقول أننا -الجيل الحالي- مندهشون بسبب الهوة الشاسعة التي تفصلنا عن بعضنا، والتي باتت مرئية -بل عاميَة للأبصار والبصائر- بوجود شبكات التواصل الاجتماعي. بالله عليكم! ما شعور شابٍ يرى نظيره في بلدٍ آخر، يُنفق ماله على رفاهيات لم يتخيّل الأول وجودها أصلًا؟ الظلم بالتأكيد، أو بعبارة أخرى: قسوة الحياة.
وعادت كلنكوتي!
ابنة بلدي، التي حتى الفهرست يجهل اسمها..
على العموم، عادت بتدوينة استفزّت بداخلي شيئًا ما، فآثرت التعبير عنه هنا.
تقول في تدوينتها الأخيرة (فك هروج):
وأجد في ذلك.. أنانية واكتنازًا للعلم والمعرفة التي يمنّ الله علينا بها. بالطبع هناك خصوصيات، لكن ماذا عن كمّ التجارب الرهيب الذي يختبره المرء، فيؤثِر الاحتفاظ به داخل دفتر يومياته، الذي تكفيه بضعة قطرات ماء ليختفي.. للأبد!
ربما أبدو غاضبًا، وأنا كذلك فعلًا.. فنحن ندور في حلقة مُفرغة، من المشاعر المؤلمة التي نحار كيفية التعامل معها، ولو بُسطت أمامنا معارف الآخرين وتجاربهم، لهانت علينا الدنيا. ألسنا في عالمٍ تحوّل إلى قرية صغيرة؟
على الجانب الآخر، [حذاري! فكلامي سيزداد قسوة..] لمَ ذاك الاعتداد الزائد بالذات؟ ما مبرر احتفاظنا بتجاربنا الشخصية لأنفسنا، في عالم يعاني كل يوم؟ أُتراه الاعتقاد بأن مصائب الغير أقسى وأشدّ من مصائبنا (أم العكس)؟
ألا تستحق ريمة (على سبيل المثال) مَن يُطبطب على قلبها، ويُخبرها أن ما اختبرته هو ذاته ما اختبرناه جميعًا؟
لن أفتئ أكرر: أعيدوا لنا التدوين الشخصي! ?
تدوينات أنعشتني قراءتها ::
- ساحة رقص – LAVENDER ~ يروقني ضياع أسماء بين الأفكار، فتدوّنها جميعًا كيفما أتفق. يتطلب ذلك شجاعةً (لا أمتلكها شخصيًا!)
- بعد غياب – نِسرينة ~ وددت إخبارها أن الحل في نشر مسوداتٍ منقوصة، لكنها غابت ثانيةً!
- ؟؟؟؟؟؟؟؟ ~ عنوان التدوينة يختصر كل شيء!
شكرًا لك م. طارق ممتنة لأن التدوينة نالت على إعجابك
عفوًا ضوء.. لم تكن الوحيدة 🤩 .. استمريّ 😉