منذ لحظاتٍ فحسب، انهيت رحلتي مع مشروع شهر الكتابة، وجمعت خلالها (30#) درسًا وملاحظة، وأودّ مشاركتها معكم.
1# المهم أن تبدأ
حين سمعت عن المسابقة لأول مرة، توجست من المشاركة! فتلاحق الخيبات من قدرتي على (القصّ) وقفت حائلًا أمام انطلاقتي. ذكرت سابقًا أن كثرة مشاغلي كانت السبب، إنما الحقيقة هي خوفي من النتيجة المُخيّبة، لم أرغب بزجّ نفسي في موقف محرج إن توقفت وسط السباق، لكنني قلت:
لِمَ تستبق الأحداث يا طارق؟ ثم ما الضير إن توقفت؟
صوت داخلي
2# كانت البداية سلسة
فالقصة الرئيسية حاضرة في ذهني منذ شهور، ولا يحتاج الأمر سوى دفعة بسيطة لإخراجها.
وكنت قد تعلمت في مكانٍ ما أنه لا يُشترط، في المسودة الأولى، أن يكون تسلسل الأحداث منطقيًا. هذا يُشبه مرحلة التصوير التلفزيوني، حيث يصوّر الممثل جميع مشاهده (حتى مشهد موته!) في أيامٍ متتالية، ثم يدع مهمة الترتيب المنطقي للمخرج والمونيتر = المسؤول عن المونتاج.
وهكذا، كنت أكتب الفصول المتعلقة بالشخصية الواحدة خلف بعضها، وأخلق الشخصيات الثانوية (قبل أن أعرف مواقعها الحقيقية من القصة). ثم تأتي مرحلة ربط الأحداث، والتي -غالبًا- ما كانت سهلة.
3# الشخصية الرئيسية المثيرة للمشاكل!
لا، لم يكن لطبيعتها الثائرة يدّ في الموضوع!
أنا فقط من كنت أحاول أن أزجّ جميع الصفات الإيجابية داخل تكوينها، رغم أن ذلك لا يتناسب مع كونها (ضحية حرب يائسة).
في الحقيقة، الكل يعلم أن الشخصية الروائية المثالية هي الأقرب لنا كبشر. لكنني نسيت ذلك اليوم؟
4# انقطاع!
5# معاناة مع الإلهام!
6# يومٌ سيء
لطالما منعني مزاجي السيء من أداء عملي، فماذا عن الخروج بأفكار لرواية ربما لن ترى النور أبدًا؟!
7# + 8# يكفي إلى هذا الحد!
اختبرت اليوم شعور محامي القضايا الخاسرة!
أنا “رب أسرة” عبارة يُقابلها جبل من الالتزامات والمخاوف، وتلّة آمالٍ صغيرة.
لم تكن الأبوة مهمة سهلة يومًا، يصبّ “نهر” حياتك في “محيط” مصالح أطفالك، فتتحول “السواقي” التي تشقّها لتمارس نشاطك المُحبب إلى “سياط” تُلعب ظهرك!
الكتابة لأجل الكتابة؟ حقًا؟!
تملكني شعور بعبثية ما أفعله، واستمر الشعور ليومين.
9# “التحفيز الخارجي الذي احتجته”
هنا يتجلى سحر التدوين! في مشاركة لحظات الضعف وتوثيق شوارد الذهن وخواطر الإنسان في أشدّ اللحظات الحالكة.
والأهم: في الإجابة على الاسئلة التي تؤرقنا.
10# العودة بقوة
هذه أول مرة أحقق الهدف اليومي?
والسرّ: كتبت شعار الشهر (الكتابة لأجل الكتابة) على قطعة كرتون كبيرة وضعتها أمامي. بحيث كلما علقت في موقف ما، نظرت إلى الشعار، وبدأت من نقطة مختلفة.
11# وتستمر سلسلة الانجازات
مدهشٌ كيف يمكن لشخصية ثانوية أن تغيّر مجرى الأحداث بالكامل!
12# هل تحمّست أكثر من اللازم؟
يبدو أنني تحمست بالفعل، فعاقبتني آلهة الكتابة بقفلة غريبة من نوعها: جميع الشخصيات ترفض دفع الأحداث للأمام!
13# أنت كائن ليلي!
استنتج الموقع -من تلقاء نفسه- أنني مُحب لليل، لكن ما يجهله أنني كنت مُجبرًا لا مخيّر. فتلك الساعة التي يظنني أكتب خلالها (10 ? 11م)، هي في الواقع 3 ساعات تنقطع فيها الكهرباء يوميًا?، ويخلد كل مَن في البيت إلى النوم (مللًا؟?)، ويختفي صوت التلفاز من منزل الجيران، فهل تُراني أجد ظروفًا أفضل للكتابة؟ بالطبع لا?
14#
مع إصرار الشخصيات -حتى الثانوية منها- على تكرار أفعالها. كان لا بدّ للقدر أن يتدخل، فيضع الجميع أمام تحدٍ مخيف (وحين أقول الجميع، فأنا أشمل نفسي أيضًا!?)
15#
لا شيء أُضيفه على ما سبق! ? ?
16#
بما أن حكاية الأمس كانت مؤلمة، فقد قررت معاودة لعبتي المفضلة: خلقت شخصية تمثّلني، وجعلتها تتحدث بلساني، فتخوض “مونولوجات” طويلة.
17# “دودة أذن؟”
هل سبق وسمعتم بدودة الأذن – Ear Worm؟
كانت أغنية عبد الحليم (رسالة من تحت الماء) دودتي اليوم?
إنما -لحُسن الحظ- لم تسمع شخصيات روايتي شيئًا.
18# لن تجرِ الرياح بما تشتهي سُفنك
فلا تجزع!
اسأل أي روائي، وسيخبرك -دون خجل- أن الرواية المرسومة في ذهنه أفضل من المخطوطة أمامه على الورق. لا بدّ أن في الأمر سرًا! أين يذهب كل ذاك الجمال الذي تمتلكه مخيلتنا حين نحاول تحرير الكلمات على الورق؟!
اعتدت الأمر تدريجيًا، وهكذا لم أكن أقف لأغيّر من مصائر الشخصيات أو ما يحدث معهم (حتى لو كنت متعاطفًا أو ناقمًا)، وإنما تركتهم يختارون مسارات حيواتهم بأنفسهم.
19#
في هذا اليوم، اجتمعت عدة صُدف:
- قول كاريس الجملة المقتبسة في لقطة الشاشة أعلاه.
- كان عدد الكلمات مطابقًا للعام الذي نحن فيه (علمًا أن السرد عفوي تمامًا)
- تواصل معي أحدهم بمعلومات مهمة عن القضية التي تعالجها الرواية، وسرد تفاصيل يشيب لها الولدان، لذا لم أستطع استخدامها في الرواية، بل على العكس: تسببت في دخولي نوبة اكتئاب حادّة.
20# ماذا لو مات البطل في منتصف القصة؟
يمكن القول أنها المعضلة الوحيدة التي صادفتها أثناء الكتابة!?
فمع سير الأحداث، اتضح ليّ أن جميلة (الشخصية الرئيسية) تتجه نحو حتفها، وهو ما يُناقض الخطة المرسومة لها: أن تكون العقدة التي ترتبط بها جميع الشخصيات!
المشكلة هنا أن الحل التقليدي لا ينفع: العودة بالزمن والكتابة حول خلفيتها، فما العمل؟
تفتق ذهني عن حلٍ (اعتبرته آنذاك عبقريًا): ماذا لو ظهرت شخصية ثانوية تنافس بطلة الرواية على لفت اهتمام القارئ؟
وهكذا تحررت من اللعنة، وانطلقت أصابعي على لوحة المفاتيح من جديد!
21# كيف تغلبت على التحدي إيّاه؟
ذكر أ. عبدالله المهيري في تدوينته: 8 دروس من مشروع كتابة الرواية مواجهته مشكلات في الخروج بأفكار جديدة، في حين نظرت لذاك التحدي نظرة مختلفة وتغلبت عليه بفضلها.
إن كنت أحد متابعيني، سواء على المدونة أو عبر شبكات التواصل الاجتماعي، فأنت تعلم حرصي على الكتابة بهدف. فحتى تدويناتي الشخصية، أحرص من خلالها على تفريغ مشاعري السلبية أو مشاركتها على الملأ (الأمر الذي قررت التوقف عنه كما أشرت في التدوينة السابقة).
لكن ماذا لو كانت “الكتابة” مقصودة لذاتها؟ هذا ما وضعه مؤسسو مبادرة Nanowrimo كأحد بنود المشاركة. لذا لم أهتم أثناء المشاركة بمنطقية سير الأحداث، أو كمال بناء الشخصيات، وإنما كنت أكتب فحسب، مؤجلًا التدقيق حتى النهاية. وبفضل الله، لم أواجه قفلة الكاتب ولو لمرة واحدة!
ولهذا السبب أيضًا، وضعت موعدًا نهائيًا بعيدًا -منتصف العام القادم- لإنهاء العمل على الرواية، ربما سيثير ذلك استغرابك حين تستمع إلى مقابلتي مع فرزت. ربما عُرف السبب الآن!
22#
على عكس ما قد تظنونه، لم أنقطع عن الكتابة يومها. ما حدث فقط هو أنني أنهيت الجزء المخصص لذلك اليوم (وفي الزمن المعتاد أيضًا)، ثم سوّلت ليّ نفسي تأجيل مشاركة لقطة شاشة إنجاز اليوم بضعة دقائق أخرى.
وعلى حين غرّة، وردني اتصال من والدي يُخبرني فيه أنه قادم في أمرٍ مهم. تشتت ذهني، ونسيت -في لحظة- ما كنت بصدد فعله.
جاء هذا الموقف ليُذكرني بافتقادي لمهارة الثبات الانفعالي، ثم سرح خيالي خلف سراب الشهرة.. الذي بات مخيفًا فجأة!
كم عدد الكلمات التي كتبتها يومها؟ 2888 كلمة.
23#
افترضت أن متابعي على تويتر سيقرأ تدوينة أنا لم أنساكم: إحياء جائزة المحبوب (11)
أنا شخص كثير الافتراضات، شاطح الخيال. ولاحظت أن إحدى شخصيات الرواية تمتلك ذات العيوب.
لكنها، لحُسن الحظ، شخصية ثانوية.
24# الحياة ملونة، أليس كذلك؟
قصة الرواية ككل بائسة ومؤلمة، لكن بما أنني أكتب رواية واقعية، فكان لزامًا عليّ الإيمان بالمبدأ القائل: الحياة لا تسير على نمطٍ واحد. فتضمنت حبكة الرواية قصة حُب أسطورية، وعاشت شخصياتها بعض اللحظات السعيدة والمميزة رغم أنف كل الدمار حولهم.
25#
بما أن الأحداث تسير برتابة (وكذلك حياتي)، فلم يكن كتابة هذا القدر صعبًا. بدأت مبكرًا، وتحملت ضوضاء الأطفال التي حرمتني أيضًا أداء مراجعة سريعة لما أكتبه?، لكنني وصلت.?
لكن السرّ الحقيقي كان في اتباع نصيحة أستاذنا عبدالله المهيري لليوم الثالث عشر: 500 كلمة في كل مرة
26# (813) كلمة فقط؟
نعم، لكنها وسط ميول انتحارية?، أفلا يُعد ذلك إنجازًا؟
#27 نفدت حصيلتي!
ردّ زميل التدوين عامر حريري على سؤالي بالقول: هذا ما نعتقده ونكتبه 🙂
ربما كان يُفترض بيّ أن أستوضح مقصده من عبارته المثيرة كما لو أنها جاءت على لسان شخصية روائية.
لكنني آثر الصمت. وفسرت ذلك بأنه دليل على نفاد حصيلتي من الكلمات المكتوبة (أكثر من 3000 كلمة بقليل)
على صعيدٍ آخر، كانت المشاهد التي كتبتها قاسية للغاية، كما لو كنت أفرّغ غضبي من صعوبات حياتي في خلق تحدياتٍ جديدة -بل ومصائب- لشخصيات روايتي.
استحقرت نفسي كثيرًا..?
28#
وثّقت تدوينة أنا لم أنساكم: إحياء جائزة المحبوب (17) ذاك اليوم جيدًا.
29#
30#
حين أجدت نسج عالم الرواية، تمكن الأخير من ابتلاع حياتي. بدليل أنني لم أشعر بتغيّر في التدفق رغم انغماسي بالكتابة خارج الموعد المعتاد.
مبارك ومنها للأعلى ان شاء الله
كل الإحترام والتوفيق ^_^
أتمنى لكِ المثل