تحدثنا في التدوينة الماضية عن أهمية النشرة البريدية في مسيرتك باعتبارك كاتب محتوى، وذكرنا كون اختيار الأداة المناسبة هو أول خطوات إطلاق نشرات بريدية ناجحة، ثم توقفنا عند جزئية: طرائق جذب المشتركين. والتي سنناقشها اليوم.
لنبدأ..
بعد اختيارك منصة إدارة النشرات البريدية (للتذكير: Mailchimp / ConvertKit / Beehiiv)، وذلك طبعًا بعد قضاء بعض الوقت في فهم متطلباتك، والعثور على أفضل ما يناسب احتياجاتك. يأتي دور ..
خطوات جذب المشتركين
صياغة عبارة تحث المستخدم على اتخاذ إجراء
الدعوة إلى إجراء (أو CTA) هي آلية طلبك -من زوار مدونتك/موقعك- الاشتراك في نشرتك البريدية، والتي لا يُفترض أن تكون تقليدية.
لذا، فيما يلي بعض الأفكار المُساعدة:
- قدّم كتاب إلكتروني “ebook” مجاني. يمكنك -إذا كنت كاتبًا/مدونًا- تجميع 5 أو 6 من أفضل تدويناتك/منشوراتك وتحويلها إلى كتاب إلكتروني يحصل عليه المشتركون مجانًا. أما إن كنت روائيًا، فيمكنك تقديم قصة قصيرة أو الفصول القليلة الأولى من روايتك الجديدة.
على سبيل المثال، يمنح جيمس كلير الفصل الأول من كتابه الأكثر مبيعًا في نيويورك تايمز ، العادات الذريّة “Atomic Habits”، مجانًا لمن يشترك في نشرته البريدية. - قدّم دورة مصغرة “mini-course” مجانية. طريقة أخرى رائعة لجذب المشتركين هي تقديم دورة تدريبية مصغرة (3 – 10 أيام). يمكنك جدولة الأداة بحيث تصل -كل مشترك جديد- سلسلة دروس ثريّة على شكل رسائل تلقائية.
يمكنك رؤية مثال عملي على ذلك في نشرة Money Scoop البريدية؛ حيث يحصل المشتركون على دورة رائعة –على مدار 7 أيام– في تخطيط الأمور المالية الشخصية “Personal Financial” - قدّم هدية جذابة. إذا كنت تستصعب إنشاء الكتب الإلكترونية/الدورات التدريبية المصغّرة (ولا ألومك)، فيمكنك “تحجيم” الهدية لتتضمن: قائمة توصيات بكتب غيّرت حياتك – أو حتى “حيل مهمة” في مجالك.
- اذكر فوائد الانضمام إلى نشرتك البريدية. ماذا لو تستطيع فعل أي مما سبق؟ لا تبتئس، فلا زال بمقدورك جذب مشتركين عبر ذكر ميزات سيحصلون عليها من خلال الاشتراك.
ذاك ما فعله المؤلف ذائع الصيت مارك مانسون “Mark Manson” بقوله: “كل أسبوع، أرسل 3 أفكار بمقدورها تغيير مجرى حياتك. انضم إلى ملايين القراء حول العالم“. - ركز على الرسالة. طريقة أخرى، مثيرة للاهتمام حقًا، لجذب القراء الجدد وهي إبراز (رسالة نشرتك البريدية).
على سبيل المثال، أحسَن المؤلف الأكثر مبيعًا James Altucher تقديم رسالته من خلال عنّونة صندوق الاشتراك بعبارة “هل ستكون أفضل بنسبة 1% اليوم؟ هل ستختار نفسك؟” وعوض “اشترك الآن” أو “انضم اليوم” ، اختار “بالتأكيد.. سأفعل” نصًا لزرّ الاشتراك!
أثناء اختيار نص CTA، ضع في الحسبان القيمة التي تحاول تقديمها ونغمة الخطاب الذي ستستخدمه في نشرتك البريدية. قد يُغريك البحث بين عبارات الدعوة إلى إجراء لكتّاب المحتوى الآخرين واستخدام إحداهنّ. لكن فكر في دافعك (الحقيقي) لبدء نشرة بريدية واختر شيئًا وفقًا لذاك الدافع: فإذا كنت تخطط لبيع الدورات التدريبية مستقبلًا، فربما يكون تقديمك دورة تدريبية مصغّرة كهدية ترويجية -كما أشرنا منذ قليل- فكرة جيدة.
تذكر أن الهدية الترويجية يجب أن تقدم (قيمة كافية في حد ذاتها)، وإلا فأنت تخاطر بأن تبدو مخادعًا!
بل حتى لو كنت في بداياتك، ولست متأكدًا من المكانة التي ستشغَلها خلال السنوات القليلة المقبلة، فالأفضل أن تكون صريحًا وتقول ببساطة “اشترك في نشرتي البريدية للبقاء على اتصال“. وصل العديد من كتّاب المحتوى الناجحين إلى أول 100 مشترك باستخدام عبارة بسيطة كهذه، ومع نمو جمهورهم، غيّروها لشيء أكثر جاذبية.
جاءك زائر، ألا يستحق الترحيب؟
سواء قررت تقديم هدية ترويجية أو الاكتفاء بدعوة للاشتراك بسيطة، فلا بدّ من رسالة ترحيبية “Welcome message” تبيّن نبرة النشرة (رسمية/غير رسمية) وتُخبر القراء بما يمكنهم توقعه من أعداد نشرتك البريدية.
وبالطبع، سيُسعدني إطلاعك على بعض عناصر الرسالة الترحيبية المميزة:
- عرّف بنفسك. كثيرًا ما يجد القراء شيئًا ملهمًا أثناء التصفح، وربما يُغريهم الاشتراك في نشرتك البريدية، ثم فجأة ينسون سبب اشتراكهم! لهذا من الأهمية بمكان أن تخبرهم المزيد عنك.
- اشرح مفهوم نشرتك البريدية لجمهورك، وكيف تساعدهم على حل مشكلاتهم في جانب معين.
- استغل الرسالة الترحيبية في معرفة معلومات أكثر عن المشتركين؛ أجرِ استبيان صغير يجيب فيه جمهورك على أسئلة تتعلق بنوع المحتوى الذي يفضلون قراءته، وبذا تتمكن من مساعدتهم فعلًا.
- **مهم** اطلب من القراء إضافتك لجهات الاتصال لديهم، لألا ينتهي الأمر بأي عدد في صناديق البريد غير المرغوب به لديهم.
والآن، مع أمثلة عن رسائل ترحيبية في نشرات بريدية لشركات غير عربية [أنتظر الوقت الذي أضمّن فيه أمثلة عربية]:
نبدأ مع (Under Armour)؛ المتخصصة في الألبسة والمعدات الرياضية. تجسّد رسالتها الترحيبة -التي تراها أعلاه- العملاء المحتملين الذين تودّ الشركة جذبهم.
سيلفت انتباهك أولاً عبر سطر العنوان “الأمر رسمي: أنت في الفريق ~ It’s Official: You’re on the Team“.
بعد ذلك، ستبهرك صورة لبعض الرياضيين المشهورين مع عبارة “مرحبًا بك في الفريق” > ذاك يمنح العملاء الشعور بأنهم جزء من مجتمع يفهمهم. علاوة على ذلك، تتضمن بقية الرسالة رمز حسم، ورابط تنزيل تطبيق المتجر، ورابطًا لمشاهدة فيديوهات لتمارين مُلهمة.
قد تبدو الصورة أعلاه إعلانًا لإحدى مطاعم الوجبات السريعة، فعن أي تاريخ يتحدثون بقولهم (أنت تصنع التاريخ ~ You’re making history)؟
في الحقيقة، فشركة GOOD Meat تعمل في استزراع اللحوم مخبريًا “Cultivated meat”. لذا تتضمن رسالتهم الترحيبية سرد قصة الشركة بأسلوب يضمن متابعتك لسلسلة رسائلها القادمة.
النشرة جاهزة، لكن ماذا عن معدل النشر؟
ضع روتين كتابة وحدد مواعيد نشر لنشرتك البريدية. ربما تُجرِ بحثًا بسيطًا (أو تنشر استبيانًا) يتعلق باليوم والوقت الذي يمتلك فيه معظم مشتركيك مزاجًا رائقًا للقراءة، وبالطبع ستحتاج لتجربة خيارات عدة قبل أن تصل للتوليفة الأفضل.
لا تبالغ في الالتزام وتتعد لجمهورك بأربع أعداد أسبوعيًا! إذ في لحظة ما ستفقد الدافع. لتكن خطواتك صغيرة لتضمن الاستمرارية، وبمجرد أن تجد إيقاعك Rhythm، يمكنك اختيار جدول نشر يناسبك ويناسب جمهورك أيضًا.
ضع في الاعتبار أمرين مهمين:
- يأتي جمهورك المستهدف في المقام الأول دائمًا.
- حاول تقديم أكبر قدر ممكن من القيمة.
هيّا نجد بعض المشتركين
عند إنشاء قائمة بريدية، قد تستغرق الانطلاقة الحقيقية وقتًا، خاصة إذا كنت كاتبًا جديدًا. فيما يلي بعض الطرق للحصول على المشتركين الأوائل.
- اطلب من أصدقائك وزملائك وأفراد عائلتك الاشتراك.
- انشر على صفحاتك في شبكات التواصل الاجتماعي خبر إطلاقك نشرة بريدية، وأخبرهم بما يتوقعون الحصول عليه إذا اشتركوا.
- تعاون مع كتّاب نشرات بريدية آخرين، بحيث يُرشّح كل منكم النشرة البريدية للآخر. دون أن تنسى -بالطبع- تشابه أذواق جمهورك المستهدف قبل محاولة حملة من هذا القبيل.
- بعد أن يصل عدد مشتركين نشرتك البريدية إلى 100 مشترك (
وليس قبل ذلك)، يمكنك طلب مشاركة العدد من القراء.
ربما تبدو البداية بطيئة، لكنها لا تستهين أبدًا بقوة التضاعف. إذا كتبت محتوى يقدره جمهورك وواصلت النشر باستمرار، فسيعمل (التضاعف Compounding) في النهاية لصالحك.
ماذا ستكتب في نشرتك البريدية؟
سؤال محيّر، صحيح؟ دعني اساعدك..
1. محتوى مُستلهم من القراء
تعد مشاركة الحماس الذي أبداه القراء الحاليون طريقة رائعة لجذب اهتمام القراء الجدد. على سبيل المثال: (التعليقات التي دفعتك لمواصلة الكتابة – الأسئلة المتداولة حول قصصك – رحلتك في عالم الكتابة).
2. المحتوى المُختار (Curated content)
بالطبع هي نشرتك البريدية، ولكن هل يُشترط أن تقتصر على مشاركة كتاباتك؟ ليس تمامًا! يمكنك تنظيم المقالات والقصص ودراسات الحالة الشيقة من جميع أنحاء الإنترنت ومشاركتها مع القراء.
أغلب الظن أنك، إذا وجدت شيئًا ممتعًا أثار اهتمامك بما يكفي لمشاركته، فسيستمتع قرائك به أيضًا.
3. خلف الكواليس
يحبّ القراء ما تكتبه، لا أشك في ذلك. لكنهم أيضًا يحبون أن يعرفوا طقوسك في الكتابة.
شارك مقتطفات من حياتك بينما تستمر في صقل مهارتك. كن صريحًا ودع القراء يشاركون في معاناتك، مما يجعلهم يشعرون بأنهم جزء من الرحلة.
إليك بعض الأفكار حول كيف تعرض ما خلف الكواليس:
- دروس من تجاربك السابقة.
- وثّق الدروس التي تتعلمها في رحلة نضج خبرتك.
- نصائح وإرشادات قيّمة من خبرتك (لا تشاركها عادة على شبكات التواصل الاجتماعي).
- شارك قصة وصولك إلى مستوى خبرتك اليوم.
- تحدث عن خسارة أو فشل، وما الذي تعلمته منه، وكيف يمكن لجمهورك تطبيق ما تعلمته حتى لا يواجه ذات الشيء.
4. توصيات الكتب
يمكنك التحدث عن الكتب التي أحببتها أو التي تقرأها حاليًا. حتى لو لم ترغب في كتابة مراجعة كاملة، فقد تكون مشاركة اقتباس أو فكرة مثيرة للاهتمام كافية لإثارة فضول القراء.
بما تختلف النشرات البريدية عن المقالات/التدوينات؟
ربما كنت متقنًا لفنّ كتابة المقالات أو القصص عبر الإنترنت، أو كنت مؤلف كتاب حظي ببعض النجاح، إلا أن النشرة البريدية تختلف عن مقالتك/تدوينتك المعتادة اختلافًا كبيرًا. ففي حين تتعامل المقالات/التدوينات -غالبًا- مع موضوع معين، تشكّل النشرات البريدية -بشكل كبير- التزامًا تتعهد من خلاله بإرسال أعداد دورية لجمهورك.
إذًا، ورغم كونك الكاتب، فلست الشخصية المحورية في نشرتك البريدية، بل القارئ. عليك أن تضع ذوق قرائك ومزاجهم وراحتهم في الاعتبار أثناء تحديد الموضوع ونبرة الخطاب.
وتذكّر: الخطوة الأولى هي الأصعب دائمًا.