مقدمة في الكتابة الاحترافية (7/7)

بما أن هذه السلسلة قد قاربت على نهايتها، وما زال هناك الكثير لتتعلمه ككاتب مستقل، فسأستغل الوقت في هذه التدوينة لأخبرك عن بعض الأمور التي يمكنك القيام بها لتقوية قدراتك في الكتابة.

 

دعني أخبرك -كمواطن وكاتب أمريكي الجنسية- أن الإنجليزية التي تتحدثها تختلف كثيرًا عن الثقافة الأمريكية. إننا نعيش في عالمين مختلفين تمامًا حيث يصعب أن نتوغل في اللهجة العامية لبعضنا البعض. وقد أحدث ذلك اختلافًا كبيرًا في كيفية التحدث والكتابة على مدى مئات السنين.

 

بالإضافة إلى ذلك، فنحن -الأمريكيون- نميل إلى تنظيم جملنا بشكلٍ مختلف قليلًا، وعلى الرغم من أن الكتّاب الأجانب قد يتحدثون الإنجليزية بطلاقة ويكتبون بها بشكلٍ مثالي، فإن أي أمريكي تقريبًا يستطيع تحديد ما إذا كان الكاتب أجنبيًا أم أمريكيًا في غضون ثوانٍ قليلة.

هناك عدة طرق للتغلب على هذه المشكلة، ويبدأ ذلك بفهم الثقافة الأمريكية، لذا أريد منك في كل فرصة سانحة أن:

• تقرأ الأخبار من مواقع وسائل الإعلام الرسمية كـ USA Today و The NY Times

• تستمع إلى كتب صوتية لمؤلفين أمريكيين مشهورين كـ (Stephen king – John Grisham – Dean Ray Koontz)

• تقرأ كل رواية جيدة يمكنك الحصول عليها

• تسجل وتنشر في المنتديات الأمريكية على شبكة الانترنيت وتتواصل مع أشخاص أمريكيين

• تكوّن صداقات في الولايات المتحدة، وتستغل كل فرصة لمراسلتهم

• تشارك في دورة للكتابة عبر الانترنيت من كلية مقرّها الولايات المتحدة

• تستثمر في دورات لإتقان اللهجة الإنجليزية مثل دورة فلونت و دورة المواقف.

ونصيحتي لمن يريد الكتابة بشكل احترافي: الطريقة الوحيدة لزيادة حصيلة مفرداتك واكتشاف طرق جديدة لصياغة جملك هي القراءة. وبما أن هناك مدونات مدهشة في كل موضوع يخطر على بالك، فليس لديك عذر لعدم القراءة حول موضوعك المفضل.

 

أيضًا، تعلم القراءة بطريقة نقدية.

ما أعنيه هو أن القراءة وحدها لا تكفي، على سبيل المثال حين تُعجبني مقالة واستمتع بقراءتها، أقوم بوضع إشارة مرجعية على المتصفح لأعود فأقرأها في وقت لاحق، وأتناولها برويّة سطرًا تلو الآخر.

وكل الكتّاب العظام بدأوا من المكان الذي تتواجد فيه اليوم، والصادق منهم سيخبرك بأن أولى مقالاتهم لم تكن رائعة .. وأن الأمر استلزم منه الكثير من الممارسة ليجد صوته الخاص.

وإذا كنت ترغب بأن تكون كاتبًا، فعليك أن تكتب كثيرًا، لكل يوم في حياتك .. سواء أشعرت برغبة في ذلك أم لا، (في الواقع، خاصةً إن لم تكن تشعر برغبة في الكتابة!).

هل تفكر في إنشاء مدونتك الخاصة بأقل من 3$؟

على سبيل المثال، منذ بضعة أيام واجهت وقتًا عصيبًا للغاية. عانت ابنتي من إصابة خطيرة في الأذن، وأدخلناها إلى غرفة الطوارئ مرتين خلال الـ48 ساعة الماضية. لم ينام أي منّا في الآونة الأخيرة وكنت أقوم بكل مهام الطهي/التنظيف منذ أن مكثت زوجتي بجانب طفلتنا لتعتني بها.

بعبارة أخرى، تمّ تدمير جدول عملي بالكامل. ربما تقول في نفسك: “ابنتك مريضة وعائلتك بحاجة إليك. خذ استراحة واقلق بشأن الكتابة لاحقًا”.

ربما كنت لأفعل ذلك قبل عشر سنوات. ولكن عندما تكون كاتباً مستقلاً، سيكون هناك دائماً أشياء عليك القيام بها. قائمة المقاطعات في حياتنا اليومية تكاد لا تنتهي. هذا هو السبب في أننا نختار هذه المهنة في المقام الأول … الحرية فيها تثير الدهشة.

ولكنني تعلمت ذلك بالطريقة الصعبة. من الصعب جداً الالتزام بجدول كتابة ثابت. فحين تعود من إجازة استمرت لبضعة أسابيع، تصبح العودة إلى روتينك الطبيعي أمرًا مستحيلًا. لهذا أكتب ما لا يقل عن (3000 ) كلمة في كل يوم في حياتي، وأرجو أن تحذو حذوي.

 

لكن، ماذا أكتب؟

• اكتب قصة قصيرة أو اعمل على كتابك الخاص

• ارسل بريدًا إلكترونيًا إلى أصدقائك وأفراد عائلتك

• قم بإنشاء مدونتك الخاصة وانشر فيها يومياً

• ارسل بريدًا إلكترونيًا لعملائك المحتملين

• شارك في المنتديات حول هواياتك المفضلة

• اكتب رسالة إلى زوجتك أو طفلك

• شارك في محادثات مع الكتاب الآخرين على مواقع التواصل الاجتماعي

لكن ابذل قصارى جهدك لتجنب الرسائل النصية(SMS) أو الرسائل الفورية(IM) أو أي شيء يؤدي لعدم الكتابة في جمل كاملة. وجود الرموز التعبيرية (emoji) لا يساعدك في تطوير ملكة الكتابة لديك!

ملاحظة أخيرة قبل الانتقال إلى فقرتنا التالية المشوقة:

يجب ألّا يقل عدد الكلمات التي تكتبها يوميًا عن 3000 كلمة، وإلا سيصعب عليك تطوير أسلوبك الفريد في الكتابة، ويصبح من المستحيل عليك أن تصل لمستوى النخبة.

لقد دربت الآلاف من الكتاب والعاملين في مجال الأعمال على مدى العقد الماضي، ودائمًا ما كان المميزين منهم يملكون قواسم مشتركة:

1. كان لديهم رغبة حقيقية في امتهان الكتابة

2. كانوا يبحثون دومًا عن فرص لتعلم المزيد

3. كانوا يعرفون كيف يستفيدون من النقد البناء

ربما لاحظت أنني لم أذكر “مستوى الكتابة الرفيع”، هذا لأن الأمر بسيط: أنت لست بصدد التقدم للعمل كمراسل في صحيفة وول ستريت، هدفك هو كتابة المحتوى على الانترنيت بلغة بسيطة ومفهومة.

 

دعنا نفصّل في القواسم المشتركة المذكورة:

أهمّ نقطة، أن تمتلك شغفًا حقيقيًا بالكتابة (كما ذكرنا في الجزء الأول من هذه السلسلة)، وحين تمتلكه، فشمّر عن ساعديك وابدأ بتطبيق ما تعلمته خلال هذه السلسلة، وستندهش من السرعة التي ستتحسن فيها.

وإن كنت تنتوي فعلًا أن تمتهن الكتابة كمصدر لكسب رزقك، فعليك أن تتصرف كطالب في مدرسة فنّ الكتابة: اقرأ مؤلفات كتّابك المفضلين، وتابع أساليب تحسين محركات البحث (SEO) أولًا بأول. فهذا ما يفعله الكتّاب المحترفون.

النقطة الأخيرة، هي الأهمّ على الإطلاق: أن تتقبّل النقد بإيجابية.
لا يمكنني إخبارك عن المرات التي قام فيها محررون بتمزيق مسودات مقالاتي، هو شعور سيء بلا شكّ.. لكنه أيضًا فرصة رائعة للنمو.

 

استغل هذه الفرص!

لا تهدرهم بمشاعرك السلبية والأسف على نفسك! في كل مرة أتولى تدريب كاتب جديد، فإن أول شيء أطلبه منه هو كتابة مقالة قصيرة من 100 كلمة عن أكثر الأماكن المدهشة التي زارها. اخترت هذا الموضوع لأنه يمكّن الكاتب من تقديم ما لديه بأريحية.

ولكن بمجرد أن يُرسل الكاتب مقالته، أقضي ساعات في تدقيقه، وبحلول الوقت الذي أرسل فيه المقالة للمراجعة، تظهر كما لو كنت قد وضعتها في خلاط مع بعض الطماطم: لأن هناك تصحيحات وتعليقات حمراء في كل سطر تقريبًا. فلما أقوم بذلك؟

باختصار، يخبرني ردّ الكاتب على انتقاداتي “شديدة القسوة” على الفور عما إذا كان لديه ما يلزم لكي يصبح متميزًا في مجال الكتابة. لأنه إذا اتبع كل نصيحة والتزم بكل تصحيح ، فسيكون لديه مقالة (5) نجوم.

والواقع أن واحد فقط من بين كل خمسين يتقبل نقدي اللاذع لمقالته. بينما ينخرط البقية في الدفاع عن أعمالهم. وهؤلاء للأسف لا يحققون أي نموًا في مهنتهم.

نتمنى أن تكون قد استفدت من هذه السلسلة واكتشفت الكثير من الأسرار التي تؤهلك لتصبح كاتبًا أفضل.

تمنياتي لك بالتوفيق.