مما جاء في شرح هذا الحديث أن الصوم لا يدخله شرك بخلاف سائر الأعمال، فإن المشركين يقدمونها لمعبوداتهم كالذبح والنذر وغير ذلك من أنواع العبادة، وكذلك الدعاء والخوف والرجاء فإن كثيرًا من المشركين يتقربون إلى الأصنام ومعبوداتهم بهذه الأشياء بخلاف الصوم، فما ذكر أن المشركين كانوا يصومون لأوثانهم ولمعبوداتهم.
وأذكر تعليق خطيب الجمعة على الحديث، حيث قال: أن جميع العبادات الأخرى قد يُداخلها رياء؛ فتجد من يُصليّ ليُقال عنه “فلان عابدٌ زاهد، حيثما طلبته وجدته في المسجد”. ومَن يزكيّ ليُقال عنه “كريم”. ومَن يحجّ إلى بيت الله الحرام ليكسب لقب: “الحاج فلان الفلاني”.
لكن الصوم، كيف سيُرائي المرء به؟ وهو عبادة جماعية، يمكن للمرء أن يدّعيها (والناس يعلمون ذلك)، فلا مجال للرياء.
وهنا ليّ وقفة.
لماذا لا أحظى بتقدير؟!
تأملت حال الصائم، فوجدته يقدم تضحياتٍ كثيرة، فيمتنع عن المُفطرات ويحرم نفسه من إشباع الشهوات (رغم أنها في متناول يده)، وربما يُنتقد لرائحة فمه فيصبر مستذكرًا ((ولَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ))، كل ذلك أملًا في ثوابٍ لا يعلم عنه شيئًا! فلم تذكر الأحاديث الشريفة والأحاديث القدسية ماهية ذاك الثواب [اللهم إلا الحديث عن باب الريّان الذي يدخله الصائمون]
وأعتقد أن هذا هو مكمن صعوبة الصيام؛ قد تقضي نهار رمضان كيفما اتفق حتى أذان المغرب، لكنك لا تعلم ما إن كان صيامك مقبولًا أم لا، وحتى إن كان مقبولًا.. فما مكافأتك عليه؟ لن تعلم أبدًا.
تدور هذه المعاني في بالي، وأنا أفكر في (سمات الناجحين) في حياتنا، ممن يبذلون جهودهم أملًا في عوائد بعيدة الأمد (وقد لا تصلهم في حياتهم، كروائي اشتهر بعد مماته!). أتأمل حالهم وأقارنه بحال أقرانهم على الضفة الأخرى، ممن يبحثون عن تقدير لكل خطوة، وتبرير لكل هفوة، فأقول: سبحان الله العظيم. أليس حريًّا بنا أن نطبّق ما تعلمناه عن الصيام على جميع مناحي حياتنا، وخاصةً عند سعينا لأهدافنا؟