تحمست لكتابة التدوينة بعد قراءتي: نصيحتين لزيادة قيمتك في سوق العمل – شكرًا م. أحمد ?
تبدو ليّ كما لو تلقيتها أمس، تلك المكالمة التي أجريتها وسط زحام الشارع، والتي حملت بشائر التعاون الأول بيني وبين إدارة منصة زِد لأشغل منصب: مدير محتوى.
ولأول مرة في حياتي كمستقل، أحصل على عقدٍ ثابت، بظروف وشروط تناسبني تمامًا.
يناير/كانون الثاني 2020: خطة مدير المحتوى العظيم
الحماسة في أعلى مستوياتها، لكن الأجواء يشوبها بعض التحفظ؛ كيف سأتعامل مع فريق التحرير كمدير بعد أن كنت مجرد كاتب (يرفضون له مقالات، ويقبلون أخرى)؟
حافظت على شعلة حماستي، مرتكزًا على خطة العمل التي وضعتها. كان الهدف الرئيسي: إعادة زِد لسباق منصات الكتابة الجماعية، وتحديدًا مع بدء انتشار اسم منصة منافسة تكافئ الكتّاب “ماديًا” على مجهوداتهم.
بعد دراسة نقاط القوة والضعف في زِد آنذاك، توصلت لما يلي:
نقاط القوة
الأقدمية: انطلقت زِد عام 2013، وحازت خلال -هذه الفترة- ثقة 10,000 كاتب تقريبًا.
واجهة نظيفة: تخلو واجهة الموقع من الإعلانات تمامًا. إضافة لتنظيمها بصورة مثيرة للإعجاب.
مُحرِر سهل يدعم التقليلية: مما يتيح للكاتب التركيز على المحتوى، بعيدًا عن محاولات التنسيق -المختلفة بين كل كاتب- والتي قد تؤدي لظهور المقالات بشكلٍ مُنفّر.
موثوقية المعلومات: تشترط المنصة على الكاتب وضع مصدر المعلومات الواردة في المقال، فلا تُنشر قبل تحقيق هذا الشرط.
سباق الخمسين: تُعتبر منصة زِد أول منصة عربية تثير حماس صنّاع المحتوى الكتابي بجائزة مادية (غير رمزية).
الرسائل التشجيعية: تُبارك المنصة -عبر رسائل تلقائية- إنجازات كتّابها.
نقاط الضعف
تأخر النشر: تضع المنصة -حتى الآن- جميع المقالات في دورة مراجعة، للتأكد من توافقها مع شروط معينة. شكّل ذلك ضغطًا على فريق التحرير، مما تسبب بتأخر النشر مدّة وصلت أحيانًا لأسبوع!
ضعف التواجد على شبكات التواصل الاجتماعي: إن لم نقل انعدامه! على سبيل المثال، كان آخر منشور في صفحة الفيس بوك الرسمية بتاريخ 15-6-2019.
رسائل الرفض غير المفهومة: تضمنت القائمة السفلية لموقع زِد -كأي منصة كتابة جماعية- رابطًا يقود لمعايير النشر. لكننا نعلم أنه ليس يقرؤها. وعلى هذا الأساس، كان الكتّاب يقفون حيارى أمام رسالة الرفض التي يتلقونها:
كيف تعاملت مع التحديات المذكورة؟
بالنسبة لتأخر النشر، تبيّن ليّ أن السبب خلفه هو تلكؤ المسؤول عن وضع اللمسة النهائية. فالنشر في المنصة يعتمد على ثالوث: محرر المقالات – مدقق لغوي – مسؤول النشر.
وبذا، ما إن استلمت مهمة الأخير، حتى عادت المياه إلى مجاريها.
وكان حلّ المشكلة الثانية (ضعف التواجد على شبكات التواصل الاجتماعي) سهلًا أيضًا: استلمت إدارة الصفحة بنفسي، لأضمن ظهور المنشورات بأفضل حلة.
أما فيما يتعلق برسائل الرفض، فتركتها لأنني لم أعرف طريقة التعامل معها، خاصةً وقد ارتأيت أن الرسالة واضحة.
فبراير/شباط 2020: حلول الإحباط ضيفًا
تضمنت خطة الإدارة، والتي كُلفت بتنفيذها، نشر 3960 مقالة حتى نهاية العام. هذا يعني -بحسبة بسيطة- أن أُنهي الشهر الأول برصيد 330 مقالة جديدة. وكم نُشر منها؟ 80 فقط!
لكن.. أين الخلل؟ ببساطة، طَفت المشاكل على السطح: كشخص أعتاد العمل وحيدًا، دون الرجوع لأحد في قرارته، كانت إدارة الفريق كالتعذيب بالنسبة ليّ. حيث لم أحترم رؤى الفريق، وتعسفت في نشر بعض المقالات (ثم الرجوع عن النشر)، مع شعوري الدائم بأن على الفريق تأدية مهامٍ إضافية.
وجب التنويه هنا إلى أنني -حتى مع مرور شهر- لم أكن أعلم عن الفريق سوى مسميات وظيفية عائمة، أي لم أكن أعرف مهام كل شخص بالتحديد. فعلى سبيل المثال، هل تقتصر مهام محرِرة المقالات على التأكد من “صلاحيتها للنشر”؟ وماذا نقصد بكلمة “صلاحية” أصلًا؟
عمّت الفوضى، ونظرًا لضعف ثقتي بنفسي آنذاك، ارتأيت الانسحاب! فراسلت الإدارة وأخبرتها أنني غير جدير بالوظيفة.
الدرس المُستفاد:
الصبر مفتاح الحكمة. “صحيحٌ أننا فوّتنا هدف الشهر الأول، لكن لا زال أمامنا العام بأكمله للتعويض” بهذا ردّت الإدارة على طلب الاستقالة.
مارس/آذار 2020: الشكاوى تزداد حدّة يا قوم!
استعادت صفحة الفيسبوك بعض نشاطها السابق، خاصةً بعد أن وضعت فيديو محفّز على الكتابة في ترويستها.
فأقبل الكّتاب يسجلون حساباتهم في المنصة، وعُدنا -كفريق- لمواجهة المشكلة القديمة: رسائل الرفض غير المفهومة.
أحصينا عدد المُشتكين، فوجدناه لا يتجاوز 10 أشخاص يوميًا. عدد قليل باستطاعتنا إرضاؤه.
الدرس المستفاد:
المحتوى الاستماع للجمهور هو الملك. فكرت:
المقال منقول من موقع آخر: حسنًا، هذه العبارة واضحة. من الطبيعي أن تحرص منصات الكتابة ألا يكون المحتوى منسوخًا.
المقال لا يحوي فكرة واضحة: تركز منصة زِد على المعرفة والخبرات الحياتية، إنما يحدث كثيرًا أن يبدأ الكاتب في فكرة، ثم يسترسل فيها حتى يخرج عن الموضوع. لذا، كان لا بدّ من تنبيه البعض.
صياغة المقال ركيكة جدًا: لنكن واقعيين، جميعنا مُعرضون للأخطاء. ولكن حين يتعمّد الكاتب استخدام ترجمة غوغل كما هي، فكيف سننشر له مقاله؟
نوع المحتوى_______________: هذه أيضًا واضحة.
المقال يحوي معلومات خاطئة أو مُضللة: ربما كان من الأجدى القول: المقال يفتقر لمصادر.
المقال قصير جدًا أو طويل جدًا (يزيد عن 800 كلمة): مبدأيًا، لم تُحدد الرسالة الحدّ الأدنى لعدد الكلمات. وإن كانت صفحة المُحرر حددته
لكن من تُراه سينتبه إليها، صحيح؟
غلُب على المقالات المرفوضة القِصر. لذا كانت أغلب ردودي -كمدير محتوى- على رسائل المُشتكين على النحو التالي:
أرغب هنا بالإشارة إلى كلمة (غير). من المهم عند تقديمك نصحًا ألّا تستخدم كلمة (لكن) فهي تنفي أي كلام إيجابي/إطراء قلته قبلها.
أستخدمت: غير – للتحسين – من الرائع أن تُضيف.. – إلخ. هناك العديد من المرادفات التي تُبقي للإطراء ألقه. اتفقنا؟
كانت الاستجابة على هذه الرسائل المُخصصة أكثر من رائعة. حيث انخفض عدد المقالات المرفوضة -بسبب هذا السبب- إلى النصف تقريبًا، علاوة عن تلقينا العديد من الرسائل المُشجعة.
على الهامش: من مجانبة الصواب تحديد حدّ أعلى لعدد الكلمات. خاصةً وأن (العم غوغل) يُفضّل المقالات الطويلة ضمن معاييره للسيو
أبريل/نيسان 2020: فريقي سيء.. عدايّ أنا!
وصلت الجائحة عالمنا العربي. وفي ظلّ الذعر المنتشر، اندفع الكتّاب للتعبير عن ذواتهم (قبل أن يُعاجلهم الموت)، تنوعت المقالات ما بين تركيزٍ على تأثيرات كوفيد-19 على الحياة اليومية (وكنّا قد استحدثنا قسمًا خاصًا في الموقع للحديث عنها) وأخرى عن الإجراءات الوقائية، وثالثة عن كيف نكون أكثر إبداعًا في زمن الجائحة وهلّم جرًا.
أدى النشاط المفاجئ في الموقع لإرباك الفريق، فعادت موجة تأخير النشر للظهور مجددًا، وعادت معها نوازعي النرجسية: بدأت في إلقاء الملامة على الجميع، حتى أنني اتهمت الإدارة بالتقصير (كونها لم تستقدم موظفين أكفّاء!).
لحُسن الحظ، استقامت الأمور بعد فترة.
الدرس المستفاد:
لا وجود لكلمة (أنا) في العمل الجماعي.
فهمت أن من واجبي -كمدير- السعي لإنجاح الفريق، ولن يتأتى ذلك إلا بمراعاة ظروفهم، خاصةً والجميع على أعتاب مرحلة جديدة و”مريعة” من حياته.
مايو/أيار 2020: “أول رمضان دون صلاة التراويح”
القلق يتزايد، والجميع يفتقد الأجواء الرمضانية، فكيف انعكس ذلك على زِد؟
على عكس المتوقع، انخفض معدّل النشر إلى حدٍ كبير، ظننا -للوهلة الأولى- أن استكانة الناس في بيوتها سيتيح لهم الوقت لكتابة المزيد من المقالات، لكن ذلك لم يحدث.
حاولنا استثارة الهمم عبر التذكير بأنهم قطعوا نصف الطريق نحو سباق الخمسين، وتبقى النصف الآخر. وأن زكاة العلم نشره (ونحن في الشهر الفضيل). فلم يستجب سوى قلّة.
الدرس المستفاد:
للأزمات حساباتها الخاصة. وعلى هذا الأساس، وظفنا بضعة كتّاب مستقلين لسدّ النقص، ولرحلة اكتشافهم قصة فريدة.
يونيو/حزيران 2020: رحلة البحث عن مُنافس!
حاولت تجنّب هذا الخيار طويلًا، فلطالما وقعت في خطأ اعتبار نفسي: المدّون الذي لم يلد الزمان مثله. لذا، كان من الصعب بالنسبة ليّ إيجاد كاتب محتوى يُرضيني أسلوبه في الكتابة، في نفس الوقت الذي يُعجبني الأجر الذي يتقاضاه.
اسمحوا ليّ بالتوسع قليلًا في هذه النقطة:
عمليًا، سعر السوق لمقالة من 600 كلمة /5$/. السعر قليل كما تلاحظون، غير أن المشكلة تكمن في أنه (عادل) بالنسبة لشريحة الكتّاب المبتدئين الموجودة. فنتيجة حرب “المزايدة” التي يخوضها الكتّاب المستقلون، انحدر السعر من 10$ > 5$، الأمر الذي أوصل البعض لتخفيض جودة ما يقدّمونه ليتناسب مع هذا الرقم الضئيل.
تصفحت عدّة نماذج لكتّاب مستقلين، فواجهت صعوبة في إيجاد توازن بين (السعر) و(الجودة). في النهاية، استقرّ الخيار على 3 كتّاب. لم تكن جودة مقالاتهم تروقني صراحةً، لكن ما باليدّ حيلة!
هنا، أودّ تثمين الجهود التي يبذلها فريق رديف ضمن إطار محاولاتهم خلق مستقبل أفضل لصنّاع المحتوى، وهي وجهة مهمة لكل مدير محتوى يبحث عن مواهب حقيقية.
ثمّة مشكلة يعاني منها أصحاب المهن الإبداعية (الكتابة – التصميم – الرسم .. إلخ) وتتمثل في عدم وجود “ميزان للعمل”
على سبيل المثال، كيف تقنع كاتبًا بأن مقاله لا يرقى لمعايير المنصة مثلًا؟
ما معاييركم أصلًا؟
خضت حروبًا في محاولة الإجابة على هذا السؤال؛ فتارةً تكون المشكلة في افتقاد أسلوب الكاتب للحيوية (كمن يكتب محاضرة جامعة لدكتور ممل!)، وتارةً أخرى يتناول الكاتب أفكارًا متناقضة دون محاولة ربطها معًا، وربما كان أسلوبه في الربط “غريبًا”.
الدرس المستفاد:
في الحقيقة، لا تثريب على الكتّاب هنا، بل على أصحاب مشاريعهم السابقة الذين قبلوا بمقالات متوسطة -وأحيانًا رديئة- خجلًا من الميزانيات القليلة. وبهذا تشكّلت لدى الكاتب ثقة مُبالغ فيها بعمله، دفعت البعض لرفض تعديل المقال حسب التوصيات!
يوليو/تموز 2020: الصورة بألف كلمة (مهما بلغت قوة الأخيرة)
عشت صراعًا مريرًا، ما بين سعي خلف مثالية مرسومة في عقلي ولا يمكن بلوغها، وحدود واقعية وضعتني داخله الميزانية المرصودة للكتّاب المستقلين.
حينها، قررت إعادة تركيزي إلى هدف المنصة بشكله الخام:
كان طموحي أن تنافس (زِد) أفضل المنصات العالمية، فيتوافد إليها الرعاة والمعلنون كزخّات المطر.
إنما لا يمكن تسلّق السلم بقفزة واحدة، كما يقول المثل الشائع. فقررت أن نبدأ صعود سلّم النجاح بالتدريج. نقلت اهتمامي إلى المحتوى المرئي، فحوّلت بعض المقالات المميزة في المنصة إلى فيديوهات، وتلقى ذلك صدى رائعًا بين أصحاب تلك المقالات بحيث بدأوا في مشاركة الفيديوهات على صفحاتهم الشخصية (في حين لم يكونوا يشاركون مقالاتهم المكتوبة أصلًا، اللهم إلا بما يكفي للمشاركة في #سباق_الخمسين!)
تكفلت بمهمة صناعة الفيديوهات بنفسي، لم أمتلك الخبرة الكافية، لذا.. كانت يستغرق إنشاء الفيديو الواحد وتحريره ومن ثم نشره قرابة الساعتين!
الدرس المستفاد:
لا تنتظر ريثما تكون جاهزًا 100% وإلا.. فلن تبدأ أبدًا!
أغسطس/آب 2020: ضعف المحتوى العربي.. مجددًا
لم يأتي توظيف المستقلين بالنتائج المرجوة، أرجعت السبب آنذاك إلى الميزانية القليلة، وهنا أودّ الاستفاضة قليلًا.
كثيرًا ما نتحدث عن ضعف المحتوى العربي الرقمي (كمًا ونوعًا)، ويُرجعه البعض إلى التوجه نحو الترفيه، ومشكلة “القص واللصق” واستخدام الترجمة الآلية. وغالبًا من يتحدث عن المشاكل يرى الحل في الدعم المؤسساتي.
وهنا بدأت مرحلة الوعود للكتّاب المتطوعين المُحتملين، إذ راسلنا أفضل الأشخاص وأخبرناهم أننا منصة واعدة والمستقبل معنا مُشرق، ومن بشائر ذاك المستقبل مشروع منصة تفيّ الكتّاب حقهم [وقد وفينا بالوعد]. وسرّبت معلومة أن الأولوية ستكون للكتّاب في زِد.
استجاب قلّة، في حين رأى آخرون أن منصات الكتابة الجماعية أكثر من أن تُحصى، وبما أن بعضها يحظى بمراتب أعلى في محركات البحث وشهرة أوسع من زِد، فقد اعتذروا متذرعين بأن الكتابة لزد رهان خاسر.
الدرس المستفاد:
أحيانًا يكون إيقاف الخسارة مكسبًا في حدّ ذاته، لذا توقفت عن دعوة الكتّاب للانضمام إلى المنصة بغية استثمار وقتي في أمرٍ آخر.
سبتمبر/ أيلول 2020: مسيرتي المهنية في خطر!
سهّلت علينا عودة المدارس اختيار عناوين جديدة لنقترحها على أعضاء قائمتنا البريدية. وعودة المدارس والجامعات تعني -من الجهة الأخرى- بدء بعضهم مسيرته المهنية.
للمفارقة، بدأت خلال تلك الفترة فكرة إنهاء عقدي مع زد تنمو داخلي! لا أعلم ما إن كنت مستعجلًا على النتائج، أم أنني اعتبرت فترة 9 أشهر كفيلة بتحديد أهليتي من عدمها. وهكذا، قدّمت استقالتي للمرة الثانية، لكن الإدارة تمسكت بيّ مجددًا، وخاصةً أنني على وشك اتخاذ قرار مصيري (علموا به آنذاك) وهو ما برر في نظرهم عواطفي المشحونة.
اعتراف:
حين تعقد العزم على الاستقالة، قد تنفصل عن مهامك شيئًا فشيئًا، وتعيش حالة من اللامبالاة، وهو الخطأ الذي غرقت فيه حتى ناصيتي؛ فمضت الأيام الفاصلة بين تقديم طلب الاستقالة ورفضه في تكاسل. وهكذا، صحوت على نفسي بعد أن مضى ثلثا الشهر دون إنجاز، ولمّا اعترفت للإدارة بتقصيري، التمسوا ليّ بدل السبعين مئة عذر.
اكتوبر/تشرين الأول 2020: أنا عربي
لطالما شعرت بالتناقض -حينما كنت لا أزال كاتبًا في المنصة- ما بين محاولتي تطويع المقالات المترجمة لتناسب بيئتنا العربية، والصور البارزة لشبان وشابات أجانب.
ورغم أن الحل كان بسيطًا، لكنني لم أره! إلى أن جاءت الإدارة، متمثلًا في أ. عبدالمحسن، باقتراح: استخدام صور عربية.
وفي ظل غياب مكتبة رقمية عربية “حقيقية”، لم يكن إيجاد مهمةً سهلة. فكلنا يعلم إشكالية العقال واستخدام شخصيات غربية على أنها عربية.
كنت أستغرق ساعات -حرفيًا- في إيجاد الصور المناسبة
الدرس المستفاد:
هل حققنا نتائج مُشرّفة؟ لا أعلم! فلم نكتشف تأثير هذه الخطوة على رأي الجمهور بالمنصة (ربما لأننا لم نستفته مثلًا؟!)
نوفمبر/تشرين الثاني 2020: الانحناء أمام العاصفة
بدأ الشهر، ومع استخدامنا صورًا عربية خلال الشهر الماضي، أيقنّا أننا فعلنا ما بوسعنا، ومع ذلك كانت الاستجابة مُخيبة لتوقعاتنا. وبالبحث عن السبب، وجدناه في زيادة تفشيّ الجائحة. وأثناء الحروب والأزمات، من البديهي أن تغدو الثقافة ترفًا، وهو ما يذكرني بتدوينة أستاذنا حاتم الشهري (القراءة وقت الحرب!!)
وإن لم يمتلك المرء وقتًا للقراءة، فما بالك بالكتابة؟ قد يقول قائل: “في ظروفٍ كهذه، تظهر براعة أي مدير محتوى” وهذا صحيح! وشخصيًا أؤمن أن الكتابة لا تحتاج لتوافر الظروف المثالية، لكن على الطرف الآخر، كيف ستُقنع شخصًا حياته مُهددة بأن يكتب لأجل الكتابة؟
الدرس المستفاد:
ربما عليك الانحناء للعاصفة أحيانًا، لكن الأهمّ ألا تتوقف عن العمل بحجّة (لا توجد نتائج).
كنا نعلم أننا نمرّ بظرفٍ استثنائي، لكن التاريخ علّمنا أن (دوام الحال من المحال)، لذا لم يكن من المنطقي أن نستسلم فنهدم سنواتٍ من الإنجازات.
ديسمبر/ كانون الأول 2020: الخطة (ب)
بما أننا نقترب من نهاية العام، فلم يكن مستغربًا أن “تشتعل” المنصة بالمقالات الجديدة، فالكل يودّ اللحاق بسباق الخمسين. كانت تصلنا 30-40 مقالة جديدة يوميًا، ولم نكن معتادين على هذا ضغط بهذا الحجم (لا تنسى، كنا 3 أشخاص فحسب!)، مما أدى لتأخر النشر عدة مرات.
ظهرت بوادر شقاق جديدة بين أعضاء الفريق، فالجميع يتهم الجميع بالتقصير، خاصةً بعد أن وردتنا عشرات الرسائل الغاضبة من أصحاب المقالات المتأخرة.
في ظروفٍ كهذه، يكون الحوار أفضل حلّ. فكان لا بدّ من عقد اجتماع استثنائي (عادةً ما اكتفينا باجتماع واحد غرّة كل شهر)، وبحمد الله توصلنا كفريق إلى الحل: رسالة لطيفة نطمئن بها الكتاب الغاضبين بأن مقالاتهم مُحتسبة طالما أرسلوها للمراجعة قبل المدةّ المُحددة.
وفي النهاية، كان لدينا 16 فائزة وفائز بالنسخة الثالثة للسباق والتي حملت شعار (الغلبة للنساء).
ورغم أن قوانين المسابقة تنصّ على اختيار فائز بالقرعة، لكن لم تُرِد الإدارة ظلم أحد، فأجرت استفتاءً تسأل المرشحين ما إن كانوا يرغبون في تطبيق القانون المذكور
أم تقسيم الجائزة بينهم بالتساوي، ولمّا كان (عصفور باليدّ أفضل من عشرٍ أعلى الشجرة) اختار الجميع الخيار الثاني.
ثم حدث ما كنّا نخشاه: توقف الجميع عن تقديم المقالات بعد يوم 15، فكان لا بدّ من اجتماعٍ ثالث لنقف على الأسباب.
رأى أحد أعضاء الفريق المشكلة أن الحافز كان خارجيًا (الجائزة)، وبمجرد أن غابت/انتهت صلاحية الغاية.. توقف السعي. حديثه كان منطقيًا، وتحديده للمشكلة دقيقًا، لكن ما الحل؟ كان لا بدّ من خطة بديلة لإقناع الكتّاب بمشاركتنا خبراتهم وتجاربهم الشخصية
دفعتني قناعتي الشخصية أن كتّاب المحتوى مظلومون ماديًا ومعنويًا لاقتراح فكرة اصطفاء عدّة كتّاب وتوظيفهم بشكل دائم وبأجور تتناسب مع (روعة) الكتابة. صحيحٌ أننا وظفنا كتّابًا مستقلين بالفعل، لكن -وكما أشرت سابقًا- لم أكن راضيًا عن أداءتهم،. عدا عن كوني أطمح لشيء مختلف.
لا أعلم أكان توارد أفكار بيني وبين الأستاذ عبدالمحسن العنيق، أم خبرته التي تمتد لسنوات هي ما دفعه للتعجيل في إطلاق مشروع (زد) الجديد: تزويد
(تزويد) منصة موجّهة لصناع المحتوى النصي من مدونين ومترجمين ومسوقين بالمحتوى وغيرهم، وتعتمد أسلوب تحديد صاحب المشروع أجرًا محددًا لمشروعه، ثم تلقي العروض (سرًا). مبتعدةً بذلك عن أسلوب (المناقصات) المُعتاد في منصات العمل الحرّ الأخرى.
لم يكن (النوء بالكتّاب عن المناقصات) الميزة الوحيدة التي أعجبتني بالمنصة الجديدة، وإنما اشتراطهم على مَن يودّ الانضمام لتزويد أن يكون صاحب مقالات منشورة في زِد. فهذا بالضبط ما كنا نحلم به!
كنت أتوقع انطلاقة قوية لزِد مع بداية العام الجديد، وهو ما كان.. إنما بدوني.
نهاية مأساوية.. أم بارقة أمل جديد؟
شغلت وظيفة مدير محتوى مع زِد 3 أشهر إضافية، لكنها لم تحمل جديدًا، ذات المهام.. ذات الجهد.. ذات النتائج.
ذات الجهد حقًا؟ في الواقع، لا!
ثمّة مقولة في عالم الشركات: إن أردت الاستقالة، فلا تحرق روما في طريقك (حسنًا! هذه المقولة اخترعتها لتويّ)، لكن مثلًا شعبيًا -لم اخترعه- يقول: يا رايح.. كتر ملايح (ملايح: الأفعال الحسنة). المشكلة هنا أنني لا أطبّقه!
بدأ الأمر حين شعرت أن الراتب قليل (الذي لم أدرك أنه كان جيدًا إلا بعدما انخفض دخلي الشهري إلى النصف!) ولا أمل في زيادته. إضافةً لذلك، تملكني هاجس بأنني لا أُضيف شيئًا بوجودي. وأخيرًا، كانت الاجتماعات الشهرية تُثير جنوني؛ ففي كل مرة اكتشف أننا لا نتقدم، أُصاب بنوبة حزن لا تنقضي.
لذا، حزمت أمري وأعلنت استقالتي نهائيًا.
من الغريب -وربما الطريف- أن تترافق التحولات الوظيفية مع اقتراب شهر رمضان كل عام:
2017: الاستقالة من الوظيفة الثابتة.
2018: انقطاع سلسلة مشاريع مع أكاديمية حسوب (3 مشاريع/أشهر).
2019: إنهاء التعاقد مع منصة نكتب لك (دام العمل شهرين).
2020: انتهاء مشروع مع وكالة -أفضّل عدم ذكر اسمها- لكن هذه بعض أعمالي معها (دام 7 أشهر).
2021: الاستقالة من العمل مع منصة زِد (دام العمل عامًا كاملًا).
لكن قبل أن أرحل، أرسلت هذه الرسالة (التي استغرقت ساعاتٍ في تحريرها لتبدو لبقة هكذا):
تسألني عمّا انجزت خلال الشهر الحالي، وأنا لا أريد أن أكذب فأدعيّ إنجازاتٍ وهمية لا يمكنك قياسها او حتى التأكد منها.
ما أعلمه، أنني دافعت عن “زِد” حتى آخر رمق، وضمّنت رابط المنصة والحديث عنها في كثير من أجوبتي على كورا quora.
نشرت -متأخرًا أحيانًا- ما يصلح للنشر من مقالات. وهذا كل شيء.
بالنسبة للفريق، فقد غرق في محاولات التعامل مع بطء المنصة، وتوقفها أحيانًا (اشتكى فريق التحرير -أكثر من مرة- أن تعديلاتهم على المقالات لا تُحفظ.. ما يعني أنهم يُعيدون العمل -على ذات المقالة- أكثر من مرة، واشتكوا أيضًا من أن الموقع لا يفتح (لا على الموبايل ولا على الكمبيوتر).ومع ذلك، بذل الجميع قصارى جهده لتأدية مهامه.
تسأل عن المهام البديلة؟ أتمنى لو كان بمقدوري أن أقول: انجزناها. لكن الفريق -وأكرر هنا- كان غارقًا في محاولة العمل على مهامه الاساسية.
لست هنا للتبرير. ولا أطالبك بأي شيء.
أنا فقط أروي لك حقيقة ما حدث مع الفريق دون زيادة أو نقصان.
سأكون صريحًا.. وربما وقحًا وأقول: لست حِمل أي ملامة..
إن كنت ترى تسريحي، فلنفعل ذلك بإحسان.
وإن كنت ترى إبقائي وتحمّل ظروفي (رغم أنك لست مُضطرًا)، فجزاك الله خير الجزاء.
وهذا كل ما لديّ.
فجاء الردّ:
بالفعل! منصب المدير ظلمني. فكوني شخص صعب الانقياد، مستقل التفكير، لا يعني أنني أمتلك مهاراتٍ قيادية.
بعد تخليّ عن العمل، أحسست بالراحة. ورغم كمّ الانتقادات التي تعرضت لها ممِن حولي، كنت راضيًا عن قراري.. حتى حلول الشهر الجديد! حيث اكتشفت مدى حماقتي بالتخلي عن وظيفة جيدة بسبب شعورٍ سيء، ومَن هنا جاءت فكرة هذه التدوينة (التي بدأت كتابتها فور استقالتي):: ثمّة ما يُخبرني أنها ستكون سبيلًا لأحصل على عمل (مدير محتوى) بظروفٍ أفضل وراتبٍ أعلى.
وبهذه المناسبة، اسمح ليّ عزيزي القارئ أن أشكرك لوصولك إلى هنا، وليّ عندك طلب: هلّا شاركت التدوينة على شبكات التواصل الاجتماعي؟ سيكون ذلك لطفًا كبيرًا منك.
طاب يومك.
مساء الخير أستاذ طارق
بالمناسبة أنت سمي أخي طارق.
بالإضافة كونك كاتبا مميزا، أنت الآن
تملك ميزة السماوة مع أخي.
أثمن كثيرا جهدك المبذول في “زد” وفي
هذه المقالة تحديدا، وأشكرك جزيل الشكر
على تضمينك لمقالتي المتواضعة..
لقد حببتَ إليّ حرفي من جديد..
شكرا جزيلا لك،وأتمنى لك كل التوفيق والسداد
في مشروعك، وفي مواصلة تدوينك الرائع..
رسم تعليقك ابتسامة على وجهي 😘
نحن بحاجة ماسّة لحروفك أ. حاتم، فلا تفكرنّ يومًا في التوقف.. أرجوك 🙏
سلمت الأنامل التي خطّت هذه الحروف. شكرًا لك على مشاركة هذه الرحلة.
وفقك الله وأعطاك ما تتمنى.
بارك الله فيك أ. محمد
وأهلًا بك فردًا جديدًا في عائلتنا 🥰