هل سبق وصادفت شخصًا قرر “تغيير حياته” في سن الأربعين. ما أول ما يفعله؟
ستجده يتظاهر كما لو اختفت الأربعين عامًا الماضية؛ فيختار مهنة جديدة تتجاهل تجاربه، ويبني لنفسه هوية جديدة تُلغي تاريخه، وأهداف جديدة بمعزل عن أصوله وموارده.
هكذا يرى البعض الانطلاقة الجديدة: البدء من الصفر. وذاك -من وجهة نظري- إهدار منقطع النظير!
ماضيك: ميزتك غير العادلة (Unfair advantage)
تعبّر الميزة غير العادلة عن خاصية فريدة -غير منتشرة- لدى الشخص. وسُميت بغير العادلة لأنها تجعله متفوقًا على منافسيه بطريقة تُعجزهم عن تكرارها.
⚜️ لا يُقارن رائد الأعمال ذو الـ 45 عامًا، والذي دخل مجال التكنولوجيا لتوّه، مع شاب في الثانية والعشرين؛ لتمتّع -المذكور أولًا- بخبرة عشرين عامًا في فهم المشكلات الإنسانية التي تحلّها البرمجة.
⚜️ لا يُعتبر الأب والأم، اللذان يبدآن مشروعًا تجاريًا بعدما كبر أطفالهما، متأخرين؛ فلديهما “خبرة عقدين في إدارة المشاريع” بفضل تنشئة صغارهم.
ثم يأتي شخص ويرمي ذلك كله خلف ظهره؛ بدعوى أن “البداية الجديدة” تعني “صفحة بيضاء”!

الفائدة المركبة للخبرة
يمتلك الشباب الطاقة والوقت 🆚 يمتلك المخضرمون –بمن فيهم أنت– قدرة على تمييز الأنماط، إضافةً للمنظور الواضح.
- ما زال الشباب يتعلمون دروسًا استوعبتَها بالفعل.
- ويرتكبون أخطاءً تجاوزتها أصلًا.
- ويبنون شبكاتٍ مهنية وطّدتها منذ زمن.
لا عيب في البدء متأخرًا، بشرط أن تتوقف عن التظاهر بأنك تبدأ من الصفر.
للاستزادة، أنصحك بقراءة: هل تأخر نجاحك؟ هنيئًا لك إذًا! 🧛
حياتك متكاملة
استغل كل ما تعلمته لتكون ما أنت عليه، وطبّقه لتصبح ما ستغدو عليه. واسمح لي بتذكيرك أن مسيرتك المهنية الفاشلة علّمتك مهارات، ولم تُضِع عشرينياتك (بل حتى ثلاثينياتك) وإنما منحتك منظورًا أعمق، وما تسمّيها (أخطاء) يراها الناس (حكمة).
لا يتخلى الأشخاص الذين ينجحون في تغيير حياتهم عن ماضيهم، بل يُحوّلونه إلى شيءٍ مُبهر.
مطلوب .. بشرط الخبرة
لنفترض أنك قابلت كاتبًا في الخامسة والعشرين من عمره ويتفجّر بالطاقة والطموح. يقف بجانبه آخر، في الخمسين من عمره، وتعجّ حياته بالخيانات والخسارات والانتصارات والتحولات. وأنت الآن صاحب دار نشر، فلأيّهما ستنشر؟
يقدّر السوق الخبرة، ولكن فقط لمن يتوقف عن الاعتذار لامتلاكها!
الحياة أوسع من ثنائية خادعة!
قد نعتقد أننا أمام خيارين لا ثالث لهما:
إما أن الآوان قد فات (= نستسلم)
أو أن الوصول المتأخر خيرٌ من عدم الوصول (= فنبدأ من نقطة الصفر)
ولكن هناك خيار ثالث: أننا نعيش اللحظة المثالية للبدء من حيث نحن بالفعل: بكل تلك الندوب، والمهارات، وكل معارفنا التي نتحدى بها مصفوفة الأعمال؛ فتجعلنا “مجانين“
هل تذكر لمَ عليك السعي خلف لقب “مجنون”؟

من حقك أن تبدأ متأخرًا
فالبدء مبكرًا يعني اتباع المسار. في حين يعني البدء متأخرًا شقّ الطريق؛ أنت تعلم بالفعل ما لا يصلح. وفشلتَ في أن تكونَ شخصًا آخر. ويُفترض أنك اكتشفتَ ما المهمٌّ حقًا (لا ما يُفترض أن يكون).
إذًا، توقف عن قول “لم يفت الأوان أبدًا للبدء من نقطة الصفر”. وابدأ بقول “لم يفت الأوان أبدًا لاستخدام ما لديّ أخيرًا”.
فالأول تتطلب منك أن تصبح شخصًا جديدًا. والثانية أن تغدو نفسك أخيرًا.
سؤال على الهامش: هل تُحب التدوينات المختصرة كهذه، أم تفضّل الطويلة؟
انتظر إجابتك المُقدّرة في التعليقات
حياك الله أستاذ طارق^^
بالنسبة لي فأفضّل القصيرة، لأنها تحمل فكرة واحدة… أما الطويلة فتحوي أفكارًا أكثر، وفي نهاية المقال أجد نفسي بين عدة أفكار.
أما القصيرة مثل تدوينة اليوم وسابقتها فأخرج منها بفكرة واضحة أقرر على أساسها فعل شيء ما.
هذا رأيي وحسب ولا يعني أن الطويلة لا تروقني، فمحتواك كله قيّم وممتع بارك الله فيك.
حياكِ الله أختي دليلة.
أشكرك لتفاعلك مع السؤال. أنا أيضًا أظن القصيرة أفيد..
ممتن..