كثيرًا ما نسمع عبارات كـ (ليت الزمن يعود بنا) … (رحم الله أيام “كذا”) … (لم يعد في الناس خيرٌ كالسابق) … إلخ.
الجميع -إلا من رحم ربيّ- يتمنى لو يعود لـما قبل 10 – 20 عامًا، لكن ما السبب؟
نشر البروفيسور Nick Chater وهو أستاذ مادة العلوم السلوكية في كلية Warwick لإدارة الأعمال نتائج بحثه حول إجابة هذا السؤال، فبحسب الاستطلاع الذي أجراه بالتعاون مع مؤسسة YouGov للدراسات واستطلاعات الرأي عبر الانترنيت، قال 70% من المشاركين في الاستطلاع أنهم يشعرون أن العالم يزداد سوءاً ، بينما يعتقد أقل من 10% فقط أنه يتحسن. كما وجد أن 55% يشعرون بأن حياتهم تزداد سوءاً ، بينما يعتقد 11% فقط أن حياتهم تتحسن.
ويعلّق البروفيسور على ما سبق قائلًا:
هل يمكن أن يكون هذا صحيحًا حقًا؟ بعد كل شيء، إذا كنا نعتقد حقًا أن الأمور كانت أفضل، ينبغي لنا أن نتصور أنه إذا استطعنا “استرجاع الوقت” فلا بدّ أن نرى الحياة تتحسن بشكل مطرد. لكن تلك العودة ستقودنا، من بين أمور شتّى، إلى أحداث 11 سبتمبر ، والمواجهة النووية العالمية ، وحربين عالميتين ، وزيادة في وفيات الأطفال ، وانخفاض العمر المتوقع للفرد، وفقدان جميع الاختراعات والاكتشافات التكنولوجية التي جعلت حياتنا أسهل مثل الانترنيت، الهواتف المحمولة، الحواسيب الشخصية وهلم جرًا.
لكن هل الفكرة خاصة بعصرنا الحالي؟
الفكرة القائلة بأن كل شيء يزداد سوءًا هي فكرة قديمة. حتى أثينا القديمة رأت بأنها قد تراجعت عن العصر الذهبي الأسطوري السابق لها.
إذًا، ما هو مصدر تلك الفكرة؟
بشكلٍ عام، تميل ذاكرتنا إلى نسيان الأحداث السيئة في ماضينا ، ونمتلك نزعة للإسهاب في ذكر الأشياء الجيدة التي حدثت حينها، حيث نميّل إلى تذكر الأغاني والبرامج التلفزيونية الرائعة وبعض مظاهر الحياة الجيدة وننسى تلك السيئة.
في تجربة سَجلت تجارب بعض الأشخاص وتجاربهم الفعلية ثم تذكرهم لاحقًا لها مثل: “رحلة إلى أوروبا / قضاء أيام الإجازة بصحبة الأصدقاء”، وجد العلماء أن تذكر الناس للحدث كان أكثر إيجابية بكثير من شعورهم أثناء القيام به.
على صعيد آخر، يميل الناس إلى التركيز على “مساوئ” الحاضر. وبالمقارنة مع “محاسن” الماضي (بعد تصفيته من مساوئه) تبدو حياتنا الراهنة أكثر سوءًا مما هي فعليًا.
وهذا ليس كل شيء!
أمعن النظر في اللحظات التي تحنّ فيها إلى الماضي، ألا يصادف ذلك خوفك من المستقبل؟
فعلى سبيل المثال، الباحث عن العمل والذي تنتظره مقابلة في إحدى الشركات بعد يومين أو ثلاث، سريعًا ما يجدّ نفسه تحدثه قائلةً: (رحم الله أيام الجامعة، حين كان جُلّ ما أخشاه هو ألا أنجح في المادة!)
وطالب الجامعة الذي ينتظره الامتحان الأخير، يقول: (ليتني أعود طفلًا، لا يهمّه سوى لعب الكرة من الصباح وحتى المساء!)
إذًا، فالأمر متعلق فقط بقلقنا مما ينتظرنا، وعقلنا يدفعنا في تلك الحالة إلى “الاحتماء” بالذكريات.
الخلاصة
الماضي لم يكن بتلك الروعة , و الحاضر ليس قبيحًا كما نتصور , لكننا دائماً نحنّ إلى ما إنتهى لأن مساوئه انتهت! ونظن أننا لو عدنا، فسننجو من تلك المساوئ. وهذا غير صحيح!
فما هو الصحيح إذًا؟
ما علينا فعله هو “الامتنان” لما بين يدينا، وأن نتذكر مقولة القائل (حتى لو كان الماضي أجمل فليس في الإمكان إعادته لكن بإمكانك أن تجعل الحاضر أفضل .. المستقبل أكثر إشراقًا)
لماذا نشعر أن الماضي أجمل؟ وهل هو كذلك فعلًا؟!