تلقيت دعوة في الشهر الماضي لفعالية. لذا جدولتها في تقويمي (دون التحقق من مكان الفعالية). ولكن عندما جاء اليوم الموعود، ودققت في الدعوة -قبل ساعتين- لأرسم مسار الذهاب بالمواصلات، لاحظت أن المكان: أحد المطاعم. فقط في تلك اللحظة، تجلّت الحقيقة المرة: أوه لا! إنها فعالية بهدف التشبيك Networking.
نجد، ببحث بسيط على الشابكة، نصائح -بالأطنان- لتعليم الشخص الانطوائي كيفية التشبيك. يجمعها الطابع الواحد:
وربما آمنت بهذه الفكرة في بدايات حياتي المهنية، فوقعت تحت ضغط حضور عشرات الفعاليّات، والتجوال داخل غرفة سعيًا خلف أكبر عدد بطاقات العمل Business card ممكن.
مع مضي عدة سنوات، تعلمت أن هذه “المسلّمات” غير نافعة، على عكس أسلوب تشبيك الشخص الانطوائي الذي سأشاركه معك.
إنما قبل ذلك، لنتفق على نقطة مفصلية: ثمّة فرق بين الشخص الانطوائي والشخص الخجول. يعرّف الدكتور برناردو كاردوتشي، في بودكاست الرابطة النفسية الأمريكية، الخجل بأنه وعي ذاتي مفرط يرافقه مبالغة في التقييم الذاتي السلبي. ثم يوضح الفرق بين الخجل والانطوائية بمثال:
- عندما يقرر الأشخاص الخجولون مغادرة / عدم حضور حدث اجتماعي مزدحم، يختبرون (الفومو FOMO).
- عندما يفوّت الانطوائيون حدثًا مشابهًا، فيعايشون (الجومو JOMO).
يعد هذا التمييز ضروريًا للتشبيك
يريد الخجولون التواجد وسط حشد من الناس، لذا يغدو أسلوب التدرّج –حتى يغدو المرء “فراشة اجتماعية Social butterfly”– نافعًا. لكن يبدو تطبيق الشخص الانطوائي ذات الأسلوب أشبه بمحاولة تقمّص فاشلة!
عندما كنت حديثة التخرج، وقعت تحت ضغط حضور هذه التجمعات والوقوف تحت الأضواء. أرهقني -أيضًا- الإبقاء على سلوك (الشخص المنفتح)؛ ظنّ مَن قابلتهم أن هذه كان شخصيتي في الحياة العادية. استغرقني استيعاب مدى سوء فهمي للتشبيك .. سنوات: الهدف منه بناء/توسيع شبكة علاقاتك، والسلوك المنفتح طريقة فحسب. ما يعني أن بمقدوري تطوير وتنمية شبكة اجتماعية واسعة دون الاستغناء عن ماهيّتي.
أعزائي الانطوائيين
إليكم بعض النصائح حول كيفية التواصل دون فقدان هويتكم (قد تفيد نصائحي أيضًا المنفتحين لتنظيم تجمّعات تراعي جميع أطياف الشخصيات):
ابحث عن زاوية الانطوائيين الملائمة
أول ما أفعله: استكشاف المكان بأكمله. وأحيانًا أجد منطقة هادئة حيث يمكنني الجلوس وإعادة شحن طاقتي فيها. وكثيرًا ما أجد انطوائيين آخرين هناك، لتكتمل سعادتي إذ لا أحد يحدّق أو يرغب بالتحدث 😁.
سهّل بدء محادثات هادفة
الجميع يُدرك أننا -معشر الانطوائيون- لا نستمتع بالدردشات القصيرة. وفي حين أننا نتحدى أنفسنا في سبيل الخروج من منطقة الراحة في الحياة، إلا أن ذلك لا يُغني عن اختيار معاركنا. ففي حالتي، أفضل استخدام عقلي لتعلم كيفية العزف على آلة موسيقية بدلاً من تعلم المحادثات الصغيرة.
ولحسن الحظ، يتفق العديد من الأشخاص على ذلك، ويؤدي البحث على الويب إلى توفير الكثير من الموارد لبدء محادثات هادفة. عادةً ما أقرأ قدر ما أستطيع عن صناعة معينة أو عن الأشخاص الذين يحضرون حدثًا ما.
هناك تكتيك آخر أطبقه كلما سنحت لي الفرصة وهو أن أجعل نفسي ودودة أكثر من خلال تعليق بطاقة حول عنقي. على سبيل المثال، في العام الماضي، كنت جزءًا من طاقم عمل جناح مايكروسوفت. سجّلت في ركن المحادثة (منطقة هادئة حيث يمكننا التحدث مع الأشخاص الذين يريدون التعرف على العمل في الشركة). ومع ذلك، أكتظّ الجناح بسرعة. وحينها، ربما شعرت بالذعر لفترة وجيزة؛ انطوائي يقترب من الغرباء وسط حشد من الناس؟! انتهى بي الأمر بتعليق بطاقة بريدية على خيط قصير تحتوي على رسالة تدعو الناس للتحدث معي حول الواقع المختلط. وقد عملت بشكل جيد للغاية.
تواصل كما يفعل الشخص الانطوائي
تنص مقالة مثيرة للاهتمام نشرتها كلية كيلوج للإدارة بجامعة نورث وسترن في مايو/أيار 2019 على أنه يمكن “تسخير الانطواء كقوة عظمى في التواصل”. فعوض اتباع أسلوب التدرّج والتحول إلى منفتح، تقدم المقالة نصيحة حول الاستفادة من أفضل صفات الانطوائيين -كونهم مستمعين جيدين مثلًا- للتواصل بنجاح.
لا تُعتبر الفعاليات المزدحمة طريقة التشبيك الوحيدة. يستطيع الشخص الانطوائي الاستفادة من أفضل مهاراته لتنمية شبكته الاجتماعية. على سبيل المثال، يُتقن الانطوائيون التواصل في مواقف (شخص لشخص) أو ضمن مجموعات صغيرة.
لهذا السبب، ألقي نظرة أثناء المؤتمرات على قائمة مقدمي العروض (والحاضرين إذا كان ذلك متاحًا) وأدوّن قائمة بالأشخاص الذين أرغب في مقابلتهم. وهكذا، بعد العرض أو إذا صادفت الشخص في الردهة، أقترب منه ببطاقة عملي.
إذا كان الشخص شديد الانشغال، فسأسأله عما إذا كان من الملائم التواصل لاحقًا عبر لينكدإن أو مصادر أخرى. هناك العديد من الفرص الفردية أو الجماعية الصغيرة للتواصل:
- أثناء الوقوف في الطابور لتناول الشاي/القهوة في الصباح.
- عندما يصل المحاضر باكرًا ليجهّز كلمته، وتكون الغرفة فارغة تقريبًا
- ضمن مجموعة الاهتمامات المهنية على لينكدإن..
استخدم شبكتك الحالية للتواصل
اسأل الجميع في شبكتك: من يجب أن أقابله أيضًا؟ هل تعرف أي شخص تعتقد أنني يجب أن أقابله؟.
تلك طريقة رائعة لتوسيع شبكتك بالطريقة الانطوائية. يجنّبك وجود شخص يلعب مهمة التقديم الأحاديث القصيرة. سيكون من دواعي سرور الأصدقاء والزملاء تقديمك إما شخصيًا أو عبر البريد الإلكتروني. تذكر: نحن الانطوائيون نحب في الغالب تكوين علاقات هادفة، لذا من المحتمل أن يعرفك الأشخاص في شبكتك حق المعرفة.
احتضن انطوائيتك
بصفتي شخصًا انطوائيًا، ربما لا تكون شبكتي واسعة على غرار شبكة المنفتحين، ولكنها عميقة ولها روابط ذات معنى أكبر. يساعدني الأشخاص الاجتماعيون في شبكتي على توسيع نطاق شبكتي من خلال ربطي بعالمهم، وهم يعلمون أيضًا أنني ربما لن أبقى طويلًا في “الفعالية“. على الطرف الآخر، يصلني الانطوائيون بالخبراء الذين يتوافقون مع اهتماماتي ويصبحون [شركائي في الجريمة] للهرب من الحشود عبر الباب الخلفي.
وكل هذا رائع تمامًا.
هل أعجبتك ترجمتي لتدوينة I am an introvert, and this is how I network؟ شاركني رأيك في التعليقات ☄️
ماذا لو كان لك أبن يغادر حفل مدرسي مباشرة بعد تسليمه للجائزة، ويعود للبيت والحفل مازال مستمر. هل نقول عنه إنطوائي أم خجول.
سؤال ممتاز.
😇
أظن عدم كفاية موقف واحد لتحديد نمط شخصيته؛ هل يحاول مغادرة أي “تجمّع”؟ هل يُفضّل البقاء بمفرده معظم الوقت؟ هل هو مستمع جيد، بحيث يتواصل بصريًا مع محدثه؟