لتعلم، عزيزي القارئ، أن لا رغبة ليّ بالحديث. أو بمعنى أصح: بالكتابة. غير أن حلقي يؤلمني، وهذا إن دل على شيء في قاموسي. فهو يدلّ على أنني بحاجة للتعبير عن نفسي، ولمّا لم أفعل.. جاء ألم الحلق كردّ فعل من جسدي. ينطبق ذلك على ألم ظهري، الذي يُشير إلى (تحمّل هموم بلا داعٍ).
منحت فنجاني لقارئة فنجان، فقالت: داخلك حديثٌ كثير، لو قضيت عامًا بطوله تتحدث لن ينتهي!
ذاك صحيحٌ تمامًا، لكن أنّى لي أن أجد أُذنًا مُصغية في وقتٍ كهذا؟ أظنني أبحث عن شخص يتقبّل تقلباتي وحدّة طبعي ومزاجيتي التي تدفع أحلَم الناس نحو حافة الجنون. والجميع يقف على حافة الجنون أصلًا.
تشجعت لكتابة هذه التدوينة بعدما لاحظت “حركة تدوين عن الخواتيم”، كتدوينة صندوق شهر فبراير، ديسمبر- يناير ٢٣: مالم يحدث، فبراير٢٠٢٣: شهر الإحتفالات والحركة.
كُتبت الفقرات السابقة يوم 2/3/2023. وفضلّت أن أتمهل في نشرها ريثما أتمكن من التعامل مع مشاعري.
8 / 3 / 2023 (يوم المرأة)::
توقفت قليلًا أمام اختيار محور حديثي حول المناسبة. ولنبدأ من عودة بثينة “بيث” جوزيف للتدوين. أقدّرها وأقدّر مجهود كل أمّ تسعى وتكافح لتدوّن أكثر وأكثر.
قضيت الليل أفكر، ماذا استفيد من تويتر أصلًا، وكنت قد تركت بقية حسابات التواصل الاجتماعي…
إلى أن تشجعت وقررت هجر حسابي هناك، مع تركه مفتوحًا للمتابعين (إذ لم أجد إقتحام “الخاص” لكلٍ منهم لإعلامهم.. لائقًا)
? خطوة متأخرة::
— م.طارق الموصللي ?? (@T_almouslli) March 9, 2023
بعد دراسة تأثير #تويتر على نفسيتي وإنتاجيتي، قررت #هجر حسابي?.
تجدونني هنا::https://t.co/H2DSQ5Dzc4
وبالمناسبة، لست مِن مناصري تخصيص يوم لأي شيء، بدءًا من رأس السنة، وانتهاءً بيوم المرأة، مرورًا طبعًا بعيد الأم.
وإن كان البعض يعتبرها “تذكرة”، فإعتراضي على فكرة (التذكرة) ذاتها؛ إذ تدعو للكسل بقية العام. ونادرًا ما تُفلح أن تكون نقطة انطلاقة جديدة.
18 / 3 / 2023 (خطرٌ غامض يلوح في الأفق) ::
ربما أبالغ! إنما دعني أشرح لك..
يُفترض بيّ إجراء صورة مقطعية باستخدام PET-CT منذ بداية الشهر، وثمّة مشكلتان هنا: الأولى، افتقادي للقناعة بضرورة إجراءها، والثانية.. أزمة مالية لا أعمل على حلّها.
هل مررت بوضعٍ مشابه؟ نعم! في بداية خضوعي للعلاج. بل يمكنني القول (الوضع متطابق رغم مرور عامين تقريبًا).
لكنني لم أستغرب، خاصةً وأنا أسمع عن محاولة تماهي جهازنا العصبي مع تجاربنا السابقة في ذات التوقيت من السنة.
وكنت قد فكرت بنقل تصوريّ ذاك لبحر، الذي يعاني مشاعر يصفّها بقوله:
وددت إخباره أن يعاود فتح دفاتر الماضي القريب، بحثًا عن تجربة يتسرّب شعورها السيء إليه الآن. إنما فضلت أن أُشير إلى تدوينته هنا، علّ كلامكم يكون بردًا وسلامًا أكثر من كلامي.
عدا ذلك، أظنّه قادرًا على التعامل مع مشاكله عبر “الفضفضة”.
الجانب المشرق مما يحدث، ولكلٍ جانبه الإيجابي، أنني لم أعد أعاني من الأرق. وبما أنني ذكرت الأخير، فحريٌ بيّ الإشارة إلى تدوينة مينا ماهر اللذيذة.. الخفيفة.. المفيدة: +1000 يوم من قلة النوم: تجربتي مع الأرق العنيف وكيف تحظى بنومٍ جيد.
بدايةً، يستحيل أن أختزل موضوعًا عميقًا مثل الأرق في جملٍ بسيطة، إنما بمقدوري وضع “طرف الخيط” بين يديك: كثرة المُدخلات. حسنًا، قد ذكرها صديقنا مينا بالفعل، غير أنني أجدها أصل الشرور حقًا؛ ولا يقتصر الأمر على مُفرزات شبكات التواصل الاجتماعي، وإنما على الكُتب [التي لا يرى مينا غضاضة في استهلاكها، نظرًا لكونها تناقش موضوعًا واحدًا]. فحتى الكُتب التي لا تنتمي للمحظورات (=كتب تطوير الذات) قد تدفعك للتفكير: متى سأؤلف كتابًا مشابها؟ متى سيسطع نجمي؟ .. إلخ من تلك الاسئلة الوجودية التي تنسف استرخاء أعصابك نسفًا!
لذا، فالأجدر التعامل مع أفكارنا ذاتها، وتحديدًا حول الإنتاجية (سأتوسع في الفكرة خلال لحظات). إنما على العموم، لا أحاول هنا التقليل من شأن تدوينة مينا، بل أشجعك بشدّة على قراءتها والتمعّن في تفاصيلها.
وبعدها بيوم، تأتي تدوينة نُورة عن النوم، أليس مصادفةً غريبة؟
والآن، هلّا تحدثنا حول الإنتاجية قليلًا؟
أستوقفتني مطولًا تدوينة أفنان (ماذا يحدث عندما تصل)، وربما يبدو قولي “لن نصل أصلًا” حرقًا للفكرة! ومع ذلك، دعني أتعمق أكثر.
حتى لو امتلك أحدنا مئة ساعة في يومه، وتوقف الزمن بالنسبة له، فسترافقه الرغبة بإنتاج المزيد! إذ تحول الأمر إلى (هوس)؛ نودّ استغلال كل ثانية، والطريف جهلنا -أو تجاهلنا- قانون باركنسون Parkinson’s law:
وهكذا نظلّ مشغولين في حياتنا.
الحل برأيي، التوقف عن الركض. إذ لن نبلغ العظمة مهما حاولنا، وأظنك لا زلت تذكر تدوينة: كيف تكون شخصًا عظيمًا (أيها الإنسان البسيط??)؟.. أليس كذلك؟
بالعودة لتدوينة الصديقة أفنان (والتي لا زلت منتشيًا بتخصيصها تدوينة ليّ). فسألتها: هل تمانعين تبيان لما تُريدين التخليّ عن التأني الآن؟
ولمّا تفضلت -مشكورة- بالردّ، وجدت نفسي مدفوعًا للتعليق باستضافة:
أجد أن أجسادنا تفهمنا أكثر منّا، فإن كان (شيء ما) يدفعكِ للتمهل، فذاك لأن جسدك يطلب الرأفة والرحمة منكِ. وذاك يتضمن (ذهنك) أيضًا. قضاء الوقت مع والديكِ -حفظهما الله- أولوية قصوى، وتليه في الأهمية “العلاقات” عمومًا، يمكن لباقي الأشياء/المهام الانتظار.
هذا كل شيء.
بالرغم من عدم رغبتك في الكتابة إلا أنك تنجح في خلق متعة لقارئ مدونتك، فكتاباتك تمتلك سحر الشفافية والبساطة والقرب. لذا دع كلماتك تحلق وتؤثر وتمتع ، ولا تكبتها وتسلمها للإنطفاء.
أتمنى أن تأنس نفسك بما تحب، وتحوطك الأقدار بالمسرات، وتطمئن بحصول ما تصبو إليه.
أرأيتِ؟ حتى أنا مندهش🤩. إنما يعود الفضل في ذلك لوجود جمهور رقيق وداعم مثلكم 😌
ممتنٌ لدعائك آ. شهد.. مميزٌ مثلك 🧚♀️
أنت من تأخذنا خارج الحياة بتدويناتك. انت من تحملنا معك أينما أردت، أنت من تجعلنا نُحلّق بعيدًا برفقة كلماتك..
أرى أن الصمت في حرم الجمال.. جمال.😽
وليس ثمّة جمال أكثر من كلماتكِ ودعمك آ. عفاف 🙆♂️
أنبهر في كلّ مرة بقدرتك على كتابة مثل هذه التدوينات على الرغم من أنّك أوضحت أن لا رغبة لك بالحديث.. تٌشير إلى تدويناتٍ أخرى وتجمع أفكارًا مختلفة في تدوينةٍ واحدة متصلة ومتماسكة وهذا يُبهرني! للأمانة حاولتُ تقليد أسلوبك لكنّي لم أفلح! xp
إن رغبتَ بالكتابة والمشاركة فكلنا آذانٌ صاغية يا محمد طارق (:
وبالمناسبة، أودّ أن أشكرك على قراءة تدوينة الأمس.. أظنني أشاركك التصّور ذاته، بطريقةٍ ما يبدو كل شيءٍ متصل ببعضه البعض.. كل التجارب والمشاعر، أظننا فقط ننسى أحيانًا.. ولهذا تساعدنا الكتابة على محاولة التفكيك والفهم.. وربط الماضي بالحاضر.
على العكس، إشارتك لتدوينتي أسعدني كثيرًا.. شكرًآ جزيلًا
ماذا لو أخبرتك يا بحر أنني عُدت للتدوين، بهذه الصورة، بعد قراءة إحدى تدويناتك أنت شخصيًا؟
لذا أظنك أفلحت تمامًا فيما نفيتَ لتوّك. 😉
وصحيح، نحن ننسى ما مررنا به، لذا نُسارع لإدعاء الدهشة/الصدمة مع كل موقف😲، إلى أن نُدرك أننا مررنا به سابقًا 😅
وكما ذكرت سمّوك: التوثيق هو الحلّ