Come And See 1985. في الواقع، لا أعلم كيف أكتب مراجعة عن فيلم كهذا! مبدأيًا، الفيلم ينتمي لفئة الأفلام المناهضة للحرب (Anti-war Film)، ومخرجه (إليم كليموف Elem Klimov) أحد الذين عاشوا تجربة الحرب العالمية الثانية بأنفسهم، وكان في مثل سّن بطل فيلمه أثناءها.
يبدأ الفيلم مع فلوريا جايشون، مراهق بيلاروسي في السادس عشرة من عمره، متحمس للمشاركة في الحرب ضدّ العدو النازي. لكن حتى يُشارك فيها لا بدّ من امتلاك بندقية. لذا فهو يبدأ في حفر رمال الشاطئ باحثًا عن سلاح سقط أثناء مناورة عسكرية، وبالفعل يجدها.
يُقتاد إلى أحد المعسكرات التدريبية، مع تعابير وجهٍ سعيدة كالتي تراها هنا:
طائش!
ينتقل أفراد المعسكر التدريبي لبقعة مختلفة، تاركين (فلوريا) خلفهم. ليلتقي مع غلاشا؛ فتاة تقاربه سنًا وتحلم بتكوين أسرة، يسيران معًا عائدين إلى منزله، حيث يتوقع استقبالًا حارًا من أسرته (التي مانعت ذهابه للحرب أساسًا)، لكنه لا يجد أحدًا. أين هم؟
تبيّن أنهم قُتلوا.
قرأت في مكان ما أن الفيلم تجسيد للرعب في حدّ ذاته، لم أصدّق لوهلة، فالرتم بطيء ولا نرى -حتى الثلث الأخير من الفيلم- أي دماء أو جُثث. ثم يبدأ الرُعب.
تُغتصب غلاشا، ويُحرق أهالي قرية بيلاروسيّة (رجالًا ونساءً وأطفالًا وشيوخًا) داخل حظيرة للماشية. يود المرء أن يعتقد أن تلك مجرد مبالغة، لكن لا. إذ تقول بطاقة عنوان الفيلم الأخيرة “أحرق النازيون 628 قرية بيلاروسيّة بكل مَن/ما فيها.”
و يتحول ذاك الوجه المُشرق والبريء لفلوريا إلى وجه رجل في الأربعين!
الموسيقى التصويرية في فيلم Come And See
موسيقى الفيلم التصويرية عبارة عن صرخات مختلطة ومُزعجة، اُضطررت لإخفاض الصوت أكثر من مرة، لكن ذلك لم يستمر طويلًا، فبعد مشهد لقصف غابة (استمرّ لمدة دقيقتين كاملتين تقريبًا)، يصبح الصمت سيد الموقف، بما يوحي بأن بطلنا أُصيب بالصمم!
وبعد ذلك، لاحظت أن صوت الفيلم منخفض، ظننت العطل من سماعات رأسي القديمة، ثم اتضح أن ذلك مقصود؛ بهدف الانغماس أكثر في أجواء الفيلم. الاستثناء الوحيد لما سبق كان دويّ طلقات الرصاص (التي يُقال أنها كانت حقيقية!)
Come And See: لماذا اختاروا هذا الاسم؟
كان يُفترض أن يُعنون الفيلم بـ “اقتل هتلر Kill Hitler“. ومع ذلك، اعتبر الاسم غير مناسبًا في ذلك الوقت.
بدلاً من ذلك، اختار كليموف (Come And See – هلّم وانظر)، الذي يأتي من الإصحاح السادس من سفر الرؤيا. والذي ينتهي بالآتي: “لأنه قد جاء يوم غضبه العظيم. ومن يستطيع الوقوف” (رؤيا ١٧: ٦).
رأيي بعد مشاهدة فيلم Come And See
مشاهدة فيلم Come And See شرّ لا بدّ منه، ولا أظن أن هناك من يجرؤ على تكرارها.
لا يتردد الفيلم في إظهار فظائع الحرب. مع إبراز الواقعية ضمن تمثيل مُتقن، يُظهر الفيلم أنه لا شيء أكثر رعبًا من الأعمال المظلمة التي تنخرط بها البشرية في أوقات الحروب.
شاهد بعينيّ أيضًا:
? The Hunt 1966: حينما يغدو القتل وسيلة تسلية!
? فيلم المنصة The Platform: الحفرة التي لن نخرج منها أبدًا!