أجهزّ مشروبي المفضل “الشاي” مع بضعة ملاعق من السكر، ثم أفرد أوراقي على الأرض بجانب الأريكة التي أتخذ من مقعدها مكتبًا لأجلس على الأرض.
تُتيح ليّ هذه المساحة المفتوحة -والغريبة- لبيئة العمل حرية الانتقال بين أوراق المسودة التي زادت عدد أوراقها عن الحدّ المعقول، مما قد يُحيلني لخيار: نشر الرواية ذاتيًا عوضًا عن الاشتراك بها في المسابقة.
على الورقة الخارجية، أكتب ما يدور في ذهني من اسئلة، أضعها أمام شخصيات الرواية بصيغة تفهمها: كلماتٍ مكتوبة. كثيرًا ما يعجز العقل -وسط زوبعة الأفكار- عن معالجة فكرة أو إيجاد حلّ، وكتابة تلك الأفكار وقرائتها مرارًا هو أفضل طريقة للتعامل معها في ظروفٍ مماثلة. هذا عدا عن كون (وضع الاسئلة أمام الشخصيات) تعبيرًا حقيقيًا لا مجازيًا. كيف لا؟ ولا أنا أصواتها داخل عقلي، تُرشدني من حينٍ لآخر في تناغم عجيب مع حركة القلم على الورقة.
لماذا أفضّل الورقة والقلم؟
ببساطة، لأنني سريع النسيان.. ولأن الأفكار أشبه بسربٍ من الغربان.
أثناء عملي على ترجمة مقالة ما عبر الحاسوب، يَرد عقلي تعبير رائع كترجمة للجملة التالية أو السابقة (الأمر معقد)، التأخر في الانتقال عبر الفأرة ولوحة المفاتيح إلى موضع تلك الجملة قد يكلّفني “نسيان التعبير”. يستغرق الأمر طرفة عينٍ أحيانًا.
مع الورق.. الأمر مختلف: فما أن تأتيني فكرة أو شخصية جديدة، حتى أسارع بسحب ورقة جديدة وكتابة (الإلهام) بخطٍ لا يكاد يُقرئ. ثم أعود للنقطة التي تركتها.
أنهيت الحديث في تلك النقطة؟ إذًا، سأعود إلى (الورقة المُلهمة) وأتوسع في الكتابة. وهو ما يحوّل المسودة إلى ما يُشبه ثقب أسود [جاذبيته العظمى تنطلق من مركزه]
ربما كان الأجدر بيّ إطلاق اسم (خواطر) عوضًا عن (يوميات)، أليس كذلك؟