الشرارة

حين تحدثت “مشاعل” عمّا حدث معها منذ الرابع من فبراير (شباط)، شعرت أنها تتحدث عني. عدا أنني لم أتمكن من الثرثرة كتابيًا، أنا فقط احتفظ بأفكاري ومشاعري داخلي، وأحاول التعامل معها بهدوء وروية.. كما لو كانت قنبلة موقوتة.
أنظر لما حولي واستسخفه، ثم استسخف نفسي.. وبعد قليل، أشعر أن تلك جريمة.. بل جريمتان؛ ازدراء حيوات الآخرين، وحياتي.

أُدرك أحيانًا، والإدراك يأتي ويذهب كـشرارة، أنني أحمّل الأمور أكثر مما تحتمل. لديّ الكثير من المشاريع، وليس منها ما يشعل شرارة الشغف داخلي لملاحقته. أفكّر أحيانًا أنه ربما عليّ عيش اللحظة فحسب، طالما أدعيّ أن ما يليها لا يعنيني.

أحاول اتهام المشروع الذي بين يديّ، والذي مللته لطول عهدي به، بهبوط معنوياتي. ثم أُدرك أنه منحني -بشكلٍ أو بآخر- سببًا وجيهًا للاستمرار؛ فيُفترض بيّ شكره لا ذمّه وانتقاده.

أظنني بحاجة لخلوة، لانفصال عن العالم. لكنني أعجَز من أن أفعل ذلك! ربما قللت من تفاعلي وظهوري على شبكات التواصل الاجتماعي، لكن ماذا عن المجتمع بحد ذاته؟
ربما لا يجدر بيّ نشر هذه الكلمات، كالمرة السابقة تمامًا. وربما كان مجرد تعب عابر.. طال أمده.. لكنه عابر في النهاية. أحاول تعزية نفسي بهذه الفكرة،

يذكر (رياض فالحي) عَرضًا نشرة “الكتابة داخل صندوق”، رغم توقفها منذ شهرين تقريبًا. فأشعر بامتنانٍ رهيب. جدير بالذكر والشكر أن رياض هو الوحيد الذي آمن بمشروعي (حين كنت لا أزال أؤمن به!)

أردت إخبار (ياسمين) أنني انتظرتها، ربما لم أخبرها بذلك. لكن دائمًا ما أنتظر جديد الصادقين في مشاعرهم وطريقة التعبير عنها. على عكسي أنا الذي أحاول دائمًا إظهار أفضل ما لديّ فحسب.
أظنني -مثلها- فقدت لياقتي في الكتابة، ومثلها -أيضًا- مصمم على الكتابة حتى النهاية، ولو هذرًا..

حين أكملت تدوينة ياسمين، “تفهّمت” كل كلمة؛ كيف يستطيع أطفالنا خطف قلوبنا بهذا الشكل؟ وحدهم الآباء والأمهات يُدركون السرّ. أنسى أحيانًا أنني (أبّ) وأسعى لتحقيق مجدٍ شخصي بمنتهى الأنانية. ربما كان ذلك سبب “اكتئابي” هذه الفترة؛ أنني أنشغل عن أطفالي. ورغم أن ذلك لم يطل كثيرًا (ربما أسبوع)، لكنني أشعر كما لو تخليّت عنهم دهرًا بأسره! لم اعد أحظى بوقت جيد معهم، هي فقط لحظات عابرة خلال النهار، لحظات أتأفف فيها -داخلي غالبًا- من صخبهم و.. إقبالهم على الحياة. في حين كل ما أريده أنا هو الموت بين أحضان كتابٍ ما.

لكن حتى الكُتب، باتت تهرب بكلماتها منيّ، ورقيةً كانت أم رقمية. أعجز عن التركيز. واتأمل ذاتي كـأب.. هل سأكون أبًا صالحًا لأطفالي؟ أحبّ تعلقهم بيّ، وإن كنت أضيق ذرعًا به حين يشتدّ. لكنهم منحوني، إلى حدٍ بعيد، معنى لحياتي البائسة. هم قادرون -ببساطة مذهلة- على تذكيري أن الحياة حلوة .. بس نفهمها.

تؤكد (فاطمة) نظريتي حول ارتباط الحزن غير المفهوم بالتعب الجسدي، فأحمد الله على نعمة التدوين!

الشرارة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

تمرير للأعلى