العلامة التجارية الشخصية لا تعني التخصص!

ما إن شاركت النصيحة أعلاه مع طالبها، حتى صادفت رأيًا مخالفًا غيّر منظوري عن العلامة التجارية الشخصية! فقررت مشاركته -بتصرّف- معكم.

يبدو الجميع متفق على كون التخصص سرّ نجاح العلامة التجارية الشخصية؛ ❌ لا تكتب عن صحة الأسنان. ✅ وإنما عن كيف يمكن لمعلمي المدارس الثانوية في [المحافظة الفلانية] تنظيف أسنانهم بالخيط “Floss” بفاعلية.
وبعد أن تصبح الملك في ذاك المجال المُصغّر، يمكنك التوسّع.

فكرة رائعة.. إلى أن تطبّقها!

بصفتك صانع محتوى رقمي، يعتمد نجاحك -إلى حد كبير- على إبداعك، فهو قوتك الخارقة، وهو أساس كل ما تفعله. لذا، يجب أن تكون قادرًا على ابتكار واستكشاف الكثير من الأفكار لأن معظمها لن ينجح.

فبديهيًا، كلما ضيّقت مجالك، فإنك تحدّ بشدة من إبداعك.

دعنا نتحدث عن نشرتي البريدية هنا، حصرت الكتابة فيها حول أفكار المنتجات لروّاد المشاريع المستقلين. وكان اسمها “أفكار المنتج Product Ideas”.. حرفيًا!

ربما أُعجب القراء بها وكانت تحقق معدّل نمو جيد، لكنني لاحظت -بعد بضعة أشهر- أنها مُخيبة للآمال.
أو بعبارة أدقّ..

دمّر التخصص هويتي!

امتلك العديد من الأفكار الرائعة التي وددت الكتابة عنها. لكنني لم أستطع لأنها لا تتلائم مع مجال النشرة.

حينها، قررت الخروج من الصندوق الذي وضعت نفسي داخله:

  • أعدّت تسمية النشرة إلى (فُرص Opportunities). أتاح لي ذلك الكتابة عن الفرص في سياق أوسع.
  • ثم أعدت تقديمها -وتسميتها مجددًا- لتصبح (حدّافة المؤسِس Founder Flywheel). أردت أن أكتب عن شتى أنواع المحتوى ذا الصلة بمؤسسي الشركات، لا الفرص فحسب.

توسّع الصندوق تدريجيًا، لكنه ظل.. صندوقًا.

لو عاد بيّ الزمن، فبالتأكيد سأستخدم اسمًا قابلًا للتمييّز Brandable عوض اسم مجال مُحكم التخصص Niched-down.

أو ربما ما هو أفضل: لا أستخدم اسمًا على الإطلاق. جيمس كلير James Clear، على سبيل المثال، نمّى نشرته البريدية إلى +100.000 مشترك دون أن تحمل اسمًا حتى!

العلامة التجارية الشخصية تنمو كالبامبو!

بدأ أشخاص مثل جيمس كلير James Clear ? تيم فيريس Tim Ferriss ? جيمس ألتشر James Altucher ? خمريده هاي Khemaridh Hye ? نات إلياسون Nat Eliason ? ريتشارد ميدوز Richard Meadows ? تايلور بيرسون Taylor Pearson ? سيباستيان مارشال Sebastian Marshall? تينان Tynan ? سيث جودين Seth Godin، بالكتابة عن كل ما يثير اهتمامهم؛ ففي أسبوع تجد أحدهم يكتب عن رفع الأثقال، وفي الأسبوع التالي عن استراتيجيات الاستثمار، ثم العادات، فالقيادة، وهكذا دواليك..

في النهاية، ضاعف كل واحد منهم تدويناته في الموضوعات التي لاقت صدى لدى القراء وشعروا أنها -في الوقت نفسه- تثير اهتمامهم بما يكفي لمواصلة استكشافها بعمق أكبر.

الدرس الذي تعلمته من دراسة قصص هؤلاء: كلما تمكنت من إشباع فضولك بحرية أكبر والاستفادة من إبداعك على أكمل وجه، زادت سرعة تحقيقك للنجاح.

وهناك سبب آخر لعمل هذه الإستراتيجية:

الأشخاص يتآلفون مع أمثالهم، لا مع العلامات التجارية

لا أتابع أي علامة تجارية على تويتر، ولست مشتركًا في أي نشرة بريدية تابعة لأي شركة تجارية. في المقابل، أتابع صنّاع المحتوى المستقليّن بغض النظر عن التخصص الذي يركزون عليه. وأنا متأكد من كوني لست الوحيد.

على سبيل المثال، في الوقت الحالي، يكتفي (نِك غراي Nick Gray) بالكتابة حول كيفية إقامة حفلات رائعة. ولكن إذا قرر غدًا الكتابة، على سبيل المثال، عن الإنتاجية الشخصية أو اللياقة البدنية، فسأظل مشتركًا في نشرته البريدية. إذ سأرغب في معرفة كيف قد يتناول هذه المواضيع.

بالتالي، من المنطقي بناء علامتك التجارية الشخصية عبر استعراض كافة إبداعاتك؛ فذاك سيؤكد حقيقة أنك شخص حقيقي ولست آلة تنتج محتوى (مُركزّا)!

مصيدة التموضع الصارم TIGHT POSITIONING

ربما يكون هذا النهج بسيطًا، لكنه ليس سهلًا!

فالـ (أنا Ego) تتوق لمسميّات واضحة. فالأسهل -بالنسبة لصوتك الداخلي وهويتك- أن تكون قادرًا على قول “أفعل (س) لـ (ع): أكتب عن أفكار تجارية لرواد الأعمال المستقلين”.

لكن تذكر دائمًا أن هذا مجرد حديث “أناك” وجمهورك لن يكون مهتمًا به. فهو يتابعك كشخص.

قد تُغضب كتابتك في مواضيع مختلفة البعض، ولكن يمكنك تجاهلهم -بسلام؛ فغضبهم يؤكد أنه يرونك مادة/مصدر معلومات ولا يهتمون بشخصك على أي حال.

“توقفت “الآلة” التي تُرسل نصائح تسويقية لصندوق بريدي كل يوم اثنين عن العمل. لذا، أنا غاضب الآن?

أحد هؤلاء ?

((التعليب)) هو أحد أشهر أنماط فشل المبدعين. لذا، أسعى جاهدًا لتصبح “الوحيد”، لا “الأفضل”. وتذكر: توجد مئات النشرات البريدية التي تُرسل نصائح تسويقية مباشرةً إلى صندوق بريدك. وإن اختفى أحدها، فستحلّ الأخريات مكانها سريعًا.

ولكن ليس هناك سوى (نِك جراي) واحد، و(جيمس ألتشر) فريد، و[أنت] الذي انطوى العالم الأكبر داخلك.

بعد كل ما ذُكر، آن أوان التحدث عن الحالات التي يُجدي فيها (التخصص) نفعًا.

حين يكون المحتوى المُركزّ مفيدًا

هناك سيناريوهان يكون التخصص فيهما مهمًا:

  • عندما تختبر الأفكار والفرضيات.
  • عندما تنتقل من الاستكشاف إلى الاستخدام.

1)) لا يكاد أحد يحالفه الحظ من المحاولة الأولى

بغض النظر عما تفعله، سيكون عليك التكرار Iteration. ويمكنك زيادة احتمالات اكتشافك لما قد ينجح من خلال اتباع عملية منهجية: صياغة فرضيات معقولة ثم إجراء تجارب لاختبارها.

على سبيل المثال، في حالتي، يمكن أن تكون الفرضية: أنا أستمتع بالكتابة عن الأفكار التجارية لرواد الأعمال المستقلين. أو: يحظى المحتوى الذي يساهم في ابتكار أفكار تجارية أفضل باهتمام واسع بين رواد الأعمال المستقلين.

بعدها، يمكنني اختبار الفرضيات من خلال كتابة بضعة تدوينات حول الموضوع ونشرها في تجمّعات رواد الأعمال المستقلين.

سيكون البديل “السيء” تتبع حدسك دون تبصّر. وهو بديل سيء لأن المخاطرة عالية، حيث ترتكب نفس الأخطاء مرارًا وتكرارًا دون الاقتراب من أهدافك.

“هل يتعارض ذلك مع ما سبق؛ حول تجنب وضع نفسك في صندوق؟”

على الإطلاق! فالتجريب حتمي في أي مسعى إبداعي. فيغدو السؤال الحقيقي: كيف ستطبّقه؟

الخيار #1:: التنقّل بين صندوق وآخر؛ أن تكون اليوم “فتى الأفكار التجارية?”، وفي الأسبوع القادم “فتى التسويق?”، ثم تحاول أن تكون “فتى النشرات البريدية?” مع مطلع الشهر الجديد، وهكذا.

المشكلة في اعتبار معظم الأشخاص -بمن فيهم أنت- هذا أمرًا غريبًا! حيث ستشعر بالارتباط بأي تصنيف تضعه لنفسك وبالتالي تتردد في اختبار غيره. هذا ببساطة جزء من الطبيعة البشرية يُعرف باسم “الانحياز للاتساق Consistency bias”.

العلامة التجارية الشخصية
المصدر

المشكلة الأخرى أنه سيتوجب عليك دائمًا أن تبدأ من الصفر كلما أطلقت “علامة تجارية شخصية” جديدة. فالذين يتابعون “فتى النشرة البريدية” لن تسعدهم قراءة نصائح رفع الأثقال فجأة!

يشمل الخيار #2 استخدامك وسمًا عامًا كإسم علامة تجارية عامة -أو اسمك ربما- ثم تستكشف خيارات مختلفة تحت هذه المظلة.

الميزة هنا أنه سيُتاح لك يسمح لك بالتجربة بحرية أكبر. بشرط أن تظل أمينًا مع نفسك بما أن الناس ستقرر متابعتك لشخصك.
وبالطبع، ستتمكن من (تكرار التجربة) أسرع حيث لا يتعين عليك البدء من الصفر كل مرة، وسيتضاعف تقدمك بمرور الوقت.

2)) الاستكشاف مقابل الاستخدام

يشبه (التموضع الصارم) وقود الصواريخ؛ بمجرد اشتعاله، ستنتقل للمستوى التالي. لكن دون وجود شعلة أصلًا في المقام الأول، فسيكون وقود الصاروخ بلا فائدة!

ما يدفعنا لافتراض أننا بحاجة التمركز هو أن جميع صنّاع المحتوى الناجحين (متموضعون): فجيمس كلير هو “فتى العادات”، وخمريده هاي “فتى الـ 10,000$/سا”، وتيم فيريس “فتى 4 ساعات عمل في الأسبوع”.

لكن.. لم يبدأ أي منهم على هذا النحو. وإنما، وبعد نشرهم مئات قطع المحتوى، بدأوا تركيز جهودهم حول موضوع محدد. بعبارة أخرى: أجروا عشرات التجارب حتى وجدوا شيئًا استمتعوا بالكتابة عنه ولقي صدى لدى عدد كافٍ من الناس، فزادوا ارتباطهم به.

بمجرد إجراء تجارب كافية، تغدو الخطوة المنطقية التالية التعمّق في البيانات بحثًا عن الفكرة التي يمكنك تحويلها إلى مصدر نجاحك. هذا ما فعله كل صنّاع المحتوى الناجحين.

لكنك ستعجز عن ذلك إن وضعت نفسك داخل صندوق قبل الأوان.

ذاك ينطبق على جميع الأفكار التجارية

على سبيل المثال، بدلاً من إطلاق 10 مشاريع بمجالات مُحكمة التخصص، حاول إجراء 10 تجارب تحت مظلة علامة تجارية عامة. لن يتيح لك هذا تقوية تحسين محركات البحث SEO بمرور الوقت فحسب، ولكنه سيسّرع التكرار Iterate أيضًا: فإعداد صفحة جديدة على موقع حالي أو ببساطة تغيير النصّ في صفحة هبوط أسهل 10 مرات من بدء صفحة جديدة من الصفر?.

العلامة التجارية الشخصية لا تعني التخصص!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

تمرير للأعلى