هل أعاني من الاكتئاب أم من الانحياز التأكيدي؟

فكرت كثيرًا في إيقاف سلسلة التدوينات الشخصية هذه، فلو كان الشكّ رفيقي سابقًا، فاليقين يسكنني الآن عندما يتعلق الأمر بسوء تدويناتي.

الأمر لا يتعلق بمتلازمة المحتال أو بمقارنة نفسي مع الآخرين، على الإطلاق.. هي سيئة حتى من منظور محايد. غالبًا ما تضيع الفكرة الرئيسية (والتي أجعلها عنوانًا للتدوينة) بين الكثير من الشذرات، وربما لهذا السبب يُنصح دائمًا باختيار العنوان بعد إنتهاء التدوينة، الأمر الذي فعلته اليوم.

دعوني أولًا أعرّفكم على ضباب، استغرقت في قراءة تدويناتها ساعات طوال، لم يبدو جميع حديثها مفهومًا.. الأمر الذي شكّل تحديًا بالنسبة ليّ. إنما بشكلٍ أو بآخر، دفعتني غيمة الأفكار التي طرحتها تلك التدوينات إلى الإيمان مجددًا.

لن أبالغ إن قلت أنني مدين بوعييّ للفهرست، فيومًا بعد يوم، أغرق في رسائل موجّهة ليّ خصيصًا، على سبيل المثال..

 لا تخف ..الزمن سيعود!

ذلك كان عنوان للمدّون أحمد محفوظ عوض باحصين. راسلني منذ قرابة الـ 9 أشهر بأسلوبه الجذّاب، طالبًا لنصيحة -لست أهلًا لإسدائها- حول مجال التدوين. ثم مضت الأيام ليعود الآن بتدوينة تخاطب العقل والعواطف معًا.

في تدوينته آنفة الذكر، يقترح تصميم ساعات تعرض الزمن وفق مسار خطي يختلف في شكل كل نقطة فيه فاذا ذهبت وتحركت تأتي نقطة أخرى بشكل وألوان أخرى تختلف تماما عما مضى! لعل ذلك يحفز تفكيرنا (عبر مدخلاته البصرية) أن ما مضى مضى ولا سبيل لعودته!

جاءت التدوينة في وقت كنت اتسائل فيه عن جدوى التحسّر على قرارات الماضي الخاطئة، حيث يبدو ليّ أن للوقوف على الأطلال لذّة من نوعٍ ما، وربما كانت “خدعة عقلية” لألّا نعيش اللحظة.
كل ليلة، وقبل أن أنام، أنتوي كتابة قائمة بمهام اليوم التالي.. لكن غالبًا ما يأتي الغد بانشغالاتٍ تُنسيني أي قرار اتخذته. مصداقًا للمقولة الشائعة: كلام الليل يمحوه النهار.

لنتحدث عن العشرينات قليلًا

خلال أقل من 3 أشهر، سأغادر مرحلة العشرينات، أو “الغرفة البيضاء” كما تسميها هالورينا.
كيف أشعر؟
أنني جاهلٌ بالحياة، عديم الثقافة، منعزل في طرف العالم الموحش، مُراهق مُرهق، مدعٍ للاحترافية.. مزدوج الشخصية.
هذا ليس كل شيء، لكن هلّا انتقلنا إلى موضوعٍ آخر؟

أحاول دائمًا فهم كيف أغوص في عالم الألعاب وأتعامل معه كعالم موازي لعالمنا، انفصل من خلاله عن العالم الخارجي وأسترد طاقتي من خلاله (تمامًا كما فعل هادي الأحمد مع دارك سولز)، وأذكر أن ذات الأمر وذات المشاعر تملكتني حين تحدّثت إحدى المدوِنات عن تحمّسها للعبة: ميتال غير.
الحقيقة أنني أفشل كل مرة، ولأكون أكثر دقة.. إليكم ما يحدث:

أتحمس لتحميل اللعبة بعد مشاهدة “التريلر” أو قراءة مراجعة عنها، ومع الدقائق الأولى.. يبدأ الأعداء في التحوّل إلى (مجموعة بيكسلات) داخل عقلي، وتنسحب المتعة من اللعبة تدريجيًا.
فبالله عليكم، كيف يمكن إقناع عقلي -بعد ذلك- بوجود قصة خلف حربي ضد البكسلات؟

لم يكن ذلك حالي دائمًا، حيث كانت تتسارع دقّات قلبي وتتباطئ مع حركة الحرّاس ضمن لعبة Splinter Cell، بل لا زلت أذكر “إشادتي بذكائي” في إدراك اللحظة المناسبة للتحرّك ذات مرة.

صادف أن قرات تفسير أ. عبدالله المهيري عن لماذا نحب صنع الأشياء بأنفسنا؟، وكعادتي سأقتصّ الجزئية التي أعجبتني وأبني عليها حديثي:

صنع الأشياء منفذ وفرصة للإبداع والمرء منا يحتاج لأن يصنع الأشياء ويبدع، هذه وظيفة الفن بالمناسبة.

كنت قد شاركت معكم صورة لكائن من الاسمنت، لم أعتد مشاركة شيء لهذا الحدّ، ومع ذلك فعلتها. فالمفترض بهذه التدوينات أن تكون (توثيقًا) لا (تزييّفًا).

على أي حال، أمرّ حاليًا بفترة أرق غريبة، وفي محاولة للتغلّب عليها لجأت للرسم! حيث أفتقدت في الآونة الأخيرة ذرّات الطاقة التي كانت تدفعني للكتابة. وباتت الكتابة في حدّ ذاتها تعذيبًا نفسيًا وبدنيًا.
للوهلة الأولى، كانت الفكرة المسيطرة عليّ: مشاركة تلك الرسمات وتلقي الثناء عليها. لكن حتى هذا الأخير، لم يعد مُهمًّا.

يمكنني القول وبكل بساطة، أن تفسير جفاف قلمي بهذا الشكل عائد إلى المنحى اللاإكتراثي الذي تتخذه حياتي حاليًا، شعرت أن هذا هو التفسير المناسب بناءً على ما قاله محمد لمرابط في تدوينته الكتابة الإبداعية .. كيف تتميز في صنعة الكتابة

وظيفة الكاتب هي محاولة الاطلاع على الواقع من حوله، صغيره وكبيره. لذا إذا أردت أن تكون كاتبا يخرج من رحم الواقع كي يُكتب عنه انطلاقا من حوادثه اليومية المعيشة فيجب أن تصقل هذه المهارة لديك.قوة الملاحظة هي صفة يتصف بها الكتاب المتميزون لرؤية التفاصيل التي لا يراها أناس عاديون، فتجدهم أكثر قدرة على رصد الأشياء الصغيرة التي تحدث من حولهم، سواء في إطار العلاقات الاجتماعية وتصرفات الآخرين وتحليلها وفهم الطبيعية البشرية من خلالها، أو في إطار الحياة العامة والتفكر في الأشياء الأخرى.

حيث اتضح ليّ أنني أعيش وسط عالم أجهله تمامًا، ربما كان ذلك ما يُطلق عليه اسم (عُزلة)، ودعني أخبرك أنني لست سعيدًا ولا ممتنًا لها.. لحظة! أليس من الأفضل لو نسميّها (بياتًا صيفيًا)؟ وللمرة الثانية على التوالي، يُلهمني ما يكتبه أ.فؤاد الفرحان عن الوحدة.

بصراحة؟

أعترف أنني لا أفهم الفكرة الكامنة خلف موقع صراحة، ولماذا قد يرغب أحدهم بوضع نفسه في مرمى نيران الانتقادات! (لا يحتاج المدح للاختباء خلف ستارة)
ومع ذلك، ينتابني الفضول لاختبار الأمر

افتعال

تمتلئ نافذة المتصفح بألسنة التبويب، أحاول تشبيك المدونات -وما تتضمنه من تدوينات- مع أفكاري، لا أدرِ لما أفعل ذلك! أغلب الظن أنها رغبتي في رؤية المزيد من المدونات والأفكار. لكن ما يحدث -باختصار- هو ضياع أفكاري ذاتها وسط كل تلك الفوضى.

قد يشعر المرء أن حياته عبارة عن فيلم غموض، ليقف منها موقف بطل الفيلم والمشاهد في آنٍ معًا، تجتمع الدلائل على الحدث الجلل بين يديه، لكنه يعجز عن تجاوز اللحظات غير المهمة.

الدلالة#1: هل أعاني من الانحياز التأكيدي؟

خلال كتابتي هذه التدوينة، الأمر الذي امتدّ لأيام، عثرت على تدوينة بعنوان (علامات خفية تدعوك للإستيقاظ…لا تتجاهلها)، ومع تجاوزي لأزمة التنسيق التي تُعاني منها التدوينة، لاحظت انطباق تلك العلامات عليّ. هل أعيش مرحلة اكتئاب؟ في الواقع.. لا أستطيع تأكيد ذلك أو نفيه، خاصةً في ظلّ التغييرات الكبيرة التي تحملها حياتي حاليًا، ولأكون أكثر تحديدًا: أنا على وشك الخروج من منزلي المُستأجَر في رحلة نحو المجهول الذي يُدعى (العودة إلى حُضن الوطن)، أرزح تحت ثقل دينٍ غريب (لم أجد وصفًا أفضل!)، ويتحول منزليّ -يومًا بعد يوم- إلى ما يُشبه مزارًا لأحد الأولياء الصالحين (حيث يُلقي العملاء المحتملون نظرة على الأثاث، ثم يُغادرون المنزل دون شراء شيء!).
هذا عدا عن الحِيرة التي تتملكني حول صوابية قراري، وشعوري بمشاعر بهلوان يقف على حبل شوك يعلو فوهة بركان: إن عُدت.. خسرت امتيازات العيش في مصر من توافر دور النشر وكثرتها (مما يسهّل مهمة نشر كتابي القادم) وتوافر الخدمات الأساسية من غازٍ وكهرباء وماء.
وإن بقيت.. زاد اختناقي وتعاظم شعور اللاجدوى داخلي والذي خلّفته 5 سنوات لم أتمكن خلالها سوى من العيش -مع عائلتي- على الحافّة.

إذًا، ما هو الحل؟ الله وحده يعلم.

بالمناسبة، هذه هي الفكرة التي حفّزتني للتدوين

الدلالة #2: هل صليتم جيدًا؟

من بين جميع نصوصها، اختارت المدّوِنة منال عيّاد مشاركتي هذه التدوينة بالذات

لا أملك تفسيرًا للأمر، أعلم أننا في شهر رمضان المُبارك، ومن المنطقي إرسال هذه النوعية من الرسائل، لكن محتوى التدوينة في حدّ ذاته لا ينتمي إلى تلك الفئة.. النص .. الكلمات المُستخدمة .. التوقيت .. جميع تلك الأشياء تركت داخلي اسئلة أكثر مما تركت إجابات.

هل أعاني من الاكتئاب أم من الانحياز التأكيدي؟

2 فكرتين بشأن “هل أعاني من الاكتئاب أم من الانحياز التأكيدي؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

تمرير للأعلى